هناك سؤال أساسي ينبغي لجميع المؤسسات طرحه وهو: "كيف يمكن إدامة النجاح؟" في الحقيقة، هناك عدد قليل من الشركات التي تتساءل بهذا الاتجاه، وضمن منظور التطوير المستمر؛ فهي تقتصر في بحثها على سبل زيادة العائدات وتحسين هوامش الربح، وتركز على التوصيل والتنفيذ والنتائج.
أما الجهود فيتم التركيز فيها على المدى القصير، وتتم مكافأة الموظفين على مثل هذا الفعل. كما أن جميع الخطط التنموية والمراجعات نصف السنوية والعلاوات، تعد جزءاً من إتمام العملية. فإذا حققت أهدافك ستحتفظ بعملك وبالطبع ستكون طريقة تحقيقها جزءاً من ذلك. كما تعد مهاراتك التشاركية والتعاونية، وقدرتك على تطوير فريقك مهمة أيضاً، فإذا تمكنت من فعل الأمرين معاً، ستزيد من مكاسبك.
واعتماداً على سرعة التطورات التكنولوجية وبراعة المستهلكين، ينبغي على المؤسسات أن تكون أكثر ذكاء ونشاطاً مقارنة بما كانت عليه من قبل، وإلا لن تستمر في العمل. فالشركات مثل تويتر وفيسبوك وغوغل تدعم وترسخ ثقافة الإبداع والابتكار. لكن تصر بعض المؤسسات على أن الابتكار مخصص لنوع معين من القطاعات، وتركز على أن عامل المفاضلة الأساسي هو من متطلبات الضوابط التنظيمية وضمان الجودة. وهذا يعني ضمنياً أن هناك قطاعات معينة تستطيع اتباع ثقافة تتخطى الحدود. لكن هذا غير دقيق، إذ يجب على كل شركة من مختلف القطاعات أن تكون فطنة ورشيقة في أدائها.
من أين تبدأ الشركة إن أرادات التنافس على المدى الطويل؟ تكمن الإجابة في نوعية الموظفين الذين تعينهم وترقيهم، بينما تعد الصفات مثل: العمل الجاد والمرونة ومهارات التواصل مهمة أيضاً. لكن تحتاج الشركات إلى شيء آخر لجعله جزءاً من ثقافتها: إنه الابتكار. وينبغي على القيادة أن تخلق بيئة تكافئ الإبداع؛ فعليها تشجيع الموظفين لطرح أسئلة عظيمة وتحدي الوضع الراهن. أما إذا نفذت العمليات دون وعي فقط، لأن هذا هو الأسلوب المتبع لإنجاز الأمور، ستفقد العديد من الفرص القيّمة.
وعلى سبيل المثال، فيما يخص اجتماع فريق العمل النمطي، تمر الأوامر بينهم وتتم مشاركة التحديثات والمستجدات وآخر المبادرات. وينصب التركيز الأساسي على كيفية تتبع الأهداف، كما يعد الحوار بين أفراد الفريق ومشاطرة الأفكار مضيعة للوقت الثمين. أما الشركات التي لها قدرة البقاء في ساحة التنافس، فتدعم البيئة التي يبحث فيها القادة عن التحدي، ولا توافق على الوضع الراهن أبداً وتقبل به. بل تسعى جاهدة إلى إجراء حوار فعال، وتناقش الحلول الفريدة من نوعها.
ويسعى هذا الحوار إلى دفع الحدود والطاقات، فمع طرح أسئلة جيدة تظهر ثقافة جديدة، تكافئ القادة لجلب أفكار جديدة وأساليب مبتكرة لحل التحديات التي تواجه الشركة. ولا تخشى مثل هذه الشركات من فشل الموظفين بل تشجعه؛ فالفشل يخلق التعلم والقدرة على التركيز ومتابعة التغييرات الطارئة.
وتستثمر أغلب الشركات الكبرى في الملفات القيادية التي تقيس المرشحين، بناء على صفات قيادية معينة. بينما نادراً ما تبحث الشركات عن العقليات القيادية الابتكارية. لكن هناك عدد كبير من الصفات التي يتم اختيارها في هذه الحالة،مثل: القدرة على تحدي الوضع الراهن، وامتلاك حس متأصل بالفضول، والقدرة على التفكير بإبداع، وإمكانية التفكير بسلاسة. ونحن نتحدث غالباً عن "الجرأة للاختلاف" لكن الشركات المبدعة لا تعد نفسها جريئة. فعندما يشعر الموظفون بالحماسة تجاه الشركات التي يعملون فيها، فإن شغفهم هذا لا يتعلق باكتشاف أو تطوير المنتج الجديد، بل بعملهم في بيئة تكافئ صفة الفضول، وتتبنى أساليب عمل جديدة.
وبالتالي، فإن وجود القادة الذين يدعمون ويقدرون ويكافئون الابتكار ضروري للشركة، ومن المهم للشركات أن تجذب مثل هذه القيادات لمساعدتها في تحقيق موقع مميز لها في السوق.