النظريات النقدية في تفسير البطالة
الكامل فإن هذه السياسة التوسعية سوف تؤدي إلى زيادة الإنتاج
وتقل البطالة عن مستواها العادي (بفضل تشغيل الطاقات العاطلة)
لا ترتفع الأسعار بسبب مرونة الجهاز الإنتاجي عند هذاالمستوى. أما إذا
استمرت هذه السياسة التوسعية في عرض النقود فإنها ستؤدي إلى حدوث
التضخم في الأجل الطويل دون أن تتمكن من تحقيق خفض دائم في معدل
البطالة.
أما إذا حدث انكماش نقدي متعمد من جانب السلطة النقدية بأن
لجأ البنك المركزي إلى خفض عرض النقود عدلات محسوسة عن طريق
نزوله بائعا للسندات الحكومية فإن الطلب الكلي ولو أنه سينخفض إلا أن
الأسعار ر ا لا تستجيب بالانخفاض فورا إذ لابد أن ضي فترة حتى
يقتنع رجال الأعمال بأن هذا الانخفاض حقيقي وليس عابرا وحتى يعدّلوا
من خطط إنتاجهم. كما أن العاطل الباحث عن عمل لن يقتنعوا فورا
بانخفاض الطلب الكلي على خدماتهم وعلى ذلك فر ا يرفضون الأعمال
التي تعرض عليهم وتعطيهم أجورا أقل اعتقادا منهم بأنهم سيجدون عملا
أفضل في القريب وهو الأمر الذي .دد من فترة تعطلهم.
وعلى هذا النحو قد تطول فترة البطالة والانكماش. ومعنى ذلك إذن
»أن معدلات الأسعار والأجور لن تتكيف فورا مع انخفاض عرض النقود
والانخفاض صاحب له في الطلب الكلي. ومن هنا ينشأ الارتفاع في
مستوى البطالة وانكماش مستوى الأعمال بسبب الانكماش النقدي ٢٥)« ).
وانطلاقا من هذه الرؤية هاجم فريدمان وأنصاره بشدة منحنى فيليبس
الكينزيوالذي كان ينص على أنه توجد علاقة عكسية معدل البطالة
ومعدل التضخم. وقد استغل النقديون السقوط ريع الذي شهدته فكرة
منحنى فيليبس عقب ظهور ما سُمي بالكساد التضخمي ليعلنوا أنه لا
توجد على مدى الطويل أي علاقة ب التضخم والبطالة وأنه لا صلة
متوسط معدلات البطالة ومتوسط معدلات التضخم. فالتضخم ظاهرة
نقدية مستقلة عن ظاهرة ارتفاع الأجور وضغط نقابات العمال. أما البطالة
فترجع في رأيهم إلى زيادة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية على النحو
الذي شلّ من كفاءة آلية الأسعار في سوق العمل وأن مسؤول عن ذلك
تبني حكومات البلدان الصناعية الرأسمالية هدف التوظف الكامل.