البطالة في البلدان الصناعية
الرأسمالية: نهاية عصر
وبداية عصر جديد
إن الاقتصاد العا لمي بجميع أطرافه
قد عايش في عالم ما بعد الحرب العا لمية الثانية
( ١٩٤٥ ١٩٧٠ ) عصرا بدرجة عالية من النمو
وكانت مجموعة البلدان الصناعية
الرأسمالية من أقوى الأطراف الفاعلة لهذا النمو
و المستفيدة منه. فخلال هذه الفترة شهدت هذه
البلدان انتعاشا واضحا في تراكم رأس المال
وارتفاعا ملموسا في معدلات النمو الاقتصادي
ودرجة عالية من الاستقرار النقدي وضآلة واضحة
في معدلات البطالة وتزايدا ملحوظا في مستويات
الدخول و المعيشة ودرجة عالية من التحكم في
الدورات الاقتصادية إلى الحد الذي دفع بعدد من
الاقتصادي إلى الزعم بأن عصر الأزمات
الاقتصادية الكبرى للرأسمالية قد ولى زمانه إلى
غير رجعة( ١). ما بالنا إذا علمنا أن متوسط معدل
النمو السنوي ﻟﻤﺠموعة هذه البلدان قد وصل إلى
حوالي ٤% خلال الفترة ا المذكورة ولم يزد معدل
التضخم السنوي على ٢٬٥ % ولم يتعد معدل البطالة ٣%.
على أننا إذا بحثنا في هذا النمو ا مزدهر الذي حقق التوظف الكامل
والذي اتسم بدرجة عالية من الاستقرار فسوف نجد أنه يعود إلى العوامل
الجوهرية الآتية التي .كن تصنيفها على الصعيد الداخلي والصعيد

أما عن مجموعة العوامل الداخلية في زيادة معدلات
الاستثمار التي احتاجت إليها عمليات إعادة التعمير والبناء والتقدم
التكنولوجي الذي حدث في فنون الإنتاج وما أدى إليه من زيادة في الإنتاجية
وتبني هذه البلدان للكينزية التي اعتمدت على التدخل الحكومي وزيادة
الإنفاق العام في مجالات الضمان الاجتماعي والأشغال العامة واﻟﻤﺠال
العسكري وهو الأمر الذي وسّع من نطاق الأسواق الداخلية واستقرارها
بضمانه رافدا مستمرا من الطلب الحكومي المرتفع.
أما على الصعيد العا دي فقد توافرت للبلدان الصناعية الرأسمالية
مجموعة من العوامل يأتي في مقدمتها آليات بريتون وودز( ٢) (نظام
النقد الدولي الذي حقق ثباتا في أسعار الصرف واستقرارا في أحوال
السيولة الدولية ومجموعة البنك الدولي التي شجعت حركة الاستثمارات
الدولية واتفاقية الجات التي استهدفت خفض القيود الجمركية). فكل
ذلك أدى إلى و واضح في التجارة الدولية (تصدير السلع ورؤوس الأموال).
كذلك لا يجوز أن ننسى بقاءتقسيم العمل الدولي مصلحة البلدان
الصناعية الرأسمالية وهو الأمر الذي أدى لتمك هذه البلدان من الحصول
على المواد الخام ومواد الطاقة بأسعار رخيصة جدا في ضوء علاقات
تبادل غير متكافئ مع البلاد النامية. أضف إلى ذلك أن وجود مجموعة
البلاد التي كانت »اشتراكية « في تلك الآونة قد خلق نوعا من التنافس
السلمي ب النظام الرأسمالي والاشتراكي وعلى النحو الذي منح كلا
منهما زخما واضحا.
على أن هذا العصر ذا النمو االمزدهرسرعان ما انتهى عند مشارف
السبعينيات ليبدأ عصر جديد شديد الاضطراب والتوتر ويتسم بوجود
أزمة اقتصادية مستمرة. ولكن... ما الذي حدث بالضبط عند بداية
حقبة السبعينيات وعجل بانتهاء عالم ما بعد الحرب الذي تحقق فيه