الموظف والشعور بالظلم
الموظف في الأساس عمله هو 8 ساعات يوميا،وبالتالي عندما يكون هناك ضغط في عمله و يقوم بخدمات اكثر من العادة، يرى أنه بحاجة لمكافأة لجهوده الإضافية، أما عندما يعمل بشكل أقل وتكون خدماته لا تستحق لقب العادية، يعتبر ما يحصل عليه من راتب هو ما يستحق. إن الأمر العادي يتطلب ويتوجب على الموظف أن يقوم بأقصى عدد من الخدمات وبأفضل طريقة ممكنة، فالغريب أنه عندما يبدأ العمل تحت ضغط ، يبدء ينمو في داخله الشعور بعدم حصوله على ما يستحق ولعدم حصوله على مكافأة و تكرار الضغوطات يولد عنده الإحساس بالظلم . ما سبب الإحساس بالظلم؟
بداية الظلم تكون بدايتها من خلال الطاقة السلبية الموجودة عند الموظف ذاته،الطاقة التي توصل له الاحساس انه كموظف لا يعامل معاملة جيدة ، مظلوم ومنتهكة حقوقه و مستغل و غير سعيد، فبعد هذه الاحاسيس تؤثر سلبا عليه فيقوم بتضيع الوقت و يكون عامل سلبي للتأثير على الاخرين في بيئة عمله ويكثر من الشكوى.
عندما يتم الاستماع الانصات لهذا الموظف وكل ما يخفيه ،فأول مايقوله ليبرر ما يشعر به ان حقوقه منتهكة وفي حين قررت أن تسأله عن هذه الحقوق يقوم بالتهرب لعدم درايته بها، كما يشير الى انه يعطي الشركة اقصى طاقاته، لكن في الحقيقة هل يقوم فعليا بما يتدعي اتجاه المؤسسة التي بعمل فيها؟
مثال على ذلك في حالة "الطالب" :
عند نجاح الطالب في الشهادات الرسمية يقوم أهله بتقدير نجاحه و يتم الاحتفال بنجاحه مع العلم ان من واجبه كطالب ان ينجح و يتفوق لأن نجاحه واجب وليس شيء أو فعل استثنائي. فرض عادة تقدير نجاحه بالاحتفال يحول لديه احساس النجاح من واجب الى انجاز ويعتبر المجتمع السبب الرئيسي في بث روح الخوف من الفشل و اعتباره عيبا.
عندما يحصل الطالب على 19/20 ويرافق ذلك مكافاة تحول هذا النجاح الى انجاز له ،فقرر القيام بالعادي و الحصول على 12/20 فإعتبر هذا المستوى جيد له و بدون اي تعب اضافي، بعدها تحول الى 10/20 هي العادي له وتحولت ال 19 الى انجاز وتحتاج طاقة ومجهود لاستحالت الوصول اليها و ربط الحصول اليها بمكافاة، وفي حال الحصول على ما هو اقل من 19 و اكثر من 15 يدخل الى الطالب الاحساس بالسلب لحرمانه من المكافأة، وهذا ما يولد لديه الاحساس بالظلم وعدم الثقة بالنفس والفشل ويضيف اليه الاحساس بعدم التميز و الحماس للعمل والتطور ويشعر بالتخاذل.
مثال أخر عن الموظف :
تقرر احدى المؤسسات او الشركات تطوير قدرات و مهارات العاملين لديها في احدى المجالات من خلال ورشة عمل معينة، فيعتبر بعض هؤلاء الموظفين ان ورش العمل هذه هي مضيعة للوقت وليس لديه اي اولوية وغير مهمة. يعود السبب الى هذا التفكير في ان تعود الموظف على الاعمال الروتينية جعله يعتبر ان اي شي فيه تطوير للقدرات والذات هو عبء عليه.
تحويل مفهوم التطور وبناء القدرات والمهارات الى عبء لانه يتطلب منه العمل و بذل مجهود ومعلومات جديدة و تغيير قناعات موجودة اي ان الامر يتطلب بذل مجهود و في نفس الوقت لان التدريب يتطلب تغيير في السلوك وتعود الانسان على الركود و خوفه من التغيير فاللاوعي لديه يجعله يظن ان تطور مهاراته سيجعله يظن ان تطوير عمله سيطور المؤسسة في حين انها لن تقدم له في المقابل اي جديد ولا حتى المزيد.
هل يا ترى الحل هو بي مضاعفة الراتب؟
في حال قررنا مضاعفة الراتب لهذا الموظف لقيامه بمهامه التي يتوجب عليه القيام بها، بعد فترة وجيزة سيعود لنفس الحالة السابقة وكأن شيئا لم يكن لأن المشكلة الحقيقية تكمن في جزئها الاكبر في نفسه والجزء الباقي في تعاطي المؤسسة التي يعمل فيها، وذلك بسبب عدم تعاطيه مع الموضوع بشكل عقلاني ومهني . فالموظف ان لم يحب ويتمتع بما يقوم به لن يستطيع الوصول الى الرضى عن الذات. فبداية الظلم تكون منه قبل محيط العمل وتأئر سلبا عليه في عدم تقبل النصائح والنقد ويقوم بأخذ كل الامور بشكل شخصي وليس مهني وهذا الشيء يحطم احلامه الذاتية ، فيصبح مجبرا على تحقيق احلام الاخرين ويصل الى مرحلة من التناقض بين العقل والقلب، بين رغباته الشخصية و رغبات الأخرين، فيخلق لديه شعور سلبي و طاقة سلبية يحاول من خلالها التأثير على الأخرين ويحرم من احساس تحقيق الذات فيصير ناقما على العاملين معه .
لن يستطيع الخروج من احساس الظلم الا ان استطاع ان يحب نفسه ويتصالح معها.
وروتينية العمل هي من احد اساس قتل الابداع والتطور والطموح، تخلق لديه الاحساس بالاحباط والمكننة ويفقد القدرة على المخاطرة لفقدانه الثقة بالنفس، فيقوم بالمحاولة للقضاء على احلام الاخرين حوله من الطموحين، وهذا ما يضعه تحت عدد من الضغوطات والتوتر الذي يخلق لديه صراع بين العقل والقلب فيمتلىء القلب بالكره والحقد والانتقام وفي نفس الوقت الغاية في المحافظة على الوظيفة.
الحقد والكره والانتقام يوصلنا مرة اخرى لأن اسباب الظلم ما يزال نابع من النفس التي تؤثر بذلك على الحياة الشخصية للموظف و شخصيته واحلامه وتخلق له تشويش في رؤية الهدف الرئيسي. ان ثمن النجاح باهظ وذلك عبارة عن ساعات من التعب والجهد والسهر والقلوب المحطمة والدموع و خيبات الامل، وفي لحظة الاستسلام كل هذه التضحيات ستعيش في روحه وستموت كل الاحلام و الاهداف. فحين ندمر انفسنا نكون بذلك نسعى الى قبولنا من قبل الاخرين المغلوب على امرهم وكل هذا نحن نرفض تحمل مسؤوليته ويتم تحميل المؤسسة هذه المسؤولية.
الحياة صعبة ولكن الفرد من عادته يبحث عن اقصر الطرق واسهلها والمقررات الاسهل و لا يعرف التعامل مع الصعاب او يتفاداها. يقوم الفرد بالتركيز على قدرات الاخرين التي تميزهم متناسيا قدراته التي تميزه عنهم ، فيضيع التركيز.
أين المؤسسة من كل ذلك؟
هل تقوم المؤسسة بتقييم الموظف والاستماع الى شكاويه ودراسة قدراته والتركيز على مهاراته وتطويرها ؟ ام يكون توظيف الاشخاص لمجرد وجود اماكن شاغرة؟
هل يتم تدريبه او تعليمه والتركيز على مهاراته؟
هل تقوم المؤسسة باطلاعه على مهمتها واهدافها؟
هل تقوم المؤسسة بدراسة سلوك الشخص الذي تريد توظيفه لمعرفة كيفية حل الخلاف في حال حدوثه؟