كيف تطورت نظريات الإدارة الحالية ؟
البشر يديرون أعمالهم منذ مئات السنين وحتى الأن ، ويمكننا أن نصل بأفكار أساسية فى الإدارة تعود إلى القرن الثامن عشر ،ولكن معظم التطورات الملحوظة على نظريات الإدارة نشأت فى القرن العشرين ، و نحن ندين بالكثير من فهمنا للممارسات الإدارية إلى واضعى النظريات خلال هذة الفترة ، الذين حاولوا التوصل إلى أفضل أساليب إدارة الأعمال.
الجانب التاريخى :
واحد من أوائل واضعى النظريات هو فريدريك وينسلو تايلور ، الذى دشن حركة الإدارة العلمية وكان هو وأقرانه أول من درس سبل العمل بطريقة علمية ، فقاموا بدراسة الكيفية التى يتم بها تأدية العمل ،وكيف لذلك أن يؤثر على إنتاجية العامل ،ففلسفة تايلور صبت جام تركيزها على الإعتقاد بأن جعل الأشخاص يعملون بكل ما أؤتوا من قوة أمر لا يضاهى فى فاعليته التحسين من طريقة القيام بالعمل .
فى عام 1909 نشر تايلور كتاب "مبادئ الإدارة العلمية " عرض فيه أنه بالتحسين الدائم للوظائف وتسهيلها تزيد الإنتاجية ،وكما قدم لفكرة أن العمال و المدراء يحتاجون إلى التعاون مع بعضهم البعض ، موضحاً أن الأمر الأن اختلف كثيراً عن الطريقة التى اعتادوا العمل بها سابقاً ، ففى ذاك الوقت كان التواصل بين مدير المصنع مثلاً و العمال يكاد أن يكون منعدماً وهو ما يترك الأمر للعمال فيما يتعلق بكم الإنتاج الضرورى ، فلم يكن هناك معايير وكان الحافز الرئيسي بالنسبة للعامل هو ضمان بقائه فى وظيفته ، ولهذا لم يكن هناك حوافز معنية بالعمل قدر الإمكان بشكل أسرع أو بطريقة أكثر فاعلية .
تايلور كان يظن أن كافة العمال لا يحركهم سوى الحافز المالى ،ولهذا اقترح فكرة " أجر عادل ليوم عمل عادل " بمعنى أخر أن العامل الذى لا يحقق القدر الكافى من العمل فى يومه لا يستحق تقاضى نفس الأجر الذى أنجزه عامل أخر كان أعلى إنتاجية .
تمتُع تايلور بخلفية علمية فى هندسة الميكانيكا جعله يهتم بالكفاءة ، فبينما كان يتقدم فى عمله بمصنع للحديد والصلب بالولايات المتحدة الأمريكية أجرى تجارباً فى محل العمل بهدف الوصول إلى أفضل مستويات الأداء ، وفى إحدى تجاربه عن التجريف تمكن من زيادة إنتاجية العمال بحيث أصبح بإمكانهم العمل لعدة ساعات متواصلة ، و مع البنائين توصل إلى طريقة فعالة جديدة لرص الطوب ، ثم طبق الأسلوب العلمى لدراسة الطريقة المثلى للقيام بالمهام فى أى محل عمل ، و هكذا توصل إلى أنه يمكنه التوصل إلى أفضل طريقة للقيام بأى مهمة إن تمكن من حساب الوقت اللازم لإكتمال العناصر المختلفة لهذة المهمة.
دراسات " الوقت والحركة " هذة قادت تايلور إلى استنتاج أنه بإمكان أشخاص بعينهم العمل بكفاءة أكبر من غيرهم ،وهؤلاء هم بالضبط الأشخاص الذى يتعين على المدراء السعى إلى تعيينهم كلما سنحت الفرصة ، ولذلك فإن اختيار الأشخاص المناسبين للعمل بالوظيفة كان لا يقل فى أهميته عن الكفاءة فى محل العمل ، و استناداً على ما تعلمه من تجاربه السابقة طور فريدريك تايلور أربعة مبادئ للإدارة العلمية وهذة المبادئ تُعرف أيضاً بطريقة تايلور أو المنهج التايلورى .
المبادئ الأربعة :
1. استخدام المنهج العلمى فى دراسة العمل وتحديد الطريقة الأكثر كفاءة فى أداء المهام بدلاً من من مجرد العمل ب" القواعد العامة التقليدية " .
2. يجب أن يتم تكليف العمال بالوظائف بحسب إمكانياتهم و درجة تحفيزهم ، وهذا إلى جانب تدريبهم كى يعملوا بأقصى كفاءة ممكنة ، وذلك بدلاً من مجرد تكليف العاملين بأداء أى مهمة .
3. ملاحظة أداء العاملين و توفير التعليمات و الإشراف عليهم لضمان أنهم يعملون على أفضل وجه.
4. تقسيم الأعمال بين المديرين والعاملين ، وبذلك يتمكن المديرون من قضاء وقتهم فى التخطيط بينما يؤدى العاملون مهامهم بكفاءة .



النقد الموجه لطريقة تايلور :
نظرية الإدارة العلمية لتايلور تروج لفكرة أن "هناك طريقة واحدة صحيحة " وفقط للقيام بأى شئ ، و بذلك فهى تتناقض مع منهجيات قائمة حالياً مثل " الإدارة بالأهداف " ، أو مبادرات التطوير المستمر ، أو إعادة هندسة عمليات الأعمال ( الهندرة) ، أو غير ذلك من سبل مماثلة لهم تروج لمسؤولية الفرد وتسعى إلى دعم اتخاذ القرار عبر كافة المستويات بالمؤسسة .
الفكرة هنا تكمن فى أن يحصل العاملين على استقلالية عملية قدر الإمكان ، وبالتالى يمكنهم التصرف بأنسب طريقة كيفما يقتضى الوضع . ( وخروجاً عن النص هنا وبالإسقاط على تجربتك الشخصية : هل ترى أن الموظف يشعر بسعادة أكبر عندما يتبع إجراءات ثابتة لا يمكنه الحيد عنها بأى صورة ؟ أم أنه يصبح أفضل حالاً عندما يتمتع بحكمه الخاص والقدرة على التصرف بموجب الحدث ؟ ) و الأكثر من ذلك يحتاج الموظفون الذين يتعاملون مباشرة مع العملاء هذا الشكل من المرونة فى بيئة العمل دائمة التغير المتسارعة ، وذلك لأن الشركات التى تتقيد باللوائح تعانى حقاً عند التعامل فى المواقف المختلفة.
فريق العمل هو نقطة أخرى تتعارض مع المنهج التايلورى البحت ، فطريقة تايلور تقسم المهام إلى خطوات دقيقة وتركز على الكيفية التى يؤدى بها كل شخص سلسلة الخطوات الموكلة إليه على الوجه الأكمل ، فالمنهجيات الحديثة تفضل فحص بأسلوب أكثر شمولية من أجل تقييم الكفاءة وزيادة الإنتاجية ، أما التخصيص المتناهى الذى يؤسس له تايلور يتناقض مع المعايير الحديثة لكيفية توفير محل عمل يتمتع بالتحفيز و الرضا .
وبينما طريقة تايلور تفصل العمل اليدوى عن العمل الذهنى نرى أن ممارسات دعم الإنتاجية الحديثة تسعى نحو دمج أفكار العاملين و خبراتهم ومعارفهم للتوصل إلى أفضل أداء ، فالإدارة العلمية فى شكلها الخام تركز كثيراً على الآليات وتفشل فى إبراز قيمة العنصر البشرى فى العمل حيث يمثل كل من التحفيز و الرضا عن محل العمل عنصرين رئيسيين فى الشركة التى تتمتع بالكفاءة و الإنتاجية .

النقاط الرئيسية
مبادئ نظرية الإدارة العلمية لتايلور تم تطبيقهاعلى نطاق واسع حينها ، و التعاون الناتج عنها بين العاملين و المدراء تطور فى النهاية إلى فكرة فريق العمل الذى نتمتع بها اليوم ، وبينما نرى أن طريقة تايلور فى صورتها البحتة لم تعد مطبقة اليوم كثيراً ، إلا أن الإدارة العلمية لتايلور أسهمت بصورة كبيرة فى تقدم ممارسات الإدارة ، هذا بالإضافة إلى أنها قدمت لإجراءات الإختيار و التدريب الممنهج ، و وفرت طريقة لدراسة الكفاءة فى محل العمل ، وشجعت فكرة الهيكل التنظيمى.