أسباب إنهاء عقد الشغل
إن كلمة إنهاء تحمل كثير من المعاني المتمثلة كلها في نهاية الرابطة العقدية بين المشغل والأجير، والتي يفقد من خلالها الأجير مجموعة من الحقوق والامتيازات ليصبح في صف البطالة التي تعد شرا وآفة اجتماعية هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يبادر الأجير إلى إنهاء هذه العلاقة بالاستقالة أو المغادرة دون إشهار رئيس المقاولة، وعلى كل فأسباب إنهاء عقد الشغل عديدة حيث هناك أسباب عامة ومشتركة بين عقود الشغل (الفقرة الأولى) وهناك أسباب خاصة لكل من نوعي العقد سواء محددة المدة أو غير محددة المدة. (الفقرة الثانية).


الفقرة الأولى: الأسباب العامة لإنهاء عقد الشغل
للمشغل الحق في إنهاء عقد الشغل غير المحدد المدة بإرادته شريطة احترام أجل الأخطار طبقا للفقرة الأولى من المادة 34 من مدونة الشغل غير أنه يمنع عليه فصل الأجير دون مبرر مقبول إلا إذا كان مرتبطا بكفاءته أو تحتمه ضرورة سير المقاولة أو خطأ يتصف بالجسامة وهذه الحرية الممنوحة للمؤاجر في إنهاء العلاقة الشغلية، المقيدة بضرورة وجود مبرر مشروع يدخل غالب ضمن الأسباب العامة لإنهاء عقد الشغل والمتمثلة إما في امتناع أحد الطرفين عن تنفيذه وقد يكون السبب من أسباب البطلان وإما تكون القوة القاهرة .و يدخل كذلك ضمن زمرة الأسباب السالفة الذكر عجز الأجير من القيام بالأعمال المطلوبة منه إما لكبر سنه أو لعدم كفاءته كما تدخل إرادة الطرفين ضمن هذه الأسباب أيضا فضلا عن الخطأ الجسيم.


أ- الخطأ الجسيم
بالرجوع إلى النصوص القانونية نجد أن المشرع المغربي على غرار نظيره الفرنسي لم يحدد تعريفا دقيقا للخطأ الجسيم[1] غير أنه أشار إلى الفصل 77 ق. ل.ع. إلى تعريف الخطأ كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار من غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا مادي أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر إذ أثبت أن ذلك الفصل هو السبب المباشر في حصول الضرر. لكن نلاحظ أنه حسب قرار 23/10/1948 المعتبر بمثابة النظام النموذجي لعقد الشغل أن المشرع يستعمل ثارة الخطأ الجسيم وتارة الخطأ الفادح أو الشنيع مما يدفعنا إلى القول أن المشرع لم يعد يعر اهتماما للمصطلحات مما فسح المجال أمام مجموعة من الاجتهادات القضائية وخلق مشاكل على المستوى العملي خاصة فيما يتعلق بتكييف الخطأ ومدى جسامته أما المدونة الجديدة فاكتفت بمصطلح الخطأ الجسيم.[2]


أما الانتقادات التي وجهت لهذا التمييز بين الخطأ الجسيم والخطأ الفادح أصبح الفقه والقضاء يعطيان لهم مفهوما واحد دون التمييز بينهم. و أمام غياب تعريف عام للخطأ الجسيم ذهب البعض إلى أن الخطأ الجسيم هو الذي يجعل بقاء الرابطة العقدية مستحيلا حتى أثناء مهلة الأخطار.[3]
وقد نصت المادة 39 من م.ش. على جملة من الأخطاء الجسيمة منها:
– ارتكاب جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة أو أن يكون نهائيا سالبا للحرية وقد لاحظ البعض أن هذا الخطأ لم يكتمل بعد بل يجب إضافة أن يكون الحكم السالب للحرية نهائي ونافذ حتى لا يعتبر الحكم السالب للحرية النهائي الموقوف التنفيذ خطأ جسيم. يستحق الأجير معه الطرد دون أي تعويض. [4]
-إفشاء السر المهني نتج عنه ضرر للمقاولة
-القيام بالسرقة، السكر العلني، تعاطي مادة مخدرة، الاعتداء بالضرب السب الفادح….[5]
هذا من جهة الأجير أما المؤاجر فمن بين الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها في حق الأجير كما نصت على ذلك المادة 40 من م.ش.
-السب الفادح؛
-التحرش الجنسي؛
-التحريض على الفساد؛
-استعمال نوع من أنواع الاعتداء الموجه ضد الأجير؛


إلى غيرها من الأخطاء الجسيمة التي يبقى للقضاء السلطة في تقدير مدى خطورتها على المشغل والمؤسسة الشغلية حسب ظروف ملابسات كل قضية و الجدير بالذكر أن هناك حالات لا تشكل خطأ جسيم ومع ذلك قد يتعرض الأجير بسببها للفصل الذي يعد في هذه الحالة تعسفيا وجديد المدونة في هذا الصدد هو أن المادة 36 حددت بعض المبررات التي لا يمكن اعتبارها للاتخاذ العقوبات التأديبية أو فصل الأجير بسببها كالانتماء النقابي أو المساهمة في انشطة نقابية خارجة عن أوقات العمل أو طلب الترشيح لممارسة مهنة مندوب العمال أو تقديم شكوى ضد المشغل، بسب قانوني أو حالة ممارسة الإضراب كحق دستوري.


ب- العجز عن العمل والمرض الطويل
يترتب عن عجز الأجير القيام بعمله لمدة معينة أو مدة طويلة لمصلحة مشغله كسبب كبر سنه أو مرض أو عدم كفاءته إلى إنهاء عقد الشغل من طرف المؤاجر[6] والملاحظ أن مرض الأجير غير المهني يعتبر مانع مؤقت يؤدي إلى توقف عقد الشغل لا إلا إنهائه غير أن المشرع ألحقه بأسباب انتهاء عقد الشغل في الحالة التي يستمر فيها انقطاع الأجير عن عمله بسبب مرضه لمدة تزيد عن 180 يوما متتالية خلال فترة 365 يوما المتتالية،[7] وأنزل منزلة المستقيل عن عمله مما يترتب عنه انتهاء عقد الشغل.


ج- البطلان والإبطال
يعتبر البطلان والإبطال من الجزاءات التي تلحق العقود بصفة عامة وفي نفس الأمر ينطبق على عقد الشغل وهكذا فالمشرع حسب مقتضيات المادة 15 من م.ش. اشترط لصحة العقد توافر الأركان الأساسية للعقد الرضى والأهلية والسبب والمحل (وإذا غاب ركن من هذه الأركان يعتبر الركن باطلا بطلانا مطلقا).


أما إذا شاب العقد عيب من العيوب كالتدليس والغبن والإكراه والغلط فإن العقد يكون قابلا للإبطال.


وقد أشار البعض [8] إن البطلان لا يسري على الماضي وبالتالي يحق للأجير:
– الحق في المطالبة بالأجر المتفق عليه خلال المدة التي اشتغل فيها تحت إمرة المشغل.
– الحق في عدم إرجاع الأجر المقدم له من قبل المشغل قبل بطلان العقد.
– الحق في أخد شهادة العمل خلال المدة التي عمل فيها لدى المؤاجر داخل أجل أقصاه 8 أيام تحت طائلة أداء التعويض.


د- إستحالة التنفيذ
من أهم صور استحالة تنفيذ عقد الشغل وفاة الأجير والقوة القاهرة. هاته الأخيرة التي عرفها الفصل 269 من ق.ل.ع هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية والفياضانات، جفاف، حرائق، عواصف… وغارات العدو فعل السلطة أو زواله[9].


كذلك تعتبر وفاة الأجير من الأسباب التي تؤدي إنهاء عقد الشغل لعلة الطابع الشخصي بعقد الشغل عكس وفات المشغل التي لا تؤدي إلى الإنهاء إلا إذا كانت الشخصية محل اعتبار عند التعاقد.[10]


و- إتفاق الطرفين
يمكن لعقد الشغل أن ينتهي بتوافق إرادتي الأجير والمؤاجر على إنهائه قبل انصرام أجله المحدد في العقد أو وصول أجل الأخطار إذا كان غير محدد المدة. وهذا ما أكده الفصل 393 من قانون ق.ل.ع. (تنقضي الالتزامات التعاقدية إذا ارتضى المتعاقدان أن عقب إبرام العقد التحلل منها وكذلك في الحالات التي يجوز فيها الفسخ بمقتضى القانون.