" ....أما بعد. فإن القضاء فريضة محكمة و سّنة متّبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنّه لا ينفع تكلّم بحقّ لا نفاذ له، و آس بين الناس في وجهك وعدلك، البّينة على من ادعى و اليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرّم حلالا، و لا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت فيه اليوم عقلك و هديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحقّ فإن الحقّ قديم، و مراجعة الحقّ خير من التّمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب الله تعالى و لا سّنة نبيّه، ثم اعرف الأمثال و الأشباه، و قس الأمور بنظائرها و اجعل لمن ادّعى حقّا غائبا أو بيّنة أمدا ينتهي إليه، فإنّ ذلك ألفى للشك و أجلى للعمى و المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حدّ، أو مجرّبا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو نسب، فإن الله عفا عن الايمان وأدرى بالبّينات و إيّاك والقلق و الضّجر و التأفّف بالخصوم، فإن الحقّ في مواطن الحق يعظّم الله به الأجر و يحسن به الذكر... و السلام"