علاقة العمل هي الرابطة القانونية التي تربط بين العامل والمستخدم ,والمتولدة عن اتفاق إرادي يدعى عقد العمل وهذا الأخير يمثل المصـدر وعلاقة العمل تمثل النتيجة, إلاّ أن ذلك لا يعني أن علاقة العمل تخضع فقط لعقد العمل المبرم بين العامل والمستخدم ولكن تخضع زيادة على ذلك للنصوص القانونية والتنظيمية ,التي تنظم ميدان العمل.






المطلب الأول: نشأة عقد العمل محدد المدة






عقد العمل محدد المدة رابطة قانونية بين طرفين هما العامل والمستخدم، وهو بهذه الصفة يتميز بخصائص (عناصر) تميزهُ عن بقية العقود، وشروط معينة يجب توافرها لقيامِه صحيحاً





الفرع الأول: التعريف بعقد العمل محدد المدة






لم يعرف المشرع الجزائري عقد العمل بوجه عام سواء كان عقدا محدد المدة أو عقدا غير محدد المدة, وهو بذلك قد ساير غالبية التشريعات الحديثة واكتفى بوضع القواعد القانونية والتنظيمية التي تنظم علاقة العمل بوضوح






وكذلك لم يعرف المشرع الفرنسي عقد العمل تاركا بذلك المجال للفقه والذي عرّفه بأنه إتفاق يتعهد بمقتضاه أحد الأطرف، بإنجاز أعمال مادية ذات طبيعة حرفية على العموم لصالح الطرف الآخر وتحت إشرافه ومقابل عوض






ويتضح من هذا التعريف أنه أورد العناصر الأساسية لعقد العمـل وهي الأجر, العمل والتبعية وقد عرّف التشريع المصري عقد العمل بأنه إتفاق يتعهد بمقتضاه شخص(مستخدم) بتقديم عمله للآخر (صاحب العمل)لمدة محددة أو غير محددة ,مقابل أجر معين ومحدد سلفا.






أما التعريف الذي اتفق عليه الباحثون وهو: "اتفاق يلتزم بموجبه أحد الأشخاص بالعمل لحساب شخص آخر صاحب العمل وتحت إشرافه وتوجيهه لمدة محددة أو غير محددة, مقابل أجر معين ومحدد سلفا" وهذا التعريف الأخير يمكن أن ينطبق على تعريف عقد العمل محددة المدة طالما أنه يأخذ بعين الاعتبار مدة العقد.













الفرع الثاني: عناصر عقد العمل محدد المدة










يقصد بعناصر عقد العمل تلك الخصائص التي تميزه عن العقود الأخرى وخاصة عن العقود المشابهة له مثل عقد المقاولة أو عقد الشركة أو الوكالة...إلخ.






أولا: عنصر العمل








العمـل هو نشاط جسماني أو عقلي فقد يتعلق بنشاط تجـاري أو زراعـي أو صناعي أو خدمة كما قد يكون العمل أدبيا أو فنيا، والعامل في عقد العمل محل اعتبار، فهو ملزم بتنفي

محل العقد دون تكليف شخص آخر، لذلك فإن علاقة العمل تنتهي بوفاة العامل. وعقد العمل يتميز بطابع الاستمرارية وتنفيذه متتالي، ولهذا تكون أثار بطلانه مقتصرة على المستقبل






ثانيا: عنصر التبعية








إن هذا العنصر هو أهم عناصر عقد العمل، سواءا كان عقدا محددا لمدة أو غير محدد المدة، وهو متوافر بقوة القانون، ولا حاجة لأن ينص عليه العقد.


والتبعية هي أن يقبل العامل وضع نفسه تحت سلطة المستخدم, وهذه السلطة هي سلطة إصدار التعليمات التي تخص العمل، وإلزام العامل بتنفيذها، وإلا كان عرضة لتوقيع الجزاء التأديبي عليه، لذلك فالعمل يسير حسب مايراه المستخدم وليس كما يراه العامل.






والفقه والقضاء متفقان على أن عنصر التبعية هي العنصر الذي يميز عقد العمل عن غيره من العقود المشابهة فللقاضي حرية التقدير في وصف العلاقات بعد معرفة حقائقها وتكييفها


ومن العقود المشابهة لعقد العمل، نجد عقد المقاولة إلا أنهما يختلفان في تحمل التبعة، حيث يتحملها المقاول ولا يتحملها العامل، وأيضا فيما يخص الخضوع لتشريعات العمل المختلفة التي تحدد ساعات العمل، الإجازات، تقدير الأجر، ضماناته فهي تشريعات تخص العامل دون المقاول, وعنصر التبعية من الناحية الاقتصادية يقوم على عنصرين وهما:


-أن يعتمد من يقوم بالعمل على أجره








-أن يرصد من يقوم بالعمل نشاطه على خدمة صاحب العمل الذي يؤدي إليه كل ما يحصل عليه من أجر من عمله.


وقد سبق الفقه الإسلامي في إتخاذ معيار التبعية للتفرقة بين عقدا العمل وغيره من العقود كعقد المقاولة، ومن ذلك فرّق بين الأجير الخاص والأجير المشترك.


فالأجير المشترك هو من يستأجر لعمل معين لا يختص به أشخاص أو أشخاص معينين وهو عقد المقاولة.



أما الأجير الخاص فهو من يستأجر لمدة معينة بعمل يختص به شخص معين أو أشخاص معينون وهو عقد العمل






ثالثا: عنصر الأجر










يعتبر الأجر إلتزاما عقديا يقع على المستخدم والذي يقدمه للعامل مقابل قيام هذا الأخير بالعمل ولا يتصور قيام علاقة عمل بدون أجر، ولم يترك المشرع أمر تحديد الأجر للمستخدم وحده، وإنما تدخل، ليضمن الحد الأدنى من الأجر، فقد نصت المادة27من القانون90-11 على أنّه:"... يحـدد الأجر الوطني الأدنى المضمون المطبق في قطاعات النشاط بموجب مرسوم ..."


وعنصر الأجر يقابله عنصر العمل الذي يقدمه العامل، والذي على قدر مابينهما من تكافؤ يتحقق لعقد العمل، توازنه الإقتصاد






رابعا: عنصر الزمن (المدة)






يقصد بعنصر الزمن المدة التي يضع فيها العمل نفسه في خدمة المؤسسة المستخدمة وإدارتها , وهي المدة التي يضع فيها العامل نشاطه وخبرته في خدمة هذه المؤسسة وغالبا ما يبرم عقد العمل لمدة غير محددة، غير أنه واستثناءا يمكن أن تكون محددة المدة.


وعقد العمل عقد زمني لأن الخدمات التي يؤديها العامل لا تقاس إلا بالزمن فالزمن عنصر جوهري فيه, لأنه هو الذي يحدد مقدار المحل المعقود عليه .