مدخل:
الأصل أن لكل شخص الحق في ممارسة أي نشاط تجاري لأن ذلك يعد من قبيل الحريات العامة التي يتمتع بها كل إنسان كماله أن يمارس أي نوع من الأنشطة التجارية شريطة أن لا يكون منافيا للنظام والآداب العامة.
وأن لممارسة أي نشاط تجاري اشترطت أغلب التشريعات في الشخص الذي يريد مزاولة التجارة اكتساب الصفة التجارية، وذلك باحتراف العمل التجاري على وجه الاعتياد والاستقلالية، إضافة إلى القيد في السجل التجاري عند بعض التشريعات العالمية.
والمقصود بالاحتراف التجاري هو : توجيه نشاط الشخص نحو القيام بالأعمال التجارية بصفة منتظمة ومستمرة، أما احترافه العمل المدني كالمحاماة والطب والهندسة فلا يكسبه الصفة التجارية.
كما أن محل الاحتراف لا يقتصر على الأشخاص الطبيعية، وإنما يجوز أن يمتد إلى الشركات والأشخاص المعنوية العامة، وأن أعمال هته الأخيرة مقيدة بالغرض الذي أنشأت من أجله.
وإذا كان عنصر الاحتراف من الشروط الواجب توافرها لاكتساب صفة التاجر، فإن توفر شرط الأهلية القانونية لممارسة العمل التجاري لا يقل أهمية عنه، وذلك لانطواء النشاط التجاري على نوع من المخاطرة والمضاربة وما يترتب عنها من مسؤولية غير محدودة الالتزامات، فمن يدخل الميدان التجاري ليحترفه إنما يدخل مضاربا بأمواله وخبراته قاصدا بذلك تحقيق الربح.
وأن الأهلية المطلوبة لاكتساب صفة التاجر تنصب على الشخص ككيان طبيعي وككيان معنوي، وهذا ما يجعل دراسة الأهلية التجارية لا تبدوا بسيطة وسهلة خلاف دراستها وفق ما هو مقرر في فروع القوانين الأخرى، وعليه فإن دراسة هذا النظام القانوني الذي تحكمه قواعد عامة تسلتزم منا الرجوع إلى القوانين التي تعالجها كالقانون المدني وقانون الأسرة والقانون التجاري، والرجوع إلى القواعد الخاصة التي تتعلق بأهلية بعض الفئات كالقاصر، والمرأة المتزوجة والأجنبي سواء بممارستهم للعمل التجاري بصفة منفردة، أو بصفتهم شركاء في شركة كشخص معنوي وباعتبار أن نظام الأهلية بالغ الأهمية في الحياة التجارية كونه الركن الواجب توفره سواء لممارسة العمل التجاري أو كشرط للتقاضي أمام المحاكم، فإنه لا يخلو كبقية الأنظمة القانونية من طرحه لعدة إشكالات قانونية، خاصة أهلية القاصر التجارية والتعارض الحاصل بينها وبين الأهلية المنظمة في القواعد العامة.



كما يرد على هذه الأهلية إشكال طلب الإذن المرخص به لممارسة القاصر التجارة، وذلك في الحالة التي يمنح فيها هذا الإذن من طرف مجلس العائلة، الذي لم ينظمه المشرع، وكذا منح الإذن للمرأة المتزوجة البالغة من العمر ثمانية عشرة سنة أي القاصرة عن ممارسة التجارة، فهل نطبق في هذه الحالة ما هو مقرر في المادة الخامسة من القانون التجاري ويكون منح الإذن ممن ذكرتهم هذه المادة، أم يكون من طرف زوجها باعتباره مسؤولا عنها وهو من يحق طاعته؟
وسنتناول كذلك الحالة التي تكون فيها المرأة المتزوجة شريكة مع زوجها في شركة تضامن، والتي طرح بشأنها الفقه مسألة جوازية انضمامها كشريكة مع زوجها أم لا، وما ينتج عنها من مسؤولية غير محدودة التي قد تسبب عجز في النفقات العائلية.
كما أننا سنعالج مسألة إكتساب الشخص المعنوي لصفة التاجر عند ممارسته العمل التجاري. إذن فكل هذه الإشكالات وغيرها، التي تمثل محور الدراسة تلزمنا بضرورة إتباع دراسة موضوعية تحليلية يغلب عليهما الجانب النظري، وذلك لخلو أحكام القضاء خاصة الجزائري منه من وقائع أو مسائل تخص هذا الجانب، وعليه فقد عملنا على محاولة إعطاء وإبراز مختلف المفاهيم والأحكام العامة والخاصة سواء تعلق الأمر بعرض لبعض الآراء الفقهية أو التشريعية.
ودراستنا هذه لا تقتصر على إتباع المنهج الموضوعي كمنهج وحيد، بل عملنا على اعتماد المنهج المقارن بين مختلف فروع القانون الخاص منه والعام – وبين مختلف التشريعات العالمية خاصة منها التشريعين الفرنسي والمصري باعتبارهما المصدر التاريخي للتشريع الجزائري، ومن جهة أخرى لا يمكن إيجاد حلول للإشكاليات المطروحة سالفا إلا بالتعرض للدارسة المقارنة.
أما الدوافع التي جعلتنا نختار هذا الموضوع ترجع إلى:
1/ طبيعة الموضوع الذي يمثل جانب من الجوانب الواسعة التي تشملها الحياة التجارية والتي تتميز في كثير من مواضعها بالتعقيد خاصة في غياب الدراسات العملية وفي غياب نصوص دقيقة وواضحة تزيل الإبهام والغموض عن أحكام هاته الأهلية.
2/ عدم ضبط أحكام القوانين الخاصة، التي من المفروض أن يوجد بينهم تكامل وتسلسل أو على الأقل إيجاد أحكام مشتركة تعمل على علاج ظاهرة الأهلية و توحيد أحكامها
3/ قلة الأحكام القضائية، خاصة الجزائرية منها، الناتجة عن خلو المكتبة القانونية من معالجة هذا النظام سواء بين أوساط القضاة والمحامين، الذين يمثلون الجانب التطبيقي فيها أو في أوساط أساتذة القانون، الممثلين للجانب النظري.


وهذا كله جعلنا نهتم بدارسة هذا الموضوع محاولة منا لإثرائه ولو بالشيء اليسير واعتمادنا في دراستنا هذه على الخطة التالية:

الفصل الأول: الأهلية التجارية للشخص الطبيعي
المبحث الأول: النظام العام للأهلية التجارية
المبحث الثاني: النظام الخاص بالأهلية التجارية

الفصل الثاني : الأهلية التجارية للشخص المعنوي
المبحث الأول: الشخص المعنوي العام
المبحث الثاني: الشخص المعنوي الخاص.
















الفصل الأول :
الأهلية التجارية للشخص الطبيعي

لما كانت الأهلية عنصر هام في بناء إرادة الشخص، بحيث تجعله يعبر عن إرادته وفق ما يرتب عليه القانون من آثار و كونها خاصية مميزة لصفة الإنسان، فإنها تجعله يكتسب بها حقوق و يتحمل بها التزامات.
غير أنه لا يمكن التسليم بهذه الصفة ببساطة المنطق، وذلك بالنظر للتعارض الحاصل بين مختلف فروع القانون، مما يجعلنا نقسم أهلية الشخص الطبيعي وفق كل فرع.
و باعتبار أن القانون التجاري فرع من فروع القانون الخاص، فإن المشرع وضع لأهلية الشخص الطبيعي التجارية أحكاما، بعضها يستلزم منا الرجوع للقواعد العامة الواردة في القانون المدني، والبعض الآخر مجالها القانون التجاري خاصة منها الأحكام الخاصة.
وعلى غرار التشريع الجزائري فإن غالبية التشريعات لا تكاد تختلف عن تقسيم أحكام أهلية الشخص الطبيعي التجارية، بين قواعد القانون المدني العامة وقواعدها في مجالها الطبيعي، ألا وهو القانون التجاري.
إذن و بناءا عليه تكون دراسة هذا الفصل وفق الخطة التالية:

المبحث الأول : النظام العام للأهلية التجارية

المطلب الأول: المقصود بالأهلية.
المطلب الثاني: عوارض الأهلية.
المطلب الثالث: أهلية الأجنبي التجارية.

المبحث الثاني: النظام الخاص للأهلية التجارية
المطلب الأول: أحكام القاصر التاجر.
المطلب الثاني: حالة القاصر الأجنبي.
المطلب الثالث: أهلية المرأة المتزوجة.





المبحث الأول:
النظام العام للأهلية التجارية

كون أن التقنين التجاري جزء مكمل للتقنين المدني وفرع من فروعه الخاصة، و أن هذا الأخير يمثل الشريعة العامة لمختلف القوانين، فإنه كان من اللازم أمام هذا الحال الرجوع إلى أحكامه في حالة قصور القانون التجاري، أو في حالة إحالة من طرف هذا الأخير إلى أحكام القانون المدني فتكون دراسة هذا المبحث حول المقصود بالأهلية والعوارض التي تصيبها وأهلية الأجنبي للممارسة التجارة.

المطلب الأول
المقصـود بالأهليـة

أ-الفرع الأول: تعريفها

قد استقر الفقه و القضاء على اعتبار الأهلية من الخصائص المميزة في صفة الإنسان، حيث يتوقف على توافر عنصر الأهلية فيه معرفة مدى إمكانية تمتعه بالحقوق، ومدى إمكانية تحمله الالتزامات، إذن هي: «صفة يقدرها المشرع في الشخص، تجعله صالحا لأن تثبت له الحقوق، و تثبت عليه الواجبات، و تصح منه التصرفات».
و الأهلية بهذا المفهوم تسير مع الشخصية القانونية للإنسان وجودا أو عدما أو كمالا و نقصانا، ومراحل ثبوت الحق له، ثم ثبوته عليه، ثم صحة بعض التصرفات منه.
ب-الفرع الثاني: أقسامها

حتى يكتسب الشخص صفة التاجر، يجب توفر أهلية الاتجار لديه. والأهلية كما هو مستقر عليه تنقسم إلى أهلية وجوب وأهلية أداء.
فأهلية الوجوب : هي قابلية الشخص لاكتساب الحقوق والخضوع للواجبات، وهي تثبت بمجرد الولادة، و بتعبير آخر يمكن القول أنها صلاحية الشخص لأن يكون طرفا في الحق سواء كان طرفا إيجابي أو سلبي(1).
أما أهلية الأداء:فهي صلاحية الشخص للتعبير عن إرادته تعبيرا يرتب عليه القانون آثاره فتجعل الشخص صالحا لمباشرة الحقوق و أداء الواجبات، وهي بهذا المعنى تعبر عن الحال التي

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]


(1)د. إسحاق إبراهيم منصور: نظرية القانون و الحق و تطبيقاتها في القانون الجزائري، الطبعة الثانية، سنة 1990، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 227.
يكون فيها الإنسان صالحا لتحمل تلك الآثار(1).
و يتفق الفقه على أنها هي صلاحية الشخص لأن يشترك في تصرف قانوني كعقد البيع أو الإيجار.
و تمر هذه الأهلية بعدة مراحل :
*كل شخص دون السادسة عشرة من عمره يعتبر غير مميز أي فاقد التميز بسبب صغر السن و لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية فهو عديم الأهلية مما يجعله غير أهل لممارسة التجارية لعدم اكتسابه صفة التاجر، وتعتبر أعماله التجارية التي يمارسها بمثابة أعمال مدنية، وهي باطلة بطلان مطلق(2).
*كل شخص بلغ السادسة عشرة من عمره ولم يكمل التاسعة عشر يعتبر مميزا و لكنه ناقص الأهلية طبقا للمادة 43 ق.م إلا أن التصرفات الضارة له تقع باطلة بطلانا مطلق فهي بالنسبة له كعديم الأهلية، أما تصرفاته النافعة له نفعا محضا فتكون صحيحة: كقبول الهبة، وفيما يتعلق بتصرفاته الدائرة بين النفع و الضرر، فتعتبر قابلة للبطلان، وبخصوص ممارسته التجارية في هذه الحالة فلا تعتبر أعمالا تجارية، مما يجعلنا نستعد تطبيق أحكام القانون التجاري عليه، كون أن أهلية التاجر ضرورية لاكتساب صفة التاجر إضافة إلى الاحتراق المطلوب لاكتساب هذه الصفة.
وتجدر الإشارة إلى أن الفقه المصري(3) يفرق بين الإحتراق التجاري و الأهلية التجارية، وذلك من خلال الآثار الناجمة عنهما، فقيام القاصر المميز بعمل تجاري منفرد لا تلزمه لصحته صفته التجارية الخاصة وإنما تكفي تطبيق القواعد العامة في الأهلية، وعليه فإن الأعمال التي قام بها تظل تجارية إلا أن وصفه بالتاجر يحتاج إلى أهلية خاصة.
*كل شخص بلغ التاسعة عشر من عمره، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية لبلوغه سن الرشد القانوني، ذلك ما لم يصبه عارض من عوارض الأهلية (4)و ينطبق هذا الحكم على الأعمال التجارية التي يباشرها الشخص البالغ، وهذا ما أكدته المادة 02 من قانون رقم 90-22 المتعلق بالسجل التجاري بقولها « يمكن لأي شخص طبيعي يتمتع بحقوقه المدنية أن يعبر صراحة عن رغبته في إمتهان التجارة بإسمه و لحسابه الخاص» كما نصت المادة 13 منه على وجوب التصريح بممارسة النشاط التجاري أمام الضابط العمومي المختص، ويعتبر التسجيل في السجل التجاري بمثابة عقد رسمي يثبت كامل الأهلية القانونية.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.gif[/IMG]


(1)د.شمس الدين الوكيل محاضرات في النظرية العامة للحق،ص 48.
(2)د.أحمد محرز القانون التجاري الجزء الأول، نظرية الأعمال التجارية، ص 129.
(3)د. عوض علي جمال الدين، القانون التجاري، التاجر ص 64.
(4)أنظر المادة 40 من القانون المدني الجزائري.
ما يمكن ملاحظة من خلال دراسة لمختلف مراحل أهلية الأداء أن هذه الأحكام إن كانت صالحة التطبيق بالنسبة للتصرفات المدنية فإنها على غير ذلك بالنسبة للممارسة التجارية، وذلك باعتبار أن التجارة حرفة تكتسب من طرف الإنسان الذي يقوم بممارستها و تعلمها منذ نعومة أظافره، وعليه فلا مناص من اعتبار –الصبي المميز-وفق أحكام القانون المدني- تاجرا إذا كانت تجارته نافعة له نفعا محضا(1).

المطلب الثاني :
عوارض الأهلية

إن بلوغ الشخص السن القانونية المؤهلة له لممارسة مختلف الأعمال القانونية والتجارية بصفة خاصة، لا تجعله بالضرورة أهلا للقيام بها و ممارستها، ما لم يكن مرشدا لذلك (2) باعتبار أن الترشيد مرتبط بخلو إرادة الشخص من أي عارض قد يصيبه سواء كان هذا العارض طبيعي، قضائي أو قانوني.

الفرع الأول:
العوارض الطبيعية

و تنقسم بدورها إلى عوارض معدمة و عوارض منقصة.
فأما الأولى تتمثل في الجنون و العته: فكلاهما آفة تصيب العقل فتسبب له اضطرابات تؤدي إلى زواله، ضف إلى ذلك الاضطرابات الخارجية التي يسببها الجنون عكس العته الذي لا يؤدي إلى زوال العقل كله و لا يسبب اضطرابات خارجية.
ويأخذ حكم المعتوه حكم المجنون، فكل مصاب بهما يعتبر تصرفه باطلا بطلان مطلق، وتكون أهليته منعدمة وهذا بنص المادة 42 من القانون المدني.
و تجدر الإشارة إلى أنه إذا وقع التصرف من المصاب بهما قبل الحجر عليه فإن تصرفه هذا يكون صحيحا ولا يقع باطلا، خاصة إذا كانت حالة الجنون أو العته غير شائعة(3).



[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif[/IMG]


(1)د.صبحي عرب، محاضرات في القانون التجاري « الإفلاس و التسوية القضائية»، طبعة سنة 2000، ص 34 و35.
(2)وقد أقر الشارع الحكيم هذا الحكم في قوله تعالى:«وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم…»سورة النساء الآية (05)
(3)د.صبحي عرب، المرجع السابق، ص 35-36.
و عليه و حتى لا يكون هذين السببين عرضة لإفلاس التاجر و ضياع ماله تدخل المشرع لمنع المصاب بهما من اكتساب صفة التاجر، إذ لا بد من صدور حكم للحجر عليه، صادر من المحكمة المختصة.
و بخصوص العوارض المنقصة فهي : السفه و الغفلة : فالسفه هو «تبذير المال و إتلافه على خلاف مقتضى العقل و الحكمة(1) وأن هذا العيب لا يخل بمناط أهلية الأداء لدى السفيه وهو العقل بل يمس تدبيره، وعليه فالسفيه كامل العقل ولكن مغلوب بهواه، لذا يمنع من التصرف في ماله.
أما فيما يتعلق بذي الغفلة فقد عرفته محكمة النقض المصرية :« هو ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس ترد على حسن الإدارة و التقدير و يترتب على قيامه أن الشخص يغبن في معاملات مع الغير »(2).
وإذا بلغ الشخص سن الرشد وكان سفيها أو ذي غفلة فإنه يحجر عليه، و يتوقف الحجر على حكم القاضي مع شهر قرار الحجر، وقد اعتبر القانون تصرفات القاصر صحيحة إذا كانت نافعة له نفعا محضا، أما التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر فتكون قابلة للإبطال و يؤول حق التمسك بإبطالها عند الإجازة –الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة- وفي كل الأحوال نأخذ بأحكام القاصر المميز.
كما أن التصرفات الصادرة عن السفيه أو ذي الغفلة قبل إشهار قرار الحجر، فلا تكون باطلة أو قابلة للإبطال، إلا إذا كانت نتيجة سوء نية واستغلال صادر ممن تعاقد معه (3)وهذا عكس تصرفات المجنون و المعتوه الصادرة قبل توقيع الحجر فإبطالها يكون واقع على أساس انعدام الإرادة.
العاهات البدنية : بالرجوع إلى المادة 80 ق.م.ج، نجدها قد أوردت حكم خاص إذ نصت على أنه :«إذا كان الشخص أصم أبكم، أو أعمى أصم أو أعمى أبكم، وتعذر عليه بسبب تلك العاهة التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تعين له وصيا قضائيا يعاونه في التصرفات التي تقتضيها مصلحته و يكون قابلا للإبطال كل تصرف عين من أجله وصي قضائي، إذا صدر من الموصي عليه بدون حضور الوصي بعد تقيد قرار الوصاية فإن هذا التصرف يعتبر قابلا للإبطال لمصلحة صاحب العاهة.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gif[/IMG]


(1)د.عطية عبد الموجود إبراهيم، مدى أهلية الصبي لمباشرة التصرفات المدنية، دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية و القانون المدني، طبعة 1987، ص: 271.
(2)د. محمد سعيد جعفور، التصرف الدائر بين النفع و الضرر في القانون المدني الجزائري، طبع في سنة 2002، ص: 23
(3)د.صبحي عرب، المرجع السابق، ص 37.
فالتاجر المصاب بهاته العاهات تعين له المحكمة وصيا يساعده في ممارسة تجارته، وإلا كانت أعماله قابلة للإبطال.

الفرع الثاني
العوارض القضائية

بخصوص هذه العوارض نفرق بين حالتين:
الحالة الأولى/الأشخاص الذين حكم عليهم بعقوبة الحبس النافذة: فإذا صدر حكم قضائي في جريمة شائنة بالنسبة للتاجر، فإن هذا الحكم يعتبر بمثابة عارض من عوارض أهلية الاتجار يفقد من صدر الحكم في مواجهته صفة التاجر، وهذا ما نصت عليه المادة 149/2 من ق.ت :«الأفراد المحكوم عليهم بالجرائم التالية : جناية، إفلاس مصرفي، سرقة، خيانة أمانة، احتيال، اختلاس، ابتزاز أموال، تزوير توقيع، أو قيم منقولة، إ إصدار شيك بدون رصيد، الجرائم الواقعة على أموال الدولة، اليمين الكاذبة، الشهادة الكاذبة، تحريض و إغراء شاهد، محاولة القيام أو المشاركة في الجنايات أو الجنح المذكورة، المفلسون الذين لم يرد لهم اعتبارهم»، ونصت المادة 150 من ق.ت : «يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و بغرامة لا تتجاوز 100.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من يخالف الحظر المنصوص عليه في المادة السابقة و تضاعف العقوبة في حالة العود»(1).
وقد يبدوا للوهلة الأولى أن المادة 149 ق.ت حظرت على الأشخاص الذين صدر بحقهم أحكام جزائية من ممارسة أي نشاط يتعلق بالمحلات التجارية بشكل مباشر أو غير مباشر-الفقرة الأولى من المادة- إلا أنه على العكس من ذلك فقد تعدى مفهومها المحل التجاري لتشمل نشاط التاجر بذاته و أهليته لأنه من غير المعقول اكتساب الشخص صفة التاجر الحقيقي دون أن يرتبط بالمحل التجاري(2).
أما المنع الوارد في التشريع الفرنسي بسبب بعض العقوبات الجزائية وذلك بموجب القانون المؤرخ في 30/08/1947 المتعلق بتطهير المهن التجارية وضع منع عام من ممارسة التجارية بالنسبة لفئات الأشخاص الذين وقعت عليهم بعض العقوبات وذلك بالنظر إلى مدة العقوبة النهائية وهي ثلاثة أشهر حبس نافذة على الأقل و النظر لنوع الجرم المعاقب عليه وهو كل جرم شنيع و شائن أو مخل بالشرف.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif[/IMG]


(1)رفع مبلغ الغرامة من 10.000 دج إلى 100.000 دج بموجب المرسوم التشريعي رقم 93-08 المؤرخ في 25/04/1993.
(2)د.صبحي عرب، المرجع السابق، ص 38.
وكذلك الأشخاص الذين صدرت ضدهم إجراءات عقابية جنائية وكذالك بالنسبة لجرائم الأموال …إلخ(1).
و في حالة ممارسة النشاط التجاري و تقع إحدى العقوبات المذكورة سلفا على التاجر فإنه يمكن للمحكمة حرمانه من نشاطه على أن لا يقل الحرمان عن 05 سنوات و يسري هذا الحرمان إلى حد كل وظيفة تسير أو إدارة شركة تجارية أو صناعية مهما كان شكلها القانون(2)، وأن شطب التاجر من السجل التجاري أو من إدارة الشركة يجب أن يكون صادر مباشرة من الجهة القضائية الناطقة بالعقوبة، و ممارسة التجارية من طرف شخص معاقب يشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
الحالة الثانية: حالة الأشخاص الذين شهر إفلاسهم ولم يرد اعتبارهم: بالرجوع إلى نص المادة 366 ق.ت، والتي تنص في فحواها أنه « لا يقبل رد الاعتبار … للأشخاص المحكوم عليهم في جناية أو جنحة مادام من آثار الإدانة منعهم من ممارسة مهنة تجارية أو صناعية …»، و تجدر الإشارة أنه من يحدد مدة المنع هو القاضي على أن لا تكون أقل من 05 سنوات و يجوز في هذه الحالة طلب رد الاعتبار.
أما بخصوص المفلس فإن المنع من ممارسة التجارية ينشأ بقوة القانون و يمتد إلى حين رد الاعتبار أو قد يرد الاعتبار بقوة القانون في الحالة التي يوفي فيها التاجر كل مبالغ المدين وهذا ما نصت عليه المادة 358 ق.ت.
كما أنه يمكن رد الاعتبار التاجر المفلس إذا أثبت استقامته وذلك سواء بإبراء الدائنين له من جميع الديون أو الموافقة الجماعية على رد الاعتبار و إما بموجب صلح(3).
وإن الإفلاس الشخصي في النظام الفرنسي والذي جاء به القانون المؤرخ في 25/01/1985 يوقع على التجار و الحرفيين و كذا المسيرين و المراقبين سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة، شركة تجارية، أو مقاولة حرفية أو الشخص معنوي ذو طابع اقتصادي، وبعض النظر عن تقرير الإفلاس الشخصي رغم شدته فإنه يمكن للمحكمة الحكم على التاجر في حالات خاصة سقوط بعض الحقوق و هو ما يشكل نوع من القطع اليسير و الأقل خطرا كالمنع من التسيير الإداري أو الرقابة سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة(4).

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image006.gif[/IMG]


(1)TRAITE de droit commercial GEORGES- RIPERT-RENEROBLOT Tome 1, 16e Edition par Michel GERMAIN, p 160.
(2) TRAITE de droit commercial – Même ouvrage, p 160.
ويصل حتى إلى وظائف أعضاء مجلس الرقابة أو محافظي الشركات، وقد تم توسيع هذا الحرمان إلى نشاط الممثلين التجاريين.
(3)أنظر في هذا الشأن المادة 359 ق.ت، د. فرحة زراوي صالح: الكامل في القانون التجاري الجزائري، الجزء الأول، الأعمال التجارية، التاجر، ص 193.
(4) TRAITE de droit commercial – Même ouvrage, p 161.

وقد ذهب التشريع الفرنسي إلى حد المنع من مزاولة النشاط التجاري بسبب الشهر الجبائي للأشخاص الذين وضعت ضدهم شكوى من طرف الإدارة الضريبة في الحالات المنصوص عليها في المواد 1741 و 1743 من القانون العام للضريبة CGI الفرنسي يمكن أن يتعرضوا للمنع المؤقت من مزاولة نشاط التجاري أو صناعي مباشرة أو عن طريق أشخاص آخرين لحسابهم، أو لحساب الغير.
وإن قانون 21/10/1957 أعطى أكثر ضمانات للأشخاص المتهمين كون أن المنع المؤقت الصادر بقرار وزاري بعد أخذ رأي لجنة يرأسها المحافظ إلا أنها تصبح نهائية قانونا في حالة صدور حكم بالعقوبة من المحكمة بغرامة أو بالسجن(1).*
الفرع الثالث: العوارض القانونية
قبل التطرق لهذه العوارض أو الموانع القانونية المتعلق بممارسة النشاط التجاري يستلزم علينا التفرقة بين الموانع المتصلة بالشخص و الموانع المتصلة بموضوع العمل التجاري فهذه الأخيرة نجدها تتعلق بالنظام العام وهي تخضع لأحكام خاصة فقد يكون سبب المنع فيها راجع لاحتكار الدولة أو الجماعات العمومية لنشاط تجاري معين، وقد يكون سبب المنع مقيد كطلب رخصة إدارية لممارسة هذا النشاط، ومن قبيل هذه الموانع : الأنشطة المنجمية و الاستثناء فيها أنه يجوز البحث عن المواد المعدنية غير الإستراتيجية بعد الحصول على رخصة يسلمها الوزير، كما يمنع ممارسة تجارة المخدرات و الأسلحة كقاعدة عامة.
أما الموانع المتصلة بأهلية الشخص، والتي تجعله رغم بلوغه سن الرشد القانوني و خالي من جميع العوارض السالفة الذكر، إلا أنه لا يسمح له بممارسة العمل التجاري بقوة القانون، ويتعلق هذا المنع ببعض الأشخاص نظرا لمهنتهم، وعليه فإن التجارة ممنوعة على الموظفين العموميين والقضاة «فيمنع على القاضي ممارسة كل وظيفة عمومية أو خاصة تدريجيا، غير أن باستطاعة القضاة ممارسة مهنة التعليم والتكوين طبقا للتنظيم المعمول به»(2).
ويمنع كذلك أصحاب المهن الحرة من بينهم المحامين طبقا لنص المادة 87 من قانون 91-04 ونفس الحكم ينطبق على الموثقيـن المادة 17 من قانون 88-27 (3) كذلك الأمـر بالنسبـة للمحضر


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.gif[/IMG]


(1)TRAITE de droit commercial – Même ouvrage, p 161.
*وقد نصت المادة 362/3 ق.ض.م.ر.م«… في إرتكاب جرائم جناية ينتج عنه حكم فإن القانون أقر بمضاعفة العقوبات وذلك دون الاخلال بالعقوبات الخاصة المنصوص عليها في نص آخر كالمنع من ممارسة المهنة أو السقوط بعض الحقوق.
(2)أنظر المادة 13 من القانون رقم 89-21 المتضمن القانون الأساسي للقضاء، الجريدة الرسمية 13/12/1989، العدد 53.
(3)تنص هذه المادة :« يحظر على الموثق سواء بنفسه أو بواسطة أشخاص أو بصفة مباشرة أو غير مباشرة القيام بعمليات تجارية أو مصرفية، وعلى العموم بكل عملية مضاربة أخرى».
القضائي المادة 15 من قانون 91-03 ونصت المادة 420 من القانون المدني على فقد أهلية الإتجار من تكون حصته في شركة التضامن متمثلة بماله من نفوذ.
وعلى النظير من ذلك فإن التشريع الفرنسي يمنع كل من يزاول وظيفة عامة مدنية أو عسكرية وكذا الضباط و الوزاريين و أعوان العدالة وأعضاء المهن التداولية والمجالس القانونية و الخبراء و المحاسبيين … إلخ من ممارسة نشاط تجاري(1).
لكن السؤال المطروح بخصوص هاته المسألة هو: ما الحكمة التي جعلت مختلف التشريعات من منع هذه الطائفة من ممارسة أنشطة تجارية؟.
لعل الحكمة المتوخاة من هذا المنع مردها التعارض المتوقع حصوله بين ممارسة التجارية و المهنة المكلف بها هؤلاء، وعليه فإن القانون يراعي مصلحة الزبائن بصفة خاصة و مصلحة العموم بصفة عامة، فلو قام الشخص الواقع عليه المنع من مزاولة التجارة رغم التحريم القانوني لها، فلا شك أنه سيستغل وظيفته خدمة لنشاطه التجاري أو اشتغاله بتجارية يكون على حساب وظيفته وفي كلتا الحالتين تكون المصلحة العمومية في خطر(2).
و تجدر الإشارة إلى أنه في حالة زوج أحد الموظفين مارس نشاط تجاري معين فعليه إعلام الإدارة المختصة بذلك حتى يمكنها من اتخاذ التدابير اللازمة بما يوافق فائدة المرفق العام(3) وهذا ما ذهب إليه التشريع الفرنسي.
جزاء مخالفة الحظر القانوني :
إن مخالفة الحظر القانوني يؤدي بصاحبه إلى عقوبات تأديبية تكون إما بإيقاف ممارس النشاط أو شطبه وقد يصل الحد إلى فرض عقوبات جزائية، وأن توقيع هذه العقوبات يكون بعد إثبات صفة التاجر لصالح الشخص الممنوع عليه ممارسة النشاط التجاري وذلك حفاظا على مصلحة الغير المتعامل معه لعدم علمهم بصفته غير القانونية، ومن جهة أخرى حتى لا يتذرع بحجة أنه ليس تاجرا قصد تهربه من الالتزامات التي يكون قد أجراها مع الغير حسن النية، وبالتالي يمكن ترتيب جزاء مخالفته هذا المنع.
كما يمكن شهر إفلاسه، وهذا ما ذهب إليه القضاء الفرنسي عندما اعتبر الموثقين تجارا و شهر إفلاسهم، باعتبارهم قاموا بأعمال بنكية، وقاموا بالمضاربة بأموال مملوكة لزبائنهم «نقض تجاري 02/02/1970»(4).


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]


(1)Précis de droit commercial, Tome 1, commerçants -fonds de commerce- contrats commerciaux effets de commerce, C. dupony, p 76.
(2)TRAITE de droit commercial-même ouvrage, p 160.
(3)Précis de droit commerciale- même ouvrage p 76.
(4) Précis de droit commerciale- même ouvrage p 79.

ملاحظة : منح صفة التاجر للمنوعين لا يعني اكتسابهم حقوق التجار و إنما تحملهم التزامات التجار فقط كجزاء على مخالفتهم الخطر القانوني.

المطلب الثالث
الأجنبي و أهليته التجارية

إن أغلب التشريعات العالمية كانت في وقت ما تمنح للأجانب امتيازات لممارسة النشاط التجاري دون أي قيد أو أي عراقيل، فالجزائر بعد استقلالها وقعت عدة اتفاقيات تجارية و صناعية منحت للأجانب بموجبها امتيازات على حساب المواطن وذلك تحقيقا لمبدأ المساواة بين الأجنبي و المواطن، ونفس النهج نلتمسه في النظام الفرنسي القديم خاصة في نظام الطوائف إذ كان يسمح للأجنبي بممارسة تجارة الجملة خاصة اليهود منهم.
ومسألة إطلاق قيد ممارسة التجارية وتقيده على الأجنبي مرده لا محالة إلى الحاجة الاقتصادية و الصناعية للدولة. وهذا ما هو مجسد من خلال السياسة الاقتصادية المنتهجة حاليا و تشجيع الاستثمار، مما يجعل هته القيود و الشروط التي أقرها المشرع في القانون التجاري و القوانين الخاصة في تلاشي مستمر.
الفرع الأول
شروط ممارسة الأجنبي للتجارة

إن أول شرط يجب توفره في الأجنبي هو بلوغه سن التاسعة عشر من عمره وذلك حتى يكون أهلا لمباشرة التجارة و حتى تسري عليه القوانين المتعلقة بالأهلية متى توفرت فيه شروطها.
وإن القانون الجزائري هو المرجع الوحيد في تكيف العلاقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين لمعرفة القانون الواجب التطبيق(1) و السبب في ذلك هو رغبة المشرع في التسوية بين جميع الأشخاص البالغين و عدم تقرير حماية خاصة للأجنبي(2)، ونفس الحكم أقرّ به المشرع المصري في المادة 04 من ق.ت.إذ يعتبر الأجنبي الذي بلغ 21 سنة عاقلا رشيدا، كامل الأهلية لمباشرة التجارة حتى ولو كان طبقا لقانون دولته قاصرا أو ناقص الأهلية(3).


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gif[/IMG]


(1)أنظر المادتين 06 و 09 من القانون المدني الجزائري.
(2)د.أحمد محرز-المرجع السابق- ص 127.
(3)ونص التشريع المصري في مادته 05 ق.ت «حكما خاصا بالسيدات المتزوجات الأجنبيات فقررت الرجوع إلى قانون الوطني لأحوالهن الشخصية.



























وإذا كان حال التشريعين الجزائري و المصري كما هو عليه فإن التشريع الفرنسي جاء بأحكام متميزة نوع ما، فنجده مثلا يأخذ بنظام المعاملة بالمثل-وإن كان هذا النظام تأخذ به كثير من الدول- ويستبعد تطبيق هذا النظام في حالة وجود اتفاقيات دولية مثل : الاتفاقية الإيطالية الفرنسية لسنة 1948 المبرمة في 23/08/1951، التي تعفي الإيطاليين من ضرورة الحصول على بطاقة التاجر الأجنبي، ويتميز التشريع الفرنسي كذلك أنه يحدد عن طريق التنظيم نسبة معينة للسماح بالتواجد الأجنبي الصناعي و التجاري، وذلك بعد أخذ رأي الغرفة التجارية و التجمعات الاقتصادية للمنطقة المعينة، كما تراقب السلطات العمومية الاستثمارات الكبرى المقامة في فرنسا من طرف أشخاص طبيعية تقيم مركز إقامتها المعتاد بالخارج.
الحصول على بطاقة التعريف المهنية(1): القيد الذي يجب أن يخضع له الأجنبي يجب أن يكون تحت نظام الحيازة النظامية للبطاقة « التاجر الأجنبي » وللحصول على هته الأخيرة يجب إيداع الطلب لدى الغرفة بإرسال الملف إلى الولاية لدراسته خلال مهلة شهرين من تاريخ الإيداع، وبعد الحصول على البطاقة المهنية يقيد في السجل التجاري بنفس الإجراءات المطبقة على الوطني باستثناء إحضار بطاقة الإقامة على التراب الجزائري.
وتجدر الإشارة إلى بطاقة التاجر الأجنبي تسلم من طرف الوالي المختص إقليميا و صلاحيتها محددة بمدة سنتين قابلة للتجديد حسب نفس الأوضاع المحددة لتسليمها، وفي الحالة التي يغادر فيها الأجنبي التراب الوطني سواء بصفة نهائية أو توقف عن ممارسة نشاطه التجاري، فهنا يتعين عليه إعادة البطاقة للسلطة التي قامت بتسليمها له، وعليه أن يمارس نشاطه التجاري داخل إقليم الولاية التي تم فيها استخراج البطاقة.
وبخصوص منح بطاقة التاجر الأجنبي في التشريع الفرنسي أو تجديدها فإنه يختص بها رئيس الدائرة، وفي حالة رفض الطلب يجب أن يكون القرار مسبب طبقا للقانون 11/07/1979 المتعلق بتسبيب القرارات الإدارية.
وبصدور المرسوم المؤرخ في 12/11/1938 المتعلق ببطاقة التاجر، نجده قد ألغى هذه البطاقة بالنسبة لمواطني المجموعة الأوروبية وعليه أصبح بإمكان مواطنو المجموعة ممارسة جميع الأنشطة التجارية في فرنسا، دون حاجة إلى بطاقة التاجر الأجنبي(2).


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image008.gif[/IMG]


(1)تتضمن هذه البطاقة اسم ولقب صاحبها-تاريخ و مكان الازدياد-الجنسية-رقم بطاقته وعنوانه الشخصي- عنوانه المهني-مدة صلاحية البطاقة-تاريخ تسليم البطاقة-خاتم و توقيع السلطة التي قامت بالتسليم…إلخ.
(2)Précis de droit commercial-même ouvrage, p74.



الفرع الثاني
مسقطات ممارسة الأجنبي للتجارة

تكمن هذه المسقطات بغض النظر عن ما ذكر سالفا بخصوص العوارض التي تصيب أهلية الشخص، في سحب بطاقة التاجر الأجنبي سواء بصفة نهائية أو مؤقتة مع اتخاذ تدبير الطرد في الحالات التالية:
-الإدلاء ببيانات كاذبة للحصول على بطاقة- إذا أعلن إفلاسه أو تعرض للتسوية القضائية- إذا تعرض للإدانة موصوفة كجناية أو جنحة- إذا تغيب عن التراب الوطني لمدة تعادل ستة أشهر- إذا سحب منه السجل التجاري- إذا مارس نشاط مخالف للنشاط المذكور في بطاقته، إذا مارس نشاطه في خارج الحدود الإقليمية(1).
وقد أورد التشريع الفرنسي بعض القيود على ممارسة الأجنبي للنشاط التجاري تتمثل في : منع الأجانب من ممارسة بعض الأنشطة التجارية خاصة تملك السفن الفرنسية أو الطائرات و عقود الإمتياز المتعلقة بالطاقة المائية و المرافق العمومية، و امتلاك محلات المشروبات الروحية و الصناعات الحربية، كما أنه وضع نظام خاص للأجانب بخصوص النشاطات المتعلقة بالتأمينات، حيث يشترط إثبات الإقامة لمدة 5 سنوات على الأقل في فرنسا(2).












[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image009.gif[/IMG]


(1)د.فرحة زراوي صالح-المرجع السابق-ص 187.

(2)TRAITE de droit commercial, G.RIPERT / R. ROBLOT Tome 1, p162.


المبحث الثاني
النظام الخاص بالأهلية التجارية
بعد التطرق لنظام الأهلية التجارية وفق منظار قانوني عام، و الإقرار أن مناط أحكامها بصفة عامة مردها الشريعة العامة و بعض فروعها كقانون الأسرة، وبعد الإقرار كذلك أن القانون التجاري وبعض الأنظمة أو فروع التشريع أحكمت هي الأخرى القواعد العامة التي تضبط الأهلية وما ينتج عنها من آثار قانونية، فإننا وأمام هذا الطرح لا يجب الأخذ بهذا النظام العام على إطلاقه باعتبار أن القانون المدني و القانون التجاري أوردا كذلك نظام قانوني خاص لتأهيل الفرد لممارسة التجارة بمختلف حالته- وطني أو أجنبي- و مختلف أجناسه – ذكر أو أنثى – متزوج و غير متزوج.
المطلب الأول
أحكام القاصر التاجر

إن الأحكام الواجب تطبيقها على القاصر التاجر هي أحكام المادتين 05 و 06 من القانون التجاري الجزائري، وبدورهما التشريعين المصري و الفرنسي أوردا أحكام خاصة بالقاصر التاجر.
الفرع الأول
ترشيــد القاصـــر

إن الترشيد ينجم عن حالات معينة إما من الزواج أو من إذن الأبوين أو قرار من مجلس العائلة وكل ذلك مع إذن القاضي، ومن المنطقي أي يكتسب القاصر المرشد الأهلية المدنية، لكن لا يحق له مزاولة التجارة إلا بعد اكتمال سن الثامنة عشر من عمره، و يطرح السؤال بخصوص الحكمة التي جعلت المشرع يحدد سن الترشيد بـ 18 سنة؟.
لعل الحكمة من تحديد السن التجارية راجع للسياسة العقابية المنتهية في الجزائر والتي حدد بموجبها المشرع الجزائي السن العقابية بـ18 سنة طبقا لنص المادة 50 من ق.ع.ج، باعتبار أنه عند ترشيد القاصر البالغ من العمر 18 سنة يكون كامل الأهلية لممارسة التجارة سواء بصفة مطلقة أو مقيدة وباكتمال أهليته تجعله يكتسب حقوق التجار و يلتزم بالتزاماتهم وبالنظر للمخاطر التجارية المعرض لها التجار سواء بشهر إفلاسهم أو توقيع عقوبات جزائية عليهم، فإنه من غير المنطقي فرض عقوبات أو توقيعها على قاصر مرشد لم يكتمل السن العقابية وهي 18 سنة.
وقد أصاب المشرع عندما وحدّ بين أهلية القاصر التجارية و الأهلية العقابية وهذا ما نأمل حصوله بخصوص توحيد أهلية التقاضي المقررة في القانون المدني مع مختلف فروع القوانين.
وعلى غرار التشريع الجزائري فإن المشرع المصري قرر للقاصر البالغ من العمر 18 سنة أن يطلب الإذن له بممارسة التجارة، و قد طرح الفقه المصري إشكالية الإذن للولي أو الوصي على القاصر الذي لم يبلغ 18 سنة الاتجار لحساب القاصر(1)، هناك رأيان بخصوص هذه الإشكالية:
الرأي الأول: قيل بجوازية الإذن للولي أو الوصي بإنشاء تجارة جديدة بمال القاصر و حجتهم في ذلك نصوص قانون الولاية على المال فالمادة 39/05 تجيز للوصي بعد إذن المحكمة أن يستثمر أموال القاصر، والاستثمار لفظ واسع إذ يشمل الأعمال التجارية، وقد ذهبت المذكرة الإيضاحية إلى إمكان استغلال مال القاصر في شراء أسهم و سندات.
الرأي الثاني: يتجه إلى عكس ذلك إذ لا تستطيع المحكمة الإذن للولي أو الوصي بإنشاء تجارة جديدة بمال القاصر.
أما المشرع الفرنسي فرغم الاختلاف و التذبذب الذي كان حاصلا في تشريعه استقر على سن الترشيد للممارسة التجارية بـ: 18 سنة وذلك بموجب قانون 05/07/1974.
وقد طرح إشكال آخر في الفقه المصري بخصوص القاصر الذي يرث تجارة قائمة فعلا فهل تصفي هذه التجارة خاصة إذا كانت ناجحة و مزدهرة أم تظل قائمة ؟
أقر التشريح المصري خلاف التشريع الجزائري أنه و بالنظر لقانون الحسبة لسنة 1965 المادة 33 منه التي تجيز الاستمرار في التجارة دون التفرقة بين الولي و الوصي، وأكدت المادة 11 من قانون 1953 على أنه يجوز للولي أن يستمر في تجارة آلت إلى القاصر بشرط إذن المحكمة بذلك.
الحصول على الإذن من والده أو أمه أو على قرار من مجلس العائلة مصدق عليه من المحكمة فيما إذا كان والده متوفى أو غائبا أو أسقطت عنه سلطته الأبوية أو استحال عليه مباشرتها أو في حالة عدم وجود الأب و الأم.
ويكون الإذن بمزاولة التجارة إما عاما وإما مقصورا على بعض العمليات التجارية، لكن هل يجوز إلغاء الإذن ؟ بالرجوع إلى المادة 84 من ق. الأسرة، و قياسا عليها فإنه يجوز ذلك حماية لمصلحة القاصر، وبالتالي يسمح للقاضي الرجوع في الإذن.


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image010.gif[/IMG]


(1)د.عوض علي جمال الدين، المرجع السابق، ص 71.

و نلاحظ أن المشرع عندما أسند طلب الترشيد إلى قرار مجلس العائلة في حالة غياب الأب و الأم، فإن قانون 1959 المنظم للأحوال الشخصية الجزائريين المسلمين و المعروف بقانون «السيدة قارة » الذي كان ينص على مجلس العائلة، فإن هذا القانون قد ألغى كبقية القوانين المورثة عن عهد الاستعمار ابتداء من 05/07/1975، وهذا ما يستدعي إعادة النظر في هذه المادة(1).
أما بالنسبة للتشريع المصري فإن الإذن الممنوح من المحكمة الجزئية يكون إذا لم يتجاوز المبلغ 3000 جنيه و يكون من المحكمة الابتدائية إذا جاوز هذا القدر وأن المحكمة المختصة محليا هي محكمة موطن الولي في مواد الولاية(2).
ويجب أن يكون الإذن مكتوب حتى يرفق بطلب القيد في السجل التجاري كما يجب أن تكون الكتابة رسمية(3) المادة 06 من قانون 90/22 ومعنى ذلك أن الإذن الذي يأتي في ورقة عرفية ولا يؤخذ به.
القيد في السجل التجاري: يعتبر من الالتزامات التي يخضع لها التجار إذ بعد القيد بمثابة إشهار موجه للإعلام الغير بأن التاجر قاصر، وفي حالة عدم القيد في السجل التجاري فإن القاصر لا يكتسب صفة التاجر ولا يمكن له التمسك بهذه الصفة إزاء الغير.
*وينتج عن ترشيد القاصر لممارسة التجارة مجموعة من الآثار منها:
-إكتساب القاصر المهنة التجارية.
-لا تكون أعماله صحيحة إلا إذا كانت داخل الإذن الممنوح له.
-إكتساب صفة التاجر.
-يعتبر القاصر المأذون له كامل الأهلية التجارية(4).
الفرع الثاني
حكم القاصر غير المؤهل

إذا مارس القاصر نشاطا تجاريا بالرغم من عدم توافر فيه شرطا من الشروط المطلوبة قانونا، فإنه لا يكتسب هذا القاصر صفة التاجر، وعليه لا يمكن تطبيق أحكام القانون التجاري عليه. لكن السؤال المطروح ما مصير الأعمال التجارية التي قام بها القاصر التاجر غير المؤهل قانونا؟

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gif[/IMG]


(1)أ.علي بن غانم، الوجيز في القانون التجاري و قانون الأعمال (الجزء الأول) ص 149-150.
(2)د.عوض علي جمال الدين، المرجع السابق، ص 70.
(3)بالنسبة للأموال العقارية فقد حظر المشرع على القاصر المأذون له التجارة التصرف في هذه الأموال إلا بإتباع الإجراء المتصلة ببيع أموال لقصر أو عديمي الأهلية وذلك ضمانا من المشرع ليكفل به حماية أموال القاصر. المادة 6 من ق.ت
(4)د.مصطفى كمال طه، القانون التجارية مقدمة، الأعمال التجارية، التجار الشركات التجارية، دار الجامعة الجديدة للنشر 1995، ص 133.
إذا كان العمل صادرا من غير مرشد: هنا العمل يكون من شخص عديم الأهلية لكنه إذا حصل على الترشيد دون بلوغه سن 18 سنة ولم يحصل على الإذن القانوني المطلوب مسبقا فإنه يعتبر قادرا على القيام بالأعمال المدنية، لكنه عديم الأهلية بالنسبة للأعمال التجارية(1)، وتكون أعماله باطلة مطلق، أما بالنسبة للأعمال المدنية فيكون البطلان نسبي فيها.
أما العمل الذي قام به القاصر دون قيد الإذن في السجل التجاري فإن القاصر لا يجوز له التمسك بعدم القيد، لأن ما قام به يعتبر عمل تجاري وذلك حماية للغير إلا أنه لا يكتسب صفة التاجر، كما أنه لا يجوز له التمسك بالأعمال التجارية بالتبعية وإنما تبقى أعماله المدنية صحيحة.
و تجدر الإشارة إلى أن السفتجة التي توقع من القصر الذين ليسوا تجارا تكون باطلة بالنسبة لهم دون أن ينال ذلك من الحقوق المكتسبة لكل من الطرفين المادة 393.ق.ت(2).

المطلب الثاني
حالة القاصر الأجنبي

إن التشريع الجزائري فرض تطبيق القانون الجزائري على الأجنبي ولو كان طبقا لقانون دولته ناقص الأهلية، بحيث تسري عليه القوانين المتعلقة بالأهلية متى توفرت فيه الشروط المنصوص عليها، والأكثر من ذلك فقد ذهب المشرع عندما نص في المادة 10 من ق.م:«أن التصرفات المالية التي تعقد في الجزائر و تنتج آثارها فيها، فإذا كان أحد الطرفين أجنبي ناقص الأهلية وكان هذا النقص لا يسهل تبيانه، فإن هذا السبب، لا يؤثر في أهليته، وفي صحة التعامل».
فإذا تعامل جزائري مع أجنبي على التراب الجزائري، وكان هذا الأخير قاصرا الأمر الذي يصعب معه تبيان حالة القصر التي هو عليها وهذا قبل التعامل، فإن التصرف سواء كان تصرفا مدنيا أو تجاريا، تكون آثاره صحيحة، وعليه فالأجنبي القاصر يخضع لأحكام القانون التجاري و يمكن له طلب الإذن لممارسة التجارة.




[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image011.gif[/IMG]


(1)د.فرحة زراوي صالح، المرجع السابق، ص 196.
(2)د.راشد راشد، الأوراق التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون الجزائري، ديوان المطبوعات الجزائرية الطبعة الثانية 1994، ص 27..

وبالرجوع إلى التشريع المصري الذي يعامل الأجنبي القاصر معاملة خاصة وقاسية وذلك من خلال الحالة التي يكون بالغا فيها 18 سنة ويكون رشيدا في قانون بلده فلا يمكن له الإتجار في مصر إلا بإذن من المحكمة الابتدائية المصرية و الحكمة من ذلك حتى لا يتعارض ذلك مع مصالح البلاد المصرية، وعليه فليس المقصود هو حماية الشخص لذاته بل حماية المصالح الوطنية و ينتج عن ذلك: أن المحكمة متى أعطت الإذن فلا يكون لها أن تراقب القاصر الأجنبي المأذون له بقصد الإطمئنان على حسن تصرفه، ولهذا لا يكون لها أن تلبسه الإذن أو تحد منه إذا رأت أنه يفرط في حقوقه، وهذا خلاف الوضع بالنسبة للقصر المصريين(1).
أما الحالة التي يكون القاصر البالغ 18 سنة يعتبر قاصرا في قانون بلده وجب الرجوع هنا إلى قانون فإذا قضى أنه لا يجوز الاشتغال بالتجارة وجب احترام هذا الحظر وعليه لا يسمح له بالاتجار في مصر.
أما التشريع الفرنسي فبالرجوع إلى القواعد العامة أقر بتطبيق قانون بلد الأجنبي القاصر، لكن الاجتهاد الفرنسي رفض هذا الحل على أساس أن الشروط القانونية للأهلية التجارية مقررة لمصلحة التاجر كما لمصلحة المتصرفين معه، فهي تتعلق إذا بشروط ممارسة المهنة التجارية في فرنسا، إذن يجب تطبيق القانون الفرنسي وهذا ما تأخذ به الإدارة قيما يتعلق برخص الأنشطة التجارية الأجنبية في فرنسا ولا يستبعد القانون الفرنسي إلا في حالة الأعمال المنفردة(2).

المطلب الثالث
أهلية المرأة المتزوجة

إن التنظيم المطبق على ممارسة المرأة المتزوجة للنشاط التجاري المنفرد قد تطور تشريعيا بشكل كبير، فكانت المرأة المتزوجة طبقا لقانون 1804 ق.م، عديمة الأهلية مما تطلب الأمر تخفيف القاعدة لتمكينها من مزاولة التجارة فقرر هذا القانون في حالة كون المرأة «بائعة عمومية» أنه لا يلزمها رخصة خاصة من زوجها بل يكفي رخصة عامة تسمح لها بالقيام بجميع التصرفات والأعمال القانونية عدا رفع دعوى أمام القضاء، وقد أخذ القانون التجاري نفس الأحكام في قانون 13/07/1907 وذلك من خلال فصل ذمة المرأة المتزوجة عن أموال زوجها، إلا أن هذا التطور جاء


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image012.gif[/IMG]


(1)د.عوض علي جمال الدين، المرجع السابق، ص 71.
(2)TRAITE de Droit commercial GEORGES-RIPERT-RENE.ROBLOT. même ouvrage, p158.

بصفة بطيئة وهذا ما نستخلصه من المادة 04/02 من ق.ت الفرنسي « على أن المرأة لا تعتبر تاجرة إذا كانت لا تقوم سواء بنشاط جزئي لسلطة زوجها التجارية(1) وعلى غرار التشريع الفرنسي نجد أن المشرع الجزائري طبق هذه القاعدة في المادة 07 « لا تعتبر المرأة المتزوجة تاجرة إذا كان عملها ينحصر في البيع بالتجزئة للبضاعة التابعة لتجارة زوجها».بموجب الأمر 1975 وقد عدلت هذه المادة بموجب الأمر رقم 96-27.

الفرع الأول
شروط ممارسة الزوجة للتجارة

بالنظر إلى المادتين السابعة و الثامنة من القانون التجاري، والتي أقر فيها المشرع بصورة دقيقة وغير مبهمة الأهلية الكاملة لمباشرة المرأة المتزوجة دون أي قيد شأنها في ذلك شأن الرجل تماما.
وكشرط لاكتساب المرأة المتزوجة صفة التاجر أن لا ينحصر عملها في بيع البضائع التابعة لتجارة زوجها، وهذا راجع لضرورة ممارسة التجارة على وجه الاستقلال إذ لا يعتبر تاجرا إلا الشخص الذي يباشر الأعمال التجارية بصفة احترافية لحسابه الخاص وباسمه الشخصي(2)، وإلا اعتبرت مجرد مستخدمة إذا كانت عاملة في متجر زوجها.
كما يشترط قيد نفسها في السجل التجاري بحيث أنها لا يمكن لها أن تتمسك بصفة التاجر إزاء الغير في حالة عدم القيد في السجل التجاري (3) والقيد هنا قرينة على أنها تمارس تجارة منفصلة عن تجارة زوجها.
وما يمكن ملاحظته أن المشرع الجزائري لم يشترط إذن الزوج كشرط لممارسة المرأة المتزوجة التجارة، وهذا تجسيدا لأحكام الشريعة وخوفا من مخالفة أحكامها التي تقر بمبدأ فصل الذمة، وعلى هذا النهج سار كل من القانون السوري و القانون المصري و الأردني، على التشريع



[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image013.gif[/IMG]


(1)تجدر الإشارة أن هذه القاعدة عرضت تطبيقا قضائيا لمدة أكثر من قرن ونصف، وللإشارة كذلك أن الشريعة الإسلامية عرفت مبدأ فصل الذمم بين الزوجين قبل مختلف التشريعات العالمية، وهذا ما استقر عليه المشرع الجزائري بشكل واضح في تعديله للمادة 07 ق.ت بموجب الأمر رقم 96-27 المؤرخ في 09/12/1996.
(2)د.نادية فضيل، القانون التجاري- الأعمال التجارية – ديوان المطبوعات الجامعية- الجزائر، طبعة 1994 ص 23.
(3)أنظر المادة 22 من قانون التجاري الجزائري.

اللبناني في مادته 11/1 من القانون التجاري التي تنص على أن « المرأة المتزوجة مهما تكن أحكام القانون الشخصي الذي تخضع له لا تملك الأهلية التجارية إلا إذا حصلت على رضى زوجها الصريح أو الضمني»(1).
إلا أن هناك بعض الإشكالات المطروحة في تطبيق هذه المادة و تتعلق بـ:
-مدى اشتراط الإذن في ممارسة التجارة أو المتابعة في ممارستها قبل الزواج:في هذه الحالة يكون الإذن لازما على اعتبار أنه يدخل ضمن الشروط المتصلة برضى الطرفين قبل الزواج سواء تعلق المرأة بممارسة التجارة أو أي وظيفة أو مهنة أخرى.
وفي نفس السياق هل يشترط الإذن بممارسة التجارة في حالة دخول الزوجة في شركة تضامن وكان زوجها شريكا فيها ؟
ذهب رأي من الفقه إلى ضرورة اشتراط الإذن وذلك خوفا من المخاطر التجارية خاصة الإفلاس منها وما قد يسببه من أعباء على النفقة العائلية، خاصة إذا علمنا أن شركة التضامن المسؤولية فيها تضامنية وغير محدودة فيسأل الشريك فيها على حصصه في الشركة وأمواله الخاصة. إلا أن الفقه الحديث يرى أن هته الأحكام أصبحت بالية وهذا لما يتطلبه الاقتصاد الحديث ودخول المرأة بجانب الرجل في ميدان العمل(2).
أما الإشكال الثالث فيتعلق بالإذن المطلوب من طرف الأب أو الأم أو مجلس العائلة لممارسة القاصر التجارة، فعلى فرض أن الزوجة تزوجت ببلوغها سن 18 سنة أي السن القانونية للزواج و أرادت ممارسة التجارة، فمن المعلوم أنه يلزمها إذن خاص لتأهيلها لذلك فالسؤال المطروح ممن تطلب هذا الإذن أو بالأحرى من له الحق في إسناد إذنه أمام رئيس المحكمة هل الأب أو من له الحق في ذلك أي الأشخاص المذكورين في المادة 05 ق.ت. أم الزوج باعتباره مسؤولا عنها. وأنه هو من يشترط طاعته و أن الولاية تنتقل إليه إذا كانت قاصرة أم أن بزواجها ترشد لممارسة التجارة؟
في غياب نص دقيق أو اجتهاد قضائي يفك لنا هذه الإشكالات ما علينا إلا التقيد بحرفية نص المادة 5 من ق.ت، وعليه الإذن المطلوب لتأهيل القاصرة المتزوجة لممارسة التجارة يكون إما من الأب أو الأم أو مجلس العائلة.


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image010.gif[/IMG]


(1)د. محمد فريد العوني، القانون التجاري اللبناني ،الجزء الأول، مقدمات نظرية العمل التجاري، الدار الجامعية للطباعة و النشر بيروت ص.ب. 9333، الطبعة الأولى، 1983
(2)د.إلياس ناصف الكامل في القانون التجارة، الجزء الأول، بيروت سنة 1985،ص 13.

وقد أقر التشريع الفرنسي في صياغته الجديدة للمادة 223 ق.ت أن كلا الزوجين يستطيع ممارسة مهنة و الحصول على ربحها أو أجرتها والتصرف في مداخله بعد وفائه بالتزاماته الأسرية وعليه فالزوج أو الزوجة الذي ينشئ محلا تجاريا أو يتحصل عليه أثناء فترة الزواج يخول وحده سلطة استغلاله إلا إذا كان إنشائه أو الحصول عليه بالأموال المشتركة طبقا للمادة 1421/3 وهنا يتطلب اشتراك لزوجين مثال نقل الملكية أو إنشاء حق عيني متعلق بمحل تجاري مشترك(1).

الفرع الثاني
الآثار ممارسة المرأة المتزوجة للتجارة

نصت المادة الثامنة 8 من القانون التجاري على أنه « تلتزم المرأة التاجرة شخصيا بالأعمال التي تقوم بها لحاجات تجارتها، ويكون للعقود بعوض التي تتصرف بمقتضاها في أموالها الشخصية لحاجات تجارتها، كامل الأثر بالنسبة للغير»، ويستفاد من هذا النص أن المرأة المتزوجة تعتبر تاجرة كبقية التجار تلتزم بجميع التزاماتهم و تكتسب نفس حقوقهم وعلى وجه الخصوص القيد في السجل التجاري التي تسري على التجار ومن بينها أحكام الإفلاس والتسوية القضائية(2).
إضافة إلى الآثار المذكورة سلفا نجد أن التشريع الفرنسي يرتب آثار عن الالتزامات المهنية للزوج التاجر، إذ يمكن تنفيذ هذه الالتزامات على أمواله دون أموال الزوج الأخر، غير أنه يمكن متابعة وفاء ديون أحد الزوجين لأي سبب كان هذا الدين أثناء الحياة المشتركة وهنا يمكن متابعته على أموال الزوج الآخر إلا إذا كان هناك غش أو سوء نية من الدائنين وبهذا فحق استفاء الدائنين لديونهم على الأموال المشتركة محدودة بنوعين من الأموال التجارية خطيرين على الذمة الأسرية وهما الكفالة و القرض 1415 ق.م، فإذا قام بهما الزوج التاجر بصفة منفردة فيقع العمل صحيحا ولكنه ملزم لمن قام به وحده، أما إذا تمت الكفالة أو القرض بالرضى الصريح للزوج الأخر فضمان الدائنين يشمل الأموال المشتركة للزوجين وهذا ما استقر عليه التشريع الفرنسي.



[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image014.gif[/IMG]


(1)الذمة المشتركة المنصوص عليها في المادة 1421 فقرة 2 من ق.م الفرنسي تكرس الاستقلالية المهنية لكلا الزوجين وذلك بتخويلها لأي زوج يمارس مهنة منفصلة التسيير الاستئثاري (المنفرد) للأموال المهنية، وأدى هذا إلى ظهور ما يعرف بالأموال المخصصة لممارسة المهنة والتي ينظمها قانون خاص موازاة مع النظام المالي للزوجين.
(2)د. فرحة زواوي صالح، المرجع السابق، ص 203.

الفصل الثاني :
الأهلية التجارية للشخص المعنوي

بعد دراسة أهلية الشخص الطبيعي التجارية في الفصل الأول، والتعرض لمختلف أحكامها العامة والخاصة، و الشروط التي تضبط أهلية هذا الشخص في ممارسة العمل التجاري وما ينتج عنها من آثار، فإنه وبمقابل ذلك سنتعرض في هذا الفصل إلى دراسة أهلية الشخص المعنوي التجارية باعتباره كيان قائم بذاته وله نظام قانوني خاص به يضبط مفهومه وأحكامه.
وأن دراسة الشخص المعنوي في هذا الفصل، لا تكون بصورة أعم بالقدر الذي تكون فيه مقتصرة على أهليته كخاصية من خصائص تكوينه، وتنحصر دراسة أهليته بدورها في أهلية ممارسته للتجارة سواء بصفته شخص معنوي عام أو خاص.
وعليه تكون الدراسة وفق الخطة التالية:
المبحث الأول: الشخص المعنوي العام
المطلب الأول: المؤسسات التجارية التابعة للقطاع العام
المطلب الثاني:الشخص المعنوي الأجنبي
المطلب الثالث: مسؤولية الشخص الاعتباري العام

المبحث الثاني: الشخص المعنوي الخاص
المطلب الأول: أهلية الشركة
المطلب الثاني: أهلية الشركاء
المطلب الثالث: الآثار الناجمة عن أهلية الشركة









المبحث الأول
الشخص المعنوي العام

يعرف الشخص المعنوي على أنه :« مجموعة الأشخاص أو الأموال التي تهدف إلى تحقيق غرض معين، ويعترف القانون له بالشخصية القانونية، بالقدر اللازم لتحقيق ذلك الغرض».
وأنه وبمجرد ثبوت الشخصية القانونية للشخص المعنوي، تكون له أهلية وجوب وأهلية أداء كاملة، ومن تم يكون له اكتساب حقوق وتحمل إلتزامات شأنه في ذلك شأن الشخص الطبيعي الذي يتمتع بالأهلية القانونية، كما أن الشخص المعنوي يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في حدود التي يقررها القانون، وتجدر الإشارة إلى أن أهلية أداء الشخص المعنوي يعينها ويحددها سند إنشائه أو يقررها القانون.
وتنقسم الأشخاص المعنوية إلى أشخاص معنوي خاصة وأشخاص معنوية عامة وقد ذكرها المشرع الجزائري في المادة 49 ق.م على سبيل المثال، وذلك ما يستنتج من الفقرة الأخيرة «..وكل مجموعة التي يمنحها القانون الشخصية الاعتبارية».
وإن ما يهمنا في هذا المبحث هو أهلية الشخص المعنوي العام وكيفية إكتسابه الأهلية التجارية و ممارسته للعمل التجاري سواء الوطني منه أو الأجنبي وكذا دراسة المسؤولية الناتجة عن ممارسته لهذا العمل.

المطلب الأول
المؤسسات التجارية التابعة للقطاع العام

باستقراء التشريعات المتعلقة بتنظيم وتسير مؤسسات الدولة، باعتبارها شخص معنوي عام يتمتع بكامل الأهلية اللازمة لمباشرة الأعمال المدنية والتجارية(1).
كما أن النصوص التنظيمية للمؤسسات قد تغير مفهومها على أنماط قانونية عديدة(2) قدر تبرز أجهزة مؤسسات الدولة في شكل شركات المساهمة أو مؤسسات عامة(3).

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image015.gif[/IMG]


(1)وهذا ما تقضي به المادة 50 من ق.م.ج
(2)منها مؤسسات على نمط التشريع الفرنسي، ومؤسسات أخرى تأثرت بالقانون الإشتراكي، المنتهج في وقت ما و مؤسسات سارت وفق النهج الاقتصادي الصناعي التجاري، وهذا ما هو سائد في الوقت الحاضر.
(3)شيخي كمال، أجهزة المؤسسات العامة الاقتصادية في القانون الجزائري، رسالة ماجستير، رقم الايداع 114- 1996، ص: 12 و 13.

وبغض النظر عن شكل المؤسسة أو المشروع المتمتع بالشخصية المعنوية سواء كان على شكل شركة مساهمة، أو مؤسسة اقتصادية صناعية تجارية فإنه يستلزم توافر الأهلية الكاملة لمباشرة أي عمل قانوني كان، والعمل التجاري بالخصوص لكن هل قيام الدولة بتعاطي الأعمال التجارية تعد من التجار ؟ وهل تخضع لأحكام القانون التجاري ؟.
اكتساب الصفة التجارية:
عندما كان دور الدولة في المجتمع بأخذ دور الحارس لم تكن الدولة تتدخل في أمور التجارية وإنما تترك الأعمال التجارية للأشخاص الطبيعيين أو الاعتبارين من القانون الخاص، لكن مع مطلع القرن العشرين و ازدياد دور الدولة في المجتمع وأصبحت تتدخل في الحياة الاقتصادية بطرق مختلفة، وأصبحت أيضا تباشر كثير من أوجه النشاط التجاري للحصول على موارد تنفق منها على مشروعاتها أو لحسن ضمان المرفق أو لسد حاجياتها الخاصة(1).
إذن فهل أن الدولة الولاية والبلدية والهيئات العمومية - أشخاص القانون العام -يكتسبون صفة التاجر إذا قاموا ببعض الأعمال التجارية؟
كقاعدة عامة هذه الجماعات العمومية والهيئات لا تكتسب صفة التاجر، ولا تلزم بمسك الدفاتر التجارية ولا بالتسجيل التجاري، إلا أن أعمالها التجارية تخضع لأحكام القانون التجاري إلا أننا يجب أن نفرق بين حالتين:
الفرع الأول : الجماعات العمومية
الحالة الأولى : عندما تقوم الدولة أو الولاية أو البلدية بتعاطي نشاط تجاري فهي لا تكتسب صفة التاجر، ولا تلتزم بالتزامات التجار(2) والحكمة من ذلك أن العناصر المكونة للدولة الإقليم والشعب والنظام تجعلها بمنأى عن خضوعها لالتزامات التجار(3).
وتلجأ الدولة عادة عندما تريد أن تقوم بنشاط صناعي أو تجاري لحسابها إلى خلق الأداة القانونية لذلك فتؤسس أشخاص معنوية مستقلة عنها، وتخضعها من خلال عقد تأسيسها لأحكام القانون التجاري وتسبغ عليه الصفة التجارية متى كانت هذه الأعمال بطبيعتها من الأعمال التجارية كالنقل و توريد المياه والكهرباء لا سيما وأن الصفة التجارية للعمل لا تستمد من الشخص القائم بها بل من طبيعة العمل(4) وهذا ما هو مقرر قانونا في المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image016.gif[/IMG]


(1)د. فرحة زراوي صالح، المرجع السابق، ص 205.
(2)بعض الدول الأجنبية في قوانينها تنص صراحة أن للدولة الحق في ممارسة العمل التجاري ومثال ذلك القانون المدني الإيطالي في مادته السابعة والقانون البرتغالي في مادته السابعة عشر.
(3)د.صبحي عرب، المرجع السابق، ص 46.
(4)د.مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص 116.

ويذهب الفقه والقضاء الفرنسي إلى أن النظام المطبق في القطاع العام ذات الصبغة الاقتصادية التجارية تحكمه عدة قواعد من بينها أن الحقوق المكتسبة للتاجر تستفيد منها مؤسسات الدولة التجارية عكس الالتزامات فلا تكون خاضعة لقواعد القانون الخاص مما يستنتج أن الدولة لا تكتسب صفة التاجر.
وأن أهلية التعاقد المطلوبة لمباشرة الشخص المعنوي عمله القانوني تصدر من العضو الذي يعبر عن إرادته و تعتبر كأنها صادرة منه(1).
ومن أهم المؤسسات التي تباشر عن طريقتها الدولة العمل التجاري نجد:
المؤسسات العمومية الاقتصادية :
عرف الفقه والقضاء المؤسسة العامة على أنها :« مرفق عام يدار بواسطة منظمة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية، وأنها من أشخاص القانون العام».
وتخضع المؤسسات العمومية الاقتصادية في الجزائر للأمر رقم 95-25 المؤرخ في 25 سبتمبر 1995 المتعلقة بتسيير رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة والذي ألغى القانون رقم 88-01 المؤرخ في 12/01/1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية باستثناء البابين الثالث والرابع.
-وقد تولت الشركة القابضة العمومية تسيير رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة وإدارتها. وتنظم في شكل شركات المساهمة التي تحوز الدولة فيها رأسمالها كاملا، وقد تشترك فيها الدولة وأشخاص معنويون آخرون تابعين للقانون العام، وتنشأ الشركة القابضة بموجب عقد توثيقي حسب الشروط المطبقة على شركات المساهمة، وبالتالي فإنها تخضع للقيد في السجل التجاري وتكتسب الشخصية المعنوية كما أنها تتمتع بالأهلية التجارية.
وبالرجوع إلى المادة 23 من الأمر 95-25 فإنها تخضع مثل هذه المؤسسات إلى القانون العام.
الحالة الثانية : عندما تكون الدولة كشريك في مشروع تجاري مع أشخاص طبيعيين، ففي هذه الحالة يخضع نشاطها لأحكام القانون التجاري لأن الدولة تكون قد تنازلت بمحض إرادتها عن ممارستها لحق السيادة من خلال حصتها في المشروع المنشأ.
وعليه فعندما تقوم الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بأعمال التجارية فإن هذه الأعمال تخضع لأحكام القانون التجاري(2)، إلا بوجود نص يقضي بخلاف ذلك.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image017.gif[/IMG]


(1)د.فتحي عبد الصبور، الشخصية المعنوية للمشروع العام، ص 572.
(2)د.صبحي عرب، المرجع السابق، ص 48.

الفرع الثاني
الهيئــات العموميــة

إن الطبيعة الإدارية للهيئة العمومية في الجزائر يحدد بالاعتماد على المعيار العضوي، فإذا كانت تهدف إلى تحقيق الربح فهي تأخذ بذلك الطابع التجاري والصناعي، وعليه فالهيئات ذات الطابع الإداري كالمستشفيات الجامعات لا ترمي إلى تحقيق الربح فهي تخضع للقواعد المطبقة على الإدارة ولمبدأ الاختصاص(1).
وتجدر الإشارة إلى أن التشريع المصري يذهب إلى اعتبار أن الهيئات العامة ليست كالمشروعات العامة الاقتصادية رغم قيامها بأعمال تجارية و خضوعها لقواعد القانون التجاري(2).

المطلب الثاني
الشخص المعنوي الأجنبي

إن نشأت المؤسسات الوطنية يطرح إشكالية في القانون حول إمكانية هذه المؤسسات التابعة للدولة التي تريد ممارسة التجار في بلد أجنبي، فكأصل عام لا يوجد مانع من مباشرة الدولة للعمل التجاري في بلد أجنبي وذلك رغم الأولوية الممنوحة للمواطنين التابعين لتلك الدولة.
إذن هل تعتبر الدولة تاجرة عندما تقوم بعمليات تجارية في دولة أجنبية أخرى أم تصنف على أنها دولة ذات سيادة؟
في فرنسا الأعمال التجارية التي قامت بها روسيا جعلت حكومة هذا البلد ينشئ ممثلين تجارين سوفيات يعملون في فرنسا كشركات تجارية وهذا ما كرسته المحاكم الفرنسية في اختصاصاتها حول هذه الأعمال التي تقوم بها هذه المنظمة(3).
أما مسألة السيادة فإن من المبادئ المسلم بها في الحقوق الدولية العامة أن الدولة لا تخضع لسلطة قضاء أجنبي لان ذلك يمس بسيادتها الوطنية، ولذا لا يجوز مقاضاة دولة أمام محاكم دولة أخرى، أما إذا كان المشروع الذي تملكه الدولة يقوم باستثماره شخص طبيعي أو معنوي من أشخاص القانون الخاص، فإنه لا مجال لتطبيق مبدأ السيادة من أجل الوصول إلى إقرار قاعدة عدم اختصاص القضاء الأجنبي

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image016.gif[/IMG]


(1)إذا كانت الأعمال التي تقوم بها الدولة ذات صفة تجارية وأنشئت طبقا لقواعد القانون الخاص، فقد أعطى الاجتهاد القضائي الفرنسي، الحق للقاضي التجاري النظر في الخلافات الناشئة عن هذه الأعمال والعكس صحيح.
(2)د.فتحي عبد الصبور، المرجع السابق، ص 391-392.
(3)ألزم مرسوم 20/05/1984 تسجيل كل منظمة أو وكالة تجارية تابعة لدولة أجنبية أو مؤسسة عامة أجنبية تقوم بنشاطها داخل الإقليم الفرنسي.
وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 19 ق.ت، عندما ألزم كل مؤسسة تجارية مقرها في الخارج و تفتح في الجزائر مكتبا أو فرعا أو أي مؤسسة أخرى، وكل ممثليه تجارية أو وكالة تجارية تابعة للدولة أو الجماعات أو المؤسسات العمومية الأجنبية التي تزاول نشاطا في القطر الجزائري أخضعها المشرع لأحكام القانون التجاري الجزائري، وألزمها بالتسجيل في السجل التجاري، وبالتالي اعتبرها من التجار واعتبر أعمالها تجارية(1).
وقد ذهب القضاء الفرنسي بخصوص مسألة الحصانة والتنفيذ أن الدولة لا يمكنها التخلي عن حصانتها رغم أنها تفتح المجال للاستغلالات التجارية، وأن رفع الحصانة القضائية يفرض رفع الحصانة التنفيذية التي تمنع حجز أموال الدولة الأجنبية(2).

المطلب الثالث
مسؤولية الشخص الاعتباري العام

إن من أهم الآثار المترتبة على اكتساب الشخص – الطبيعي أو المعنوي- أهلية الاتجار هو تحمله مسؤولية أفعاله وأعماله الناتجة عن الإخلال بالتزاماته أو عدم تنفيذه لتعاقداته التجارية كما قد تترتب عليه مسؤولية جزائية في حالة مخالفته للأحكام المعاقب عليها قانونا.
فأساس المسؤولية التي ترفع ضد ممثلي الشخص المعنوي العام كلهم أو البعض منهم، تكون نتيجة الأعمال والتصرفات التي تمت خلاف النصوص التشريعية المنظمة للمؤسسة أو الشركة العمومية، كتوزيع أرباح صورية، نشر ميزانية تحتوي بيانات خاطئة، والأفعال أو التصرفات التي ترتكب خلافا لأحكام القانون الأساسي للمؤسسة كإساءة استعمال أموالها أو تبديدها أو التنازل عن حقوقها.
وأنه ومن المستقر عليه فقها وقضاء ولكي تقوم المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، فإنه يجب أن يكون مرتكب الواقعة الإجرامية إما رئيسا أو مدير هيئة أو عضو في مجلس إدارتها أو ممثلا لها أو عاملا فيها. وأن يكون هذا الفعل قد أرتكب باسم الهيئة أو بإحدى وسائلها وأن تكون الوسيلة المستخدمة تهدف إلى جلب منفعة للهيئة وليس جلب منفعة خاصة للشخص الطبيعي مرتكب الفعل.


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image018.gif[/IMG]


(1)د.صبحي عرب، المرجع السابق، ص 49.
(2)طعن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 29/02/1969.

إذن فإن المسؤولية المتعلقة بالجماعات العمومية أو بالأحرى وضعية المؤسسات الاقتصادية الصناعية التجارية التابعة للقطاع العام بمختلف أنواعه قد أضافت تعقيدا جديدا في مضمار مساءلة الهيئات الاعتبارية العامة مدنيا و جنائيا، وذلك من خلال الدور الهائل الذي أخذت تلعبه هذه الشركات والتكتلات التجارية والصناعية والنقابات والجمعيات، فلا يمكن إنكار إحتمال وقوع هذه الشركات في جريمة المزاحمة غير المشروعة الغش الضريبي، والغش في المواد المصنعة، والتزيف، والمضاربة … الخ(1).
كما أن الجرائم التجارية التي تركب من الشخص المعنوي إذا لم تكتشف فإنها تفيد كل مساهم في تكوينه فمثلا : جريمة الغش الضريبي تؤدي إلى زيادة حصة كل مساهم في نسبة الأرباح، ولذلك فإنه من العدل أن تصيب العقوبة كل شخص مساهم فيه.
وبالرجوع إلى القوانين المتفرعة هنا وهناك نجد المادة 23 من الأمر 75-73 المؤرخ في 29/04/1975 المتعلق بالأسعار وقمع المخالفات المتعلقة بتنظيم الأسعار فقد أوجدت تفريقا بين الأشخاص المعنوية التابعة للقطاع العام والأشخاص المعنوية التابعة للقطاع الخاص.
فالجرائم المتعلقة بالمضاربة لا تطبق إلا على الأشخاص المعنوية الخاصة ومعنى هذا أن الشركات التجارية والصناعية التابعة للقطاع العام لا يمكن أن تسأل جنائيا.
أما بخصوص الأحكام الصادرة في هذا الشأن نجد مثلا : مجلس قضاء عنابة عندما تجاهل الديوان الوطني للحليب عند النظر في جريمة سوء التسيير التي نسبت إلى المسؤول الإداري لهذا الديوان وذلك عندما تم العثور على كميات كبيرة من الحليب الفاسد في صهاريح تفوح بالروائح الكريهة ومعبئة بالديدان في مقرات هذا الديون وقرر المجلس بالحكم على المسؤول دون الشخص المعنوي(2).
ولا جدال في أن أغلب الأحكام التي تتكلم عن الشخص المعنوي تتكلم عنه بصفته طرفا مدنيا، فأغلب الشركات و المؤسسات الاقتصادية التابعة للقطاع العام، وفي غيبة النص على مسؤوليتها المدنية عن دفع الغرامات التي يحكم بها على الأشخاص التابعين لها، فإن دورها في المحاكم يقتصر على دور الطرف المدني المطالب بالتعويض عن الضرر الحاصل أحيانا بفعل شخص تابع لها تنصلت منه بمجرد إتهامه وأحيانا بفعل شخص أجنبي عنها، ولذلك لا حصر للقرارات التي تكون فيها الهيئات المعنوية طرفا مدنيا كالوزارات، مديرية التجارية والأسعار.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.gif[/IMG]


(1)د.أحمد مجحودة، أزمة الوضوح في الإثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن الجزء الأول، دار هومة للطبع، ص 554.
(2)إقرار غرفة الجنح والمخالفات رقم 413-25 بتاريخ 24/12/1981 من كتاب د. أحمد مجحودة، المرجع السابق، ص 565.
المبحث الثاني
الشخص المعنوي الخاص

أقرت غالبية النظم القانونية وجود مجموعتين من الأشخاص المعنوية، فالأولى تهدف إلى تحقيق النفع العام، وإستثناءا قد تهدف إلى تحقيق النفع الخاص بها وهو ما يصطلح على تسميتها بالشخص المعنوي العام(1).
أما الثانية فيهدف من إنشائها تحقيق خدمة خاصة، وتسمى بالشخص المعنوي الخاص و يقصد بها : الجمعيات والنقابات و الشركات المدنية والتجارية والتي تعترف لها الدولة بالشخصية الاعتبارية لتحقيق أهداف خاصة(2)، وقد استقر الرأي على اعتبار الجمعيات والشركات المدنية أشخاص معنوية خاصة سوء كانت ذات طابع خيري أو مدني، وأن نشاطها لا يهدف إلى تحقيق الربح أو المضاربة على المواد التجارية ومن جهة أخرى طبيعة عمل الشركة و موضوعها الذي يحدد في عقد تأسيسها موضوعها أو بالأحرى نشاطها التجاري كقيامها بعمليات الشراء والبيع أو عمليات البنوك … الخ، وعلى العكس من ذلك. إذا كان موضوع الشركة هو القيام بالأعمال المدنية أو الزراعية ، أو إدارة معهد تعليمي مثلا فإنها تكون شركة مدنية.
إضافة إلى ذلك فقد عرف كلا من التشريعين الجزائري والفرنسي(3) ما يسمى بالتجمعات الاقتصادية، وعليه فإنه يجوز لشخصين معنوين أو أكثر أن يؤسسوا فيما بينهم كتابيا ولفترة محدودة تجمعا لتطبيق كل الوسائل الملائمة لتسهيل النشاط الاقتصادي و يتمتع هذا التجمع بالشخصية المعنوية وبالأهلية التامة من تاريخ تسجيله في السجل التجاري.
إذن ومن خلال هذه المفاهيم الأولية والتي حاولنا استبعاد مختلف الأشخاص المعنوية الخاصة، التي لا تمثل الجانب الأكبر في الحياة التجارية واقتصرنا على دراسة أهلية الشركة التجارية باعتبارها شخص معنوي خاص بالغ الأهمية.







[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image019.gif[/IMG]


(1)أنظر المبحث الأول – الفصل الثاني – من المذكرة.
(2)د/إسحاق إبراهيم منصور – المرجع السابق – ص 240
(3)وذلك بموجب الأمر 23/09/1967
*D : Philippe –MERLE- Droit commercial-sociétés commercial 5 e édition –DALLOZ.

المطلب الأول
الشركــــة

إن مزاولة التجارة لا يقتصر على التجار الأفراد، بل يتعداه ذلك إلى جماعة من الأشخاص في شكل نظام قانوني هو الشركة التجارية، وإن كان هذا النظام أقل عدد من التجار الأفراد فإنها
تضم معظم المشروعات التجارية والمالية والصناعية الكبيرة والمتوسطة، والتي تتجاوز مقدار الفرد الواحد. ويتعذر تحقيقها إلا بجمع جهود وأموال عدد كبير من الأفراد(1).
و يترتب على شخصية الشركة المعنوية نشوء أهليتها في حدود الغرض الذي وجدت من أجله، وقبل التطرق لأحكام هذه الأهلية وجب علينا تعريف الشركة و تحديد أنواعها.

الفرع الأول
تعريف الشركة

عرفها المشرع الجزائري بنص المادة (416 ق.م) أنها :«عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد، بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج أو تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي ذي منفعة مشتركة كما يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك »
ويخلص من هذا التعريف أن الشركة عقد يجب أن يتوفر على الأركان العامة في العقد وهي الرضا وهو التعبير عن إرادة المتعاقدين والمحل وهو موضوع الشركة والسبب أي الدافع إلى التعاقد، كما يجب أن يتوافر على أركان خاصة وهي أن يصدر العقد من شخصين فأكثر(2) وأن يقدم كل منهم حصة في الشركة، وأن يقتسم كل منهم أرباح المشروع وخسائره، ويضاف إلى ذلك ركن آخر هو أن تتوافر بينهم نية الاشتراك أي رغبة الشركاء في التعاون لتحقيق غرض الشركة.
ولا يكفي توفر هذه الأركان لإبرام عقد الشركة، إذ لا بد أن يكون الرضا المذكور سلفا صادر من ذي أهلية، وهذه الأخيرة تحدد وفق الغرض الذي وجدت من أجله الشركة، وعليه فلها أن تكتسب أموالا جديدة وأن تتصرف في أموالها القائمة وأن تتعامل مع الغير فتصبح دائنة أو مدينة.
[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image006.gif[/IMG]
(1)د. مصطفى كمال طه، أصول القانون التجاري، مقدمة الأعمال التجارية والتجار والمؤسسة التجارية الشركاء التجارية، طبعة 1993، ص 249.
(2)بالرجوع لنص المادة 564/2 ق.ت التي أجازت تكوين شركة تجارية تضم شخص واحد« إذا كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤسسة طبقا للفقرة السابقة لا تضم إلا شخصا واحد (كشريك وحيد) تسمى هذه الشركة "مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المعدودة" إذن مفهوم العقد لم يعد ذا أهمية كبيرة في تكوين الشركة»
كما لها أن تساهم في شركة أخرى وأن تتقاضى وتقاضي أمام القضاء بواسطة ممثلها القانوني دون حاجة إلى إدخال الشركاء. وهذا ما يجعلها تكتسب أهلية تجارية، إذن كيف تكتسب الشركة أهليتها التجارية ؟

الفرع الثاني
أهلية الشركـة

إن أهلية الشركة محددة بالأعمال اللازمة لتحقيق الغرض من إنشائها والموضحة في سند إنشائها، فلا يجوز لها إذن أن تتجاوز هذا الغرض الذي أنشأت من أجله فإذا أرادت الشركة تغير نشاطها وجب عليها اتخاذ إجراءات تعديل العقد التأسيسي والنص فيه على نشاطها الجديد، لكن هل باكتساب الشركة للشخصية المعنوية، يكسبها بالضرورة الأهلية التجارية؟
قبل التطرق للشخصية المعنوية للشركة التجارية، وجب علينا الرجوع إلى أحكام الشركات المدنية، إذ نجد المشرع في المادة 417 ق.م اعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصا معنويا، غير أن هذه الشخصية لا تكون حجة على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات الشهر التي ينص عليها القانون.
ويتضح من ذلك أن النشر في الشركات المدنية ليس شرطا لصحة العقد إنما هو فقط شرطا لنفاذه في مواجهة الغير، ويجوز للغير التمسك بوجودها إن كان له في ذلك مصلحة، حتى إذا لم تقم بإجراءات النشر(1).
أما بالنسبة للشركات التجارية فقد ألزم المشرع الشهر حيث أوجبت المادة 548 ق.ت «يجب أن تودع العقود التأسيسية والعقود المعدلة للشركات التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري، وتنشر حسب الأوضاع الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات وإلا كانت باطلة».
وأكدت المادة 549 ق.ت على أن الشركة التجارية لا تكتسي الشخصية المعنوية إلا بعد تسجيلها في السجل التجاري « لا تتمتع الشركة التجارية بالشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري…»، وعليه فإن القيد في السجل التجاري يكسب الشركة الأهلية القانونية لممارسة التجارة ويرتب لها جميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان مثال ذلك، حقوق الأسرة ومن ناحية أخرى لا يحق للشخص الاعتباري الاكتساب إلا ما كان من الحقوق والالتزامات متصلا بالغرض الذي قامت الشركة بتحقيقه وذلك ما يعرف «مبدأ التخصيص» فإذا كان الغرض من قيام الشركة هو تجارة الكتب ولوازم المكاتب، فلا يجوز لها أن تتجاوز هذا الغرض.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image012.gif[/IMG]


(1)أ/بن موسى عبد الوهاب، محاضرات في القانون التجاري، ألقيت على طلبة السنة الثالثة بمعهد العلوم القانونية والإدارية، المركز الجامعي بمعكسر، مصطفى إسطنبولي، السنة الأكادمية 1999-2000.
أما أهلية الشركة بخصوص عقود التبرع، فإنه يجوز للشركة قبول التبرعات من الغير بشرط أن لا تكون الهبة مقترنة بشرط يتنافى مع غرض الشركة، أما العكس فالأصل فيه عدم الجواز، لتعارض ذلك مع غرض الشركة وهو السعي وراء الربح، إلا أنه يجوز لها التبرع في الأعمال الخيرية في حدود ما يجري به العرف(1).
ملاحظة : إن الاستمرار في وجود الشركة ينتج عنه الاستمرار في أهليتها التجارية، وأنه يسمح ببقائها وبالقدر اللازم إلى حين انتهاء أعمال التصفية.
ولقد أضاف المشرع أنواع جديدة من الشركات التجارية وهي شركة التوصية البسيطة- بالأسهم- والمساهمة ذات مجلس المديرين ومجلس المراقبة(2).
كما أجاز المشرع تكوين شركة المحاصة بين شخصين طبيعيين أو أكثر تتولى إنجاز عمليات تجارية ومثال ذلك أن يتفق شخص يرغب في الاستتار إخفاء اسمه عن الجمهور مع شخص آخر على القيام بعمل معين أو كأن يتفق شخصان على أن يرسل أحدهما بضاعة فيصرفها الآخر ويتقاسمان الأرباح، والإشكال المطروح في مثل هذه الشركات هو أنها لا تتمتع بالشخصية المعنوية ولا تخضع للإشهار(3) فكيف لها إذن أن تكتسبه الأهلية التجارية ؟
إذن باعتبار أن مثل هذه الشركات التي لا تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركات فيها، والتي يتفرع عن انتفاء شخصيتها المعنوية أنه ليس لها إسم أو عنوان ولا ذمة مستقلة عن ذمم الشركات وليس لها موطن أو جنسية خاصة بها، فإن هذا كله لا يغني عن تمتعها بالأهلية التجارية على اعتبار أن المشرع عندما لم يصنفها ضمن الشركات التجارية بحسب الشكل، يكون قد أقر بوجودها قانونا كشركة تجارية بحسب الموضوع، فكلما مارست نشاطا تجاريا تكتسب به صفة التاجر ونطبق عليها أحكام القانون التجاري، ومسألة الإثبات فيها ترجعنا إلى تطبيق قواعد الإثبات العامة.
أما الشركة الفعلية (4) فهي الشركة التي استند القضاء فيها لحماية الأوضاع الظاهرة تحقيقا


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image020.gif[/IMG]


(1)د/ مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص 300.
(2)أدرج هذا الفصل المتضمن 05 مواد (من 795 مكرر 1 إلى 795 مكرر 5) في الكتاب الخامس بموجب المرسوم التشريعي رقم 93-08 المؤرخ في 25 أبريل 1993 من كتاب أ: حسين مبروك الكامل في القانون التجاري، الطبعة الأولى، يناير 2000 منشورات دحلب، ص 436.
(3)أنظر المادة 795 مكرر 2 من القانون التجاري الجزائري.
(4)الفرق بين الشركة الفعلية وشركة المحاصة هو : أن الشركة الفعلية تتمتع بالشخصية المعنوية وأنها تظهر للغير على أنها شركة حقيقية مستوفية لجميع الشروط القانونية، أما شركة المحاصة فإنها لا تتمتع بالشخصية المعنوية وأن الغير لا يعمل بوجودها والمسؤولية فيها تقع على الشريك الذي تعامل مع الغير وحده.
لاستقرار المركز القانوني، ومن الحالات التي يمكن الاعتراف فيها بالوجود الفعلي للشركة هي حالة عدم القيد في السجل التجاري أو عدم كتابة عقد تأسيسها(1) وذلك استنادا إلى المادة 418/2 ق.م، وإذا اعترفنا بوجودها كشركة تجارية نكون قد أقررنا بأهليتها التجارية ونطبق عليها أحكام الأهلية السالفة الذكر.
وتجدر الإشارة أن هناك من يرى بعدم الاعتراف بوجود شركة فعلية في القانون الجزائري(2) وحجتهم في ذلك أن ما يصطلح على تسميته بالشركة الفعلية في حقيقة الأمر ما هو إلى اشتراك «Association» بين التجار خاصة إذا نظرنا إليه بمنظار الواقع التجاري الجزائري.
وإن هذا الرأي يحمل جانب كبير من الصواب على اعتبار أن الواقع التجاري في الجزائر لا يمكن تصنيف الشركات التجارية فيه على أنها شركات حقيقية تستحق كل هذا الكم الكبير من القوانين المنظمة لها، فكيف لنا الاعتراف بوجود شركة فعلية بين أوساط التجار البسطاء.
ومن جهة أخرى فإن المشرع الجزائري لم يقر بوجود هذه الشركة في القانون التجاري على غرار ما فعلته كثير من التشريعات مثل القانون اللبناني.
كما أننا لا يمكن القياس بتطبيق أحكام المادة 415/2 ق.م على الشركات التجارية.

المطلب الثاني
الشركاء

قد ذكرنا سابقا أنه من الشروط الواجب توافرها في عقد الشركة هو الرضا، وحتى يكون هذا الأخير صحيحا يجب أن يكون صادر من ذي أهلية، أي أن الشريك يجب أن يكون أهلا للتصرف ولم يحجر عليه لعته أو سفه أو جنون ذلك لأن عقد الشركة يعتبر من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر.
وسن الأهلية محدد بتسعة عشر عاما طبق لنص المادة 40 من القانون المدني وهذا ما أكده قانون السجل التجاري رقم (90 - 22) في القسم الخاص بالشركات التجارية، حيث أنه طبقا للمادة التاسعة منه أن:« عقد الشركة ينشأ بعقد رسمي يحدد لدى الموثق، ويشترط الموثق قبل أن يحرر العقد كل الوثائق التي تساعد على إثبات الأهلية المدنية للأشخاص والاكتتاب حسب الشكل القانوني.


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif[/IMG]


(1)د/نادية فضيل أحكام الشركة طبقا للقانون التجاري الجزائري، شركات الأشخاص، ص54.
(2)أ/ صحراوي علي، محاضرات في الإفلاس والتسوية القضائية، ألقيت على طلبة القضاة الدفعة 12، السنة الأكادمية 2003 – 2004.
ويجب علينا أن نفرق بين شركات الأشخاص وشركات الأموال، ففي شركات الأموال يجوز للولي أو الوصي أن يوظف أموال القاصر كحصة في شركة توصية بسيطة أو في أسهم شركات الأموال- وذلك بعد أخذ إذن من المحكمة -، والسبب ذلك راجع إلى كون أن المساهم لا يكتسب صفة التاجر ولا يسأل عن ديون الشركة إلا في قيمة الأسهم(1).
أما في شركة الأشخاص يجب توافر صفة الاتجار في الشريك وعليه لا يقبل المحجور عليه أو القاصر أو المجنون في هذه الشركات. إلا أنه قد أثيرت بخصوص هذه المسألة حالة خاصة ألا وهي :
الحالة التي تؤول فيها التجارة إلى القاصر كحصة في شركة تضامن وهي حالة كثيرة الحدوث عندما يموت الشريك المتضامن و يترك وارثا دون الثامنة عشرة من عمره.
أمام هذه الصعوبة ذهب القضاء الفرنسي إلى عدة فرضيات، وقبل التطرق إلى هذه الفرضية فلا بأس أن نشير إلى بعض الأحكام إذن : وكما هو معلوم أن وفاة الشريك المتضامن يؤدي إلى انقضاء شركة التضامن، ما لم يكن هناك اتفاق على بقائها بين الشركاء الأحياء وورثة المتوفى ولو كانوا قصر، وصعوبة الأمر ترجع إلى كون أن الوارث القاصر عاجز عن كسب صفة التاجر وخروجه من الشركة يؤدي إلى انحلالها.
وعليه فالفرضيات التي ذهب إليها القضاء الفرنسي هي :
الفرضية الأولى: اعتبار الشركة مستمرة بين الشركاء الأحياء و تركة المتوفى وليس الوارث أي أنها افترضت بقاء شخصية الوارث.
الفرضية الثاني: الشركة تنقلب إلى شركة توصية يأخذ الشريك القاصر فيها مركز الموصى، فلا يكون بذلك تاجرا.
انتقدت هذه النظرية: أنه ومن غير طبيعة عقد الشركة فرض حلا على الشركاء يخالف إرادتهم الثابتة في عقد الشركة.
الفرضية الثالثة: الشركة تظل تضامنية ويأخذ الوارث القاصر مركز المتضامن احتراما للشرط الوارد بالعقد، وإذا شهر إفلاسه اقتصرت آثار الإفلاس على الناحية المالية دون الجزائية(2).
ملاحظة : ما يمكن ملاحظته أن كل هذه الحلول مخالفة للقانون، وإنما ذهب إليها القضاء تحت ضغط الظروف.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gif[/IMG]


(1)على خلاف التشريع الفرنسي في مادته 02 من ق.ت، والمادة 487 ق.م أنه لا يستطيع القاصر أن يدخل كشريك في شركة تضامن أو توصية بسيطة أو بالأسهم، وبالمقابل يستطيع أن يكون مساهما في شركة غير مسماة أو موصي أو شريك في شركة ذات مسؤولية محدودة وذلك لأن الأهلية التجارية لا تشترط في هذه الحالات.
(2)د. عوض علي جمال الدين، المرجع السابق، ص 73.
وبتطبيق هذه الحالة على التشريع الجزائري، نجد أن المشرع الجزائري أجاز أن يتضمن القانون الأساسي للشركة انتقال الحصة إلى الورثة في حالة وفاة الشريك المتضامن أما في حالة استمرار الشركة ويكون أحد الشركاء من الورثة قاصر فهنا يكون غير مسؤول عن ديون الشركة مدة قصوره إلا بقدر أموال تركة مورثه(1).
ونلاحظ هنا أن المشرع أقر بتحويل شركة التضامن إلى شركة توصية والتي نجد فيها نوعين من الشركاء، شركاء يتحملون مسؤولية شخصية من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة، وشركاء لهم يتحملون الخسائر إلا في حدود ما حصلوا عليه في تركة مورثهم(2).

المطلب الثالث
الآثار الناجمة عن أهلية الشركة

هناك آثار تكون ناتجة عن أهلية الشركاء المكونين للشركة كشخص معنوي خاص، وهناك آثار تكون ناتجة عن أهلية الشركة ككيان مستقل عن شركائها وهو ما يصطلح عليه بانقضاء أهليتها وكذا مسئوليتها المدنية والجزائية في حالة الإخلال بالتزاماتها.

الفرع الأول
البطلان لنقص الأهلية

في الحالة التي يكون فيها أحد الشركاء ناقص الأهلية، وقت إبرام العقد سواء كان قاصرا أو محجورا عليه أو مصاب بأي عارض من عوارض الأهلية الطبيعية فهنا وطبق للقواعد العامة يكون العقد باطلا بطلانا نسبيا.
ويحق في هذه الحالة أن يطلب القاصر الإبطال سواء في مواجهة الشركاء أو في مواجهة الغير، وهذا ما نصت عليه المادة 742 ق.ت وتتقادم دعاوى بطلان الشركة أو الأعمال أو المداولات اللاحقة لتأسيسها بانقضاء أجل ثلاث سنوات اعتبارا من تاريخ حصول البطلان وذلك من دون إخلال بانقضاء الميعاد المنصوص عليه الفقرة الأولى من المادة 738 ق.ت.
ويحق لكل من له مصلحة إعذار أو إنذار القاصر بطلب إما بتصحيح البطلان وذلك بإجازة العقد وإما التمسك بهذا البطلان وبعد مضي 06 أشهر من تاريخ الإنذار (3)وفي حالة عدم التصحيح أو رفع دعوى الإبطال سقط حق القاصر في طلب البطلان.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image007.gif[/IMG]


(1)أنظر المادة 562/2 من القانون التجاري الجزائري.
(2)أ/ بن موسى عبد الوهاب، المرجع السابق.
(3)أنظر المادة 738 من القانون التجاري الجزائري
ويجوز لأي شريك أن يتدخل في الدعوى طالبا اتخاذ الإجراء اللازم لعدم إبطال الشركة، كأن يقوم هذا الشريك بشراء حصة الشريك القاصر.
فبالنسبة لشركات الأشخاص وعند إبرام عقد الشركة فيها فإنه سيؤدي إلى بطلان الشركة، كون أن الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه تلك الشركات يفقدها قدرتها على العمل بخروج شريك منها، غير أنه يمكن تصحيح هذا البطلان وذلك بإجماع جميع الشركاء على استمرارية الشركة بينهم دون القاصر الذي يخرج من الشركة مع أخذ حصته.
أما بالنسبة لشركة الأموال فالبطلان قليل الوقوع في العمل، بسبب ما تتطلبه من إجراءات الترخيص في مثل هذه الشركات من فحص للأوراق المتعلقة بالمؤسسين مما يسمح بتحقيق أهليتهم.
وقد نصت المادة 733 ق.ت بخصوص شركات ذات المسؤولية المحدودة أنه «.. فيما يتعلق بالشركاء ذات المسؤولية المحدودة، أو شركاء المساهمة فإن البطلان لا يحصل من عيب في القبول ولا من فقد الأهلية ما لم يشمل هذا الفقد كافة الشركاء المؤسسين ..»
وبالنظر للتشريع الفرنسي نجده يستبعد بطلان شركة الأموال لنقص أهلية الشريك فيها(1).

الفرع الثاني
البطلان لفقد الأهلية أو الوفاة

تحل شركة التضامن إذا فقد أحد الشركاء أهليته وذلك في الحالة التي يصاب فيها بعارض من العوارض المعدمة تسقط عنه حقوقه المدنية كون أنها تقوم على الاعتبار الشخصي، إلا أن هذا الفقد ليس من النظام العام فقد نصت المادة 563 ق.ت أنه يمكن أن ينص القانون الأساسي على استمرارية الشركة أو يقرر باقي الشركاء ذلك بإجماع الآراء.
وفي حالة الاستمرار تعين حقوق الشريك الفاقد لهذه الصفة والواجب أداؤها له.
وفي حالة وفاة أحد الشركاء: فإن شركة التضامن تنقضي ولا يحل ورثته محله فيها إلا إذا نص النظام الأساسي للشركة على ذلك لأن شخصية الشريك محل اعتبار في هذا النوع من الشركاء لكنه يجوز استمرار الشركة فيما بين باقي الشركاء فقط دون الورثة وذلك إذا كان هذا الحكم متفق عليه في العقد التأسيس للشركة وفي هذه الحالة يجب أن تدفع الشركة حصة المورث إلى الورثة نقدا حسب تقديرها وقت وحدوث الوفاة من طرف خبير معتمد.



[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image021.gif[/IMG]


(1) D/ Philippe – Merle, même ouvrage, P 61.



أما فقد أو وفاة أحد الشركاء في شركة المساهمة فإن الشركة هنا لا تنحل وإنما تستمر مع باقي الشركاء بشرط استكمال الشروط الواجب تطلبها قانونا في هذه الشركـة المتمثلة فـي عدد الشركاء ورأس مال الشركة.

الفرع الثالث
انقضاء أهلية الشركة

هناك أسباب عامة تؤدي إلى انقضاء أهلية الشركات بصفة عامة وتتمثل في انتهاء أو انقضاء الأجل المحدد للشركة، أو بتحقيق الغاية التي أنشأت من أجلها، وفي حالة عدم تحديد المدة فإنها تنقضي بتجاوز 99 سنة طبقا للمادة 546 ق .ت.
كما تنقضي الشركات بهلاك جميع أموالها أو جزء كبير منه بحيث لا تبقى فائدة من استمرارها، وهذا ما نصت عليه المادة 438 ق.م.
وإضافة إلى الأسباب العامة للانقضاء، فإنه توجد أسباب خاصة بكل شركة.
*شركة التضامن:تنقضي إما بوفاة أحد الشركاء أو فقد أهليته،، أو إعسار أو إفلاس أحد الشركاء فيها، وكذلك في حالة تعين المدير كشريك اتفاقي فعزله يؤدي إلى حل الشركة ما لم ينص في العقد على خلاف ذلك.
*شركة التوصية البسيطة: تحل هذه الشركة في حالة الإفلاس أو التسوية القضائية لأحد الشركاء المتضامنين أو المنع من ممارسة مهنة تجارية لأحدهم، إلا أنه يمكن للشركاء المتضامين الباقين الإقرار باستمرار الشركة.
*شركة المساهمة: يمكن حل الشركة بطلب كل معنى في حالة تخفيض عدد المساهمين أي أقل من الحد الأدنى القانوني منذ أكثر من عام ويجوز لها أن تمنح الشركة أجلا أقصاه ستة أشهر لتسوية الوضع.
*شركة ذات المسؤولية المحدودة: لا يجوز أن يتجاوز عدد الشركاء في مثل هذه الشركة عشرون شريكا وإلا حولت إلى شركة مساهمة في أجل سنة واحدة وإلا حلت الشركة وإذا حولت إلى شركة تضامن فيشترط الموافقة الجماعية للشركاء وفي حالة اجتماع الحصص في يد شخص واحد فتحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة ذات الشخص الواحد.
*شركة التوصية بالأسهم: هنا نطبق عليها أحكام شركاء التوصية البسيطة وشركات المساهمة لأنها تتكون من شركاء متضامنين وشركاء موصون مساهمين وهذا طبقا لنص المادة 715 ق.ت


الفرع الرابع
مسؤولية الشركة

إن تمتع الشركة بالأهلية التجارية يجعلنا في مركز قانوني يسمح لها باللجوء إلى القضاء إما بصفة المدعي أو المدعي عليه، وأن هذه الحالة الأخيرة تكون نتيجة الأفعال الضارة التي تصدر عن ممثليها أو مواظفيها، كما تسأل عن الحيوانات و الأشياء التي تحت حراستها، مما يؤدي هذا إلى قيام مسوؤليتها التقصيرية عن جميع الأعمال الضارة، فضلا عن قيام مسئوليتها التعاقدية(1) وأن مساءلة الشركة هنا تكون مسائلة مدنية.
أما عن المسؤولية الجزائية للشركة، فإننا وبرجوعنا إلى المبدأ العام فالمسؤول جزائيا هو الشخص الذي ارتكب الجرم أو ساهم في ارتكابه، سواء باعتباره فاعل أصلي أو شريك، وهذا تطبيقا للمبدأ القانوني العام «شخصية العقوبة» أما مسؤولية الشركة كشخص معنوي خاص، فقد جرى القضاء الفرنسي والمصري على عدم قيام المسؤولية الجنائية على عاتق الشركة والأشخاص المعنوية بوجه عام وعليه فمن يسأل جنائيا هو المدير وعمال الشركة، وحجتهم في ذلك أن الشركة ممثلة بشخص طبيعي هو مدير أعمالها، ومدير الشركة ليس نائبا أو وكيلا عنها، على اعتبار أن الوكالة تفترض وجود عقد بين الشركة والمدير أي تطابق إرادتهما على الوكالة، في حين أن الشركة ليست لها إرادة مستقلة عن إرادة المدير، ولا يمكنها أن تعمل إلا بواسطة المدير ويمتنع قانونا أن يمنع المدير لنفسه الوكالة عن الشركة، كما أن المدير قد يعين بمعرفة أغلبية الشركاء فلو كان وكيلا لما كانت له أية صفة في تمثيل من لم يوافق على تعينه(2).
وقد ذهب الاجتهاد القضائي الفرنسي(3) إلى نقض الحكم الصادر عن محكمة الموضوع والتي أدانت فيه المحكمة كل المسيرين للشركة التجارية، لمخالفتهم لإحدى اللوائح التنظيمية بعنوان المسؤولية الجماعية بحجة أنه كان على قضاة الموضوع أن يقصروا الإدانة على مالك الشركة الذي كان معينا في شخص الأب وابنه ومتى مدد القضاة إدانتهم إلى كل المسيرين فقد خالفوا القانون*.
وأقر التشريع الفرنسي بعد تعديل قانون العقوبات لسنة 1992 وأقر بمسوؤلية الشخص المعنوي الجزائية، وبالتالي رتب على ذلك معاقبته.


[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image013.gif[/IMG]


(1)د/ نادية فضيل، المرجع السابق، ص 60.
(2)د/ مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص 302.
(3)د/ أحمد محجودة، المرجع السابق، ص 565.
* Crim- 6 out, 1829 Bull, N° 178, P 475.

كما وأقر التشريع الجزائري هذه المسؤولية في مختلف قوانينه فنجده أخذ قواعد أحكام الإفلاس التي تطبق على الأشخاص الطبيعيين من التجار واعتبرها هي نفسها القواعد التي تطبق على الشركات من حيث المبدأ، على أن هذا لا يمنع من وجود قواعد خاصة بالشركاء، وهذه القواعد تختلف حسب نوع الشركة التي شهر إفلاسها، وقد أفرد المشرع الجزائري فصلا خاصا تحت عنوان في الجرائم المتعلقة بالإفلاس من المادة 378 إلى 388 ق.ت(1).
وذهب المشرع إلى حد تطبيق العقوبة المقررة في المادة 383 ق.ع بخصوص الإفلاس البسيط والاحتيالي، إلا أن تحرير هذه المادة لا يوحي مطلقا بأن الشخص المفلس يمكن أن يكون شخصا معنويا، وكذا المواد 378 ق.ت، التي تنص على أنه في حالة الحكم بالإفلاس الإحتيالي أو التقصيري على القائمين بالإدارة والمديرية والمصفين وبوجه عام كل المفوضين من قبل الشركة..إلخ، وكذا المواد 379 ق.ت و 380 ق.ت.
كما أن تعيين المشرع لجرائم الشركات في المواد 800 و 840 ق.ت جعل من الشخص الطبيعي فاعل هذه الجرائم، ولم يواجه في أي منها مساءلة الشركة ذاتها مع أن احتمالات تطبيق المادة 17 ق.ع واردة على حسب طبيعة بعض هذه الجرائم(2).
إذن وكما أشرنا سلفا فإن المشرع الجزائري قد أفرد فصلا خاصا بجرائم الإفلاس كما أنه وضع قواعد خاصة لبعض الشركات وعليه.
فالإفلاس بالنسبة لشركة التضامن والشركات التي تشمل على شركاء مسؤولين بالتضامن يحوز أن يعتبر الممثلون القانونيون مرتكبين للتفليس بالتقصير بغير عذر شرعي ولم يقوموا بالتصريح لدى أماته ضبط المحكمة المختصة خلال 15 يوما عن حالة التوقف عن الدفع دون مانع مشروع، أو لم يتضمن هذا التصريح قائمة بالشركاء المتضامنين مع بيان أسمائهم و موطنهم.
وزيادة على ذلك نجد أن المشرع الجزائري، ومن خلال الأمر رقم 96-07 المؤرخ في 10/01/1996 المعدل والمتمم للقانون رقم 90-22 المؤرخ في 18 أوت 1990 والمتعلق بتنظيم السجل التجاري نجد أن المادة 31 منه تنص على ما يلي «تكون لكل أعضاء مجالس الإدارة والرقابة في الشركات التجارية صفة التاجر بعنوان الشخصية المعنوية التي يضطلعون نظاميا بإرادتها و تسيرها.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image022.gif[/IMG]


(1)د/ صبحي عرب، المرجع السابق، ص 135.
(2)د/ أحمد مجحودة، المرجع السابق، ص 547.

ويكون للأشخاص الأجانب الأعضاء في مجالس الإدارة والرقابة في الشركات التجارية والأعضاء في أجهزة التسيير والإدارة صفة التاجر .. بغض النظر عن موطن إقامتهم عندما يعملون لحساب الشخصية المعنوية التي يمثلونها».
وعليه فالمشرع أضفى صفة التاجر على :
أ#- مدير الشركة التجارية.
ب- عضو مجلس الإدارة.
ج- عضو مجلس الرقابة.
د- أي عضو مسير للشركة.
هـ-كل من يعمل لاسم الشركة ولحسابها و يمثلها.
أما بخصوص شركة المحاصة فإن العمل التجاري يضفي على القائم به صفة التاجر وعليه فإنها تخضع لأحكام الإفلاس وأن من يسائل جزائيا هو الشريك باعتبار أن الشريك في شركة المحاصة يبقى مالكا لحصته في الشركة، فإذا كان رأسمال الشركة بضائع أو أموال عينية قدمها كل شريك فهذه البضائع تبقى ملكا للشريك، لأنه ليس لشركة ذمة مالية خاصة بها منفصلة عن ذمم الشركاة(1).
-وإذا كانت حصة الشريك في تكوين رأسمال الشركة نقودا فيصبح الشريك دائنا بما قدمه في مواجهة شريكه المفلس.
-وقد نص المشرع الجزائري بموجب الأمر رقم 96-22 (2) فأقر في مادته الخامسة أنه«تطبق على الشخص المعنوي الذي ارتكب المخالفات المنصوص عليها في المادتين 1 و 2 من هذا الأمر، العقوبات التالية وذلك دون المساس بالمسوؤلية الجزائية لممثليه الشرعيين:
1-غرامة تساوي على الأكثر خمس مرات قيمة المحل المخالفة.
2-مصادرة محل الجنحة.
3-مصادرة وسائل النقل المستعملة في الغش …»
ومن بين الجرائم التي يمكن للشركاء ارتكابها نجد:
-التزوير في سجلات الشركة، أو إثبات وقائع غير صحيحة أو إعداد تقارير تتضمن بيانات كاذبة أو غير صحيحة يكون من شأنها التأثير على قرارات الجمعية.
-الإدلاء ببيانات كاذبة في التقريرات التي يلتزم بها مجلس الإدارة.
-إغفال المراقب وقائع جوهرية عمدا في التقرير الذي يقدم إلى الجمعية العامة.

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif[/IMG]


(1)د/ صبحي عرب، المرجع السابق، ص 136-137.
(2)الأمر رقم 96-22 المؤرخ في 09/06/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاص بحركة رؤوس الأموال، من وإلى الخارج.
الخاتمة

إن نظام الأهلية التجارية يعد من الأنظمة القانونية التي عمل المشرع الجزائري ومختلف التشريعات العالمية، بوضع قواعد خاصة بها إضافة إلى القواعد العامة التي ألزمها المشرع بالرجوع إليها كونها تمثل الشريعة العامة من حيث أحكامها، وكذا كونها المصدر الأول من حيث التشريع.
وعليه يكون المشرع قد حاول بذلك غلق جميع الثغرات والفرغات الممكن حصولها، وإذا أردنا تقيم نظام الأهلية بصفة عامة والأهلية التجارية بصفة خاصة، فإنه يمكن القول أن المشرع قد وفق إلى حد كبير في ضبط أحكامها لأن لها ميزة خاصة عن بقية الأنظمة القانونية الأخرى، ومن جهة أخرى لتعلقها بحالة الشخص ككائن طبيعي أو معنوي.
فالمشرع عندما وحد بين الأهلية الجزائية وأهلية الترشيد التجارية يكون قد أصاب في توحيده هذا، لأن ترشيد القاصر البالغ 18 سنة تجعله يكتسب حقوق ويتحمل التزامات و بالنظر للمخاطر التجارية خاصة إذا تعلق الأمر بتوقيع عقوبات جزائية، فإنه من غير المنطقي فرض عقوبات على قاصر لم يكتمل السن العقابية وهي 18 سنة وكان من الأجدر لو اشتمل هذا التوحيد جميع فروع القوانين.
وبخصوص أهلية الأجنبي فإن وضع الشروط والقيود لممارسة هذا الأخير التجارة في وقت كان من الضروري وضعها، فإنه من غير المنطق الإبقاء عليها في وقت التفتح الاقتصادي وفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية، وعليه نقترح إعادة النظر في الأحكام الخاصة بممارسة الأجنبي للتجارة كما أن المشرع عندما أقر بوجوب منح الإذن للقاصر لممارسة التجارة من طرف الأب والأم أو الوصي أو مجلس العائلة، فإنه يكون وقد وفر الحماية اللازمة لأموال القاصر خاصة مع وجوب مصادقة هذا الإذن من طرف المحكمة.
وبالنظر إلى هذه المادة نجد فيها نوع من التزيد بإدراج مجلس العائلة الذي لا يكاد يعرف له وجود في النظام القانوني الجزائري، ولم تضبط أحكام هذا المجلس بقواعد قانونية دقيقة مما يستلزم إلغاء هذا التزيد.
وقد وفق المشرع عندما عدل المادة 07 ق.ت بموجب الأمر 96-27 وجعلها مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية، حيث أنه فصل ذمة الزوجين بشكله الحقيقي، وهذا خلاف ما كانت عليه قبل التعديل الذي كان يشوبها نوع من الغموض وعدم الوضوح.




وإذا قيمنا أهلية الشخص المعنوي، فإن المشرع لم يتعرض لها بشكل كبير على اعتبار أن ممارسة التجارة من طرفه حديث العهد خاصة الجماعات العمومية، كما أن ممارسة الشركات للتجارة لا يعكس واقعها في ممارسة التجارة ولا يمكن تصنيفها كشركات ضخمة، إلا ما كانت الدولة كشريك فيها.
إذن ومن خلال هذه الدراسة التي طبع عليها الجانب النظري وذلك في غياب النزاعات القضائية التي تجعلها تثري المنظومة القانونية وتضفي عليها الجانب العملي فإننا حولنا التطرق لمختلف التشريعات العالمية خاصة الأحكام والقضايا المطروحة أمام محاكم هذه الدول حتى تصبغ على هذه الدراسة الجانب العملي.
وعليه فالسؤال المطروح بخصوص هذه المسألة هل أن قلة أو ندرة الأحكام القضائية ناتج عن قصور التشريع الجزائري بخصوص هذا النظام أم قلة الوعي القانوني في أوساط المتقاضين؟

«وهكذا فإذا كنا قد وفقنا إلى الغاية التي رسمناها لأنفسنا فذلك ما نبتغيه ونرتجيه. أما إذا كنا قد حانبنا الصواب في بعض المسائل، فلعل أخطائنا ترشد من يأتي بعدنا، مثلما حاولنا الاسترشاد بأخطاء من سبقونا والله الموفق للجميع»


جدول المصادر
المصادر باللغة العربية

المصادر العامة:
د/إسحاق إبراهيم منصور: نظرية القانون والحق و تطبيقاتها في القانون الجزائري، الطبعة الثانية لسنة 1990، ديوان المطبوعات الجامعية.

د/شمس الدين الوكيل، محاضرات في النظرية العامة للحق.

د/عطية عبد الموجود إبراهيم: مدى أهلية الصبي لمباشرة التصرفات المدنية، دارسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون المدني، طبعة 1987.

د/محمد سعيد جعفور، التصرف الدائر بين النفع و الضرر في القانون المدني الجزائري، طبع في سنة 2002.

د/أحمد مجحودة، أزمة الوضوح في الإثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن، الجزء الأول، دار هومة للطبع.

المصادر الخاصة:

أ/علي بن غانم، الوجيز في القانون التجاري وقانون الأعمال (الجزء الأول).

د/أحمد محرز القانون التجاري الجزائري، الجزء الأول، نظرية الأعمال التجارية.

أ/حسين مبروك، الكامل في القانون التجاري الجزائري، الطبعة الأولى سنة 2000 منشورات دحلب.

د/صبحي عرب، محاضرات في القانون التجاري « الإفلاس والتسوية القضائية»، طبعة سنة 2000.

د/فرحة زراوي صالح: الكامل في القانون التجاري الجزائري، الجزء الأول، الأعمال التجارية-التاجر.

د/عوض علي جمال الدين –القانون التجاري-التاجر.

د/مصطفى كمال طه – القانون التجاري – مقدمة الأعمال التجارية، التاجر- الشركات التجارية –دار الجماعة الجديدة للنشر طبعة 1993.

د/راشد راشد – الأوراق التجارية الإفلاس والتسوية القضائية في القانون الجزائري – ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية 1994.
د/نادية فضيل – القانون التجاري – الأعمال التجارية – ديوان المطبوعات الجامعية، طبعة 1994.
د/محمد فريد العوني : القانون التجاري اللبناني – الجزء الأول، مقدمات نظرية العمل التجاري- الدار الجامعية للطباعة والنشر بيروت الطبعة الأولى (1983).
د/نادية فضيل أحكام الشركة طبقا للقانون التجاري – شركات الأشخاص.
د/فتحي عبد الصبور الشخصية المعنوية للمشرع العام.
القوانين والمراسيم :
-الأمر رقم 75-58 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم 88-14 المؤرخ في 3 ماي 1988.
-الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون التجاري.
-الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08 جوان 1966 المتضمن قانون العقوبات.
-الأمر 96-22 المؤرخ في 09/06/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاص بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج.

البحوث والمحاضرات:
أ/شيخي كمال – أجهزة المؤسسات العامة الاقتصادية في القانون الجزائري – رسالة ماجستير رقم الإيداع 114-1996.
أ/صحراوي علي محاضرات في الإفلاس والتسوية القضائية ألقيت على الطلبة القضاة الدفعة 12 السنة الأكادمية 2003-2004.
أ/بن موسى عبد الوهاب –محاضرات في القانون التجاري –ألقيت على طلبة السنة الثالثة حقوق – بالمركز الجامعي مصطفى إسطبولي – معسكر – السنة الأكادمية 1999 – 2000.

المصادر باللغة الفرنسية:

*PRECIS- de droit commercial-Tome01 : commerçant fonds de commerce-contrat commerciaux. effets de commerce G.dupony.
*TRAITE de droit commercial G.RIPERT – R. ROBLOT Tome 01, Edition par Michel germain.
*D : Philippe –Merle-Droit commercial sociétés commercial édition-Dalloz.