الجـــمهوريـــــة الجــــزائريـــــة الديـــمقراطيـــــــة الشـعبيــــــة
وزارة العــــــــــــــــــــــ ـــــدل
المدرسة العليا للقضـــــــــــــــــاء


مذكرة : التعويض عن الاضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية في الجزائر

مذكـرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء






من إعداد الطالبة القاضية :
` بوالطيــن ياسمينـة



2005/2006





مقدمــة
الفصل الأول: الأخطاء المرفقية و الشخصية و الأضرارالناجمة عنها
المبحث1 : الأخطاء المرفقية والشخصية
المطلب1 : مفهوم الخطأ المرفقي فرع1 : تعريف الخطأ المرفقي
فرع 2 : صور الخطأ المرفقي
المطلب2 : مفهوم الخطأ الشخصي
فرع 1 : تعريف الخطأ الشخصي
فرع 2 :المعايير الفقهية لتحديد الخطأ الشخصي
المطلب 3 : العلاقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي
فرع 1 : قاعدة التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي ونتائجها
فرع 2 : قاعدة الجمع بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي ونتائجها
المبحث 2 : مميزات الأضرر الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية لمطلب1 : ضرر شخصي ومباشر
فرع 1 : الضرر الشخصي
فرع 2 : الضرر المباشر
المطلب 2 : الضرر المؤكد والضرر الذي يمس بحق مشروع أو مصلحة مشروعة
فرع 1 : الضرر المؤكد
فرع 2 : الضرر الماس بحق مشروع أو مصلحة مشروعة

الفصل الثاني : كيفية المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية أمام القضاء الإداري

المبحث 01: شروط المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقيةوالشخصية أمام القضاء الإداري
المطلب 1 : الشروط العامة لنشوء الحق في المطالبة بالتعويض أمام القضاء الإداري
فرع 1 : حدوث الخطأ و تحديد الجهة الإدارية المسؤولة
فرع 2 : حدوث الضرر
فرع 3 : العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر
المطلب 2 :الشروط الخاصة لنشوء الحق في المطالبة بالتعويض
عن الأخطاء الشخصية أمام القضاء الإداري
فرع 1 : إقتران الخطأ الشخصي بخطأ مرفقي في إحداث الضرر
فرع 2 : وقوع الخطأ الشخصي من موظف أثناء تأدية وظيفته أوبسببها أو بمناسبتها
فرع 3: عدم سبق الفصل في موضوع الدعوى أمام القضاء الإداري
المبحث 2: إجراءات التعويض أمام القضاء الإداري
المطلب1 : الإختصاص القضائي و شروط قبول دعوى التعويض
فرع 1 : الجهة القضائية الإدارية المختصة بالتعويض
فرع 2 : شروط قبول دعوى التعويض
المطلب2 : مراحل تحضير ملف قضية دعوى التعويض والفصل فيه
فرع 1 : مرحلة إعداد ملف قضية التعويض للفصل فيه
فرع 2 : مرحلة المرافعة والمحاكمة
فرع 3: سلطة القاضي الإداري في تقييم الضرر القابل للتعويض
الخاتمــة










مقدمــــــــة
إن تعزيز العدالة من أجل الدفاع عن حقوق الأفراد وتمكينهم من التمتع المشروع بحقوقهم و استعادتها حين التعدي عليها أو التعويض عنها يظل من الاهتمامات الدائمة للدولة , و لا يكفي القول بحماية حقوق الأفراد و حرياتهم العامة أن تتأكد سيادة القانون في شأن علاقات الأفراد بعضهم ببعض بل أصبح لزاما لتوكيد هذه الحماية أن يسود القانون علاقات الأفراد مع الدولة و كل ما ينتمي إليها من هيئات عمومية ومؤسسات , لأن الدولة و أجهزتها تتمتع بسلطة عامة لها من القوة ما يكفل لها حق تنفيذ قراراتها و أوامرها بالطرق المباشرة دون الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء مما قد يسمح لأجهزتها، ما لم تخضع لسيادة القانون من أن تبتلع حقوق الأفراد وتقضي على حرياتهم العامة سواء كان ذلك عن خطأ أو سوء تقدير أو تعسف ؛ لذلك فإن الالتزام بمبدأ المشروعية من طرف الدولة وأجهزتها يؤكد حق خضوع الدولة لسيادة القانون لأنه من غير هذا الخضوع سيكون في مقدور الدولة أن تخرج عن نطاق القانون من دون أن تتعرض لأي جزاء.
وقد يتسع نطاق حكم مبدأ المشروعية إلى أن يشمل جميع أنواع تصرفات الدولة وما يتفرع عنها ومهما كانت طبيعة هذه التصرفات، فمن المبادئ والنظريات التي نتجت عن مبدأ المشروعية وخضوع الإدارة العامة لسيادة القانون ورقابة القضاء على أعمالها نجد نظرية "المسؤولية الإدارية" , وان إقرار هذه النظرية وتطبيقاتها جاء نتيجة أفكار الفلاسفة ومواقف الفقه والقضاء ، بعد أن ساد مبدأ عدم مسؤولية الإدارة لأحقاب من الزمن ثم حل محله مبدأ مسؤولية الإدارة عن تصرفاتها الضارة .
فالإدارة وهي تتدخل عن طريق تنفيذ القوانين وتشغيل المرافق العامة في الدولة تؤثر في حياة الأشخاص تأثيرا مباشرا، ويسهل عن طريقه النيل من حقوقهم وحرياتهم وتسبب لهم أضرارا.
فإذا نتج عن سير المرفق ضرر لأحد الأفراد ترتب عن ذلك حق شخصي للمضرور في التعويض عن الأضرار التي أصابته.
وتعرف المسؤولية بأنها الحالة القانونية التي تلتزم فيها الدولة ومؤسساتها والهيئات العامة الإدارية نهائيا بدفع تعويض عن الضرر أو الأضرار التي تسببت فيها للغير بفعل أعمالها الإدارية الضارة سواء كانت هذه الأعمال الإدارية الضارة مشروعة أو غير مشروعة، وذلك على أساس الخطأ الإداري و على أساس نظرية المخاطر و في نطاق النظام القانوني لمسؤولية الدولة .[1]

ومن خصائص المسؤولية الإدارية أنها : مسؤولية قانونية ـ غير مباشرة ـذات نظام قانوني خاص ومستقل ـ حديثة و سريعة التطور .
أما في دراسة أسس المسؤولية الإدارية فقد اعتبر الفقه الإداري أنها تقوم على أساس المخاطر والخطأ وتهدف إلى التعويض عن الأضرار الناجمة عن نشاط الإدارة سواء كان هذا النشاط عن خطأ أو دون خطأ . وما يهمنا في هذه المذكرة هو :" التعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية والشخصية في القضاء الإداري " وقد اخترت هذا الموضوع ونحن في مرحلة تكريس إزدواجية القضاء في الجزائر لإعداد مذكرة تخرجي من المدرسة العليا للقضاء , نظرا لأهميته العلمية والعملية خاصة مع قلة الكتب والبحوث القانونية الجزائرية في هذا الموضوع على الرغم من دقته وحساسيته لمساسه بحقوق الأفراد .
ويأخذ الخطأ صورا و أنواعا مختلفة حسب مجال وقوعه ومنها الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي, و التمييز بين هذين النوعين و النتائج المترتبة عن كل خطأ خلقت عدة إشكالات مما أدى إلى ظهور مواقف فقهية وحلول قضائية سنحاول أن نسلط عليها الضوء في هذه المذكرة .
وإن المسؤولية الإدارية تقوم على أساس ثلاثة أركان :الخطأ , الضرر ,العلاقة السببية بينهما ولكن التساؤل القائم هو ما نوع و طبيعة الخطأ الذي يعقد مسؤولية السلطة الإدارية عن أعمال موظفيها ؟ وهل الأخطاء الشخصية للموظف يمكن التعويض عنها أمام القضاء الإداري تحت ضمان الإدارة ؟
لذا فإن دراسة موضوع : التعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية والشخصية في القضاء الإداري يثير بعض الإشكالات التي يتعين معالجتها وتتعلق :
ـبمفهوم الأخطاء المرفقية والشخصية وتحديد العلاقة ما بينهما ؟ ماهي شروط ومميزات الأضرار التي تنجم عنهما ؟ ماهي شروط نشوء الحق في المطالبة بالتعويض ؟ وماهي إجراءات التعويض أمام القضاء الإداري ؟
وللإجابة على هذه الإشكاليات سنعرض بحثنا هذا متبعين منهجين : المنهج التحليلي والمنهج المقارن وحسب الخطة التي قسمناها إلى فصلين , فصل نعالج فيه الأخطاء المرفقية والشخصية و الأضرار الناجمة عنهما وآخر نعالج فيه كيفية المطالبة بالتعويض عن هذه الأضرار أمام القضاء الإداري وكل فصل منهما نقسمه إلى مبحثين وكل مبحث إلى مطلبين ماعدا المبحث الأول من الفصل الأول خصصنا له ثلاثة مطالب نظرا لدقته وكثرة النظريات الفقهية فيه ,مستأنسين بأحكام وقرارات من القضاء الإداري الجزائري والفرنسي محاولين أن نلم باختصار بكل ماله علاقة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية في القضاء الإداري .











الفصل الأول : الأخطاء المرفقية والشخصية والأضرار الناجمة عنها :
تقوم المسؤولية الإدارية الخطئية على 3 أركان هي : ركن الخطأ ، ركن الضرر ، ركن علاقة السببية بين الخطأ و الضرر الناجم . وسنحاول في هذا الفصل التعريف بالأخطاء المرفقية والشخصية ومميزات الأضرار الناجمة عنها عبر هذين المبحثين :

المبحث الأول : الأخطاء المرفقية و الشخصية :
تتميز المسؤولية الإدارية على أساس الخطأ في الفرق بين طبيعة الخطأ و النتائج المترتبة عنه في كل من القانون المدني و قانون المسؤولية الإدارية.
فإذا كان كل خطأ في القانون المدني يؤدي إلى مسؤولية مرتكبه أو المسؤول عنه و يلزمه بتعويض الضرر الذي ألحقه بالضحية فإن هذه القاعدة المطلقة في القانون المدني لا توجد بنفس القوة في قانون المسؤولية الإدارية بحيث لا تكون الإدارة مسؤولة عن كل خطأ ارتكب من أحد موظفيها أو أحد مرافقها و لقد عرفت نظرية الخطأ في المسؤولية الإدارية تطورا ملحوظا بالنسبة للدفاع عن حقوق الضحايا ، و ظهر هذا التطور أثناء مراحل عملية التمييز التي قام بها القضاء الإداري بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي بحيث توسع مجال الخطأ المرفقي على حساب الخطأ الشخصي كما تم هذا التطور بفضل نظرية الجمع بين الخطأ الشخصي و المرفقي وما يترتب عنها [2].
و إن لتحديد نوع الخطأ و طبيعته دور كبير في تحديد مسؤولية الإدارة و مجال المسؤولية الشخصية للموظف ، ولذلك قام كل من الفقه و القضاء الإداريين بتمييز الخطأ المرفقي عن الخطأ الشخصي وما يترتب عنهما من اختصاص قضائي وسنتعرض لمفهوم الخطأين والعلاقة بينهما عبر المطالب الثلاثة التالية:

المطلب الأول : مفهوم الخطأ المرفقي :
اتفق الفقه و القضاء على صعوبة تحديد مفهوم الخطأ المرفقي وذلك ناتج إلى كونه مستنبط من أحكام القضاء الإداري و سنحاول استبيان هذا المفهوم من خلال تعريفاته الفقهية والقضائية و تحديد صوره و حالاته عبر هذين الفرعين .
الفرع 1: تعريف الخطأ المرفقي :
عرف الخطأ المرفقي (المصلحي) بأنه الخطأ الذي ينسب إلى المرفق العام حتى و لو كان الذي قام به ماديا هو أحد موظفي الإدارة ، كما عرف بأنه الخطأ الذي يشكل إخلالا بالالتزامات وواجبات قانونية سابقة عن طريق التقصير و الإهمال الذي ينسب إلى المرفق العام ذاته و يعقد المسؤولية الإدارية [3]
ويرى الدكتور سليمان محمد الطماوي أن هذا الإصطلاح : الخطأ المرفقيla faute de service يرجع في الفقه الإداري الفرنسي إلى مفوضي الحكومة أمام مجلس الدولة الفرنسي "Commissaires du gouvernement " في مذكرتهم التي يقدمونها بمناسبة قضايا المسؤولية ، لاسيما المفوض "Romien" في مذكرته بمناسبة حكم مجلس الدولة الصادر في 21 يونيو 1895 في قضية "Cames" , والمفوض "Teisser" بمناسبة حكم المجلس الصادر في 29 ماي 1903 في قضية "le berre" ثم تبناه مجلس الدولة نهائيا إبتداءا من سنة 1904 وقد جاء فيه :
"une faute de service peut seule expliquer qu'une semble erreur ait été commise.[4]
فالخطأ المرفقي في طبيعة جوهره هو خطأ شخصي للموظف العام من الناحية الديناميكية ولكن نظرا لاتصاله بالوظيفة العامة صيغ بصيغتها فتحول إلى خطأ وظيفي .
ومن الصعب تعريف الخطأ المرفقي (المصلحي) فهو مرتبط بالحالة المدروسة . فمن طرق تعريفه , التعريف السلبي بتمييزه عن الخطأ الشخصي و كذلك طريقة تحديد مظاهره وصوره الأكثر شيوعا .
ويعرفه الدكتور عمار عوابدي[5] : الخطأ المصلحي أو الوظيفي هو الخطأ الذي يشكل إخلالا بالتزامات وواجبات قانونية سابقة عن طريق التقصير والإهمال الذي ينسب ويسند إلى المرفق ذاته ويقيم ويعقد المسؤولية الإدارية ويكون الإختصاص بالفصل والنظر فيه لجهة القضاء الإداري في النظم القانونية ذات النظام القضائي الإداري .
أما الفقيه فالين فيعرفه " بأنه الخطأ الذي لايمكن فصله عن المرفق العام " [6]

الفرع 2: صور الخطأ المرفقي
إذا كان الخطأ المرفقي يتمثل في إخلال الإدارة بالتزاماتها , فإن أمثلة هذا الخطأ تتعدد وتتنوع بتنوع التزامات الإدارة و بتنوع صور الإخلال بها و يمكن أن ترد مظاهر إخلال الإدارة بالتزاماتها إلى ثلاثة صور أساسية : ـ حالة التنظيم السيء للمرفق العام .
ـ حالة سوء سير المرفق العام .
ـ حالة عدم سير المرفق العام .
1/ التنظيم السيء للمرفق العام :agencement du service " "Mauvais
تتحقق هذه الصورة في الحالة التي تكون فيها الأضرار اللاحقة بالضحية ناتجة عن التنظيم السيء للمرفق العام، فعندما تتوفر له كل الإمكانيات المادية والبشرية لكنه لم يحسن تنظيم واستغلال هذه الوسائل للسير الحسن للمرفق ينسب الخطأ للمرفق ويتحمل عبء التعويض وكذلك إذا ما تباطأت الإدارة في تنفيذ أمر كان يتحتم عليها تنفيذه تباطأ أكثر من اللازم والمعقول في أداء تلك الخدمات وترتب عنه ضرر للأشخاص تقوم مسؤوليتها وتتحمل عبء التعويض عن ذلك الضرر .
وقد طبق القضاء الجزائري هذه الحالة عندما قضت الغرفة الإدارية بالمحكمة الإدارية بموجب قرارها المؤرخ في 08/04/1966 وتتلخص وقائع هذه القضية أن الإدارة وظفت السيد ّحميطوشّ وفق شروط غير قانونية ولم تنتبه إلى هذه الوضعية إلا بعد مرور ثماني سنوات عن توظيفه فأرادت الإدارة تصحيح هذه الغلطة، فلجأت إلى إلغاء قرار توظيفه فرفع النزاع إلى الغرفة الإدارية التي قررت بأن هذا التأخير يشكل خطأ مرفقيا ملزما لمسؤولية الإدارة. [7]
ومن مظاهر سوء تنظيم المرفق العام أيضا سوء تهوية الأمكنة العمومية التي يعمل بها الموظفون عقب تدفئتها بالفحم فتؤدي إلى تسمم بعض العاملين بها .[8]
2/ سوء سير المرفق العام: Le service a mal fonctionné
يتمثل الخطأ هنا في الأعمال الإيجابية التي تؤدي بها الإدارة خدماتها ولكن على وجه سيئ مما يتسبب في الإضرار بالغير،وقد يكون الخطأ هنا في صورة عمل مادي أو في صورة قرار إداري مخالف للقانون [9]. كما لو طارد أحد رجال الشرطة ثورا هائجا في الطريق العام وأطلق عليه الرصاص فأصابت رصاصة أحد الأفراد فجرحته وهو داخل منزله [10]
ويمكننا هنا ذكر قضية فصلت فيها الغرفة الإدارية للمحكمة العليا قرار رقم 52862 بتاريخ16\5\1988،وهي قضية مدير مستشفى وهران ضد فريق ب تتلخص وقائع هذه القضية : أن أحد المجانين (مريض عقلي) أدخل المستشفى ووضع في نفس الغرفة التي كان يتواجد بها ابن فريق (ب) المطعون ضده وقام المريض عقليا بأعمال عنف أدت إلى وفاة ابن المطعون ضده ، ورفضت الغرفة الإدارية جميع دفوع المستشفى الرامية إلى تقدير عدم مسؤوليته، حيث أن الغرفة الإدارية عرضت حيثياتها على الشكل التالي:
"حيث أن إدارة المستشفى تقر بعلم عمال المستشفى وكذا المرضى بأن المدعو(م) مصاب بمرض عقلي وأنه كان يتعين بالتالي حراسته ، خاصة باعتباره يشكل خطرا محققا بالنسبة لنزلاء المستشفى وأن الأعوان الذين قرروا وضع هذا المريض في نفس غرفة الضحية (ب.م)خلقوا خطرا تتحمل الإدارة تبعته ، وأنه يوجد بالفعل في هذه القضية خطأ مرفقي ".
ففي هذه القضية نلاحظ إهمال رقابة مريض عقلي و يمثل سوء سير المرفق العام كصورة من صور الخطأ المرفقي.
3/ عدم سير المرفق العام:
هذه الصورة أحدثت نسبيا من الحالات السابقة ، وترجع إلى تبلور الأفكار الخاصة بسير المرافق العمومية، فسلطات الإدارة لم تعد امتيازا لما تباشره كيفما شاءت ومتى أرادت ولكنها واجب على الموظف يؤديه بكل أمانة ومع حرصه التام على المصلحة العامة.
ويتمثل الخطأ هنا في موقف سلبي يتخذه المرفق بالإمتناع عن أداء خدمة أو الأعمال التي يكون ملزما بها قانونا .
وقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي أولى تطبيقات هذه الحالة بمناسبة الأضرار الناجمة عن الأشغال العامة لكن يجب عدم الخلط بين الأضرار الناجمة عن قيام المسؤولية الإدارية عن المخاطر و المسؤولية الإدارية عن الخطأ . ثم عمم مسؤولية الإدارة إدا ما ترتب الضرر على إهمال الإدارة في رقابة الأشخاص الذي يجب عليها رقابتهم ، كأن يكون تلاميذ في المدرسة و يلحقهم ضرر نتيجة الإهمال في الرقابة ،وكما لو أهملت إدارة مستشفى الأمراض العقلية في رقابة المجانين فتمكن أحدهم من الهرب أو أشعل حريقا . وقد أخذ القضاء الإداري الجزائري بهذا الاتجاه ، ففي هذا المضمار فصلت الغرفة الإدارية للمحكمة في قضية عرفت باسم صاحبها وهو السيد "بن قاسي" ضد وزير العدل التي صدر فيها قرار في 19/04/1972 وتتلخص وقائع هذه القضية في: تلقي أحد كتاب ضبط المحكمة مبلغا ماليا في شكل أوراق تمت مصادرتها من طرف الضبطية القضائية بمناسبة توقيف السيد: بن قاسي غير أن كاتب الضبط هذا سهى عن تقديمها لوكيل الجمهورية وفي هذه الأثناء قررت الإدارة تبديل الأوراق المالية المتداولة بأوراق مالية جديدة وهكذا بقي المبلغ المحجوز في خزينة المحكمة دون تبديل ، وبعد الإفراج عن صاحب هذه الأوراق المالية السيد" بن قاسي" قام هذا الأخير برفع دعوى إدارية ضد وزير العدل طالبا تعويضه عن الأضرار اللاحقة به من جرّاء عدم قيام كاتب الضبط بواجبه " عدم تبديل الأوراق المالية " باعتباره موظفا في مرفق القضاء. وهكذا رتب القضاء الإداري مسؤولية الدولة عن الأضرار اللاحقة بالمدعي بسبب عدم سير المرفق العام [11]
فهذا مثال عن عدم تسيير المرفق أو الجمود الإداري.
ومن أشكال عدم سير المرفق العام التي ترتب المسؤولية الإدارية انعدام الصيانة العادية وهي صورة من صور المسؤولية عن الأشغال العمومية و التي قد تؤدي في بعض الحالات إلى حوادث المرور. وفي مجال الأشغال العمومية يتعايش نظامان للمسؤولية الإدارية ، نظام المسؤولية غير الخطئية عندما يتعلق الأمر بالأضرار التي تصيب الغير و ثانيهما هو نظام المسؤولية الخطئية عندما يتعلق الأمر بالأضرار التي تصيب المشاركين و المنتفعين من الأشغال العمومية .
والمسؤولية عن انعدام الصيانة العادية كانت تندرج ضمن هذه الأخيرة ، ومن ثمة كانت تقوم على أساس الخطأ مبدئيا مع تخفيفه إلى فكرة الخطأ المفترض ، وهي قابل لدفعه بأن تثبت الإدارة بأنها قامت بالأشغال اللازمة لضمان الصيانة العادية . وقد تطور نظام المسؤولية الخطئية من انعدام الصيانة إلى المسؤولية غير الخطئية عن الإنشاءات الخطرة وهذا من أجل حماية الضحية أكثر ولهذا لم يعد مهما إثبات الخطأ و تأسيس المسؤولية عليه بقدر ما أصبح ضروريا الأخد بعين الإعتبار المخاطر الإستثنائية للأشغال و المنشآت العامة و بالتالي تعويض الأضرار الناتجة عن جميع هذه المخاطر بغض النظر عن وجود خطأ أم لا .[12]

هذه هي إذن بعض حالات وصور الخطأ المرفقي الشائعة في القضاء الإداري .

المطلب الثاني : مفهوم الخطأ الشخصي :
نبحث في هذا المطلب عن الخطأ الشخصي الذي يرتب المسؤولية الإدارية أمام القضاء الإداري وليس المسؤولية المدنية أمام القضاء العادي و للتعرف عن الخطأ الشخصي الذي يرتكبه الموظف سنطرح هذه الفكرة عبر فرعين ، فرع لتحديد الخطأ الشخصي و الآخر لمعرفة معايير تحديده .
الفرع 1: تعريف الخطأ الشخصي
الخطأ الشخصي هو الخطأ الذي يقترفه ويرتكبه الموظف العام إخلالا بالتزامات وواجبات قانونية يقررها إما القانون المدني فيكون الخطأ الشخصي للموظف العام خطأ مدني يرتب و يقيم مسؤوليته الشخصية و قد يكون الإخلال بالالتزامات و الواجبات القانونية الوظيفية المقررة و المنظمة بواسطة قواعد القانون الإداري فيكون الخطأ الشخصي للموظف العام هنا خطأ تأديبيا يقيم مسؤولية الموظف التأديبية [13]
وعرفه العميد هوريو بأنه : الخطأ الذي يمكن فصله عن أعمال الوظيفة وواجباتها انفصالا ماديا ومعنويا[14]
أما الفقيه لافريير laffrriere عرفه :" أن الخطأ يكون شخصيا عندما يصدر فعل ضار من الموظف في تأديته لوظيفته وكان هذا الفعل مطبوعا بطابع شخصي يتميز بعدم الحرص والتبصر ويكشف عن وهن الأنسان وأهوائه عد هذا الخطأ شخصيا وبذلك يجب البحث في نية الموظف أثناء تأدية وظيفته"[15]
ونستطيع أن نستخلص من هذه التعاريف أن الخطأ الشخصي هو:"الإخلال بالتزام قانوني يرتكبه الموظف العام بغرض تحقيق مصلحة شخصية لا وظيفية عن قصد ويحدث ضررا بالغير,"
وهكذا إختلفت التعريفات و المعايير الفقهية المحددة له وهذا ما سنبينه في الفرع الثاني محاولين تحديد مفهوم الخطأ الشخصي الذي يرتب المسؤولية الإدارية.



الفرع 2:المعايير الفقهية لتحديد الخطأ الشخصي
إختلف الفقهاء في معايير تحديد الخطأ الشخصي وأهم هذه المعايير:
1/معيار لافرييــر "Laferriere":
يقوم هذا المعيار على أساس النزوات الشخصية للموظف المنسوب إليه الخطأ فهو يرى أن الخطأ يعتبر شخصيا إذا كان التصرف الضار مطبوعا بطابع شخصي يكشف عن نية و ضعف وعدم تبصر الموظف. أما إذا كان العمل الضار غير مطبوع بطابع شخصي وينبئ عن موظف عرضة للخطأ والصواب فيكون الخطأ مرفقيا أو مصلحيا .
هذا المعيار نادى به الفقيه لافريير هو معيار شخصي يقوم به الموظف وهو يؤدي واجباته الوظيفية على أساس القصد السيئ و يتحقق في حالتين: - كلما قصد الإضرار بالغير أو - قصد فائدته الشخصية .
و يتحمل الموظف مسؤولية التعويض بتطبيق القواعد العامة ويعود اختصاص الفصل إلى القاضي العادي.
ويعاب على هذا المعيار عدم أخذه بالخطأ الجسيم الذي يقع من جانب الموظف حسن النية ورغم ذلك أدرجه القضاء الإداري في بعض الحالات في نطاق الخطأ الشخصي .
2/معيار هوريو "Hauriou":
يقوم هذا المعيار على أساس فصل الخطأ عن الوظيفة ففرق بين حالتين :
أ- حالة الخطأ الشخصي المنفصل انفصالا ماديا عن الواجبات الوظيفية .
ب-حالة الخطأ الشخصي المنفصل انفصالا معنويا عن واجب الوظيفة (أغراض لا تخص الوظيفة)
و يعاب على هذا المعيار أنه واسع نوعا ما لكونه يجعل كل عمل إداري مهما كانت بساطته خطأ شخصيا بمجرد كونه منفصل عن الوظيفة .
3/ معيار دوجي " Duguit " :
يقوم هذا المعيار على أساس الغاية من العمل الإداري الخاطئ.
فإذا كان الموظف قصد بعمله تحقيق أغراض شخصية لا علاقة لها بالوظيفة أو الاستفادة من سلطات وظيفته فإن الخطأ يعتبر شخصيا ، وإذا قصد بعمله تحقيق أغراض الوظيفة فإن الخطأ يعد مرفقيا [16]
ومعنى هذا أن الموظف لا يسأل حين يستعمل سلطات هذه الوظيفة لأغراضه الشخصية .
ويعاب هذا المعيار أنه غير عملي فيؤدي إلى إعفاء الموظف من المسؤولية في جميع الحالات التي يكون فيها خطأه بحسن نية.
4/ معيار جيز" Jeze"
يقوم هذا المعيار على أساس جسامة الخطأ فيعتبر الخطأ شخصيا إذا كان جسيما بحيث لا يمكن اعتباره من الأخطاء العادية التي يأتيها الموظف في حياته الوظيفية.[17]
5/ معيار شابي " Chapus "
قال هذا الفقيه أنه لا يوجد مفهوم للخطأ الشخصي، بل هناك عدة أخطاء شخصية
- يمكن حصرها في ثلاثة أصناف:
الصنف1: الخطأ الشخصي المرتكب أثناء ممارسة الوظيفة.
الصنف2: الخطأ المرتكب خارج الوظيفة لكن له علاقة بها.
الصنف3: الخطأ الشخصي الذي ليس له أية علاقة بالوظيفة.
* اقتران الخطأ الشخصي بحالات أخرى:
أ/ الخطأ الشخصي والخطأ الجزائي:
لقد تميز القضاء الإداري في مرحلة أولى بربط الخطأ الجزائي بالخطأ الشخصي، وهكذا اعتبر كل خطأ جزائي ارتكب من طرف الموظف هو خطأ شخصي.
غير أن القضاء الفرنسي وابتداء من عام 1935 غير من موقفه هذا ، وقرر مسؤولية الإدارة عندما يرتكب الخطأ الجزائي من طرف الموظف، وميز هنا من حيث نية الفاعل أي اعتمد على عنصر العمد ، فإذا كان للموظف نية أو العمد في اقتراف الفعل الضار يكون الخطأ شخصيا.
وقد طبق القضاء الجزائري الفاصل في القضايا الإدارية هذا المبدأ في قضية ضد رئيس بلدية بتاريخ 07/03/1967 [18] : حيث كانت البلدية مكلفة بجمع الأموال ، غير أن رئيسها ألزم أحد المواطنين بأن يدفع له مبلغ 5000 دج تحت التهديد بالموت، فتصرف رئيس البلدية هنا ليس له علاقة بالمرفق العام إنما يعد خطأ شخصيا يدخل ضمن أحكام قانون العقوبات ويقيم المسؤولية الشخصية لهذا الموظف.
أما إذا كان الخطأ غير عمدي فتبقى المسؤولية على الإدارة مثل ما قضت به الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا في قضية السيد " صايغي رشيد " ضد المستشفى المدني بالأخضرية بتاريخ 22/01/1977 [19]
وتتلخص وقائع هذه القضية في أن الطبيب "بانتاف Pentev " يعالج الشاب " صايغي" في المستشفى المدني بالأخضرية، ثم باشر الطبيب " بانتاف" علاج الشاب خارج المستشفى أي في بيت صايغي وعلى إثر هذه المعالجة حدثت أضرار بالغة للشاب، فرفعت دعوى أولا ضد الطبيب أمام القضاء الجزائي الذي قرر أن الطبيب ارتكب خطأ جزائيا يتمثل في الجرح الخطأ غير العمدي، ثم رفعت أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر التي قررت ما يلي : " حيث أن الضرر المطلوب تعويضه من طرف السيد " صايغي " قد تسبب فيه الطبيب " بانتاف " الذي كان يشتغل بالمستشفى.
حيث أن هذا الأخير ( الطبيب) الذي استجاب لضميره المهني باشر علاج الشاب "صايغي" في منزله
حيث أن التصرف الإيجابي للطبيب لم يمنع القاضي الجزائي أن يقرر بأن الأضرار التي لحقت بالشاب كانت نتيجة خطأ جزائي ارتكبه الطبيب .
لكن حيث أنه بدون المرفق لم يكن يستطيع الطبيب المباشر علاج الشاب في منزله .
حيث أنه في هذه الظروف يكون للخطأ الشخصي المعاقب بقرار جزائي علاقة بالمرفق وهكذا قررت الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا أن مستشفى الأخضرية هو المسؤول المدني لوحده عن الضرر الذي ارتكبه الطبيب " بانتاف "على الشاب لأن الخطأ الجزائي لم يتوفر فيه عنصر العمد .
ب/ حالة الخطأ الشخصي وتجاوز السلطة :
في هذه الحالة اشترط كل من الفقه و القضاء البحث عن نية مصدر القرار الإداري غير المشروع .
وتحدث هذه الحالة في عيب الانحراف في استعمال السلطة ، حيث اعتبر القضاء الإداري الانحراف في استعمال السلطة لا يكون خطأ شخصيا إلا إذا اكتشف أن الهدف المتبع من طرف الموظف له طابع شخصي ترافقه رغبة في الانتقام من الضحية .
ثم تعرض الفقه و القضاء لحالة الخطأ الشخصي و الاعتداء المادي ، ففي المرحلة الأولى اعتبر الاعتداء المادي خطأ شخصيا ثم تراجع القضاء الإداري عن هذا الموقف ، و اعتبره يكون المسؤولية الإدارية وليس مسؤولية الموظف صاحب العمل المادي .
ج/ حالة الخطأ الشخصي و أوامر الرئيس :
أي هل الخطأ المرتكب من طرف موظف نتيجة لأمر رئيسه خطأ شخصي أم لا ؟
مبدئيا ينتج عن تنفيذ أمر صادر من الرئيس أن المسؤولية تنتقل إلى هذا الأخير ، إلا في حالة ما إذا كان الأمر المطلوب تنفيذه تظهر فيه اللامشروعية بصفة جلية فتكمن المسؤولية الشخصية للموظف.

المطلب الثالث: العلاقة ما بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي
تعرض الفقه والقانون والقضاء بإسهاب للعلاقة بين الخطأ الشخصي المرفقي وتعددت الآراء والقواعد فظهرت فكرتين أساسيتين في العلاقة ما بينهما من أجل تحديد مسؤولية كل من الإدارة العامة والموظف فأول فكرة ظهرت من خلال القضاء الفرنسي هي فكرة التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي من أجل تحقيق فكرة العدالة لكن هذه القاعدة وردت عليها استثناءات ولم تؤخذ على إطلاقها وذلك بفعل التطور الذي يصيب القانون والقضاء الإداري حيث ظهرت قاعدة الجمع بين مسؤولية الموظف ومسؤولية الإدارة تحت ظروف واعتبارات خاصة وسنحاول تناول هذه العلاقة والنتائج المترتبة عنها بإختصار في هذين الفرعين .
الفرع 1 : قاعدة التفرقة بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي و نتائجها :
ينبغي أن ننبه أولا إلى أن التفرقة بين الخطأ الشخصي و الخطأ المصلحي لا تعني أن الأول يرجع إلى عمل الموظف و أن الثاني يرجع إلى فعل المصلحة أو المرفق ذاته ، فالأخطاء التي تحدث بمناسبة عمل المرفق تكون كلها تقريبا نتيجة لفعل أو نشاط موظف أو أكثر وذلك لأن الأشخاص الإدارية هي أشخاص معنوية تعمل بواسطة موظفيها ، و على ذلك يكون معنى التفرقة بين نوعي الخطأ أن الخطأ الشخصي يصدر من الموظف و ينسب إليه شخصيا بحيث يتحمل هو مسؤوليته من ماله الخاص ، أما الخطأ المصلحي أو المرفقي و رغم حدوثه عادة بفعل موظف أو أكثر فإنه ينسب إلى المرفق العام و يعتبر صادرا منه و يسأل بالتالي عنه دون الموظف .
وقد تعددت معايير التفرقة بين نوعي الخطأ ، لأن القضاء لا يلتزم بقواعد ثابتة أو معايير محددة ، و إنما يهتم بوضع الحل الملائم لكل حالة على حدا تبعا لظروفها ، و يمكن أن نقول بصفة عامة أن الخطأ الشخصي هو الخطأ الذي ينفصل عن العمل الإداري و أن الخطأ المرفقي هو الذي لا ينفصل عنه .[20]
فيمكن أن نستخلص من أحكام القضاء بعض الأفكار التي يسترشد بها للتفرقة بين نوعي الخطأ ، و هي أفكار عامة و عوامل مرنة و ليست معايير محددة ، و تدور هذه العوامل أساسا حسب وضع الخطأ بالنسبة للوظيفة موضوعيا وحول نسبة مساهمة الموظف مرتكب العمل الضار و مدى جسامة الخطأ.
المعيار الأول : الخطأ الخارج عن نطاق الوظيفة :
يعتبر الخطأ شخصيا إذا كان الموظف أثناء ارتكابه له يقوم بعمل خارج عن نطاق أعمال وظيفية ، أي أن الخطأ يكون شخصيا ولا يسأل عنه الموظف ، إذا كان موضوع العمل الذي يقوم به غريبا عن مجال العمل الإداري ، أما إذا كان الموظف يقوم بأعمال وظيفية ولو بشكل سيء ، فإن الخطأ يمكن أن يعتبر مرفقيا .
وعلى هذا الأساس يعتبر خطأ شخصيا ، الأفعال التي تتصل كلية بالحياة الخاصة للموظف و الأعمال التي لا تدخل في نطاق مباشرة الوظيفة .
في مثل هذه الحالات يسأل الموظف شخصيا عن الفعل الضار بصرف النظر عن نيته أو مدى جسامة الخطأ ، و ينفصل هذا النوع من الخطأ عن الوظيفة ماديا و تنعقد المسؤولية الشخصية للموظف وفقا لقواعد القانون المدني و أمام المحاكم العادية ذلك لأن الوظيفة العامة لا تستغرق الحياة الخاصة للموظف .
وظهر هذا المعيار خلال الفصل في قضية السيدة "ميمور" "Mimeur" وتتلخص وقائع هذه القضية التي فصل فيها مجلس الدولة الفرنسي يوم 18/7/1947 في أن شاحنة عسكرية حطمت حائطا للسيدة " ميمور" وثبت من وقائع الحادث أن السائق خرج عن مسلك المرور المحدد له بالمهمة وارتكب هذا الضرر، وذكر مجلس الدولة الفرنسي في هذا الحكم رغم أن الموظف أخطأ شخصيا عندما لم يحترم المسلك المحدد له وحمل المسؤولية للدولة كون الخطأ المرتكب له علاقة بالمرفق العام وصرح بموجب هذا الحكم بأن الدولة لها حق الرجوع على الموظف كون الخطأ المرتكب في الأصل هو خطأ شخصي.


المعيار الثاني : الخطأ العمدي
في هذا النوع من الخطأ يبحث القاضي سوء نية صاحب الخطأ ، فيكون الخطأ شخصيا حتى لو ارتكبه الموظف حيث يكون عمل الموظف في هذه الحالة تحركه أغراض شخصية كالرغبة في الكيد والانتقام أو تحقيق منفعة ذاتية ، والتمييز على أساس النية يعد تطبيقا لفكرة ( لافيريير) عن ( الأهواء الشخصية) ولمعيار الغاية الذي قال به (دوجي).
المعيار الثالث : الخطأ الجسيم
يعتبر الخطأ شخصيا حتى لو استهدف المصلحة العامة إذا كان الخطأ جسيما وتظهر جسامة الخطأ في 3 صور[21] :
1- أن يخطئ الموظف خطأ جسيما كما لو قام أحد الأطباء بتطعيم عدد من الأطفال ضد الدفتيريا بدون اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة فأدى إلى تسمم الأطفال...
2- أن يخطئ الموظف خطأ قانونيا جسيما كما في الموظف الذي يتجاوز اختصاصاته بصورة بشعة كما لو أمر أحد الموظفين يهدم حائط يملكه أحد الأفراد.
3- أن يكون الفعل الصادر من أحد الموظفين مكونا لجريمة جنائية تخضع لقانون العقوبات .
وقد أيد القضاء الجزائري هذه الفكرة ،إذ صدر حكم الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي لتيزي وزو بتاريخ 4 مارس 1969 في قضية د.أ ضد ضابط الشرطة القضائية السابق (م.ب) الذي كان ضابطا في الشرطة وقت حدوث وقائع هذه القضية ، وكان قد استولى على مفاتيح الدكان الذي يملكه السيد : د.أ و الذي كان محبوسا في مركز الشرطة فأخذ هذا الضابط المفاتيح التي كانت من بين المحجوزات في هذا المركز وخرج منه دون إذن أو رخصة من قائد فرقته أو من صاحب الدكان وذهب لفتح الدكان ثم ذهب إلى منزل هذا الشخص الموقوف وحاول اغتصاب زوجته وعند تعالي استغاثتها وصل قائد الفرقة الذي ضبطه متلبسا بجريمته ،وهكذا حكم عليه بالمسؤولية الجنائية و المدنية الشخصية عن الضرر المادي والمعنوي المتولد عن خطئه الجنائي ذلك. [22]
و قد لوحظ على مجلس الدولة الفرنسي في هذا النطاق أنه كان يميل إلى حماية الموظف العام وهو بصدد تقدير جسامة الخطأ فهو لا يعتبر الخطأ شخصيا إلا إذا كان على درجة خاصة و استثنائية من الجسامة .
نتائج التفرقة :
1) لتحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في النظم القانونية التي تطبق ازدواجية القضاء و القانون حيث تختص جهات القضاء الإداري بالنظر و الفصل في دعاوى التعويض و المسؤولية الإدارية المنعقدة على أساس الخطأ المرفقي ، كما تختص جهات القضاء العادي بالنظر و الفصل في دعاوى المسؤولية والتعويض عندما يكون أساس المسؤولية هو الخطأ الشخصي للموظف العام
2) و لهذه التفرقة أهميتها البالغة بالنسبة لحسن سير الوظيفة العامة و انتظامها و تقدمها بحيث أنها تهيئ الجو اللائق و المناسب للوظيفة العامة ، إذ أن إدراك الموظف العام و هو يباشر مهام وظيفته العامة بعدم مسؤوليته عن الأخطاء المرفقية الوظيفية ، يخلق له ذلك جوا من الطمأنينة و الاستقرار النفسي مما يدفعه إلى الخلق و الإبداع ، بينما عدم إعمال فكرة هذه التفرقة و مساءلته مدنيا يجعله يلقي بنفسه في أحضان الروتين تجنبا للمسؤولية .
3) ترمي التفرقة إلى تحقيق فكرة العدالة في تحميل المسؤولية و عبء التعويض .

الفرع 2: قاعدة الجمع بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي ونتائجها
إعتبر القضاء الإداري لمدة طويلة أن المسؤولية الإدارية مانعة للمسؤولية الشخصية ولا تقوم مسؤولية الإدارة على أساس الخطأ المرفقي وأدى هذا الموقف إلى وضع ضحايا أخطاء شخصية مرتكبة من طرف موظف مفلس ، مما دفع القضاء الإداري أن يتساءل عما إذا كان الخطأ الشخصي يلزم الإدارة فتكون مسؤولة عن نتائجه وأدت هذه الوضعية إلى ظهور "نظرية الجمع" .
ونظرية الجمع بين الخطأين أدت إلى ظهور نظرية الجمع بين المسؤوليتين[23] وتطورت نظرية الجمع بين المسؤولية المرفقية و المسؤولية الشخصية إلى التفريق بين الجمع بين المسؤوليتين في حالة تعدد الأخطاء والجمع بين المسؤوليتين من خطأ واحد وهو الخطأ الشخصي ويتحقق جمع الأخطاء عندما يكون الضرر نتيجة خطأ شخصي وخطأ مرفقي ارتكبهما موظف ما، حيث تشترك الوقائع المكونة للخطأ المرفقي مع الوقائع المكونة للخطأ الشخصي وينتج الضرر عن كليهما معا .
و قد سلم مجلس الدولة الفرنسي بهذه القاعدة لأول مرة في حكمه في قضية أنجي "Anguet" الصادر بتاريخ 03/02/1911 حيث دخل المدعي إلى مكتب البريد لقبض حوالة و عند خروجه لاحظ أن الباب المخصص لذلك مغلق ، فلكي يخرج من المكتب لجأ إلى باب مخصص للموظفين و عند ذلك أمسك بقسوة من طرف المستخدمين الذين ألقوا به خارجا مسببين له كسرا و بناءا على دعوى المضرور ارتأى القاضي بأن الحادث نتج عن خطأين متميزين :
- خطأ مصلحي أو مرفقي ناتج عن غلق مكتب البريد قبل الوقت المحدد ، فالمرفق يسير بشكل سيء و هذا هو مصدر الضرر.
- خطأ شخصي لأعوان البريد الذين عاملوا المضرور بقسوة عوض دعوته إلى الخروج من المكتب بهدوء .
و قد أخذت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا بهذه النظرية ، أي نظرية جمع الأخطاء في قضية "بلقاسي" ضد وزير العدل.[24]
حيث قررت الغرفة الإدارية أن هذا الضرر يعود سببه إلى خطأ شخصي ارتكبه كاتب الضبط يتمثل في إهماله و خطا مرفقي يتمثل في سوء سير مصلحة كتابة الضبط و حكم على الإدارة " وزارة العدل " بتعويض السيد "بلقاسي" عن الضرر الذي لحق به .
ـ تطور قاعدة الجمع بين خطأين إلى قاعدة الجمع بين المسؤوليتين :
ونكون أمام حالة جمع المسؤوليتين عند حدوث ضرر ناتج عن خطأ شخصي فقط ويقرر القاضي الفاصل في المواد الإدارية بمسؤولية الإدارة التي ينسب لها العمل الضار ، ولقد سمحت قاعدة جمع المسؤوليتين بتوسع مجال المسؤولية المترتبة عن عملية التفرقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي والمتمثلة في إعفاء الإدارة من مسؤوليتها في حالة إرتكاب خطأ شخصي . وظهرت نظرية جمع المسؤوليتين على مرحلتين :
1/ جمع المسؤوليتين بسبب خطأ شخصي يرتكب داخل المرفق العام :
قرر القضاء الفرنسي أول مرة هذه القاعدة في قضية " لومونوتي" في قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ 26\7\1918[25] حيث قرر أن البلدية مسؤولة عن الخطأ الشخصي الذي ارتكبه رئيس البلدية و الذي هو منفصل عن المرفق و قد برر مجلس الدولة قراره قائلا " يمكن للخطأ الشخصي المرتكب أثناء المرفق أن ينفصل عنه لكن لا ينفصل المرفق عن هذا الخطأ " و قد طبق القضاء الجزائري هذه القاعدة.


2/جمع المسؤوليتين بسبب خطأ شخصي واقع خارج الخدمة:
و تتحقق هذه الحالة عند ارتكاب الموظف لخطأ خارج الخدمة وله صلة بالمرفق العام كما في حالة استعمال الموظفين للسيارات الحكومية التي في عهدتهم وذهبوا بها لأداء خدمات وأغراض خاصة به فإذا ما تسببوا بواسطة هذه السيارات في إحداث أضرار للغير استوجب القضاء الإداري قيام المسؤولية الإدارية إلى جانب المسؤولية الشخصية للموظف.
وقد طبق القضاء الجزائري هذه الفكرة فنجد مثلا قرار مجلس الدولة الجزائري الصادر في 01/02/1999[26] ، وتتلخص وقائع هذه القضية : أنه أسندت للشرطي (ع.ر) مهمة الحراسة بلباس مدني بمستودع ميترو الجزائر و كان حائزا لسلاحه الناري الخاص بعمله غير أنه أهمل منصب عمله و ذهب إلى ساحة الشهداء ليشتري (محارق) و استعمل سلاحه الخاص بالخدمة ضد المدعو ( بشاني نور الدين ) و أصابه بجروح خطيرة أدت إلى وفاته ، فرفعته أرملته دعوى تعويض أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر حكمت الغرفة بالتعويض لها و لأولادها و عند استئناف القرار الأخير أمام مجلس الدولة من طرف مديرية الأمن طالبة إخراجها من الخصام لأن الخطأ كان شخصيا و الشرطي لم يكن في خدمته لكونه أهمل منصب عمله إلا أن طلباتها رفضت وتم تأييد القرار المستانف على أساس أن الحادث وقع بسبب وظيفته و أن مديرية الأمن مسؤولة عن عمل تابعيها .
أما إذا ارتكب الخطأ خارج الخدمة ولم تستعمل فيه وسائل و أدوات المرفق فإن الخطأ يعد خطأ شخصيا لانفصاله عن المرفق ماديا ومعنويا ، وعاقدا للمسؤولية الشخصية للموظف وحدها ولا يمكن للمضرور أن يحرك المسؤولية الإدارية إطلاقا في هذه الحالة .[27]
* رأينا أنه من نتائج قاعدة الجمع بين الأخطاء ظهور قاعدة الجمع بين المسؤوليتين وما ترتب عن هذه الأخيرة :
- أن تقوم الإدارة بدفع التعويض للمضرور حتى يضمن له عدم المماطلة و أخد حقوقه. ويجوز للإدارة الرجوع على الموظف لمسؤوليته عن الخطأ الشخصي المنفصل عن المرفق .
- لا تتحمل الإدارة بمفردها المسؤولية كاملة إلا في الخطأ المصلحي.
- و في حالة النزاع بين الإدارة و الموظف حول تقدير نصيب كل منهما فإن الجهة القضائية بحسم هذا النزاع هي جهة القضاء الإداري. كما ينتج عنها أيضا الحق للضحية في إختيار رفع دعوى ضد الإدارة أمام القضاء الإداري أو على الموظف أمام القضاء العادي.
و بهذا نكون قد أعطينا فكرة عامة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية أمام الفقه و القضاء. ومنه نستطيع أن ننتقل للتعرف على مميزات الأضرار التي تنجم عن هذه الأخطاء.



















المبحث الثاني : مميزات الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية :

بعد تعرفنا على الخطأ المرفقي و الشخصي سنتطرق بعدها إلى الضرر الناتج عن هذه الأخطاء و الذي يعد قابلا للتعويض فتنتج عنه المسؤولية الإدارية و الضرر هو : الأذى الذي يصيب الإنسان في جسمه أو ماله أو حقه أو عواطفه , و لكي تكون مسؤولية الإدارة قائمة بصفة فعلية , فإنه لا يكفي وجود ضرر فقط فيجب أن تتوفر بعض الشروط العامة في هذا الضرر ليكون قابلا للتعويض و أهمها و أبرزها : أن يكون شخصيا مباشرا , مؤكدا و يمس بحق مشروع أو مصلحة مشروعة و سنحاول تحليل هذه الشروط و المميزات عبر هذين المطلبين :

المطلب الأول : ضرر شخصي و مباشر
سندرس هاتين الميزتان في فرعين :
الفرع الأول : الضرر الشخصي : Le caractère Personnel du Préjudice
يعرف الضررالشخصي بأنه الضرر الذي يصيب الشخص في ماله أو جسمه أو عواطفه أو في الحقوق التي تدخل في تقويم ثروته , و نستطيع تقسيم الضرر الشخصي إلى الضرر الذي يلحق الأموال و الضرر الذي يلحق الأفراد .
أولا : الضرر الشخصي الذي يلحق الأموال :
إن هذا النوع من الضرر قد يمس ذاتية المال أو الانتفاع به , و يتحقق الضرر المالي بالاعتداء على الملكية الكلي أو الجزئي مثل : هدم منزل أو تخريب أرض أو أخد سيارة فقد قضى مجلس الدولة في قضية بلديـة الذرعان ضـد سوايبية عبد المجـيد و من معه في قرارها المؤرخ في : 31/01/2000 [28] لصالح لمطعون ضده برد السيارة أو بتعويضها نقدا و تتخلص وقائع القضية أنه حجزت سيارة السيد " عبد المجيد" بحظيرة البلدية بعد متابعته بجنحة التزوير في الملكية أمام محكمة الذرعان و بعد المحاكمة قضي ببراءته , و أمرت المحكمة برد السيارة له و عند طلبه ذلك من البلدية فوجئ بضياع السيارة من الحظيرة و عندها رفع دعوى أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء عنابة قضت بتعويضه عن الضرر المالي الذي أصابه و أيد مجلس الدولة قرار الغرفة الإدارية بالتعويض .
و نستخلص من خلال دراسة هذا القرار أن الخطأ المرفقي المرتكب هو تسليم السيارة لمصالح الأمن من طرف حراس الحظيرة على الرغم من أنهم خاضعين لرئيس البلدية و الضرر الناتج عنه هو ضياع السيارة ( و هو ضرر مالي ) .
ثانيا : الضرر الشخصي الذي يلحق بالأفراد :
نستطيع تقسيم الضرر الشخصي الذي يلحق الأفراد إلى الضرر الجسماني و الضرر المعنوي 1/الضرر الجسماني : من الأضرار الجسمانية التي تترتب عن الأخطاء المرفقية أو الشخصية نجد الأخطاء الطبية في المستشفيات و الأخطاء المرفقية التي تؤدي لحوادث لتلاميذ المدارس , فيحصل لشخص ما عجز دائم كلي أو جزئي كالضرر الجسماني الذي يتسبب في اختلال في الظروف الحياتية و المعاشية للمضرور , هذا ما أقرته الغرفة الإدارية للمحكمة العليا في قضية "بن سالم" ضد مستشفى الجزائر[29] إذا جاء في تسبيب القرار أن الطفل "بن سالم عبد الرحيم" لحقته أضرار شتى من العجز المؤقت و العجز الجزئي الدائم الناتج عن البتر النهائي لساعده الذي يؤثر على دراسته و التمتع بشبابه و تطلعاته المشروعة.
و قد قضى مجلس الدولة كذلك في قضية القطاع الصـحي بأدرار و من معه ضد "زعاف رقية "[30] بقرار صادر في : 19/04/1999 بتأييد القرار المستأنف فيه و القاضي بتعويض المستأنف عليها عن الأضرار الجسدية التي أصابتها من جراء الخطأ الطبي : 100% فأصيبت الضحية بعاهة مستديمة و المتمثلة في العقم و من تم حرمانها من عطاء الأمومة و إلى الأبد و هي في ريعان شبابها إضافة إلى ابنتها التي توفيت مباشرة بعد الولادة .
و يتعلق الضرر الجسماني بالأضرار التي تمس السلامة الجسمانية والضرر الجمالي والتألم الجسماني.
2/ الضرر المعنوي : هو الضرر الذي يصيب الشخص في شعوره و عاطفته و حنانه أو يصيبه في سمعته أو يمس حقا من حقوقه .
و إن مجلس الدولة الفرنسي كان في البداية يرفض التعويض عن الألم المعنوي معتبرا انه لا يمكن تقييمه ماليا بقوله " الدموع لا تقيم بالنـقود " و في سنة 1961 غير موقفـه بمـناسبة قضـية le Tisserand الصادر بتاريخ: 26/11/1961 ضد وزارة الأشغال العامة التي قبل فيها التعويض المعنوي[31]
و منذ هذه السنة صار مجلس الدولة الفرنسي يعوض عن الأضرار المعنوية و منها الآلام المعنوية خاصة الماسة بمشاعر المحبة في حالة الوفاة الناجمة عن خطأ إداري و كذا الأضرار الماسة بالسمعة و شرف الأشخاص أو الاعتداءات على حقوق الأفراد فيما يخص إفشاء الأسرار المهنية أو نشر صور فوتوغرافية لأشخاص ما بغرض الدعاية أو الاعتداءات على حرمة المراسلة.
أماعن موقف القضاء الإداري الجزائري من الضرر المعنوي فإن الغرفة الإدارية للمحكمة العليا أقرت بمبدأ التعويض عن الضـرر المعـنوي في عدة قرارات منها قرارها الصادر بتاريـخ: 09/07/1977 رقم 1326 في قضية "بن حسان أحمد" ضد وزير الداخلية, إذ جاء في تسبيب القرار من حيث التعويض عن الضرر المعنوي لأخوة الضحية لوفاة أمهم وإخوتهم بالقول : " إن الأولاد المسمون (........) المولودين من أم واحدة سينتابهم ألم و ضيق معه اختلال خطير في العاطفة ستظهر أعراض عليهم مستقبلا ".
حيث وسعت دائرة التعويض عن الخطأ إداري ليشمل الاخوة و الأخوات إضافة إلى الزوج , الأولاد , الآباء المعنيين بالتعويض في قانون التأمين في حوادث المرور .
فصار الأشخاص المستحقون للتعويض عن الضرر المعنوي هم :
* للأصول الحق في التعويض عن الضرر المعنوي بسبب وفاة أحد أبنائهم .
* للفروع و خاصة أولاد الضحية الحق في التعويض عن الضرر المعنوي و الضرر عن الاختلالات في ظروف الحياة .
* للزوج الحق في التعويض عن الضرر المادي و الضرر عن الاختلالات في ظروف الحياة
* لأخ و أخت الضحية المتوفية أن تتحصل على تعويض ناجم عن الضرر المعنوي و الناجم عن الاختلالات في ظروف الحياة .
- و قد طبق هذه القواعد أيضا مجلس الدولة في قراره بتاريخ : 08/03/1999 في قضية رئيس المنذوبية التنفيذية لبلدية "عين أزال" ضد "عربة الطاهر و من معه" [32] حيث قضى بأداء تعويض لوالدي الضحية بمبلغ 100.000دج لكل ولد منهما عن الضرر المادي و المعنوي و 5000دج لكل واحد من اخوة الضحية بحيث أقرت مسؤولية البلدية بسبب تقصيرها و إهمالها الذي أدى إلى سقوط الطفل الضحية في حفرة كانت تحت حراسة البلدية فألزمت بتعويض ذوي حقوق الضحية و هم في هذه القضية والديه وإخوته .

الفرع الثاني : الضرر المباشر : Dommage direct
من مميزات الأضرار القابلة للتعويض و الناجمة عن الأخطاء الإدارية أن تكون ناتجة مباشرة عن الخطأ و دراسة مسألة الضرر المباشر تدور حول العلاقة الموجودة بين الضرر و النشاط الضار للإدارة و هي قاعدة السببية التي دفعت الفقهاء إلى البحث عن كيفية تحديد هذه العلاقة خاصة في حالة تعدد الأسباب .
و اختلف الفقه الإداري حول مكان و مجال دراسة العلاقة السببية فدرسها البعض في ركـن السببية و البعض الآخر في شروط الضرر و نحن نفضل تركها للدراسة في الفرع الخاص بالعلاقة السببية بين الخطأ و الضرر في الفصل الثاني من المذكرة و نركز في هذا الفرع على : الحالات التي تزيل الطابع المباشر للمتضرر :
-تنتفي رابطة السببية بين نشاط الإدارة و الضرر إذا أثبت أن الضرر يرجع إلى سبب أجنبي ( قوة قاهرة – فعل المضرور – فعل الغير )
1/ القوة القاهرة : يشترط لوصف القوة القاهرة التي تعفي الإدارة من مسؤولياتها : أن يكون الحدث غير متوقعا و فجائيا و غير مقاوم و خارج عن نشاط الإدارة فتنص المادة 139 من قانون البلدية رقم 90/08 على أن البلدية ليست مسؤولة عن الإتـلاف و الأضـرار الناجمة عن الحرب أو عندما يساهم المتضررون في إحداثها "
و ذكرت المادة 140 من نفس القانون :" أنه في حالة وقوع كارثة أو نكبة أو حريق فلا تتحمل البلدية أية مسؤولية تجاه المواطنين إلا عندما تتخلى عن أخذ الاحتياطات المعروضة عليها بمقتضى القوانين والتنظيمات " إذن فالقوة القاهرة ترفع المسؤولية على أساس الخطأ . و تسأل الإدارة في حالة زيادة الأضرار الناجمة عن الظرف الطارئ إذا لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لذلك .
2/ فعل المضرور : يعتبر من حالات السبب الأجنبي الذي يؤدي إلى إعفاء الإدارة من المسؤولية كليا أو جزئيا .
فإذا وقع الخطأ من المضرور وحده , فإن جهة الإدارة غير مسؤولة لأن المضرور هو الذي ألحقه بنفسه و كان هذا بفعله و لا توجد علاقة سببية بين الضرر و نشاط الإدارة – أما إذا ساهم المضرور و خطأ الإدارة في إحداث الضرر فتقسم المسؤولية بين المتسبب في الخطأ و المضرور حسب مساهمة خطأ كل منهما في إحداث الضرر.
و من تطبيقات الغرفة الإدارية للمحكمة العليا في هذا الشأن : قضية "حطاب السعيد" ضد الدولة في :[33]3-12-1965 تتلخص وقائع القضية أن الشاب "حطاب عبد الله" توفي على إثر لمسه لخيط كهربائي متساقط على الأرض و الغرفة الإدارية طبقت قاعدة الخطأ المشترك لأن المضرور ساهم في إحداث الضرر برعيه لمواشيه في أماكن مخصصة لإدارة المرفق بوضع الأعمدة الكهربائية ذات الضغط العالي و أن الرعي بجانبها ممنوع , كما أن الغرفة الإدارية توصلت أن الإدارة نتيجة إهمالها لحالة الخيط الكهربائي و عدم اتخاذها إجراء توقيف التيار الكهربائي هي مسؤولة ,كما توصلت إلى أن المضرور ساهم في إحداث الضرر بنسبة الخمس (1/5) و الإدارة ساهمت في إحداث الضرر بنسبة أربعة أخماس (4/5) .
3/ فعل الغير : و هو عمل شخص خاص أو عام مهما كانت صفته القانونية غير جهة الإدارة المدعى عليها والأشخاص الذين تعتبرهم الإدارة مسؤولة عنهم كموظفيها , و ليس من الضروري أن يكون الغير معروفا .و يقاس خطأ الغير بمعيار الانحراف عن السلوك المألوف للرجل العادي , و له شأن في إحداث الضرر. ويحدد القاضي الإداري نسبة المسؤولية الإدارية في حالة الإعفاء الجزئي حسب ما ارتكبته كل من الإدارة و الغير .

المطلب الثاني: ضرر مؤكد و يمس بحق مشروع أو مصلحة مشروعة:
سندرس هاتين الميزتان أو الشرطان في فرعين :
الفرع الأول :الضرر المؤكد : Dommage Certain
من الشروط العامة للضرر الناتج عن الخطأ الإداري المستوجب للتعويض في القضاء الإداري أن يكون مؤكد الوقوع و يقصد بالضرر المؤكد أو الأكيد ذلك الذي يكون وجوده ثابتا , و يكون واقعا و حالا فعلا حتى و إن لم يكن بصورة كاملة و فورية و هذه القاعدة تطبق أمام القضاء الإداري و أمام القضاء العادي على حد سواء .
و لكن أن يكون الضرر أكيدا , لا يعني أن يكون بالضرورة حاليا و آنيا Présent et actuel فالتعويض عن الضرر المستقبلي Préjudice future جائز إذا كان حدوثه أكيدا على أن يكون ممكنا تقديره بالمال عند الادعاء , غير أن الاجتهاد القضائي يسلم أحيانا بإمكانية التعويض إستثنائيا عن ضرر أكيد و تعذر تقديره بالمال عند النطق بالحكم فعندها قد يمنح القضاء للمدعى عليه المتضرر تعويضا مؤقتا حتى يأتي اليوم الذي يمكنه من تحديد التعويض نهائيا.
أما إذا كان الضرر محتملا Eventue غير أكيد , فلا مجال للتعويض عنه [34]و إن القاضي يميز بين ما هو مستقبلي من جهة و من جهة أخرى بين ما هو محتمل :-فالمجلس الأعلى ( المحكمة العليا حاليا) : 11 جوان 1965 – زلاقي – المجلة الجزائرية 1965 – عدد 3-4 ص 58 , يطلب المدعي التعويض عن ضرر يكون منشؤه تمنع خاطيء للإدارة , أجاب القاضي بأن الضرر " ليس له خاصية الاحتمال البسيط و لا تمنح بذاتها الحق بأي تعويض " و بالعكس فإنه حينما يكون الضرر المثار مستقبليا و لكن أكيد , فإن التعويض مقبول ( المجلس الأعلى 21 ماي 1971 , ديوز . المجلة الجزائرية 1972- و قرار بن قرين) , و في هذين القضيتين يطالب الآباء بسبب وفاة أبنائهم بحادث في مؤسسة تعليمية بتعويضات , فهذه الوفيات التي تحرم الآباء من مساعدة مستقبلية من أبنائهم يترتب عنها ضرر مؤكد رغم انه غير حال و يعطي ذلك الحق في التعويض.[35]

الفرع الثاني : الضرر الماس بحق مشروع أومصلحة مشروعة :
من أهم مميزات الضرر الذي يعوض عنه أن يكون قد أخل بمركز يحميه القانون , فقد كان القضاء الإداري يشترط المساس بحق مشروع ثم لين موقفه و أصبح يبحث عما إذا كان الضرر يمس بمصلحة مشروعة.
و يمكن تحديد مجال الميزة أو الشرط الرابع في الضـرر القابـل للتعويـض عن الأخـطاء المرفقية و الشخصية بذكر الحالات التي لا تقبل فيها التعويض (أي بالمفهوم السلبي كما حددها الأستاذ : رشيد خلوفي) و هي :

- الحالات المخالفة للقانون .
- الحالات المستبعدة قانون .
- الحالات غير المشروعة , على الرغم من أنها غير مخالفة لأي نص قانوني فيمكن للقاضي الإداري أن يقدر و يرفض تعويض ضرر إذا تبين له أنه غير مشروع و هذا حسب معطيات قانونية و اجتماعية فالحالات غير المشروعة هي التي تمس بالآداب و النظام العام هي تختلف من مجتمع لآخر و من وقت لآخر .
و ذكرت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا ضرورة هـذا الشرط في الضرر القابل للتعويض في قضية "بوشادة سحنون و سعدي مالكي " ضد وزيـر الداخلـية ووزيـر العـدل " القـرار الصادر من : 20/01/1979 حيث أشارت إلى الطابع المشروع للضرر الذي لحق بالضحايا [36].














الفصل الثاني : كيفية المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية أمام القضاء الإداري

تتم عملية المطالبة بالتعويض أمام القضاء بواسطة دعوى التعويض و يمكن تعريف دعوى التعويض بأنها الدعوى القضائية التي يحركها و يرفعها أصحاب الصفة و المصلحة أمام الجهات القضائية المختصة طبقا للشكليات و الإجراءات المقررة قانـونا للمطالبة بالتعويض الكامـل و العادل للأضرار التي أصابت حقوقهم بفعل النشاط الإداري الضار[37]
لكن كيف ينشأ الحق في المطالبة بالتعويض أمام القضاء ؟ وما هي الإجراءات التي يتبعها المضرور أمام القضاء الإداري للحصول على التعويض ؟ وكيف يفصل القضاء في الطلب ؟
كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عليها في جزء كيفية المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية أمام القضاء الإداري .












المبحث الأول : شروط المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية أمام القضاء الإداري .
من خلال دراستنا لمفهوم الخطأ المرفقي و الشخصي و العلاقة بينهما و تأثيرها على مسؤولية الإدارية نستطيع أن نقسم دراسة هذا المبحث إلى مطلبين : مطلب أول نحاول فيه حصر الشروط العامة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية أمام القضاء الإداري بحيث نحاول جمع الشروط الأساسية العامة لترتيب المسؤولية و نشوئها , وفي المطلب الثاني سنخصصه للشروط الخاصة بالخطأ الشخصي فقط للمطالبة بالتعويض أمام القضاء الإداري

المطلب 01: الشروط العامة لنشوء الحق في المطالبة بالتعويض عن الأخطاء المرفقية
و الشخصية أمام القضاء الإداري.
من خلال دراستنا لفكرتي الخطأ المرفقي و الشخصي في القضاء الإداري يمكن أن نستخلص ثلاثة شروط أساسية لنشوء حق المطالبة بالتعويض عبر هذه الفروع الثلاثة :
1/ حدوث الخطأ و تحديد الجهة الإدارية المسؤولية.
2/ حدوث الضرر.
3/ العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر الواقع.
الفرع 01 : حدوث الخطأ و تحديد الجهة الإدارية المسؤولة
يشترط لنشوء حق المطالبة بالتعويض أمام القضاء الإداري أن يحدث خطأ مرفقي بالشروط المبينة في الفصل الأول أو حدوث خطأ شخصي تسأل عنه الإدارة التي يتبعها هذا الموظف الذي ارتكب الخطأ المتصل بوظيفته . و لا تقبل دعوى التعويض أمام القضاء الإداري إلا بتحديد الجهة الإدارية المسؤولة عن التعويض .
و تحدد مسؤولية الجهة الإدارية إذا كانت تتوفر فيها شروط الشخص المعنوي العام , فيجب على المضرور أن لا يخطئ في تحديد الجهة الإدارية إلا رفضت دعواه بسبب خطأ في تحديد هذه الجهة الإدارية , خاصة في حالة الموظف الذي يتمتع بازدواجية الوظائف , و في حالة ممارسة الوصاية الإدارية و تدخل اختصاصات السلطات الإدارية .[38]
فعندما ينسب مثلا العمل المضر إلى الوالي كممثل للولاية , فلا بد على المدعي أن يرفع ضد الولاية بينما إذا كان الخطأ ناتج عن رئيس البلدية أو الوالي كممثل فترفع الدعوى القضائية ضد الدولة المتمثلة في أغلب الحالات في وزير الداخلية .
لذلك فإن تحديد الجهة الإدارية المسؤولة يجب أن يكون دقيقا و قانونيا نظرا لتعدد نشاطات الإدارة وطبيعتها المختلفة و كذلك خصائص بعض موظفيها .
فلا بد أن تكون الجهة الإدارية مسؤولة عن الخطأ وبالتالي عن التعويض عنه حسب نوع الخطأ ومدى تمتعها بالشخصية المعنوية و أهلية التقاضي .

الفرع 02 : حدوث الضرر
من الشروط الأساسية لنشوء الحق في المطالبة بالتعويض أن يقع ضرر نتيجة الخطأ و الضرر هو ما يصيب الإنسان من أذى في ماله أو جسمه أو حقه أو عواطفه .و الضرر من الأركان الأساسية لقيام المسؤولية الإدارية .
و إن القضاء الإداري يطبق قواعد متميزة عن قواعد و نصوص القانون المدني و الأضرار التي تصيب الأفراد بفعل الإدارة متعددة الأنواع و الأسباب فقد يصيب الأفراد ضرر في أموالهم أو في حقوقهم أو سلامتهم الجسدية و قد يكون معنويا و يصيبه في سمعتهم و كرامتهم أو يسبب لهم آلاما نفسية و لا يستحق التعويض عن أي ضرر بل يستلزم أن تتوفر في الضرر القابل للتعويض شروط ومميزات تم التفصيل فيها في المبحث الثاني من الفصل الأول و المتعلق بمميزات الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية من أجل قيام المسؤولية الإدارية و هي أن يكون الضرر شخصيا –مباشرا – مؤكدا – ماسا بحق مشروع أو مصلحة مشروعة .

الفرع 03 : علاقة السببية بين الخطأ و الضرر الواقع :
لكي تقوم مسؤولية السلطة الإدارية عن أخطاء مرفقها و العاملين به لا بد من توفر العلاقة المباشرة ما بين عمل الإدارة و الضرر الناجم , و رابطة السببية هي مطلوبة لكل صور المسؤولية القانونية , و علاقة السببية دفعت الفقه إلى البحث عن كيفية تحديد هذه العلاقة خاصة في حالة تعدد الأسباب مما أدى إلى ظهور عدة نظريات .
و القضاء الإداري لا يدخل في إجتهادات القضاء العادي التي ولدت نظريات مختلفة للسببمذكرة : التعويض عن الاضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية في الجزائر نظرية توازن الظروف – مجانبة السبب (السبب القريب ) ـ السبب الملائم و مع ذلك فإنه يبدي ترددا في التكييف المباشر لهذا أو ذاك الضرر البدني أو المادي. [39]
و القضاء الإداري الفرنسي يستند بصورة أولية إلى نظريتين :
الأولى : نظرية التقارب المكاني و الزماني :
التي بموجبها يمكن اعتبار أن الفعل الأقرب مكانيا وزمانيا إلى الضرر هو السبب الوحيد له .
و قد طبق هذه النظرية في قراره المؤرخ في : 03/02/1956 في قضية السيد :Theuzellier ضد وزير العدل بشأن هروب اثنان من الأحداث المسجونين بإصلاحية "Amiane" أثناء نزهة نظمها مسؤولو الإصلاحية و قيامهما بسرقة أحد المنازل المجاورة.[40]
و اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن حصول الأضرار بالقرب من المؤسسة وفي مدى زمني قصير بعد الفرار , فإن الرابطة السببية تكون ثابتة و تكون السلطة العامة مسؤولة .
و إن مجلس الدولة الفرنسي استبعد علاقة السببية المباشرة بين الخطأ و الضرر في حالة التباعد الزمني .
الثانية : نظرية الرابطة الطبيعية :
هي التي بموجبهـا يبحث القاضي عما إذا كان الضـرر المشكو منـه هو موضوعيا النتيجة الطبيعيـة و المنطقية للحادث أو الفعل مصدر الشكوى , فإذا انتقى وجود هذا الرابط الطبيعي فإنه لا تكون صلة السببية مباشرة بين الضرر و الفعل و لا تكون السلطة العامة بالتالي مسؤولة .و تطبق هذه النظرية الدقيقة في القضايا المعقدة و التي يصعب البحث عن أصل الضرر و لا يكون من البديهي التعرف عن سبب إلا بمعاينته من طرف القاضي أو لجوء هذا الأخير إلى أهل الخبرة إذا كان النزاع ذو طابع فني و ذلك للتعرف عن أصل الضرر.




المطلب الثاني: الشروط الخاصة لنشوء الحق في المطالبة بالتعويض عن الأخطاء الشخصية أمام القضاء الإداري
تعرضنا في المطلب السابق إلى الشروط العامة التي يستلزم توفرها لقيام المسؤولية الإدارية عن كل من الأخطاء المرفقية و الشخصية , أما هذا المطلب فسنخصصه للشروط الخاصة بالخطأ الشخصي ليتم التعويض عنه أمام القضاء الإداري , و نستطيع من خلال التطور القضائي لفكرة التمييز بين الخطأين و قاعدتي الجمع بين الخطأين و الجمع بين المسؤوليتين أن نضع الشروط التالية من أجل نشوء الحق في المطالبة بالتعويض أمام القضاء الإداري .
1-اقتران الخطأ الشخصي بخطأ مرفقي في إحداث الضرر
2-وقوع الخطأ الشخصي من موظف أثناء تأديته وظيفته أو بسببها
3-عدم سبق الفصل في موضوع الدعوى أمام القضاء العادي .

الفرع 01 : إقتران الخطأ الشخصي بخطأ مرفقي في إحداث الضرر
لقد أدى التطور القضائي إلى ظهور قاعدة الجمع بين مسؤولية الإدارة و مسؤولية الموظف في حالة تعدد أو اشتراك الأخطاء المرفقية و الشخصية في إحداث الضرر ثم تقررت و رسخت هذه القاعدة في حالة الخطأ الشخصي وحده , بحيث سلم القضاء الإداري أنه في حالة اشتراك خطأ مرفقي مع خطأ شخصي في إحداث ذات الضرر تتولد مسؤولية الإدارة و بالتالي يمكن للمضرور رفع دعوى التعويض أمام القضاء الإداري .
و يتحقق هذا الشرط في حالة تعدد الأخطاء , سواء كان الخطأ المرفقي قبل أو بعد أو أثناء حدوث الخطأ الشخصي.
و قد توسع مجلس الدولة الفرنسي في تقرير مسؤولية الإدارة عن عدة أخطاء ساهمت في إحداث الضرر بسبب سوء مراقبة الإدارة للموظف في قيامه بأعباء وظيفته و عدم اتخاذ الإجراءات الضرورية و الكافية للمحافظة على الأمن لمنع وقوع الضرر , فقد قضى مجلس الدولة في قضية Beaudelet في مارس 1918 بخصوص محاولة أحد ضباط الصف فك قنبلة في منزله مما أدى إلى انفجارها و قتل بعض النساء حيث كان ينزل . فقد قرر المجلس أنه يوجد خطأ شخصي يتمثل في القتل الخطأ الذي ارتكبه الموظف دون رقابة و خطأ آخر مرفقي من الإدارة يتمثل في عدم كفاية المراقبة من السلطة العسكرية لعدم إصدارها الأوامر بعدم حيازة مثل هذه القنابل .
كما قرر مجلس الدولة في القضية: L’huillier مسؤولية الموظف نتيجة قتل أحد الجنود لابن الأسرة التي أنزل لديها و هو في حالة سكر كما قرر مسؤولية الإدارة في نفس الوقت لانعدام الرقابة على الجنود[41]
و خلاصة القول أن الموظف إذا ارتكب خطأ شخصيا ساهم مع الخطأ المرفقي في إحداث الضرر و دون النظر إلى أن الموظف ارتكب هذا الخطأ أثناء الوظيفة أو خارج نطاق الوظيفة , و تترتب مسؤولية الإدارة في التعويض عن الخطأين معا ؟ إمكانية رجوع الإدارة على الموظف في الشق الخاص بمسؤوليته بعد أن تؤدي التعويض كاملا للمضرور .

الفرع 02: وقوع الخطأ الشخصي من موظف أثناء تأديته وظيفته أو بسببهاأو بمناسبتها
لم يلتزم القضاء الإداري بمعايير التفرقة بين الخطأ الشخصي و المرفقي نتيجة للانتقادات الموجهة لها فصارت كل حالة تدرس على حدا و اعتبرت الأخطاء الشخصية التي ترتكب بسبب أو بمناسبة أداء الوظيفة ترتب المسؤولية الإدارية , فمثلا قرر مجلس الدولة الفرنسي في 21/04/1937 في قضية Quesnet التي تنحصر وقائعها في أن موظفة بريد تسلمت مبلغا من المال من طرف مرتفقة لتودعها لها في صندوق التوفير , فقامت الموظفة بعد ذلك بالاستحواذ على المبلغ لنفسها , فرفعت دعوى ضد الإدارة لاستعادة المبلغ فقرر مجلس الدولة أن الخطأ موظفة البريد يعد خطأ شخصيا لأنه ارتكب من قبل الموظفة قصد تحقيق مصلحة شخصية لها و أن هذا الخطأ لم تكن الموظفة لترتكبه لو لم تكن تشتغل محصلة بمكتب البريد و على هذا الأساس فإن مسؤولية الإدارة تترتب و تنعقد عن هذا الخطأ[42].
أما إذا كان خطأ الموظف خارج الوظيفة و ليس لوظيفته علاقة بالخطأ المرتكب فتكون المطالبة بالتعويض عن الخطأ أمام القضاء العادي و ليس الإداري كالأخطاء التي يرتكبها الأطباء في عياداتهم الخاصة فالضرر لذي يصيب المريض أو ذوي حقوقه من هذا الخطأ الشخصي الذي ليس له أية علاقة بالمرفق العام يكون التعويض عنه أمام القضاء المدني .
و قد ساهمت أحكام القضاء الإداري الفرنسي في قبول مسؤولية الإدارة عن الأخطاء الشخصية التي يرتكبها الموظفون خارج مكان تنفيذ الخدمة بشرط ألا تنتقي العلاقة بين الخطأ المرتكب و الخدمـة , و يلاحظ أن أحكام القضاء الإداري تكشف عن وجود ثلاثة عناصر تحدد صلة الخطأ الشخصي غير المنبت الصلة بالمرفق و هي :
-مكان الخدمة
-وقت أو زمن الخدمة
-وسائل المرفق
أ) مكان الخدمة : تبدو أهمية هذا العنصر في تحديد المكان الذي تؤدي فيه الخدمة و تحديد وصف الخطأ المرتكب و مدى صلته بالمرفق وما إذا كان منبت الصلة به أو غير منبت الصلة به فهل يعتبر عنصر المكان شرطا كافيا و ضروريا لمساءلة الإدارة عن الخطأ الشخصي الذي يرتكبه الموظف في مكان الخدمة؟
و الواقع أن عنصر المكان ليس عنصرا كافيا في تحديد حالة الخدمة كما أنه لا يعطي دلالة قاطعة على صلة الخطأ المرتكب بالمرفق إذ أنه من الصعـب إيجاد رابطـة بيـن الخطأ المرتكـب و طبيعة الخدمة فقد قضت بعض الأحكام و القرارات بمسؤولية الإدارة عن الأخطاء الشخصية التي ترتكب رغم انفصال الرابطة المكانية . و أخرى قررت عدم مسؤولية الإدارة عن أخطاء ترتكب داخل المرفق و بحكم القضاء فيها بأنها أخطاء شخصية بحثه لا علاقة لها بالوظيفة [43]
و على ذلك يمكن القول أن الرابطة المكانية بين الخطأ الشخصي والخدمة ليست قاطعة الدلالة في الارتباط بين الخطأ و الخدمة في جميع الأحوال لأن وقوع الحوادث داخل المرفق أو خارج المرفق لا يعني بالضرورة ارتباط أو انقطاع صلة العمل بالمرفق إذا كانت الخدمة تقتضيه و كانت بينهما صلة .
ب) وقت أو زمن الخدمة : يقصد بهذا العنصر بأن يرتكب الخطأ الشخصـي في الوقت المحدد للموظـف للقيام بعمله ، أما الخطأ الذي يرتكب خارج الوقت المحدد لأداء الخدمة فيسأل الموظف من ماله الخاص و أحكام القضاء الإداري قد أخذت بمبدأ مسؤولية الإدارة .
عن الأخطاء التي تقع في زمن الخدمة كما حدث في قضية المديرية العامة للأمن الوطني ضد أرملة لشاني و من معها ، حيث قرر مجلس الدولة الجزائري في 01/02/1999 مسؤولية مصالح الشرطة عن الخطأ الشخصي الذي أرتكبه الشرطي "عبد الرحمن " الذي ارتكبه أثناء وقت خدمته حين أهمل منصبه و انتقل إلى شارع آخر حيث تسبب في قتل مواطن بسلاحه [44]
وقد كرس مجلس الدولة هذه القاعدة أيضا في قراره الصادر في 31-1-2000 في قضية "دالي محمد الطاهر" ضد وزبر الداخلية والدفاع الوطني ومن معهما [45] حيث ألغى هذا القرار قرار مجلس قضاء عنابة القاضي بعدم الإختصاص وتصدى من جديد بالزام وزارة الداخلية بأدائها للضحية دالي محمد الطاهر المستأنف بمبلغ خمسمائة ألف دينار عن جميع الأضرار ممزوجة الناتجة عن إصابته بطلقات نارية من عون الدفاع الذاتي " محزم" الذي كان في حالة سكر وتمت متابعته جزائيا حيث جاء في تسبيب القرار :"...حيث أنه بعد فحص وثائق الملف ثبت أن المدعو محزم عز الدين كان موظفا في إطار مجموعات الدفاع الذاتي ، وتسلم السلاح من طرف الإدارة التابع لها ، و عليه فهي مسؤولة عن فعل موظفيها : خاصة وأن الوقائع حدثت قرب باب البلدية على الساعة الواحدة صباحا ، وأن محزم أصاب الضحية المستأنف عندما كان يحاول إطلاق النار على شخص هارب و كان المدعو محزم في حالة سكر . ولكن هذا لايمنعه أنه كان وقت الوقائع عضوا في الدفاع الذاتي التابع لبلدية بوثلجة ، وليس له أوقات عمل محدودة وكان لا يزال بسلاحه"

ج) وسائل المرفق : أخذت بعض أحكام القضاء حين تحديد العلاقة بين الخطأ الشخصي المرتكب والخدمة بعنصر الوسيلة "الأداة " فيكفي أن يستعمل الموظف وسائل و أدوات الخدمة التي وضعت تحت تصرفه و قد أوضح ذلك مفوض الدولة Blum في تقريره في قضية Lemonnier وقد ذكر في هذا الصدد أن الخطأ الشخصي قد أرتكبه الموظف أثناء الخدمة أو بمناسبتها أو إذا كان المرفق قد وضع تحت تصرف الموظف المخطئ الوسائل و الأدوات التي استخدمت في ارتكاب الخطأ الشخصي أو إذا كان المرفق هو الذي ساعد على ارتكاب الخطأ الشخصي أو ارتكاب نتائجه الضارة فإنه يتعين على القاضي الإداري أن يقرر أن المرفق لا يمكن أن ينفصل عن الخطأ [46]
فمثلا الأخطاء الشخصية التي تسببها السيارات الإدارية فهي تقيم المسؤولية الإدارية لأن السيارة هي من وسائل المرفق ، و لكن التعويض يكون استثناءا أمام العدالة طبقا للاستثناءات الخاصة في الاختصاص القضائي للمنازعات الإدارية المبنية في المادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية .

الفرع 03 : عدم سبق الفصل في موضوع الدعوى أمام القضاء العادي
من النتائج المترتبة عن قاعدة الجمع بين المسؤولتين : الاعتراف للضحية بحق الاختيار في رفع دعوى ضد الإدارة أمام القضاء الفاصل في المواد الإدارية أو رفع دعوى أمام القضاء العادي ضد الموظف و يقابل "مبدأ جمع المسؤوليات مبدأ عدم جمع التعويضات " كما قال الأستاذ "دبلوبادير" .
فلا يمكن للضحية أن تطلب التعويض من جهتين قضائيتين (القضاء العادي والقضاء الإداري) عن الخطأ الشخصي للموظف .
لذلك يشترط المطالبة بالتعويض أمام القضاء الإداري أن لا يسبق حصول المدعي على تعويض من الإدارة على نفس الضرر .
و لكن إذا رفعت القضية أمام القضاء العادي ورفضت في الشكل أو لعدم الاختصاص دون الفصل في الموضوع فيمكن للمتضرر أن يرفع الدعوى أمام القضاء الإداري إذا توفرت شروط قبولها أمامه .
و يجدر التنبيه أنه حينما تدفع الإدارة التعويض للمضرور عن الخطأ الشخصي للموظف فإن لها الحق في الرجوع على الموظف بقيمة التعويض المحكوم به على الموظف المتسبب في إحداث الضرر فيقسم التعويض بين الإدارة والموظف حسب نسبة مساهمة كل منها في إحــداث الضـرر أو حتى في حالة قيامها بدفع التعويض المحكوم به على الموظف بسبب خطئه الشخصي المنفصل انفصالا كليا عن العمل الوظيفي و لاعلاقة له بالوظيفة إطلاقا فلها حق الرجوع عليه لاسترداد قيمة التعويض الذي دفعته .
- كما أنه يجب مراعاة مصلحة المضرور من خطأ الموظف وحقه في التعويض عن الضرر الذي أصابه و تحقيق التوافق بين مصلحة المضرور في علاقته مع الموظف و مصلحة الإدارة في علاقتها مع الموظف ، فالمضرور يكون له الخيار برفع دعواه على الموظف وحده أو على الإدارة وحدها أو على الإدارة و الموظـف معا و تصبح الإدارة ضامنـة للموظف فيما يحكم عليه مـن تعويـض ، فالمضرور وفقا للقواعد الإدارية يجد نفسه أمام مسؤولية اثنين هما الموظف و الإدارة يطالبهما على انفراد أو معا بحقه في التعويض سواء أكان الضرر الذي لحقه بسبب خطـأ شخصي أو مساهمة خطأين في إحداث الضرر و لكن المضرور لا يجوز له أن يجمع بين التعويضين من الموظف و الإدارة ، و يتعين عليه أن يحترم قواعد الاختصاص في هذا الخصوص ، فلا يجوز له أن يطالب أمام القضاء العادي بإدانة الموظف و الإدارة معا و لا أن يرفع دعوى مدنيـة ضـد الموظف و مطالبته الحكم على الإدارة بقيمة الأضرار التي لحقت به .
المبحث الثاني : إجراءات التعويض أمام القضاء الإداري

إن الالتجاء إلى القضاء يتطلب إجراءات قانونية يستلزم على المتقاضي اتباعها من أجل وصول الملف إلى يد القاضي للفصل فيه و في هذه المرحلة الأخيرة يجدر بنا التساؤل عن كيفية تقييم الضررالقابل للتعويض من قبل القاضي الإداري و سنحاول التعرف على كل هذه النقاط من خلال هذين المطلبين .

المطلب الأول: الاختصاص القضائي و شروط قبول دعوى التعويض

سنتناول في هذا المطلب دراسة الجهة القضائية المختصة بالتعويض و شروط قبول هذه الدعوى.

الفرع 01 : الجهة القضائية الإدارية المختصة بالتعويض
نتناول الاختصاص القضائي في نقطتين : الاختصاص النوعي والمحلي
أ/ الاختصاص النوعي : في انتظار تطبيق ازدواجية القضاء المكرسة دستوريا و قانونيا و تنصيب المحاكم الإدارية التي تفصل في الدعاوى الإدارية ، و منها دعوى التعويض الحالية تبقى الغرف الادارية بالمجالس القضائية مختصة حسب قانون الإجراءات المدنية ، بناء على المادة 08 من القانون رقم : 98 –02 المؤرخ في 03/05/1998 المتعلق بالمحاكم الإدارية .
فيتضح من نص المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية أن الغرف الإدارية بالمجالس القضائية هي صاحبة الولاية العامة بالمنازعات الإدارية العامة أما على مستوى الغرف الإدارية فيما بينها فإنه يتضح من نص نفس المادة الفقرة الأخيرة أن الغرف الإدارية المحلية تفصل في المنازعات المتعلقة بالمسؤولية المدنية للدولة و الولاية و البلدية و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية و الرامية لطلب التعويض .
أما دعاوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن حوادث السيارات الإدارية (التابعة للدولة أو لإحدى الولايات أو البلديات أو المؤسسات العمومية ذات الصيغة الإدارية ) فالاختصاص يعود إلى المحاكم العادية (الدعوى المدنية) بناءا على المادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية على سبيل الاستثناء من القاعدة العامة المبينة في المادة 7 ق إ م .
لكن نلاحظ في مجال التعويض الناجم عن الأخطاء الطبية للمستشفيات العامة أن المتضرر يلجأ إلى المحاكمة الجزائية لتعويضه في إطار متابعة المسؤول عن الخطأ الطبي ، و هذا يعد خطأ فالمستشفى هو مؤسسة عمومية ذات طابع إداري و التعويض عن الأضرار التي يسببها عملها أو موظفوها يكون أمام الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي الذي يقع في دائرة اختصاصه المحلي هذا المستشفى ، وهذا ما عمل الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا ومجلس الدولة على تصحيحه .إذ أصدرت غرفة الجنح والمخالفات للمحكمة العليا بتاريخ 20/10/1998 في القضية التي جرت وقائعها على النحو التالي[47] :
" ارتكب الطبيبان (ق.ب و ب.م ) خطأ ضد مريض فأدينا من قبل المحكمة الجزائية لوهران بجنحة الجروح الخطأ ثم استأنف الحكم أمام مجلس قضاء وهران فأصدرت الغرفة الجزائية قرارا يقضي بإلزام المتهمين بالتعويض بالتضامن بينهما و تحت ضمان المستشفى الجامعي بوهران وقاما بالطعن أمام غرفة الجنح والمخالفات بالمحكمة العليا ، أين قررت ما يلي : " حيث يجب تذكير قضاة الموضوع بأن المراكزالإستشفائية الجامعية تعتبر مؤسسات عمومية ذات طابع إداري مزودة بشخصية معنوية و باستقلال مالي كما نص عليه المرسوم وعليه فإن الحكم بالتعويض على المراكز الاستشفائية الجامعية يرجع الاختصاص فيه إلى الغرفة الإدارية للمجلس القضائي و هذا تطبيقا لمقتضيات المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية فكان على قضاة الغرفة الجزائية التصريح في الدعوى المدنية بعدم الاختصاص مما يجعل قرارهم قابل للنقض و الإبطال ".
وهناك قرار صادر عن مجلس الدولة الجزائري من غرفته الرابعة في هذا المجال مؤرخ بـ:
27/03/2000 والذي فصل بين السيد (م.م و مدير المستشفى الجامعي بوهران )[48] وقائع قضيته : "...أن (م.م) كان ضحية لحادث عمل نقل على إثره إلى المستشفى الجامعي بوهران أين وضعت له جبيرة (الجبس) على رجله من طرف أطباء يعملون في مصلحة الاستعجالات و ذلك قبل مغادرته المستشفى غير أنه و بعد 3 أيام من وضع الجبيرة شعر بألم فرجع لنفس المستشفى أين قطع رجله بسبب التعفن الذي أصابها من تغطية الجرح قبل علاجه و شفائه فقد تقدم (م.م) بدعوى ضد مدير المستشفى الجامعي بوهران يطلب من خلالها الحكم بتعويض مبلغ قدره: 1.000.000.00 دج واحتياطيا بتعيين خبير مختص لفحصه قصد تحديد الضرر المادي و الجمالي الذي لحق به ، غير أنه جاء في قرار الغرفة الإدارية أنه كان على الضحية أن ترفع دعوى أمام القضاء الجزائي قبل متابعة المستشفى مدنيا و لكن الغرفة الرابعة لمجلس الدولة صرحت أنه ثابت قانونيا أنه كان على الطبيب أن يتخذ كل الاحتياطات اللازمة لمراقبة تطور علاج الكسر لا سيما الجبيرة التي وضعها على رجل المريض والتي تؤدي في بعض الحالات إلى التعفن ، حيث أن عدم المراقبة الطبية يشكل إهمالا خطيرا ينجر عنه تعويض وبما أن الطبيب ارتكب خطأ أثناء سير المرفق فيتعين تحمل المستشفى المسؤولية المدنية لتعويض الضرر وبالتالي ينبغي إلغاء القرار المستأنف فيه"
و هذا القرار الصادر عن مجلس الدولة يعتبر سابقة قضائية يجب على قضاة القضاء الإداري في الجزائر الاقتداء بها عندما ترفع أمامهم مباشرة الدعاوى الخاصة بالمسؤولية الإدارية للمستشفيات العامة .
ب/ الاختصاص المحلي :
يتحدد الاختصاص المحلي للغرف الإدارية المحلية بالاختصاص الإقليمي للمجالس القضائية التي توجد بها [49] ، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف يمكن حصر النزاع في مجلس قضائي واحد إذا كان المدعي يقطن بدائرة اختصاص مجلس يختلف عن دائرة اختصاص مجلس المدعى عليه ،أو الخطأ والضرر اللاحق وقع تحت دائرة مجلس آخر .
فمن هي الجهة القضائية المختصة ؟
القاعدة الإدارية العامة في الاختصاص الإقليمي هي الجهة القضائية لموطن المدعى عليه و إن أساس هذه القاعدة ينبع من فكرة أن المدعي هو الذي عليه أن يسعى إلى المدعي عليه ، ومن تم وجب عليه مخاصمته أمام الجهة القضائية التي يقع بها موطنه ، لتقليص حجم الإزعاج الذي تسببه له المخاصمة [50]
إلا أنه ترد على هذه القاعدة إستثناءات و من بينها أنه في مواد المسؤولية الإدارية يؤول الاختصاص إلى الجهة القضائية التي وقعت في دائرة اختصاصها الأضرار التي تسببت فيها الإدارة أوإلى الجهة القضائية التي يقع فيها موطن المدعى عليه(المادة 09 من قانون الإجراءات المدنية ) :
فمن خلال قراءة هذه المادة التي نستطيع تطبيقها على المنازعات الإدارية أن المشرع تبنى هنا إستثناءا مزدوجا يفسح بموجبه الخيار للمدعي بين جهتين قضائيتين (جهة وقوع الضرر – الجهة التي يقع فيها موطن المدعى عليهـا ـ الإدارة) .

الفرع 2: شروط قبول دعوى التعويض أمام القضاء الإداري :
لا تقبل دعوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء الشخصية أو المرفقية أمام القضاء الإداري إلا بتوفر مجموعة من الشروط تتمثل في : توفر الصفة والمصلحة في رافعها وجود قرار إداري سابق شرط المدة ، كما يتضح من نص المادة 169 مكررو المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية ,
1/ الشروط المتعلقة برافع الدعوى :
يشترط في رافع دعوى التعويض الرامية لترتيب المسؤولية الإدارية ما يشترط في الطعون الأخــرى و ذلك طبقا للمادة 459 من قانون الإجراءات المدنية و ما يتطلبه من توافر شروط الأهلية و الصفة و المصلحة .
-الأهلية : وهي أهلية التقاضي سواء الشخص الطبيعي (م 40 من القانون المدني ) أو الشخص المعنوي (م 50 من القانون المدني) [51]
-المصلحة : يجب أن تكون المصلحة قانونية و مشروعة ، شخصية مباشرة ، قائمة وحالة.
-الصفة : أن ترفع دعوى التعويض من صاحب المركز القانوني الذاتي أو الحق الشخصي المكتسب شخصيا أو بواسطة نائبه ووكيله القانوني أو الوصي عليه هذا بالنسبة للأفراد أما الصفة في السلطات الإدارية المختصة فيجب أن ترفع دعوى التعويض من أو على السلطات الإدارية المختصة و التي تملك الصفة القانونية للتقاضي باسم و لحساب الإدارة العامة والوظيفة الإدارية في الدولة لذلك يجب على القاضي المختص في المنازعات الإدارية أن يفحص و يتأكد من وجود أو عدم وجود الصفة القانونية للتقاضي في الأشخاص و الهيئات والمؤسسات الإدارية في دعوى التعويض كمدعي أو مدعى عليها . وقد كرس القضاء الإداري الجزائري أهمية توفر الصفة في المدعى عليه في تسبيب قرار من قرارات مجلس الدولة في قضية القطاع الصحي لبولوغين ضد "ع.ل –وزارة الصحة". حين رفضت الدفع الشكلي لمستشفى بولوغين المتمثل في أن لا صفة له في النزاع حيث جاء في القرار :",,,لكن حيث أن صفة المتقاضين هي من النظام العام و يمكن إثارتها خلال الدعوى وفي أي وقت وحتى تلقائيا من طرف القاضي ، حيث أن المستشفى المستأنف في قضية الحال كان تابعا للمركز الاستشفائي الجامعي عرب بني مسوس خلال فترة حدوث الوقائع واكتسب الصفة و الإستقلالية المالية ابتداءا من صدور المرسوم ... ومن حقه رفع دعوى الرجوع ضد المركز الإستشفائي لبني مسوس " وتم إخراج وزارة الصحة من النزاع .
2/ وجود قرار إداري سابق La décision préalable :
تشترط الفقرة 1 من المادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية أن تنصب الدعوى المرفوعة أمام الغرفة الإدارية على قرار إداري ، و لذلك فإنه يجب على الشخص المتضرر من أنشطة و تصرفات الإدارة العامة سواء كانت أعمال قانونية أو أعمال مادية أن يلجأ في البداية إلى مطالبة تلك الإدارة بالتعويض عن الأضرار والذي يعرف بالقرار السابق المتضمن الموافقة على التعويض أو رفض ذلك صراحة أو ضمنيا غير أن المشرع الجزائري بتعديل هذه المادة بموجب القانون 90/23 اغفل و ألغى الإجراءات والشكليات اللازمة لبيان كيفية تطبيق هذه الفكرة , خاصة مع حلول نظام الصلح محل التظلم .
وإن إلزام الفرد بتحريك الدعوى عن طريق الطعن بقرار إداري يجعل المتضرر من أعمال ليست لها صفة القرار الإداري ملزما بالقيام بعملية استصدار القرار الإداري التي قد تستغرق وقتا طويلا خصوصا وأن المشرع لم يحدد المدد القانونية الخاصة بهذه العملية لذلك كان من الضروري على المشرع بعد أن أضاف اختصاص الطعن بإلغاء القرارات الإدارية إلى المجالس القضائية أن يفرق بين الإلغاء التي يكون محله دائما قرار إداري وبين دعاوى المسؤولية التي مصدرها من غير القرارات الإدارية فدعوى الإلغاء لا تحرك على الدوام إلا بطريق الطعن في قرار إداري ، أما دعاوى المسؤولية فنرى إمكانية تحريكها مباشرة مهما كانت صفة وطبيعة الفعل الضار الأمر الذي يوجب استبعاد شرط الطعن بقرار إداري من المادة 169 مكرر أعلاه لتيسير السبل القضائية أمام المواطن و للحصول على حقه في التعويض في وقت قصير نسبيا. و هو المعمول به في ساحة القضاء .
فهكذا لا يؤخد القرار الإداري السابق كشرط من الشروط الشكلية لقبول دعاوى القضاء الكامل بصورة عامة ودعوى التعويض و المسؤولية الإدارية[52] بصفة خاصة أمام جهات القضاء الإداري المختصة ، و هذا الشرط هو شرط غير وجوبي لقبول دعاوى القضاء الكامل ومنها دعاوى التعويض، لأنها ليست من النظام العام l'absence de caractère d'ordre public ومن ثم لا يجوز للقاضي المختص أن يثير مسألة عدم وجود شرط القرار السابق إذا لم يثره أحد الأطراف أثناء المحاكمة .
3/ شرط المدة :
تنص المادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية الجزائري " لا يجوز رفع الدعوى إلى المجلس القضائي من أحد الأفراد إلا بتطبيق الطعن في قرار إداري ويجب أن يرفع الطعن المشار إليه آنفا خلال الأربعة أشهر التابعة لتبليغ القرار المطعون فيه أو نشره "
والتساؤل وعلامات الحيرة تطرح هنا عن كيفية تطبيق هذه المادة بخصوص دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية أملم الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي المختص محليا إذا ما كانت الوقائع أي الأعمال الإدارية المادية هي السبب في وجود الضرر وتقديم دعوى التعويض الإدارية أمام هذه الغرفة ، ولاسيما أن القانون رقم 90-23 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات المدنية ألغى إجراءات وكيفيات تطبيق فكرة القرار السابق التي كانت تتضمنها المادة 169 مكرر قبل تعديلها .
لكن بتقييمنا لنص المادة 169 مكرر ق إ م و الإجتهاد القضائي نرى ضرورة التمييز بين حالتين:
1- عندما يكون محل المنازعة قرارا إداريا صريحا فيمكن تحريك الدعوى خلال الأربعة أشهر التالية لتبليغ هذا القرار أو نشره أو من تاريخ العلم .
2- عندما يكون الفعل الضار مصدره عملا ماديا أو عملا قانونيا ليس من طبيعة القرارات الإدارية ، فيمكن تحريك الدعوى اعتبارا من تاريخ وقوع هذا الفعل الضار ، ولا تسقط هذه المدة إلا بمضي مدد التقادم الطويل أو المتوسط أو القصير الأجل بحسب كل حالة .
فمن المعمول به قضائيا أن قضايا التعويض غير مقيدة بأجل محدد ما دامت الدعوى لم تتقادم بعد وهذا ماأكدته الغرفة الإدارية للمحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :13-1-1991[53] في قضية التعويض عن خطأ إداري متمثل في إهمال ممرض وعدم تفقده لمريض عقلي يحتاج إلى مراقبة مستمرة , مما أدى إلى انتحاره فأيد هذا القرار أحقية التعويض عن خطأ مرفقي وأقر أن دعاوى التعويض غير مقيدة بأجل مادامت لم تتقادم .


المطلب الثاني : مراحل تحضير ملف قضية دعوى التعويض و الفصل فيه :
تبدأ الإجراءات أمام القضاء الإداري بتقديم عريضة دعوى التعويض أمام الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي محليا مكتوبة و موقع عليها من المدعى أو محاميه ومحتوية على جميع البيانات اللازمة .
و ملخص موجز عن وقائع الدعوى و الأسس و الأسانيد و الطلبات ، كما تقدم عريضة الدعوى في نسخ تتعدد بعدد المدعى عليهم ، و بعد تقديمها إلى أمانة ضبط الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي المختص محليا يسلم أمين الضبط لرافع الدعوى إيصالا بعد دفع الرسوم . و يسجل عريضة الدعوى أمين الضبط بسجل خاص و ترقم وفقا لترتيبها من حيث تاريخ استلامها مع بيان أسماء وعناوين الأطراف ورقم القضية و تاريخ الجلسة ، و يتم تبليغ المدعى عليه فورا بعريضة الدعوى ، ثم تأتي مراحل تحضير ملف الدعوى والفصل فيه و سنتعرض لهذه المراحل عبر ثلاثة فروع :
الفرع 01 : مرحلة إعداد ملف قضية دعوى التعويض للفصل فيه

تطبيقا للمادة :169 – 3 من قانون الإجراءات المدنية ، يقوم أمين الضبط بإرسال ملف الدعوى بعد عملية تسجيله إلى رئيس المجلس القضائي المختص محليا الذي يقوم بدورة بإحالة عريضة " دعوى التعويض الإدارية إلى رئيس الغرفة الإدارية بنفس المجلس ليقوم هذا الأخير بتعيين مستشار مقرر ليضطلع هذا المستشار المقرر بعملية إعداد و تحضير ملف القضية للمداولة و المحاكمة ، وتتم هذه العملية باتباع الخطوات التالية :
1/ القيام بمحاولة صلح [54]بين المدعي والسلطات الإدارية المدعى عليها خلال مدة 3 أشهر ، حيث ألزمت المادة 169/ 3 من قانون الإجراءات المدنية المستحدثة في إصلاح 1990 المستشار المقرر بالقيام بهذا الإجراء الأولي قبل الشروع في التحقيق في الدعوى .
و في حالة الوصول إلى إتفاق و تم الصلح بين الطرفين المتنازعين يثبت هذا الصلح بقرار من الغرفة المختصة ، و يخضع لطرق تنفيذ القرارات القضائية .
- و في حالة الصلح يصبح وثيقة من وثائق و مستندات القضية .
2/ في المرحلة الثانية عند عدم الصلح تودع مذكرات الدفاع لدى قلم الكتاب و يشترط في مذكرات الدفاع المقدمة من السلطات الإدارية أن تكون موقعة من طرف السلطات الإدارية المختصة و التـي تحوز صفة التقاضي أمام القضاء باسم الدولة و الإدارة العامة في الدولة و لحسابها أو من ينوبهم أو يحل محلهم أو يفوض إليهم قانونا .

- كما يقوم المستشار المقرر بتبليغ المذكرات والوثائق و المستندات المتبادلة و الأمر بتقديم الإجابات والوثائق و المستندات اللازمة في الآجال المقررة .
- و إذا ما تأكد من أن عملية الفصل في الدعوى أصبحت مؤكدة وواضحة و ممكنة جاز لرئيس الغرفة الإدارية أن يقرر عدم إجراء عملية التحقيق ، و يحيل مباشرة ملف الدعوى للنيابة العامة لتقديم تقريرها في أجل شهر .
3/ و في حالة وضوح عملية الفصل تبدأ إجراءات التحقيق المقررة في المادة : 170 مكرر و في المواد من 121 إلى 134 من قانون الإجراءات المدنية و كذا المواد من 43 إلى نهاية المادة 80 من نفس القانون[55]. وتنطلق هذه العملية بعد صدور الأمر بإجراءات التحقيق ، ويبلغ هذا الأمر للطرف المعني و يجوز للنيابة العامة حضور جميع مراحل وإجراءات التحقيق ، ويقوم أمين الضبط بتحرير محضر كافة مراحل ونتائج التحقيق.[56]
4/ بعد مراقبة النيابة العامة لكافة إجراءات التحقيق و بعد إحالة ملف القضية له من طرف المستشار المقرر تقوم النيابة العامة بإعداد تقرير مفصل في خلال شهر وإلا جاز لرئيس الجلسة بالاتفاق مع المقرر أن يأمر أمين الضبط بإخطار النيابة العامة بتاريخ الجلسة قبل 8 أيام حتى و لو لم تقدم تقريرها حول ملف الدعوى و يجوز تخفيض هذا الميعاد إلى 4 أيام في حالة الاستعجال [57] .

الفرع الثاني : مرحلة المرافعة و المحاكمة :
بعد ضبط ملف الدعوى و إطلاع النيابة العامة تبدأ جلسات المرافعة والمحاكمة العلنية أصلا بحضور الخصوم وأطراف الدعوى أو ممثليهم القانونيين و تتشكل هيئة الحكم من رئيس الجلسة و مستشارين (مقرر- عضو) ممثل النيابة العامة – أمين الضبط .
تبدأ المرافعة بتلاوة تقرير المقرر ، والذي يجب أن يتضمن على الوقائع و مضمون دفاع الأطراف و طلباتهم وكافة الإشكاليات الإجرائية المثارة و كذا موضوع النزاع و طلبات الأطراف ، كما يمكن بعدها للخصوم أو محاميهم إبداء ملاحظاتهم الشفوية دعما لمذكراتهم الكتابية ثم تقوم النيابة العامة ، التي يجب سماعها في جميع القضايا بإبداء طلباتها ، كما يجوز لهيئة الجلسة أن تستمع إلى ممثلي السلطات الإدارية أو طلب حضورهم لتقديم الإيضاحات .
و بمجرد الانتهاء من عملية المرافعات والمحاكمة و إقفال باب المناقشة تحال القضية للمداولة ، و يحدد اليوم الذي يصدر فيه الحكم في الدعوى ، و تجرى المداولات بدون حضور كل من أطراف الدعوى أو النيابة العامة أو أمين الضبط – و ذلك تطبيقا للمبدأ القضائي العام القائل بعلانية و شفافية المرافعات والمحاكمات وسرية المداولات .

الفرع 03 : سلطة القاضي الإداري في تقييم الضرر القابل للتعويض :
يتمتع القاضي الإداري بحرية واسعة في تقييم الضرر القابل للتعويض ، ولكن إرادة أطراف القضية تستطيع أن تضع له حدودا ، بحيث لا يمكن للقاضي الإداري أن يمنح تعويضا يفوق التعويض المحدد من طرف المشرع في قضايا معينة ، كما تشكل إرادة الضحية حدا لحرية القاضي في تحديد الحد الأقصى للتعويض لذلك يجب على قضاة الغرفة الإدارية احترام قاعدتين أساسيتين في تقييم الضرر :
- قاعدة عدم جواز الحكم بغير أو بأكثر مما هو مطلوب.
- قاعدة التعويض الكامل للضرر : فلا تأثير لجسامة الخطأ على تحديد مبلغ التعويض المستحق فالعبرة بجسامة الضرر الذي تسببت الإدارة في إحداثه .
و لكن عند قيام القضاة بتقييم الضرر تثور مشكلة الأسس أو العناصر التي يقوم التقدير علـى أساسها و تحديد التاريخ الذي يتعين على القاضي أن يأخذه في الاعتبار عند تقدير الضرر
* عناصر تقييم الضرر : لابد أن يكون التعويض مناسبا للضرر الحاصل، فمنح التعويضات عن الضرر المعنوي يدخل ضمن السلطة التقديرية لقضاة الموضوع .
أما إذا كان الضرر ماديا : فإنه يتعين التمييز بين الأضرار التي تمس الشخص في جسمه و بين الأضرار التي تمس ماله .
فإذا كانت الأضرار جسمية لابد على القاضي من فحص الملف الطبي للمضرور مع مراعاة ما فات المضرور من كسب و ما لحقه من خسارة .
- أما بالنسبة لتقدير الأشياء المنقولة ، فيراعي القاضي عند تقييم الضرر وضعية قيمة المـال المتضرر .
- أما عناصر تقييم الأملاك العقارية فيعتمد القاضي عادة على تقرير الخبير العقاري الذي يبرز في تقرير خبرته مشتملات الأملاك أي كافة العناصر المادية و القانونية التي يحتوي عيها المال في وقت معين .
· تاريخ تقييم الضرر :
إن تحديد تاريخ تقدير قيمة الضرر تكتسي أهمية كبـرى خاصة مع تدني العملة الوطنية وارتفاعهـا ، وذلك أنه قد يمر وقت طويل بين تاريخ حصول الضرر و بين تاريخ صدور القرار القاضي بالتعويض ، و القاعدة العامة في الاجتهاد القضائي أن تاريخ تقييم الضرر هو تاريخ الفصل في القضية .
- و قد استقر القضاء الفرنسي وأيده في ذلك الفقه على أن الضرر يجب أن يقدر يوم النطق بالحكم سواء في عناصره المكونة أو قيمته النقدية لأنه في الفترة ما بين وقوع الفعل الضار و صدور الحكم بالتعويض يتغير سعر النقد الذي يقدر به التعويض أو تغير معـدل التعويـض الـذي قدره القانـون و مؤدى ذلك أن تغيير سعر النقد يؤثر في القيمة الحسابية للضرر بالزيادة رغم أنه لم يتغير داخليا فهو الذي يدفع المشرع إلى زيادة مقدار التعويض حتى يكون مساويا للضرر وكافيا لجبره[58].
- وفي حالة استئناف قرار الغرفة الإدارية الابتدائي أمام مجلس الدولة يستطيع مجلس الدولة أن يعيد النظر في مبلغ التعويض ، إذا لاحظ أن تقييم قضاة الدرجة الأولى غير صحيح[59].

















الخاتمـــــــة
تضمنت المذكرة دراسة موجزة للتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية والشخصية في القضاء الإداري،ولما كان ما يوجه الباحث لأي نص هو معرفة المخاطبين بأحكامه ، لذلك كان من الضروري أن نحدد الشخص المسؤول عن تعويض الضرر الناتج عن الخطأ الشخصي المنفصل عن العمل الوظيفي والمتصل به وفي حالة مساهمته مع المرفق في إحداث الضرر أي بوجود مسؤول مليء يقدر على أداء التعويض المناسب للمضرور مع العمل على توفير الحماية والطمأنينة وحثه على أداء عمله بحيث لا يصبح عرضة للمسؤولية عن كل خطأ يرتكبه . لذلك كان من المنطقي أن نستهل بحثنا بالتعريف بالخطأ المرفقي والخطأ الشخصي وكذا التمييز بينهما نظرا لما تثيره فكرة التفرقة من إشكاليات ونظريات كما رأينا؛ فإذا تحقق الخطأ الشخصي البحت للموظف أوجب مسؤوليته ويلتزم بالتعويض عنه من ماله الخاص إذا كان الفعل الضار الذي يرتكبه الموظف ينفصل عن العمل الوظيفي ولا علاقة له بالوظيفة إطلاقا وينحصر في دائرة الأخطاء الشخصية التي تقع مسؤوليتها على عاتق مرتكب الخطأ الشخصي أي إذا كان العمل التقصيري يكشف عن نزواته وعدم تبصره أو قصد النكاية أو الإضرار بالغير أو كان الخطأ جسيما يصل إلى حد ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون .
ولاحظنا من خلال عرضنا لهذه المذكرة أن نظرية الخطأ الشخصي تطورت مع تطور النظام القضائي الإداري فمنذ أن كانت دعوى مدنية ترتب المسؤولية المدنية والشخصية للموظف أمام القضاء العادي صارت من الدعاوى الإدارية التي يمكن رفعها أمام القضاء الإداري من أجل ضمان الحصول على التعويض وهذا بشروط تم ذكرها في الفصل الثاني من المذكرة وهناك من يدعو إلى توحيد جهة الاختصاص بنظر دعاوى التعويض عن الأضرار التي يسببها الموظفون وتوحيد كافة قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص في مجال المسؤولية، لكن هذا أمر يصعب تحقيقه وليس من الصالح العام الأخذ به نظرا لاختلاف الأوضاع التي يحكمها القانون العام ذلك أن القاضي الإداري يلعب دورا هاما في هذا الخصوص فضلا عن أن التطور السريع الذي تمر به القواعد الإدارية في نشأتها ونموها وتكوينها، كل هذه العوامل أدت إلى أن يلعب القاضي الإداري الدور الأساسي في خلق القواعد القانونية الإدارية ويبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الإدارة والأفراد وهي روابط مختلفة في طبيعتها عن روابط القانون الخاص. ومن ثم فقد ابتدع القضاء الإداري نظرياته التي استقل بها في هذا الشأن الأمر الذي يستوجب الأخذ بحلول مختلفة لموضوعات المسؤولية التي تحكمها قواعد القانون الخاص، وهذا يدعونا للقول أن القضاء الإداري وجد ليطبق قانونا خاصا على علاقات متميزة لا تصلح لها قواعد القانون الخاص، لذلك فإن القواعد الإدارية التي تطبق في شأن دعاوى التعويض عن الأضرار التي يسببها الموظفون تعتبر أفضل من القواعد المدنية وخاصة بالنسبة لحق المضرور والإدارة في مطالبة الموظف بالتعويض عن الأضرار التي يسببها نتيجة خطئه الشخصي.
ويتعلق بموضوع الاختصاص موضوع آخر لا يقل عنه أهمية يتعلق بمسؤولية الإدارة عن أخطاء موظفيها المادية غير المشروعة، وترجع أهمية هذا الموضوع إلى التشابه الكبير بين مسؤولية الإدارة عن أخطاء موظفيها غير المشروعة ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه مما دفع البعض إلى القول بتطبيق قواعد القانون المدني على الأضرار التي يسببها الموظفون نتيجة أخطائهم الشخصية وهذا ما رأيناه فعلا في الكثير من حيثيات قرارات الغرف الإدارية والمحكمة العليا، وحتى مجلس الدولة استعمالهم للمادة 136 من القانون المدني) المتعلقة بعلاقة المتبوع بتابعه ) لأن هذه القواعد تحقق العدالة ولا تتعارض وسير المرافق العامة .
ويمكننا القول أنه على الرغم من التشابه الكبير بين مسؤولية الإدارة عن أخطاء موظفيها ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيها إلا أن اختلاف القواعد القانونية الواجبة التطبيق لتقرير مسؤولية الإدارة عن أخطاء موظفيها ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه تستلزم مراعاة اعتبارات التخصص التي تعطي للقاضي حرية كبيرة في الملاءمة بين القواعد الإدارية و سرعة تطور المجتمع مما يجعل قواعد القانون الإداري تتسم بنوع من المرونة و تتسم بمسايرتها للتطور الإجتماعي و الإقتصادي في داخل المجتمع المطبقة فيه، كل هذه الإعتبارات تجعل القضاء الإداري هو المختص بنظر دعاوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية.
ولذا كانت هناك شروط و إجراءات خاصة للمطالبة بالتعويض أمام القضاء الإداري فالإجراءات الإدارية تختلف عن الإجراءات القضائية أمام القضاء العادي من حيث جهة الإختصاص و شروط قبول الدعوى و التشكيلة القضائية الفاصلة في هذا النوع من المنازعات وكذا قواعد و عناصر تقييم الضرر القابل للتعويض، وهذا ما حاولنا توضيحه في هذه المذكرة.
وهكذا يمكن أن نخلص إلى النتائج التالية:
-1فكرة الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي هما فكرتان معياريتان تستعصيان بطبيعتهما على وضع تعريف جامع مانعا لهما.
-2لم يتفق الفقه و القضاء على وضع معيار محدد لفكرة الخطأ الشخصي كما لا توجد قاعدة عامة تضع ضوابط محددة تفصل بوجه قاطع بين الاخطاء الشخصية و غيرها و إنما يتحدد كل نوع من هذه الأخطاء تبعا لما يستخلصه القاضي من ظروف وملابسات كل قضية منها نية الموظف و مبلغ الخطأ من الجسامة و الدافع إلى ارتكابه ومنه يجب أن تدرس كل قضية على حدا.
3-إختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأضرار التي يسببها المرفق و الموظفون نتيجة أخطائهم الشخصية شريطة أن يكون العمل المادي متصل مباشرة بإدارة المرفق العام و أن يكون تسييره وفقا لأحكام القانون العام و أساليبه و يبدو واضحا وجه السلطة العامة ومظهرها لأن القضاء الإداري وجد ليطبق قانونا على علاقات متميزة لا تصلح لها قواعد القانون الخاص.
-4مراعاة مصلحة المضرور من خطأ الموظف الشخصي و حقه في التعويض عن الضرر الذي أصابه، فللمضرور الحق في أن يرفع دعواه على الموظف وحده أو على الموظف و الإدارة معا و تصبح الإدارة ضامنة للموظف في ما يحكم عليه من تعويضات و لا يجوز للمضرور أن يجمع بين تعويضين من الإدارة و الموظف.
5-لا شك أن الموظف يستفيد من تطبيق القواعد الإدارية و أفضل له من القواعد المدنية في المسؤولية لأنها تعفي الموظف كليا من المسؤولية عن الأخطاء المرفقية فتهيئ له جوا من الطمأنينة و الإستقرار في حياته الوظيفية في عمله و القيام به على أكمل وجه مما يؤثر على سير العمل بانتظام كما يعفي جزئيا في حالة مساهمة عدة أخطاء شخصية أو مرفقية في إحداث الضرر فضلا عن أن القواعد الإدارية تتسم بالمرونة و مواجهة الأعباء التي تقتضيها الحياة العماية و ضروراتها واختلافها حسب ظروف الزمان و المكان التي تحيط بها و عدم وضع مبادئ ثابتة و جامدة و إنما تراعى كل حالة على حدا و التوفيق بين حقوق الفرد و حقوق الدولة.
-لذلك نقترح توحيد النصوص الخاصة بالمسؤولية عن الخطأ الشخصي في كل القوانين التي تنص عن هذه المسؤولية للنقص التشريعي الكبير في القانون الإداري لتحديد قواعد المسؤولية الإدارية و علاقة الإدارة بموظفيها و مسؤوليتها عن أعمالهم.
ونلفت النظر إلى وجود فراغ فقهي في منظومة الكتب القانونية و البحوث العلمية الجزائرية التي تتناول نظريتا الخطأ المرفقي و الشخصي، خاصة نظرية الخطأ الشخصي التي تساهم في تقسيم المسؤولية بين الإدارة و الموظف وتنظيم حق الإدارة في الرجوع على الموظف المتسبب في إحداث الضرر.
وفي الأخير نرجو أن تتكاثف جهود رجال القانون من الأساتذة الجامعيين و الفقهاء و القضاة و المحامين و أن نهتم بدراسة مختلف المواضيع القانونية و الإجرائية في مجال القضاء الإداري لكون القضاء الإداري هو قانون قضائي و أعمال الإدارة هي دائما في تطور تماشيا مع تطور مجالات الحياة.














قائمة المراجع الأساسية المعتمدة في الموضوع

~المصادر

-دستور 1996
-فانون الفانون المدني
-قانون الإجزاءات المدنية
-القانون العضوي 98-01 المؤزخ في 30ماي 1998 المتضمن إختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله.
-القانون العضوي 98-02 المؤرخ في 30 ماي 1998 المتعلق بالمحاكم الإدارية .
-القانون 90-08 المؤرخ في 7 أفريل 1990المتعلق بالبلدية .
-المرسوم التنفيذي رقم :90-407 المؤرخ في :22-12-1990 الذي يحدد قائمة المجالس القضائية و اختصاصها الإقليمي .
~المراجع :
01-أحمد محيو : المنازعات الإدارية -ترجمة فائز انجق – بيود خالد ديوان المطبوعات الجامعية -
ط: 1986 .
02-إعاد علي حمود القيسي : القضاء الإداري وقضاء المظالم –دار وائل للنشر –
03-حسين بن الشيخ أث ملويا : المنتقى في قضاء مجلس الدولة -الجزء الأول- دار هومة –
04- حسين بن الشيخ أث ملويا : مبادئ الإثبات في المنارعات الإدارية –دار هومة –طبعة 2002
05-رشيد خلوفي : قانون المنازعات الإدارية (شروط قبول دعوى تجاوز السلطة و دعوى القضاء االكامل ) –طبعة 2001-ديوان المطبوعات الجامعية –
06-رشيد خلوفي :فانون المسؤولية الإدارية –طبعة2001- -ديوان المطبوعات الجامعية –
07-رشيد خلوفي : القضاء الإداري – تنظيم واختصاص –ديوان المطبوعات الجامعية –
08-د.سامي حامد سليمان : -نظرية الخطأ الشخصي في مجال المسؤولية الإدارية ْدراسة مقارنة ٌ توريع دار الفكر العربي .
09-د.سليمان محمد الطماوي : القضاء الإداري –الكتاب 2-فضاء التعويض و طرق الطعن في االأحكام – دار الفكر العربي –
10-د.سليمان محمد الطماوي :الوجيز في القضاء الإداري –طبعة 1974 –دار الفكر العربي
11 –د. عمار عوابدي : نظرية المسؤولية الإدارية ( نظرية تأصيلية تحليلية و مقارنة ) –طبغة2-2004
12- د.عمار عوابدي : النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري ) ج 2 نظرية الدعوى الإدارية -ديوان المطبوعات الجامعية –
13-د.محمد الصغير بعلي : الوجيز في المنازعات الإدارية ( القضاء الإداري ) –دار العلوم للنشر والتوزيع .
14-د.محمد عاطف البنا : الوسيط في القضاء الإداري : تنظيم رقابة القضاء الإداري – الدعاوى الإدارية - دار الفكر العربي –
15-د.مسعود شيهوب : المبادئ العامة للمنازعات الإدارية –الجزء 2و3 –ديوان المطبوغات الجامعية
16-محمد فؤاد مهنا: حقوق الأفراد إزاء المرافق العامة والمشروعات –معهد البحوث و الدراسات العربية –1970-
17-ماجد راغب الحلو : القضاء الإداري ط1 –دار المطبوعات الجامعية –الإسكندرية – 1977.
18-يوسف سعد الله الخوري –القانون الإداري العام –ج 2 –القضاء الإداري – مسؤولية السلطة العامة – طبعة 1998.
~المراجع باللغة الفرنسية:

edition –tome 2 paris –1971 2–1-Andrie de laubadere Traitè de droit administrtif-
2-G/ peiser –Traité E Droit administratif 7 em édition 1976
3-Haurio . Precis de droit administratif 10 em E
4-La ferriere "Traité de la juridiction administratif " 2 em ed –T 01 /
5-R , Khalloufi et H . Bouchahda –Receuil de jurisprudence administrative –institut de droit d’Alger ,1980


~المجلات القضائية والقانونية :
-مجلة مجلس الدولة – العدد 1-2-3-4 لسنة 2003 .
-المجلة الجزائرية 1973.
-المجلة القضائية 1990 العدد 2
-المجلة القضائية 1991 العدد 1
-المجلة القضائية 1995 العدد 2
-المجلة الفضائية 1996 العدد 2
-المجلة القضائية 1998 العدد 2
-موسوعة الفكر القانوني – الملف المسؤولية الطبية – مجلة الموسوعة القضائية الجزائرية –رئيس التحرير :تبيل صقر .
-ملتقى قضاة الغرف الإدارية – الديوان الوطني للأشغال التربوية 1992



~الرسائل والمذكرات .
1- مسعود شيهوب – المسؤولية دون خطأ في القانون الإداري "أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام" – جامعة قسنطينة 1991 .
2- مقراني سمير – قضاء الغرفة الإدارية للمحكمة العليا لسنة 1996 – مذكرة لنيل شهادة الماجستير – 1997 . 3- نوار عياش – الضرر القابل للتعويض في المسؤولية الإدارية – 2001 – مذكرة نهاية التكوين بالمدرسة الوطنية للإدارة (اختصاص القضاء الإداري) .
4- عمار بن عميروش – الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في المسؤولية الإدارية – مذكرة نهاية التكوين بالمدرسة الوطنية للإدارة –2001 – اختصاص القضاء الإداري .












الفــــــــــــهــــــرس
الصفحة


المقدمــة 01
الفصل الأول: الأخطاء المرفقية و الشخصية و الأضرارالناجمة عنها 03
المبحث1 : الأخطاء المرفقية والشخصية 03
المطلب1 : مفهوم الخطأ المرفقي 03
فرع1 : تعريف الخطأ المرفقي 04
فرع 2 : صور الخطأ المرفقي 05
المطلب2 : مفهوم الخطأ الشخصي 08
فرع 1 : تعريف الخطأ الشخصي 08
فرع 2 :المعايير الفقهية لتحديد الخطأ الشخصي 09
المطلب 3 : العلاقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي 12
فرع 1 : قاعدة التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي ونتائجها 12
فرع 2 : قاعدة الجمع بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي ونتائجها 15
المبحث 2 : مميزات الأضرر الناجمة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية 19 المطلب1 : ضرر شخصي ومباشر 19
فرع 1 : الضرر الشخصي 19
فرع 2 : الضرر المباشر 22
المطلب 2 : الضرر المؤكد والضرر الذي يمس بحق مشروع أو مصلحة مشروعة 23
فرع 1 : الضرر المؤكد 23
فرع 2 : الضرر الماس بحق مشروع أو مصلحة مشروعة 24

الفصل الثاني : كيفية المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء 26 المرفقية و الشخصية أمام القضاء الإداري

المبحث 01: شروط المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الأخطاء المرفقية 27
والشخصية أمام القضاء الإداري
المطلب 1 : الشروط العامة لنشوء الحق في المطالبة بالتعويض أمام القضاء الإداري 27
فرع 1 : حدوث الخطأ و تحديد الجهة الإدارية المسؤولة 27
فرع 2 : حدوث الضرر 28
فرع 3 : العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر 28
المطلب 2 :الشروط الخاصة لنشوء الحق في المطالبة بالتعويض 30
عن الأخطاء الشخصية أمام القضاء الإداري
فرع 1 : إقتران الخطأ الشخصي بخطأ مرفقي في إحداث الضرر 30
فرع 2 : وقوع الخطأ الشخصي من موظف أثناء تأدية وظيفته أو بسببهاأوبمناسبتها 31
فرع 3: عدم سبق الفصل في موضوع الدعوى أمام القضاء الإداري 34
المبحث 2: إجراءات التعويض أمام القضاء الإداري 35
المطلب1 : الإختصاص القضائي و شروط قبول دعوى التعويض 35
فرع 1 : الجهة القضائية الإدارية المختصة بالتعويض 35
فرع 2 : شروط قبول دعوى التعويض 38
المطلب2 : مراحل تحضير ملف قضية دعوى التعويض والفصل فيه 41
فرع 1 : مرحلة إعداد ملف قضية التعويض للفصل فيه 41
فرع 2 : مرحلة المرافعة والمحاكمة 42
فرع 3: سلطة القاضي الإداري في تقييم الضرر القابل للتعويض 43
الخاتمــة 45
الملاحـق 48
المراجـع 49
الفهـرس 52
















[1] : أنظر عمار عوابدي ـنظرية المسؤولية الإدارية ( نظرية تأصيلية ,تحليلية,و مقارنة ) ـ ديوان المطبوعات الجامعية ص 24.

[2] أنظر رشيد خلوفي – قانون المسؤولية الإداية ص09 – ديوان المطبوعات الجامعية-

[3] عمار بن عميروش : مذكرة التخرج من المدرسة الوطنية للإدارة – الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي في المسؤولية الإدارية – ص 20

[4] أنظر الدكتور سليمان محمد الطماوي - القضاء الإداري - الكتاب 2 - قضاء التعويض وطرق الطعن في الأحكام ـ دار الفكر العربي ـ ط 1968 ـ ص 133 .


[5] أنظر الدكتور عمار عوابدي نظرية المسؤولية الأدارية ـ ديوان المطبوعات الجامعية ص120

[6] تعريف فالين ورد ذلك في كتاب الدكتور عمار عوابدي ـنظرية المسؤولية الإداريةـ المرجع السابق ص 120

[7]ـ أنظر عمار بن عميروش – مذكرة التخرج من المدرسة الوطنية للإدارة ـ الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي في المسؤولية الإدارية ـ ص35 ـ2001

[8] راجع حكم مجلس الدولة الصادر في 2/2/1934 قضية "consort fornval"

[9] أنظر :محمد عاطف البنا ـ الوسيط في القضاء الإداري ـ دار الفكر العربي ص398.

[10] حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في :10/2/1905 في قضية توماس جريكو، التي تنحصر وقائعها أن ثورا هائجا هرب من سوق الأربعاء بتونس فاندفع وراءه الناس محاولين الإمساك به . وحينها انطلق عيار ناري مصيبا السيد توماس جريكو بجراح وهو داخل منزله، فرفع دعوى مطالبا الدولة تعويضه عما أصابه ومدعيا أن العيار الذي أصابه أطلقه أحد رجال البوليس الذين كانوا يطاردون الثور الهائج وقضى مجلس الدولة بمسؤولية المرفق لعدم اتخاذه الاحتياطات اللازمة لمنع مثل هذه الحوادث.

[11] أنظر قرار الغرفة الإدارية – المجلس الأعلى ( سابقا ) – المجلة الجزائرية 1973 ص 541

[12] : أنظر تفصيل أكثر في هذه النقطة حول تطور المسؤولية الإدارية عن انعدام الصيانة العادية من المسؤولية الخطئية إلى المسؤولية غير الخطئية . مقال د . مسعود شيهوب – المسؤولية الإدارية عن انعدام الصيانة العادية وتطبيقاتها في محال المرور ، والذي ألقاه في الملتقى الوطني حول حوادث المرور وتطبيقاتها في محال المرور في نوفمبر 1998 –( أنظر الملحق رقم 1).

[13] -أنظر عمار عوابدي –المسؤولية الإدارية ص119 –ديوان المطبوعات الجامعية

Haurio,precis de droit administratif 10em p 371 [14]

Laferriere "traité de la juridiction administratif " 2eme . T01 p648 [15]

[16] أنظر إعاد على محمود القيسي . القضاء الإداري وقضاء المظالم ص 249 –دار وائل للنشر-

[17] أنظر نفس المرجع ص 249

[18] أنظر مذكرة التخرج من المدرسة العليا للإدارة الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي في المسؤولية الإدارية – لعمار بن عميروش -2001- ص14

[19] أنظر نفس المرجع ص15

[20] أنظر : د محمد عاطف البنا – الوسيط في القضاء الإداري – دار الفكر العربي – ص 376 .

[21] أنظر عمار عواودي . المرجع السابق ص 141

[22] أنظر عمار عوابدي – المرجع السابق – ص 141

[23] للإسهاب ومعلومات أكثر في هذه النقطة راجع: د.عمار عوابدي- المرجع السابق –ص 169 حتى 174
د. رشيد خلوفي – قانون المسؤولية الإدارية ص 29 حتى 33
د- سليمان الطماوي – القضاء الإداري- ص 185 حتى 194

[24] أنظر ملخص هذا القرار في الفرع 2 المتعلق بصور المرفق العام من المطلب الخاص بمفهوم الخطأ المرفقي .

[25] أنظر د.عمار عوابدي – نظرية المسؤولية الإدارية- ص172

[26] قضية المديرية العامة لأمن الوطني ضد أرملة لشاني ومن معها-قرار الغرفة الثانية لمجلس الدولة- غير منشور- فهرس 23 أنظر التعليق على هذا القرار لحسين بن الشيخ أث ملوية- المنتقى في قضاء مجلس الدولة جزء1 ص 17. –(أنظر الملحق رقم 2)

[27] ـدـ عمار عوابدي ـ المرجع السابق ـص172

[28]قرار غير منشور صادر عن الغرفة الرابعة لمجلس الدولة فهرس 84، أنظر المنتقى في قضاء مجلس الدولة – لحسين بن الشيخ أث ملويا –الجزء 1-ص285 أنظر ( الملحق رقم 3)

[29] قرار الغرفة الإدارية للمحكمة العليا بتاريخ : 29/10/1977 ملف رقم 14946 فريق بن سالم ضد مستشفى الجامعي – مصطفى باشا الجزائر.

[30] قرار مجلس الدولة – الغرفة الأولى –(قرارغير منشور) فهرس 254- أنظر التعليق عليه في المنتقى في قضاء مجلس الدولة – ج1-لحسين بن الشيخ أث ملويا – ص 101. أنظر (الملحق رقم 4)

[31]-انظر يوسف سعد الله الخوري – كتاب القانون الاداري العام – الجزء الثاني – القضاء الاداري – مسؤولية السلطة العامة – طبعة 1998- ص574.


1–أنظر قرار الغرفة الثالثة- غير منشور- فهرس 90- انظر المنتقى في قضاء مجلس الدولة – المرجع السابق ص 65.


-Rachid Khaloufi et Bouchahda – opu - Alger- 1980 p 15[33] 1-Recueil de jurisprudence administrative algérienne

[34] - أنظر المقال المنشور في موسوعة الفكر القانوني للأستاذ قمراوي عز الدين - مفهوم التعويض الناتج عن حالات المسؤولية الطبية في الجزائر – ص 55


[35] - انظر :د/أحمد محيو – المنازعات الإدارية – ديوان المطبوعات الجامعية – ص 240


[36] - انظر : د/ رشيد خلوفي – قانون المسؤولية الإدارية – ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 2001-ص 115

[37] -أنظر عمار عوابدي – نظرية المسؤولية الإدارية – ديوان المطبوعات الجامعية .ص255.

[38] انظر هذه الحالات :د/رشيد خلوفي – المرجع السابق ص 125-126

[39] - أنظر د. أحمد محيو – المنازعات الإدارية ص 241

[40] انظر : نوار عياش – مذكرة نهاية التكوين بالمدرسة الوطنية للإدارة – الضرر القابل للتعويض في المسؤولية الادارية –2001- ص6


1 -انظر د/ سامي حامد سليمان – نظرية الخطأ الشخصي في مجال المسؤولية الادارية – دار الفكر العربي –ص 288
-

1-انظر موسوعة الفكر القانوني – ملف المسؤولية الطبية – مقال الأستاذ : سعيدي الشيخ – الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي بين موقفي الفقه و القضاء – ص 102[42]

1-انظر : دسامي حامد سليمان – نظرة الخطأ الشخصي في مجال المسؤولية الإدارية – دارسة مقارنة – دار الفكر العربي ص 30[43]


2 انظر : التعليق على هذا القرار في – المنتقى في قضاء مجلس الدولة لحسين بن الشيخ الجزء الأول –[44]ص21

[45] -أنظر قرار مجلس الدولة الغرفة 4 ( غير منشور فهرس 75) في المنتقى في قضاء مجلس الدولة لحسين بن الشيخ أث ملويا ص273 وما بعدها – (أنظر الملحق رقم 5 - )

[46]3 انظر د/ سامي حامد سليمان – المرجع السابق ص 314



[47] أنظر قرار المحكمة العليا – غرفة الجنح و المخالفات- قرار يتاريخ 20/10/1998 ملف رقم 555751 قضية المسنشفى الجامعي ضد –ب م- ومن معه، منشور بالمجلة القضائية 1998 العدد02- ص146 إلى ص149 أنظر ( الملحق رقم 6).

[48] قرار مجلس الدولة – الغرفة 4 – ملف رقم : 189944 – قرار مؤرخ في : 27/03/2000 بين مدير المستشفى الجامعي بوهران – السيد مدير الشركة الوطنية للتأمين – وهران غير منشور-

[49] أنظر : المادة 7/2 من قانون الإجراءات المدنية و المادة 3 من المرسوم التنفيذي رقم : 90 –407 المؤرخ في 22/12/1990 الذي تحدد قائمة المجالس القضائية و اختصاصها الأقليمي ..والقوانين المعدلة له

[50] انظر – د مسعود شيهوب – المبادئ العامة للمنازعات الإدارية – الجزء 3 – ديوان المطبوعات الجامعية –د أحمد محيو - المرجع السابق ص 148 – 149


[51]لتفصيل أكثر ارجع إلى :د محمد الصغير بعلي – الوجيز في المنازعات الإدارية – دار العلوم – ص 77- ص 150

[52] أنظر قرار الغرفة 3لمجلس الدولة في الملف رقم 661400 بتاريخ :3-6-2003 حول مسؤولية المستشفى على الخطأ الطبي منشور بمجلة مجلس الدولة عدد 4لسنة 2003 ص 99 .( أنظر الملحق رقم 7)

[53] : أنظر قرار الغرفة اللإدارية للمحكمة العليا – ملف رقم 75670 الصادر بتاريخ 13-1-1991 قضية " المركز الإسنشفائي الجامعي ضد فريق ك " منشوربالمجلة الثضائبة لسنة 1996 عدد2 ص 127 أنظر ( الملحق رقم 8 )

[54] يعتبر الصلح إجراءا جوهريا من النظام العام – أنظر قرار مجلس الدولة في 22/5/2000 الغرفة الرابطة ( قرار غير منشور – فهرس 327 التعليق عليه في كتاب المنتقى في قضاء مجلس الدولة لحسين أت ملويا – الجزء 1 .


[55] انظر في كيفية إصدار بالتحقيق المواد من 43 إلى نهاية المادة 46 ، و في كيفيات إجراء الخبرة ، المواد من 47 إلى نهاية المادة 55 ق إ ج م ، وفي كيفيات الانتقال

[56]أنظر المادة 170 مكرر – 125 من قانون الإجراءات المدنية,

[57], أنظر المادة 170 من قانون الإجراءات المدنية .

[58] أنظر الأستاذ : قمراوي عز الدين – مقاله: مفهوم التعويض الناتج عن حالات المسؤولية الطبية في الجزائر – منشور بموسوعة الفكر القانوني – ملف المسؤولية الطبية – ص 59


[59] أنظر في هذه النقطة د. رشيد خلوفي – قانون المسؤولية الإدارية - ديوان المطبوعات الجامعية , ص141