ورقة عمل

الدور المتغير لإدارة الموارد البشرية من منظور المعرفة


أ. معالي عكروش


مقدمة إلى

ملتقى الموارد البشرية الأول
(التميز في استثمار الموارد البشرية )

المرجع الاستشارات والتطوير الاداري


15 – 16 / 4 / 2007
البحر الميت












قائمة المحتويات


البيان الصفحة
ملخص
المقدمة
إدارة المعرفة
تحديات القرن الحادي والعشرين وأثرها على منظمات الأعمال
الدور المتغير لإدارة الموارد البشرية من منظور إدارة المعرفة
تغير طبيعة وظائف الموارد البشرية في الاقتصاد المعرفي












ملخص:

تهدف هذه الورقة إلى توضيح الدور الجديد لإدارة الموارد البشرية في ظل إدارة المعرفة والتحول نحو الاقتصادي المعرفي.

وتنبع أهمية هذا الموضوع كون المعرفة أصبحت تعتبر المورد الأكثر أهمية في المنظمات الحديثة لكون إنشاء المعرفة لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الأفراد، فقد يرى البعض أن إدارة المعرفة هي إدارة الأفراد، وكما قال بيتر دراكر: "ليس هناك شيء اسمه إدارة معرفة، وإنما إدارة أفراد ذوي معرفة".

ومما يعزز من أهمية مفاهيم إدارة المعرفة وإدارة الموارد البشرية في ظل المعرفة هو التحديات التي تواجه المنظمات اليوم والمتعلقة بالعولمة وتحرير التجارة والتغيرات في المجالات السياسية والاقتصادية وزيادة حدة المنافسة مما يستدعي من هذه المنظمات مواجهة هذه التحديات بشكل عام وإدارة الموارد البشرية بشكل خاص.

وفي ظل تطور الاقتصاد المعرفي وأثره على إدارة الموارد البشرية أصبح لا بد من النظر لأدوار إدارة الموارد البشرية من منظور جديد، لتأتي إدارات الموارد البشرية بوظائف وممارسات جديدة تختلف عن ما هو سابق وتقليدي، لتتمثل أدوارها الجديدة بممارسة أدوار إدارية مختلفة وإقامة علاقات إدارية واسعة النطاق لتشمل كافة ذوي العلاقة (Stake Holders) ودورها في التركيز والتوجه الاستراتيجي والتركيز على التعلم، لتستطيع من خلال هذه الأدوار التكيف والاستجابة لمتطلبات بيئة الاقتصاد المعرفة المتميزة بسرعة التغير والديناميكية.












مقدمة:

لقد جعلت العولمة المنظمات في كافة أنحاء العالم تعيش في بيئة ذات تغير مستمر وسريع، فباتت المنافسة في أوجها، وأصبح خلق التنافسية للمنظمة وجعل قدرتها على منافسة الآخرين عالية، وهو هدف تطمح إليه جميع المنظمات، لأنه مرتبط ببناءها، فراحت تناضل من أجل زيادة قدرتها التنافسية، فغيرت من استراتيجياتها وثقافتها وفلسفتها الإدارية وجودة منتجاتها، لتضمن البقاء في هذه البيئة.

وباشرت هذه المنظمات في تعزيز دور إدارة الموارد البشرية فيها والاعتماد عليها في توفير حاجاتها من الموارد البشرية ذات التأهيل العالي والخبرات والمهارات المتطورة والحديثة وممارسة كافة النشاطات التي تؤدي إلى تحفيز هذه الموارد وزيادة ولائها والتزامها نحو إنتاج منتجات أو خدمات متميزة ترضي زبائنها، وبالتالي تعمل على تقوية القدرة التنافسية للمنظمة.

وجاءت هذه الورقة بهدف توضيح الدور الجديد لإدارة الموارد البشرية في ظل إدارة المعرفة والتحول نحو الاقتصاد المعرفي.








إدارة المعرفة:

إن اقتصاديات دول العالم أصبحت تعتمد على المعرفة والتحول بشكل سريع نحو أن تكون اقتصاديات معرفة، وأن شركات الأعمال التي كانت تحقق القيمة المضافة وتحقق ميزة تنافسية من العمليات التحويلية للمواد والأشياء أصبحت تسعى إلى تحقيق القيمة المضافة من عمليات المعرفة، لهذا أخذت تتحول إلى شركات وأعمال قائمة على المعرفة، وأصبحت إدارة المعرفة ضرورة لا غنى عنها في بيئة الأعمال الحالية.

وتعتبر إدارة المعرفة هي الإدارة التي تقوم على أساس أن المعرفة هي المورد الأكثر أهمية في المنظمات الحديثة، فإدارة المعرفة تسعى إلى إغناء الرصيد المعرفي بإنشاء معرفة جديدة، وكون إنشاء المعرفة لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الأفراد، فقد يرى البعض أن إدارة المعرفة هي إدارة الأفراد، أو تقترب أو تتداخل مع إدارة الأفراد، وكما عبر عن ذلك بيتر دركر (Druker) بقوله: "ليس هناك شيء اسمه إدارة معرفة، وإنما إدارة أفراد ذوي معرفة".

ورغم زيادة أهمية الأفراد في إدارة المعرفة كونهم الأصول الأكثر قيمة وتجدداً، ومع ذلك فإن إدارة المعرفة هي أكثر من إدارة الأفراد، فقد تكون في بعض جوانبها إعادة استخدام البنية التحتية للمعرفة في المنظمة من خلال تكنولوجيا المعلومات، وهي أيضاً إدارة عمليات المعرفة كالحصول على المعرفة وتقاسمها وتوزيعها وإنشاءها، وهذه كلها وظائف متخصصة تتجاوز إدارة الأفراد إلى أدوار جديدة جاءت مع إدارة المعرفة.


تحديات القرن الحادي والعشرين وأثرها على منظمات الأعمال:

شهد العالم خلال العقدين الماضيين تغيرات واسعة في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والإدارية مما كان له الأثر الكبير على منظمات الأعمال وإدارة الموارد البشرية فيها:

1. ففي مجال العولمة وتحرير التجارة الدولية من القيود وإتاحة حرية الدخول والخروج للسلع والخدمات لأسواق العالم، فقد أثر ذلك إيجاباً أو سلباً على اقتصاديات الدول، وبالتالي على نشاطات الشركات المنتجة.
2. على الصعيد السياسي، فقد أدى انهيار المعسكر الشيوعي إلى انحسار الاقتصاد الاشتراكي والتحول نحو الاقتصاد الحر، وهذا التحول أدى إلى تغيير في مفاهيم إدارة المنظمات وممارستها لوظائفها من إنتاج وتسويق وإدارة مواردها البشرية.
3. وفي المجال الاقتصادي والمنافسة، فقد كان من نتاج تحرير التجارة الدولية ظهور التكتلات الاقتصادية في مختلف بقاع العالم، مما جعل من عملية المنافسة في أوجها بين منظمات الأعمال.

وفي ظل ما تقدم فإنه أصبح هناك العديد من التحديات التي تواجه إدارات المنظمات بشكل عام وإدارات الموارد البشرية بشكل خاص، تتمثل بعض هذه التحديات فيما يلي:
- يحيط بالمنظمة مخاطر بيئية على رأسها المنافسة الشديدة، وعلى جميع العاملين في المنظمة أن يعوا هذه المخاطر.
- البيئة التي تعمل بها المنظمة سريعة التغير ومن لا يتكيف في هذا التغير مصيره الزوال.
- رضا الزبون هو أساس نمو وبقاء واستمرارية المنظمة.
- تحقيق القيمة المضافة في جميع نشاطات المنظمة، مسؤولية كل من يعمل بها.
- الطموح المستمر والسعي للأفضل هو شعار المنظمة وجميع من يعمل بها.
- الاستفادة من أخطاء وتجارب الماضي مسألة هامة.
- التجديد والابتكار والتحسين المستمر مسالة حتمية.
- التعلم وتطوير الذات جزء وهدف أساسي ومستمر طوال حياة العاملين في المنظمة.
- جميع العاملين في المنظمة هم محاربون تجاه مخاطر البيئة ومواجهة تحدياتها.
- الموارد البشرية التي تحتاجها المنظمات اليوم، تمتلك مهارات متنوعة لتستطيع التعامل والتعايش في المنظمات الحديثة.

وهذه التحديات تتطلب إدارة موارد بشرية معاصرة تواكب التغيرات في البيئة، قادرة على توفير وخلق مهارات بشرية عالية المستوى ومتنوعة وتوفير مرونة عالية في أدوار الأفراد، وخلق مجالات التعاون بينهم، وحل الصراعات لبناء منظمة قوية ترعى وتهتم بالعنصر البشري فيها.

إن هذه التحولات تكشف عن ثورة حقيقية في المال وإدارة المعرفة، بعد أن أصبحت المعرفة هي المكافئ الأكثر جدارة للقيمة والمصدر الأكثر فعالية للميزة التنافسية المستدامة، وذلك لأن:
- المعرفة تنشئ الأسواق الجديدة (الابتكار).
- المعرفة تزيد العوائد (التميز المعرفي عن المنافسين).
- المعرفة تنشئ العوائد (منتجات المعرفة: الدراسات، الكتب، الاستشارات).
- المعرفة تخفض التكاليف (تحسين أساليب وطرق العمل).
- المعرفة تجذب الزبائن الجدد (لأن قاعدة المعرفة أساس الوعي بحاجات الزبائن وتطلعاتهم).
- المعرفة تحافظ على الزبائن ذوي الولاء (المعرفة الشخصية).
- المعرفة تقوي العلاقات بين النظراء (المعرفة المهنية)، بين العاملين والإدارة (المعرفة الإنسانية).

الدور المتغير لإدارة الموارد البشرية من منظور إدارة المعرفة:

لقد كان لتطور الاقتصاد المعرفي الأثر الرئيسي على إدارة الموارد البشرية في المؤسسات، والتحول في إدارة الموارد البشرية من عمليات إدارة شؤون الموظفين البيروقراطية إلى تطوير وظائف الموارد البشرية التي تدعم عدة أمور على صعيد الميزة التنافسية والتركيز الاستراتيجي.

ويرى الخبراء في هذا المجال أن إدارة الموارد البشرية سوف تفقد مكانها في المنظمات التي تعتمد على المعرفة إن لم تستجب إيجاباً للتحديات في البيئة الجديدة، وتعمل على إيجاد قيمة مضافة للمنظمة، وإحدى الطرق لإدارة الموارد البشرية لإعادة خلق ذاتها من خلال مساهمتها في إدارة فعالة لخلق الرأس البشري والمعرفة في المنظمات.





وتناقش هذه الورقة الخطوط العريضة للتغيرات المطلوبة في إدارة الموارد البشرية لتصبح مساهمة ديناميكية لخلق الميزة التنافسية في بيئة الأعمال المعاصرة المعتمدة على المعرفة.

كما أن مساهمات مدراء الموارد البشرية عموماً لديها الاحتمال الأكبر لإضافة قيمة للمنظمة من خلال إدارة فعالة لرأس المال البشري والمعرفة، ويصبح دور مدراء الموارد البشرية في البيئة المتغيرة ليتضمن وظائف جديدة لإدارة الموارد البشرية تدور في مجملها حول:
1. الأدوار الإدارية Managerial Roles.
2. العلاقات الإدارية Managerial Relationships.
3. التركيز الاستراتيجي في المنظمة Strategic Focus
4. التركيز على التعلم في المنظمة Learning Focus.

كما أن النظرة العامة للبيئة (Context) قضية مهمة في تطوير وظائف مدراء الموارد البشرية، وهذا التطوير يتطلب كادر من المدراء القادرين على تقدير كيفية تأثير العوامل البيئية على وظائف إدارة الموارد البشرية إن كانت على مستوى البيئة الداخلية أو البيئة الخارجية وأثر هذه العوامل على أداء العناصر البشرية في المنظمات.

تغير طبيعة وظائف إدارة الموارد البشرية في ظل الاقتصاد المعرفي:
The changing Nature of the HRM Function In a Knowledge Economy

لقد أصبح اليوم تحقيق الميزة التنافسية يعتمد على التطبيقات الناجحة للمعرفة، فالأوجه غير الملموسة للمعرفة أصبحت تحدد وتعرف خصائص النشاطات الاقتصادية، وظهور الاقتصاد المعرفي مزدوجاً مع تعقيد مالي في المنظمات أصبح يتطلب تغيير قوي في إدارة الموارد البشرية.

فالنهج التقليدي لإدارة الموارد البشرية محدود العمليات في ظل الاقتصاد المعرفي، مما يتطلب توسيع الدور خارج المنظمات.

وإدارة البشر كوظيفة لإدارة الموارد البشرية، أصبحت أشمل لتتضمن إدارة القدرات المؤسسية، العلاقات، التعلم والمعرفة، وكذلك ممارسات إدارة الموارد البشرية توسعت لتتضمن التركيز على المعرفة المتضمنة اكتساب ومشاركة ونشر المعرفة ضمن المنظمات، وهذه أصبحت جزء هام في محفظة (Portfolio) مدير الموارد البشرية.


إن إحياء إدارة الموارد البشرية في الاستجابة لطلبات الاقتصاد المعرفي تتطلب تغيير عبر أربعة مواطن هامة هي:
· الأدوار.
· العلاقات.
· التركيز الاستراتيجي.
· التركيز على التعلم.
وهذه تشكل المواطن الرئيسية التي تتطلب التغيير، وذلك لجعل إدارة الموارد البشرية ذات صلة وثيقة بالاقتصاد المعرفي، وسيتم توضيح هذه في الجدول الآتي:

تغير طبيعة وظائف إدارة الموارد البشرية في ظل الاقتصاد المعرفي:
مواطن التغير الاقتصاد التقليدي الاقتصاد المعرفي مدير الموارد البشرية الجديد
الأدوار Roles - التركيز الإداري
- مدير شؤون الموظفين
- الإدارة ضمن وظائف ضيقة
- شريك استراتيجي
- خبير إداري
- نصير للعاملين
- وكيل للتغير
- يدير راس المال الفكري
- ميسر للمعرفة
- باني للعلاقات
- أخصائي نشر للمعرفة
العلاقات Relationships - علاقات محدودة داخل المنظمة
- التركيز على العاملين
- توسيع العلاقات خارج المنظمة
- زيادة التركيز على العلاقات مع المدراء التنفيذيين
Line managers))
- بناء علاقات مع الموظفين، المدراء، الزبائن، المزودين والموزعين Stake holders
التركيز الاستراتيجي Strategic Focus - ليس هناك علاقة بين ممارسات الموارد البشرية مع استراتيجية المنظمة
- عدم إشراك مدراء الموارد البشرية في صياغة استراتيجية المنظمة
- تطوير استراتيجيات الموارد البشرية لتتلائم والاستراتيجية الكلية للمنظمة
- استراتيجيات طويلة المدى من 5-10 سنوات
- إدارة استراتيجية للقدرات
- تطوير ودعم القدرات التنظيمية
- التركيز على المدى القصير كما هو الحال بالنسبة لطويل المدى
- الإبقاء والتجديد
التركيز على التعلم Learning Focus - التركيز على التدريب
- نشاطات التدريب غير مرتبطة بالاستراتيجية
- التركيز على متطلبات الوظيفة الحالية
- التدريب غير مقصور على الوظائف الحالية
- تطوير نهج نظامي للتدريب والتطوير
- تطوير منظمات متعلمة
- إدارة رأس المال الفكري
- تطوير رأس المال البشري
- خلق بيئة التعلم
- تشجيع خلق المعرفة ونشرها والمشاركة بها
- التأكيد على التجديد المتواصل للمنظمة
- تطوير لجان للتطبيق




1. دور مدراء الموارد البشرية Roles for HR Managers:

في الاقتصاد التقليدي هناك مساهمات ضيقة ومحدودة لإدارة الموارد البشرية في المنظمات والتركيز على العمليات أكثر من الإبداع والخلق الاستراتيجي، الذي يؤدي إلى خلق الميزة التنافسية والقيمة المضافة.

فالنشاطات التقليدية لإدارة الموارد البشرية المتضمنة الاستقطاب والاختيار، إدارة الأداء والتطوير والتدريب الآن أصبحت من وظائف المدراء التنفيذيين (Line Managers) تشاركهم إدارة الموارد البشرية المسؤولية في ذلك، وهذا بدوره حدد دور مدير الموارد البشرية ليكون شريك استراتيجي (Strategic Partner) وخبير إداري (Administrative Expert) ونصير للعاملين (Employee Champion) ووكيل للتغير (Change Agent).

فالشريك الاستراتيجي يسهل قرارات الأعمال التي تقود للميزة التنافسية، بينما الخبير الإداري يطبق التكنولوجيا، مقاييس الجودة والتحسين المستمر لتطوير نتائج العمل، أما نصير العاملين فيكون من خلال تلبية احتياجات العاملين، أما دوره كوكيل للتغير فيتجسد في بحثه الدائم عن الفعالية والتحسين التنظيمي.

كما أن الاقتصاد المعرفي يتطلب مدراء موارد بشرية قادرين على توليد القدرات المؤسسية، ومثل هؤلاء المدراء هم يديروا رأس المال البشري، ميسرين للمعرفة، يبنون العلاقات وأخصائيين في نشر المعرفة.

فقيم إدارة رأس المال البشري تتمثل في رأس المال الفكري، والاكتشاف المستمر للوسائل الملائمة لتوصيل المعرفة وخلق أفراد معرفة في المنظمات.

فميسر المعرفة يستخدم برامج التطوير والتعلم لنشر المعرفة وخلق بيئة تعمل على خلق المعرفة والمشاركة في نشرها.

أما مؤسس العلاقات وبانيها فيركز على إيجاد وتطوير شبكة أعمال ولجان تطبيق، وفي هذه المهمة فإن باني العلاقات يؤسس طرق إبداعية لإحضار الأفراد معاً من مواقع مختلفة.




أما خبير النشر السريع، فهو يستجيب للتغير في الظروف المحيطة ويعكس ذلك بسرعة على أعمال المنظمة.




2. علاقات مدراء الموارد البشرية Relationships for HR Managers:

سابقاً كان ينظر لإدارة الموارد البشرية على أنها وظيفة داخلية في المنظمة، أما الآن فديناميكية الاقتصاد المعرفي فرضت على إدارة الموارد البشرية توسيع حدودها وعملياتها لتتضمن المزودين والموزعين والعملاء وغيرهم من ذوي العلاقة (Stake Holders) بأعمال المنظمة، ففي العقود الماضية كان من سمات إدارة الموارد البشرية مشاركة المعلومات والمعرفة والخبرات ضمن المؤسسة وليس خارجها، وحتى يتم إضافة قيمة في الاقتصاد المعرفي يحتاج مدراء الموارد البشرية لمشاركة المعرفة والتعاون مع الآخرين في بيئة المنظمة الخارجية، وهذا يتطلب ولادة مدراء موارد بشرية جدد قادرين على ممارسة نشاطات تتجاوز الوظائف التقليدية ويتقبلوا المسؤوليات الجديدة في تطوير وتقوية القدرات المؤسسية بحيث يمارسوا نشاطات تتعلق بالعمل الكلي للمؤسسة الخاص بصياغة وتنفيذ الاستراتيجيات والتمويل والتسويق ويتقاسمون المسؤولية مع المدراء الآخرين.


3. التركيز الاستراتيجي Strategic Focus and the HR Managers:

إن جهود مدراء الموارد البشرية في الاقتصاد التقليدي تنصب على تطوير المهارات اللازمة لتحقيق استراتيجية المنظمة، ولكن في ظل الاقتصاد المعرفي أصبح دورهم ينصب بتطوير رأس المال البشري وإدارة المعرفة في الأجل الطويل، مع مراعاة التكامل بين التخطيط والتطوير قصير المدى مع طويل المدى في هذا المجال، لكون هذا النهج أكثر ملائمة لطبيعة الاقتصاد المعرفي الديناميكية وغير المتنبأ بها، لتستطيع المنظمات التجديد في استراتيجيات الأعمال لديها استجابة للمتطلبات البيئية، وهنا يأتي دور إدارة المعرفة في هذا المجال ودور خبراء نشر المعرفة أيضاً، للتعامل مع المستجدات البيئية.

فالمنظمة القادرة على تحديد قدراتها الأساسية من خلال تكامل المعرفة فيها قادرة على تمييز نفسها عن منافسيها، وبالتالي تخلق ميزة تنافسية في مجال إدارة المعرفة، ولتحقيق ذلك لا بد من توفر مدير موارد بشرية يتبنى منهج القدرات الاستراتيجي على مستوى الأفراد أو المستوى المؤسسي,








4. التركيز على التعلم:

إن الجانب الحيوي لحياة المنظمات في الاقتصاد المعرفي هو الحاجة إلى اكتساب المعرفة، لذا مدراء الموارد البشرية الآن معنيين في خلق بيئة تسمح بالتعلم ومعنيين بإدارة المعرفة التي تسهم في خلق رأس المال البشري للمنظمة، وخاصة أن أبعاد رأس المال البشري هي الاكتساب للمعرفة، صيانتها، تطويرها والاحتفاظ بها، يعتبر ذلك هو المفتاح الرئيسي في التغيير التنظيمي ونمو الأفراد وتحسين قدرات فرق العمل، وبالتالي خلق الصحة التنظيمية.

لذا بات لزاماً على مدير الموارد البشرية تشجيع السلوك الإيجابي ودعم التعلم المستمر والعمل كوسيط لمشاركة المعرفة وتشجيعها بين العاملين.

وما دمنا في مجال الحديث عن التعلم فلا بد من الإشارة وبشكل سريع لمعوقات ومشكلات نقل وتقاسم المعرفة في المنظمات.

ففي السابق ظلت المعرفة ملحقاً ثانوياً بالعمل الإداري من حيث التفكير وملحقاً بالمنتجات والخدمات من حيث القيمة الاقتصادية للأعمال، ولكن هذه الحالة تغيرت وتغير نمط التفكير في المعرفة جذرياً، حيث أصبحت تزداد أهمية المعرفة في العمل الإداري وذلك لأن العائد الاقتصادي الحدي للمعرفة يفوق بكثير العائد الاقتصادي الحدي للأعمال الأخرى الصناعية أو الحرفية، ومن هنا تعتبر العوامل الواردة أدناه من معيقات نقل المعرفة، وبالتالي تؤثر على عملية التعلم.

1. الصعوبة المتعلقة بالمعرفة الضمنية: فمعروف عن المعرفة أنه لا يمكن نقلها بالتعليم أو التدريب التقليدي وتحتاج لوقت طويل لتكرارها أمام الآخرين وتعلمها ببطء وممارستها، لذا فإن المنظمات تواجه صعوبة في الفترة الأولى من إنشاء المعرفة بسبب التعارض بين من يملكون المعرفة الضمنية وبين من لا يملكونها.

2. المشكلات المتعلقة بأصحاب المعرفة الجديدة: حيث يميل هؤلاء الأفراد إلى عدم إشراك الآخرين بمعرفتهم كونها مصدر قوتهم وأهميتهم في المنظمة، ولا تستطيع الإدارات إجبارهم على ذلك، ويعتبر هؤلاء أصول هامة في الشركة يتوجب على الإدارات حسن التعامل معهم خوفاً من نقل معرفتهم للخارج إن لم يواجهوا وضعاً وظيفياً إيجابياً وصحياً.

3. مشكلة التجاهل: فرغم أن تكنولوجيا المعلومات يسّرت من عملية الاتصال، إلا أن مشكلة التجاهل بين المرسل والمستقبل قائمة بسبب عدم معرفة أن كل طرف يملك المعرفة التي يبحث عنها الطرف الآخر.





4. القدرة الاستيعابية للمستلم: فقد يتم نقل المعرفة وتقاسمها بين الأفراد، إلا أن القدرة الاستيعابية تحول دون مشاركة فعالة بها، وقد يرتبط ذلك بالمقدرة الذهنية للأفراد وكذلك بمدى توفر الموارد الكافية لتنفيذها أو توظيفها.

5. ضعف العلاقات: إن غياب العلاقات الشخصية القوية التي تسمح بالإصغاء والحوار تعيق من عملية تبادل المعرفة، وبالتالي من تناقلها وتقاسمها.

وفي النهاية، فإن فعالية مدير الموارد البشرية في نشر المعرفة وإدارتها يعتمد على قدرته في فهم بيئة المنظمة بعمق وفهم المعرفة الضمنية والعلنية فيها، فالبيئة أيضاً تحدد ما هو نظام الجودة الذي نستخدمه، وما هي أفضل الممارسات وما هو منهج إدارة المعرفة وما هي ممارسات إدارة الموارد البشرية، حيث لا يمكن تطبيق ما يعتبر ممارسة ناجحة في منظمة ما على منظمة أخرى بسبب الاختلافات الجوهرية في بيئات المنظمات.


























قائمة المراجع:


- Gloet, M. (2003), The changing Role of the HRM Function in the Knowledge Economy: The links to quality knowledge management proceedings of the 8th international conference on I so 9000 and TQM, Montreal.

- Soliman, F. & Spooner, K. (2000), "Strategies for implementing knowledge management: Role of human resources management" Journal of knowledge management, vol. 4 NO. 4, pp: 334 – 345

- Dessler, Gary (2003) "Human resource management" (10th ed), Prentice Hall.

- عقيلي، عمر وصفي (2005) إدارة الموارد البشرية المعاصرة: بعد استراتيجي، الطبعة الأولى – عمان – دار وائل.

- نجم، عبود نجم، (2004) إدارة المعرفة: المفاهيم والاستراتيجيات والعمليات، الطبعة الأولى، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، عمان – الأردن.