"الفساد والسلطة الادارية وأثر ذلك على التنمية في سورية..""
"الفساد: مفهوم- ظواهر- أسباب- نتائج- حلول.."
عبد الرحمن تيشوري

شهادة عليا بالادارة
مقدّمة:
- ان الدولة المعاصرة تُنعتُ بأنّها دولة المؤسسات التي تهدف الى تأمين رفاهية المواطنين في مختلف الميادين لذا كان لابدّ من أن يقوم بانجاز المهام الكبرى الملقاة على عاتق الدولة المعاصرة أفراد على درجة من المهارة والثقافة والنزاهة غير فاسدين( ).
ويبدو اننا اذا قارنّا مستوى دخل الفرد لدينا مع دول أخرى نلاحظ ان العنصر البشريّ "الموظّف العام" لم يستطع ان يؤثّر باتّجاه ايجابي وانّما هو يفكّر بطريقة فرديّة وأنانيّة ويغيب الانتماء الوطني في سلوكه.
وتُعدّ ظاهرة الفساد انعكاساً للظروف السياسية والاقتصاديّة التي عانت منها سوريّة بعد استقلالها حيث وصل الحزب الى السلطة وطرح شعارات لم يستطع ان يترجمها الى حقيقة على ارض الواقع فانقلبت ممارسات بعض الحزبيين والاداريين الى نوع من الارتجال وعدم احترام المواطنين والقفز فوق القوانين وانعدام المؤتمرات الحزبيّة بين 1985-2000 لذا ظهر الفساد بشكل جليّ وواضح.
وسأحاول في هذا البحث المتواضع الذي وجّه به وأشرف عليه الاستاذ الدكتور نزار قنوع استاذ مادّة علم السياسة في كليّة الاقتصاد- دبلوم الدراسات العليا- علاقات دوليّة.
ان أعالج النواحي التالية:
- الغرض من دراسة ظاهرة الفساد في سوريّة.
- تحديد مشكلة البحث وتبيان الافتراضات المتوخّاة من الدراسة.
- مفاهيم وأشكال ومظاهر ظاهرة الفساد.
- عوامل وأسباب نموّ بيئة الفساد.
- الحلول المقترحة لمعالجة أبعاد وآثار ظاهرة الفساد.
***
أولاً- الغرض من دراسة ظاهرة الفساد في سوريّة
.. انّ عالمنا المعاصر يواجه أزمات حادّة شاملة.. وقد تفاقمت هذه الازمات نتيجة جملة من الأسباب أهمها:
" التقدّم العلمي والتكنولوجي السريع والمذهل الذي حققته بعض الدول.
" الثورة الصناعية وما أعقبها من اكتشافات واختراعات وتجاوزات كثيرة على البيئة مثل اختراق الاوزون وتهديد البشريّة.
" تفاقم أزمات الأنظمة الرأسماليّة نتيجة ماتعانيه من ركود اقتصادي وبطالة متزايدة وحاجاتها الى اسواق الدول المتخلّفة وانهيار الانظمة الاشتراكية الحليفة لها.
" عجز الدول النامية عن تحقيق الاهداف الطموحة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
هذه الازمات الكونية وتكتل العالم المتقدم وانفراد امريكا بالعالم قد اثّر علينا نحن السوريين وكعرب ايضاً.. اضافة الى المخاطر الخاصّة بنا وخاصّة صراعنا مع العدوّ الصهيوني وانعدام الادارة الكفؤة الحديثة تشكّل تحديّات لنا في ان نتخلص من حاضرنا المؤلم والمتردّي لنقبل على مستقبل افضل يتحسّن فيه دخل المواطن ومستوى معيشته وعلاقته بالدولة والسلطة ويصبح مشاركاً ومعنيّاً بكل مايجري في البلد لاسيما في اطار عملية التطوير والتحديث التي تشهدها سورية بعد وصول القائد الشاب بشار الاسد الى السلطة اثر رحيل القائد الخالد حاقظ الاسد.
انطلاقاً مما تقدّم فأنا اعتقد ان دراسة ظاهرة الفساد وتحرير الادارات الجديدة منها مسألة اساسيّة لتنفيذ طموحاتنا ودفع عمليّة التنمية الى الأمام بمشاركة كلّ الشعب بالتنمية، لأنّ التنمية بالأساس قضيّة مجتمعيّة.
***
ثانياً- تحديد مشكلة البحث وتبيان الافتراضات
المتوخاة من البحث
" ان الفساد كظاهرة مرضيّة -كغيرها من الظواهر- انما تنشأ وتترعرع في بيئة تساعد على وجودها واستمرارها، فحتمية النشوء والنموّ انما تتأتّى من خلال تفاعل عدّة عوامل تسيطر على البيئة، وتجعل من ظهور الفساد أمراً مفروغاً منه أو على أقلّ تقدير أمراً محتملاً.
فبيئة الفساد تعني عوامل محدّدة لها علاقة مباشرة بسلوك العاملين عامّة وبالفساد بصفة خاصّة. ويمكن التدليل على ذلك في مضمار احد العوامل الاجتماعية لبيئة الفساد وهو مفهوم الانتماء لدى أفراد المجتمع العربي السوري.
" والواقع أن أفراد مجتمعنا العربي السوري يختلفون في التركيب النفسي والأخلاقي والطبيعي والديني كما تتفاوت رؤيتهم وفهمهم لمعاني الوطنية والولاء والاخلاص وحبّ العمل والتفاني في أدائه. وبنفس القدر الذي نجد فيه شعباً يقدر العمل ويعتزّ به نجد شعباً يحتقر العمل ويهرب منه. وعلى الرغم من انّ هناك أسباباً متنوعّة لنشوء بيئة الفساد، الا انّ أكثرها أهميّة يعود الى ضعف مفهوم الانتماء والامّة عند شعبنا السوري العربي أيضاً وأغلب الشعوب النامية، والى سيطرة ولاءات حزبية ودينية وقبلية واسرويّة وفئوية وشخصانية اخرى.
" وانا اعتقد لكي يمكن القضاء على الفساد وتنفيذ سياسة تنموية لابدّ من وجود شعب متماسك مندمج متلاحم وطنياً. ونحن في سورية بنينا كلّ مؤسسات الدولة لكن هذه المؤسسات ظلّت واجهية، وظل الناس يعيشون منعزلين يأخذون توجيهاتهم من جماعاتهم وينتظرون مايأتي من أعلى.. حيث انعدمت المبادرة وحدث ماحدث..
لذا أقول لاتنمية ولا تطوّر ولاقضاء على الفساد بدون تلاحم وبدون حريات وبدون مبادرات وبدون شفافية وبدون حرية تدفق المعلومات..
كما يجب تغيير فهم ووعي الافراد لمسألة الخدمة العامة والوظيفة العامة وان الحصول على الوظيفة ليس مرهونا بشخص او حزب او محافظ او امين فرع او ضابط.
لأن من يحصل على عمل من خلال شخص او منظمة او ضابط ففي الغالب لن يكون ولاء هذا الشخص للدولة بل لمن دبّر له العمل او الوظيفة.
وبشكل عام يمكن تحديد أبعاد مشكلة الفساد في ناحيتين:
1. حتمية الاعتماد على جهاز الدولة الاداري للقيام بدور رئيسي في جهود التنمية.
2. عدم قدرة هذا الجهاز على القيام بهذا الدور بسبب الفساد والاهمال والتسيّب الذي أصبح ظاهرة. حيث لايشعر الموظّف بأنّ الوظيفة هي تكليف مفروض وواجب عليه بل يشعر انه يقدم منحة للمواطن ويشعر المواطن صاحب الحاجة بأنّه غريب في كلّ المؤسسات..
وهذا كلّه أدّى بالمواطين الى استعمال وسائل التزلّف والمحاباة والرشوة والهدايا وزيارة الموظّف في منزله قبل مكتبه، مما ينجم عن ذلك أزمة ثقة وهوة سحيقة بين الموظّفين والمواطنين وبين الدولة والمواطنين. الأمر الذي جعل المواطن والموظّف غير قادر على مجاراة التغييرات التي تحدث في العالم وحرف التنمية عن مساراتها وعن تحقيق أهدافها..
وبعد تحديد مشكلة البحث والفرض من دراسة ظاهرة الفساد أطرح بعض التساؤلات اللحّة والتي سأحاول الاجابة عليها في معرض دراسة هذا الموضوع الهامّ جدّاً اليوم.
- مامفهوم ظاهرة الفساد وكيف عالجتها الأدبيات السياسيّة والاقتصادية وهل تعاني سورية منها؟.
- ماأشكال وظواهر وأسباب ظاهرة الفساد؟
- مانتائج ظاهرة الفساد وكيف يمكن معالجتها؟.
- هل يمكننا تصوّر نظام عام ومتكامل لإستئصال وبتر هذه الظاهرة الخطيرة بما ترتبه من أبعاد وآثار مدمرة على حركة النمو الاقتصادي والاجتماعي لسورية؟.
ثالثاً- مفهوم الفساد- أشكاله- مظاهره.
الفساد من حيث المبدأ: يعني اساءة استخدام السلطة لتحقيق منافع خاصّة بطريقة غير مشروعة ودون وجه حقّ( ). اي استخدام المنصب الحكومي لقنونة مكاسب خاصّة، وتندرج في الفساد الرشوة والابتزاز، وهما يتطلّبان بالضرورة مشاركة طرفين على الأقلّ.
علماً ان بعض أشكال الفساد يمكن ان يمارسه طرف واحد من قبيل النصب والاحتيال والاختلاس.
" والفساد حالة لصوصيّة تسطو على المال العام والخاصّ للدولة وللمواطن معاً، ينتج عنها آثاراً سلبية على حياة المجتمع والوطن معاً، وتختلف نسب تلك الآثار وفقاً لمعدّلات الفساد من ارتفاع وانخفاض، ودائرة اتّساعه في بنية المجتمع( ).
" والفساد ظاهرة لاتقتصر على بلد معيّن او زمن ما، بل حالة ظهرت في الماضي والحاضر وسوف تظهر في المستقبل. الا انها تحتاج باستمرار الى البتر والقصاص حتى لاتتحول مع مرور الزمن الى حالة مستعصية، ومدمرة وكارثية للوطن والامة.
" الفساد موجود في سورية في كافة دوائرها ومؤسساتها ابتداءاً من مدير المنشأة او المؤسسة وانتهاء بالموظّفين الصغار وفيما يلي بعض عمليات الفساد:
- التهرب من الضرائب والرسوم الجمركية من قبل الأغنياء والتجّار.
- لجان العمل في القطّاع العام والحكومة وأساليب تشكيل اللجان ولجان المبايعات وعروض الأسعار والمناقصات والملايين التي تنهب بهذه الطرق.
- سياسات التسليف المصرفي والقروض الوهميّة الكبيرة.
- التصدير الوهمي وخلق أسواق سوداء لبعض السلع كالاسمنت وغيره.
" مظاهر عالمية من الفساد:
- بدأت حملة مكافحة الفساد في سوريّة في حياة القائد الخالد حافظ الاسد وبعد رحيله وطالت رؤوس عالية في الدولة "رئيس الحكومة السابقة ونائبه- ووزير النقل ".
- سرقة ياسر عرفات واتباعه أموال منظمّة التحرير التي قدُمت الى الشعب الفلسطيني كمساعدات وقد نشرت صحيفة لوموند الفرنسيّة 12/10/99 خبراً مفاده ان السلطة الفلسطينية وضعت مبلغ /500/ مليون دولار في مصرف اسرائيلي ولايحرك المال سوى عرفات واحد أعوانه.
- حصول /25/ شخصاً مصرياً من بينهم وزير السياحة السابق وأربعة أعضاء في مجلس الشعب المصري على قروض بدون ضمانات وقدرها /500/ مليون دولار. واستغلال البنوك في ذلك.
- تعاون مسعود يلماظ رئيس وزراء تركيا مع زعيم المافيا التركي ومساعدته لشراء البنك التجاري التركي.
***
رابعاً- أسباب وعوامل ظاهرة الفساد
وتختلف من بلد الى آخر وهي كثيرة وأذكر أهمّها:
سياسيّة:
- غياب الرقابة الشعبيّة والاداريّة عبر مؤسسات المجتمع المدني( ).
- انعدام الشعور الوطني نتيجة الانتهازية الوصوليّة باعتبارها قيمة سلوكية للارتقاء الى المراكز الادارية والمؤسسات الاقتصادية والخدمية.
- الانفتاح الاقتصادي التدريجي بعد اقتصاد مخطّط مركزياً وموجّه على اثر انهيار الانظمة الاشتراكية وما يرافق هذه الحالة الانتقالية من عدم وجود ضوابط قانونية الامر الذي سمح بظهور قوى طفيلية فاسدة، نهبت اغلب ثروات البلاد عبر شركات وهمية.
- البيروقراطية والقوانين الجامدة غير الواضحة تشكّل مستنقعاً جيّداً لانتشار الرشوة والفساد الاداري، فلا يمكن انجاز وتسيير المعاملات والمشاريع الاّ عبر مؤسسات بيروقراطية مما يفسح المجال للفساد ان يتغلغل في وسط الجهاز الاداري.
اسباب اجتماعية:
- انّ تكاليف المعيشة الباهظة فرضت اوضاعاً اجتماعية مأساويّة، فعزِف الشباب عن الزواج في سنٍّ مبكّرة ممّا أفقدهم الاحساس بالانتماء الاسروي والعائلي وجعل سلوكهم يتّسم باللامبالاة والاحباط وقبول الفساد وتبريره. لذا تغيّر سلوك الناس وأضحى الهدف المنشود هو العائد المادّي الكبير والسريع نظراً لازدياد أعباء المعيشة الحديثة والحاجة الى اقتناء السيّارة والموبايل وهذا مهّد للفساد ونمّاه.
اسباب اقتصاديّة:
- انّ خطط التنمية لم ترتكز الى دراسة علميّة موضوعيّة وبالتالي فشل هذه الخطط بتحقيق الأمل الموعود أدّى الى تردّي اوضاع العاملين وأثّر هذا على سلوكيّتهم نتيجة تعرّضهم للاحباط وكان هذا مبرّراً آخر للفساد وعدم الرغبة في العطاء لسدّ الاحتياجات التي تفوق الامكانات بعشرات المرّات.
أسباب اداريّة وتنظيميّة كثيرة:
- منها تعدد التشريعات الناظمة لموضوع واحد.
- عدم التحديد الواضح للمسؤوليّة "ان ذلك ليس من اختصاصي".
- المغالاة في انشاء المؤسسات العامّة.
- عدم وضوح الأهداف على مستوى القيادة العليا والقيادات التنفيذيّة.
- عدم الاهتمام بطرائق العمل وأساليبه "طريقة ترخيض روضة أطفال- عمرها 30 عام".
- عدم الاهتمام بتخصيص المناصب والأعمال "عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب والزمن المناسب".
- تكليف من لايحملون مؤهّلات بوظائف قياديّة بسبب الوساطات الخاصّة بهم الأمر الذي أثار الحقد والضغينة في نفوس الموظّفين الآخرين الذين يحملون المؤهّلات فانعكس ذلك على الانتاج والاداء الى عدم شعور هؤلاء بالمسؤوليّة.
أسباب سيكولوجيّة نفسيّة أهمّها:
- عدم القدرة "الناس- العاملين- الموظّفين" على تحقيق الاحتياجات الفسيولوجيّة الاساسية من طعام وسكن وصحّة ودفء لهم ولأسرهم وهذا يستتبع خلق نوع من الشعور بالقلق والاضطراب النفسي.
- عدم الاستقرار الأمني في النفس والممتلكات والصحة حيث يقلق الناس على مستقبلهم ومستقبل ابنائهم فيبادرون الى قبول الرشاوى والفساد لمواجهة ذلك.
- عدم تحقيق التقدير المناسب "التقدير في سوريا لمن يملك المال الوفير والسكن الوافر والسيارة الحديثة والموبايل والذي يعرف المسؤولين الكبار..".
لذا اصبح اهتمام الافراد يتمحور حول الامور الماديّة وهذا بدوره يدفع الى استغلال السلطات والمناصب للاستفادة منها ويؤدّي عند بقية العاملين الى سيادة روح الاهمال واللامبالاة وعدم الاحساس بالمسؤولية.
- عدم عدالة تقارير الكفاءة والكفاية عند ترفيع العاملين كلّ سنتين مرّة حيث يرفّع افضل عامل 9% واسوأ عامل 9% وهذا يؤدّي الى ردود فعل سلبيّة على العمل.
***
خامساً- نتائج الفساد " الفساد يعرقل التنمية"
بعد استعراض أهمّ اسباب الفساد والتي تنعكس بشكلٍ او بآخر على الموظّف العام "سياسي اداري تربوي اقتصادي". فاننا نستطيع القول انّ اهمّ آثار ظاهرة الفساد ونتائجها هي:
1. تدنّي مستوى الانتاج والاداء كمّاً وكيفاً ورفع كلفة تأدية الخدمات العامّة.
2. تراكم الثروة الوطنيّة لدى أقلية بحيث تتشكّل طبقتان في المجتمع وتموت الطبقة الوسطى حاملة التنمية.
3. انهيار اقتصادي واجتماعي نتيجة لخسائر كثيرة التي يحدثها الفساد.
4. يفرز الفساد اتحاداً لاأخلاقياً مابين القوى الفاسدة في السلطة وحيتان المال لحماية مصالح كلاّ منهما ويسدّ الطريق أمام القوى النظيفة الراغبة بالاصلاح والتغيير والتطوير "أمثال ذلك عرقلة بعض المراسيم التي اصدرها القائد بشّار الاسد ومنعها من ان تحقّق اهدافها".
5. أتاحت تغيّرات القانون رقم /10/ لعدد من ضعاف النفوس لتحقيق ثراء غير مشروع على حساب الشعب والأمّة، برزت مجموعة من حيتان جامعيّ الأموال التي سرقت شقاء عمر الكثيرين.
6. هجرة الكفاءات والخبرات والمؤهلات للعمل في الشركات الخاصّة او البلاد الغنيّة المجاورة.
7. تبديد اموال الدولة.
8. عدم الاقبال على التعليم والدراسة العالية لكون الاحترام والقبول الاجتماعي لمن يملك الثروة.
9. ظواهر خلل وانحراف مرافقة لظاهرة الفساد والرشوة.
10. عدم تقدير الرأي العام للأجهزة المختلفة في الدولة وفقدان التعاون والثقة بين الدولة ومواطنيها.
وفي كلّ الأحوال ان هذه الآثار الهدّامة قد تؤدّي الى تعطيل حركة النموّ الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي وبالتالي تؤدّي الى التخلّف وربّما المجاعة وأشياء أخرى.
سادساً- الحلول المقترحة لمعالجة ظاهرة الفساد
" تعدّ ظاهرة الفساد من أهمّ معوقات التنمية لأنّها تتعلّق بالعنصر البشري الذي هو بحقّ الدعامة الاولى في نجاح التنمية. وان ايّة محاولة للإصلاح ينبغي عليها ان تركّز على اسباب ظاهرة الفساد وعلى القضاء على آثارها الهدّامة ونستطيع ان نقول بأن علاج هذه الظاهرة يتمّ عبر تنفيذ عدد من الاجراءات أهمّها مايلي:
1. تحديد اختصاص كل ادارة وكل وزارة بشكل علمي ودقيق وتنسيق الاختصاصات فيما بينها بحيث تكون واضحة للمواطنين وكذلك تحديد اختصاصات كلّ موظّف بشكل دقيق وواضح وتحميل الموظّف المسؤوليّة عن كلّ تقصير.
2. اعادة النظر بأساليب تأمين المشتريات للدولة والاهتمام بطرائق العمل وأساليبه وعدم الاسراف في الوقت والنفقات واستخدام السيّارات العامّة في غير دواعي العمل.
3. البحث عن الكفاءات وعن أصحاب الضمائر الحيّة واسناد المهام اليهم لاأن نبحث عن منصب مناسب لقريب او صديق.
4. تطوير انظمة الرقابة على نحو يجعل هدفها الأساسي اجراء تقييم موضوعي لمستويات الاداء واتّخاذ هذا التقييم أداة لتشجيع المبادأة وتنشيط الحوافز ورفع الكفاية الانتاجيّة للعاملين( ).
5. اعادة النظر بسياسات التعيين في الوظائف بكلّ مستوياتها لتكون على اساس الكفاءة والخبرة والمعرفة لاعلى اساس الواسطة والمحسوبيّة والقرابة وان تكون البعثات والدورات الاطّلاعيّة لمستحقّيها بحيث تنعكس الدورات والمهمّات على الوظيفة والعمل العام وليس للأقرباء والأصدقاء والأبناء الذين يعتبرون مهمّتهم الخارجيّة مجرّد نزهة وسياحة وتجارة.
6. محاسبة المقصّرين والمرتشين الذين يستغلّون الوظيفة العامّة لمصالحهم الشخصيّة وان يكون هذا الحساب عاماً لاانتقائياً يطول البعض ويفلت منه الآخر.
7. اشباع الرغبات والحاجات المختلفة للأفراد العاملين عن طريق زيادة اجورهم بشكل دائم على نحو يتناسب وتكاليف المعيشة وتوفير مستوى حياة كريمة لائقة.
8. اعتماد الشفافية وخاصّة الماليّة بوصفها احدى الشروط الرئيسيّة لتحقيق التنمية من ناحية، وبوصفعا احدى اهمّ وسائل مكافحة الفساد من ناحية اخرى.
9. اعطاء الدور لوسائل الاعلام كافّة للقيام بمسؤولياتها لتساهم مجتمعة في تغيير اتّجاهات الرأي العام وتكشف الفاسدين وتعرّي صور ومظاهر الفساد.
10. اعادة النظر بعمل السلطة القضائيّة بحيث لاتضمّ بين صفوفها متورّطين في قضايا الفساد وبحيث يتمّ البت سريعاً في مختلف القضايا لاأن تدوّر القضايا من عام الى عام وتبقى القضيّة أحياناً عشر سنوات لحسمها!.
11. تعزيز ثقافة الانتماء للوطن والالتزام بالقضايا الوطنيّة ورفع شعار اعمل بصدق حتى يبقى الوطن في المستقبل وتأجيج الشعور الوطني واثارة الحماس والغيريّة والتضحية في اوساط الناس وهذا بلا شكّ يقلل مساحة الفساد ويقلّل عدد مرتكبيه وأنصاره.
الخاتمة
وهكذا يبدو لنا انّ الفساد من أشدّ الأمراض والظواهر فتكاً في المجتمع وأنّه ظاهرة مركبّة معقدّة تساهم فيها عدّة أسباب، وعليه يجب أن تكون المعالجة شاملة تأخذ بالحسبان العوامل الاقتصاديّة والسياسيّة والاداريّة والتنمويّة.
ومن أجل تصفية آثار الفساد المدمّرة نحتاج الى استراتيجيّة تتطلّب ثلاث روافع هي( ):
1. رشاد الحكم ونزاهته والحكمة في استثمار الموارد وحسن اختيار السياسات.
2. الشفافيّة في عمل الدولة ومؤسّساتها.
3. المساءلة القانونيّة والمحاسبة الصارمة للقائمين على جميع الادارات.
وذلك يستوجب بالضرورة سلطة وسطوة القانون وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص الذي يسهم في اعلاء القيم المثلى في المجتمع وكذلك توصيف الوظائف الاداريّة وتثقيف الجمهور وتوعيته واطلاعه على الأنظمة والقوانين وتفعيل دور الصحافة واصلاح النظام القضائي والمالي والضريبي والتعليمي وبذلك نضمن انحسار مساحة الفساد واختفائه بشكلٍ تدريجيّ.
مراجع البحث المعتمدة
1. آراء ومحاضرات د: نزار قنوع- ألقيت على طلاّب الدراسات العليا- دبلوم العلاقات الدوليّة- جامعة تشرين كليّة الاقتصاد.
2. الناصر، د.ناصر عبيد، مقال في جريدة البعث- العدد 11685 تا 6/1/2002/ص/8/.
3. سلطان، زبير- مقال في جريدة المناضل- عدد رقم 341- تا4/9/2000- يصدرها مكتب الاعداد الحزبي القطري.
4--عبد الرحمن تيشوري – مقالات ودراسات منشورة في مواقع سورية متعددة
5. طلبه د: عبد الله- مبادئ القانون الاداري- جامعة دمشق- منشورات جامعة حلب 988 /ج1
6. انظر- ظاهرة التسيب في الدول النامية- مقالة. د: عبدالله طلبه- مجلة الفكر السياسي عدد ربيع 999- دمشق.
7. د. ناصر عبيد الناصر- مقال في جريدة البعث- عدد11396 تاريخ15/1/2002ص/8/.