لا شك بان الجميع متفقون على محاربة الفساد الاداري بوجه خاص ومحاربة الفساد بوجه عام، وذلك لوجود تاثيرات فاعلة على الثقافة الاجتماعية إضافة الى اهداره الرهيب في المال العام وما يسببه من تخلف للمجتمعات ويجعلها ذيلا بائسا للهيمنة العالمية وتابعا للشركات العالمية وفقده للارادة السياسية في نهاية المطاف كدولة متخلفة ترزح تحت نير الاستعمار.
ولعل اولى الخطوات التي يمكن سلوكها هي:
تقدير مدى قابلية الفساد
وتشتمل على مجموعة من الاسئلة بافتراض تحري اجوبتها من الميدان الفاعل والحالة الواقعية التي بصددها الفحص والتنقيب.
اين تكمن القابلية للفساد في مؤسسة ما؟.
ولايجاد ذلك يعمد الكثيرون من صانعي السياسات الى الاستفادة من إداة تسمى( تقدير مدى القابلية للفساد).
تقسم المؤسسة الى برامج ونشاطات وظيفية وبعد ذلك ينظر المقدرون الى ثلاث امور عامة لكل نشاط:
· البيئة المسيطرة العامة .
· المخاطر المتأصلة لحدوث الفساد.
· مدى ملاءمة الوقاية من الفساد المتاحة.
وترى حكومة الولايات المتحدة انه ينبغي إيجاد الاجابات المناسبة للاسئلة التالية:
هل البيئة المسيطرة العامة تسمح بقيام الفساد؟.
الى أي حد تلتزم الإدارة بنظام قوي للمراقبة الداخلية؟.
هل هناك نظام مناسب لكتابة تقارير بين الوحدات التنظيمية؟.
الى أي حد تحظي المؤسسة فيه بالافراد الذين يتصفون بالكفاءة والاستقامة؟.
هل السلطات موزعة ومحددة بصورة سليمة؟.
هل السياسات والاجراءات واضحة للموظفين؟.
هل اجراءات الميزانيات واعداد التقارير محددة بصورة جيدة وتطبيقها فعال؟.
هل الضوابط المالية والادارية بما في ذلك استخدام الحاسوب على اسس راسخة ومحفوظة حفظا امينا؟.
الى أي حد يحمل العمل في ثناياه المخاطر المتأصلة لحدوث الفساد؟.
الى أي حد يمكن ان يقال ان البرنامج غامض او معقد في اهدافه هل له علاقة كبيرة بطرف منتفع ثالث؟ هل يتعامل بالاوراق؟ هل يتعامل بالاوراق النقدية؟هل يختص بالاعمال المتعلقة بالموافقة على الطلبات والرخص ـ الاجازات ـ والتصاريح او اصدار الشهادات؟
(كلما ازداد التعامل مع أي من هذه الاعمال كانت هناك فرص اكثر لوجود مخاطر قيام الفساد).
..كلما ازداد حجم الميزانية كانت الخسائر اكبر مع الفساد.
.. الاثر المالي،كلما ازدادت الرشاوي ازدادت الحوافز المتعلقة بحدوث الفساد.
هل مستوى المركزية مناسب للنشاط المعني؟هل هناك دلائل سابقة على حدوث النشاطات غير المشروعة؟
ويستخدم المقدرون المعلومات المتاحة مباشرة مثل الوثائق الخاصة بالسياسات والاجراءات والمقابلات والملاحظات التي يسجلونها اثناء تنفيذ البرنامج.
وبعد تقدير القابلية للفساد فان صانع السياسات يفكر باجراء مزيد من الدراسات على المجالات الاكثر قابلية على الفساد، واحد هذه الاجراءات هو عمل تحليل مفصل للاجراءات والضوابط.
وقد يستغرق تقدير مدى القابلية للفساد اياما او اسابيع بينما الدراسة الإضافية المفصلة قد تستغرق شهورا.
وفي نهاية هذه العملية فقط يمكن التوصية باتخاذ الخطوات العلاجية:
1- تشجيع جميع العاملين صغارهم وكبارهم داخل المؤسسة على تقديم ما يتوافر لديهم من معلومات وقد يتخذ الرئيس اجراءات لزيادة عدد الافراد الذين يعملون( مطلقي صفارات الخطر) مثل محققي الشكاوي (ضد الموظفين) ولجان المدققين بمكتب الرئيس او فرع مكافحة الفساد.
2- يمكن للبيانات والمعلومات التي يجمعها طرف ثالث ان تساعد الرئيس على التغلب على عدم تناسق المعلومات داخل المؤسسة فالسجلات العامة وسجلات البنوك هي مصادر موثوقة للبيانات وما ينشر في وسائل الاعلام قد يكون اقل مصداقية ولكنه يشكل مصدرا مفيدا في الغالب.
3- الزبائن في بعض الاحيان مصادر جيدة للمعلومات وعندما يقعون ضحية لوكلاء الحكومة كما في حالات الابتزاز فانه يكون لديهم الحافز على ابلاغ ما لديهم من معلومات.
ويستطيع الرئيس ان يشجع الجمهور على الابلاغ ويقدم لهم الضمانات بعدم كشف اسمائهم،
كذلك مد الخطوط الساخنة واقامة جماعات المواطنين لمحاربة الفساد.
4- على الرئيس ان يوفر المعلومات للمواطنين وتعريفهم حقوقهم بحسب نوعية تلك المؤسسة ومسار التعاملات فيها.
5- لعل المهم الا يجعل وحدة العمل يمكن انجازها من قبل موظف واحد بل يجري تجزئة المسار التعاملي الى اقسام عدة لضمان عدم الانجاز من قبل موظف بعينه، اضافة الى منع تعقيبها من قبل الموظفين.
6- تحديد القدرة على التصرف عند الموظفين فان من يقوم بالتقديرات يمنع من ممارسة الاعفاءات، ومن يقوم على الكشف مثلا لايمارس التصنيف.
ورغم ان عمليات مثل هذه قد تستدعي الاكثار من الموظفين لكنها القبول بضارة هي اهون بكثير مما لو استشرى الفساد واحرق اموالا بارقام هائلة من القوة النقدية العامة للبلاد.
7- كذلك يمكن ان يحد القانون العام من القدرة على الفساد لان القانون حاجة لا بد من وجودها في مختلف الظروف.
وقد تستخدم مقولة من اين لك هذا؟ الا ان هناك كثير من الاجتهادات تتضارب حول هذه النقطة وعلى العموم قد يكون ممكنا في بلد وغير ممكن في بلد آخر.
وخلاصة القول في صدد الموضوع الاساس انه لا بد من تيسير المساءلة القانونية ضد الموظفين المشكوك بتصرفاتهم كذلك مساءلة اللجنة المختصة بمكافحة الفساد لهم بلا اية اجراءات روتينية، وتيسير احالتهم الى المحاكم او اخضاعهم للتفتيش وجرد اموالهم وايداعاتهم في البنوك.
8- لا بد من ان يصار الى معرفة الحالة المالية للموظفين عند تعيينهم اول مرة لكي يصار الى القياس والتمحيص مستقبلا.
من هذا الدرس يمكننا معرفة حدود البيئة وجغرافيتها وخلق صورة واضحة يمكننا منها ان نطبق عليها الرؤى العقلانية في الاحكام والاجراءات.