هذه مشكلة تقليدية: بغض النظر عن كل ما تفعله لبث الحماس في العاملين من حولك، يبدو وكأنهم يعملون لمجرد أداء الواجب، أو للاحتفاظ بوظائفهم. أنت تصرف العلاوات السنوية الروتينية في مواعيدها، ولقد كنت كريما في تقديم الحوافز بقدر ما تستطيع وبما تسمح به ظروف المؤسسة. ولكنك في نهاية المطاف تضطر كغيرك من المديرين إلى طرح السؤال المتكرر، بصوت مفعم بالغضب والإحباط: بالله عليكم.. ما الذي يمكنني أن أفعله بعد كل هذا لتحفيز هؤلاء الموظفين؟. لكن إجابة هذا السؤال الغاضب لا تأتي من الموظفين. بل من المنظمة ذاتها. تحفيز الموظفين يعامل دائما على أنه مشكلة الموظف، وهذا خطأ كبير. برامج التحفيز والتمكين تحاول دائما إلهام الموظفين لكي يعملوا بحماس أكبر ولساعات أطول، لكنها لا تفعل شيئا إزاء تغيير بيئة العمل وثقافة المنظمة والتخلص من المحبطات التي تعمل باتجاه معاكس تماما للمحفزات. إذا أجريت استقصاء سريا داخل الشركة، فسوف يجيبك أكثر الموظفين أنهم يبذلون من الجهد ما يكفل لهم فقط الاحتفاظ بوظائفهم. ولسوف يجيبك أكثرهم أيضاً أن بإمكانهم أداء العمل بطريقة أفضل إذا ما أرادوا ذلك. وإذا ما أردت الاستفادة من هذه الأرقام المفزعة، فعليك أن تبدأ بتغيير المنظمة بدلا من محاولة تغيير الموظفين.


عليك أولاً أن تكتشف العيوب في نظام العمل وما ينتج عنها من مثبطات، وأن تتخلص منها بسرعة. فإذا كانت سياسة المكافآت لديك تشجع السرعة على حساب عوامل الأمان الوظيفي أو الجودة مثلا، فإن موظفيك سيعمدون إلى زيادة الإنتاج بغض النظر عن التكاليف الباهظة والفاقد الكبير الذي سينتج عن التسرع. إن إيقاد شعلة الحماس في نفوس موظفيك يعتمد أولاً وأخيراً على قدرتك وقدرة فريقك الإداري على اكتشاف المثبطات الحقيقية وتقليلها والمحفزات الحقيقية وزيادتها. قد تفكر مثلا في التعاقد مع خبير إداري على مستوى مرموق من الفصاحة لمخاطبة موظفيك وحفزهم إلى مزيد من العطاء.


مثل هذا الأمر هام جداً في أوقات الأزمات، وعند بدء برامج التغيير، لكنه مفعوله محدود ومؤقت، لأنه يؤدي إلى فورة حماس، تفور بسرعة وتخمد بسرعة. ما تحتاجه بالفعل هو نظام متكامل للتحفيز المتواصل. هذا النظام يقوم على ثقافة إدارية تؤدي بصورة طبيعية إلى تحفيز الموظفين وإبقائهم محفزين على الدوام. تحويل الرغبات إلى حفز ذاتي: تعتمد النظم التقليدية على المكافأة المنفصلة عن العمل كحافز أساسي، وبذلك فهي تهمل قدرة العمل نفسه على الحفز. ولذلك اعتاد العاملون على التحرك فقط عند التلويح بمكافأة مادية أو بعقاب مادي، وبذلك تتحول المكافآت والعقوبات إلى محركات وليس إلى محفزات.


فالمحرك يحرك الإنسان لكي يؤدي بمستوى متوسط، أما الحافز فيدفع الإنسان إلى نشدان قمة الأداء. ويعيب الحفز الخارجي (التحريك) أنه مؤقت ويستمد فعاليته من قوة الثواب أو العقاب المنتظرين. وتحتاج المؤسسات إلى الإيعاز لعامليها باستمداد الحماسة من داخلهم بدلاً من انتظار مؤثر خارجي، هذا متى رغبت في حفز العاملين.