من خلال العرض السابق نلاحظ أن الجدارة تتكون من ثلاث عناصر رئيسية وهى: (رياض, 2009, ص: 8 -11)


(1) الخاصية الضمنية:
تعنى أن الجدارة عميقة ومتأصلة فى شخصية الفرد بصورة كافية لأن تمكنها من التنبؤ بالسلوك فى العديد من الحالات والمهام الوظيفية, وتعتبر الجدارات خواص ضمنية للشخص وتشير إلى طرق للتصرف أو التفكير أو التعميم عبر المواقف, وتتميز بثباتها لفترة زمنية معقولة.


من هنا نجد أن للجدارة مجموعة من الخواص, وهى:


1- الدوافـع:
هى الأشياء التى يفكر أو يرغب الفرد فيها بإستمرار وتتسبب فى إقدامه على تصرف ما. وتقوم الدوافع بإختيار السلوك وقيادته وتوجيهه نحو أفعال وأهداف معينة, «مثال» (دائما ما يقوم أصحاب دوافع الإنجاز العالية بوضع أهداف صعبة التحقيق لأنفسهم وتحمل المسئولية الشخصية لإنجازها), كما يستفيدون من التغذية المرتدة فى تحسين العمل بصورة مستمرة, والدوافع والجدارات عوامل مؤثرة جوهرية أو صفات أساسية ذاتية التوليد تنبئ عما يفعله الناس فى أعمالهم على المدى الطويل دون رقابة لصيقة. (Mc Cleland, D., 1991, P: 53)


2- الصـفات:
هى الخصائص المادية والإستجابة للظروف أو المعلومات, «مثال» (زمن الإستجابة وقوة الإبصار تعتبران صفتين ماديتين للطيار المقاتل), كما أن التحكم الذاتى فى المشاعر والمبادرة من الصفات التى لابد أن يتسم بها المدير الناجح.


3- المفهوم الذاتى:
وهى توجهات الفرد أو قيمه أو صورته الذاتية, «مثال» (تعتبر الثقة بالنفس أى إعتقاد الشخص أن بإمكانه أن يكون فعالا فى أى حالة تقريبا جزءا من المفهوم الذاتى للشخص), وقيم الشخص عبارة عن دوافع منعكسة أو إستجابية يمكنها أن تنبئ عما سيفعله الشخص على المدى القريب فى الحالات التى تكون فيها المسئولية فى يد غيرة.


4- المعرفة:
هى المعلومات التى لدى الشخص فى مجال معرفى معين, «مثال» (معرفة الجراح بالأعصاب والعضلات فى الجسم البشرى), والمعرفة جدارة مركبة فالدرجات فى إختبار المعرفة عادة ما تفشل فى التنبؤ بمستوى أداء العمل لأنها تهتم بقياس المعلومات والمهارات لا بالطريقة التى تستخدمها المعلومات فى العمل, ويلاحظ أن العديد من إختبارات المعرفة تقيس قدرة الذاكرة على الإسترجاع فى حين أن ما يهم هو القدرة على إيجاد المعلومات.


5- المهارة:
هى القدرة على أداء مهمة ذهنية أو مادية, «مثال» (المهارة المادية لطبيب الأسنان هى أن يقوم بحشو الضرس بدون أن يتلف العصب), كما تشمل الجدارات الذهنية أو العقلية التفكير التحليلى (أى معالجة المعلومات والبيانات وتحديد السبب والنتيجة وتنظيم البيانات والتخطيط), والتفكير المفاهيم أى التعرف على الأنماط فى بيانات معقدة.


ومن السهل نسبيا تطوير جدارات المعرفة السطحية والمهارات لذلك فإن التدريب هو الطريقة الأقل تكلفة لتأمين هذه القدرات لدى الموظف.


أما جدارات الدوافع الكامنة والخصائص الذى يمثل الشخصية فإنها أصعب تقييما وتطويرا, لذلك فأنة من الأجدى إقتصاديا أن يتم الإختيار وفقا لهذه الميزات.


وتقع جدارت المفهوم الذاتى فى مكان بالمنتصف, ومن الممكن تغيير المواقف والقيم مثل الثقة بالنفس (كأن يرى الشخص نفسه مديرا بدلا من فنى متخصص), وذلك عن طريق التدريب أو العلاج النفسى أو التجارب التطويرية الإيجابية وإن كان ذلك يشكل صعوبة أكبر ويتطلب وقتا طويلا.


وتقوم العديد من المؤسسات بالإختيار على أساس جدارات المعلومات السطحية والمهارات (كأن يقال مثلا: نحن نعين خريجين من أحسن الكليات الإدارية), ثم يفترضون أن لدى المعينين فى الوظائف الجديدة جدارات الدافع الكامن والخصائص أو انه يمكن غرس هذه الميزات عن طريق الإدارة الجيدة, لكنه من المحتمل أن يكون العكس هو الصحيح إقتصاديا.


فعلى المؤسسات أن تختار وفقا لجدارات الدافع الكامن والخصائص ثم تقوم بالتدريب على المعلومات والمهارات اللازمة لأداء العمل, أو كما قال احد مديرى شئون الموظفين «بإستطاعتك أن تعلم الديك الرومى أن يتسلق ولكنه من الأسهل أن توظف سنجابا», وتزداد أهمية الجدارات فى التنبؤ بالأداء المتفوق فى الوظائف المعقدة مقارنة بأهمية الذكاء أو مهارات العمل أو الشهادات الدراسية.



(2) العلاقات السـببية:


العلاقات السببية معناها أنه: بإمكان الجدارة أن تتسبب أو تتنبأ بالتصرف والأداء حيث تنبئ جدارات الدوافع والصفات والمفهوم الذاتى عن أعمال سلوكية للمهارة, والتى تنبئ بالتالى عن نتائج أداء العمل, وذلك كما يوضح نموذج سريان السببى المنطلق من الدافع / الخصائص والمار بالتصرف والمنتهى إلى النتائج.


دائما ما تشتمل الجدارة على نية وهى الدافع أو قوة الخاصية التى تسبب التصرف فى اتجاه نتيجة ما, فعلى سبيل المثال دائما ما تشمل جدارات المعلومات والمهارات دافعا أو صفة أو مفهوما ذاتيا يكون بمثابة المحرك أو القوة الدافعة للمعلومات أو المهارة التى تستخدم.


إن السلوك بدون نية لا يحدد جدارة, فعلى سبيل المثال فإنه بدون معرفة السبب الذى من أجلة يتجول المدير فى المنظمة, فانك لا تستطيع معرفة أى من الجدارات يمارس هذا المدير هذا أن كان يمارس جدارة أصلا. قد تكون نية المدير هى التخلص من الملل أو من تشنج من عضلات الرجل أو مراقبة العمل ليرى ما إذا كانت الجودة مرتفعة أو الرغبة فى أن يكون ظاهرا للعمال.


وقد تكون الأفكار جزءا من السلوك المبنى على الفعل حيث التفكير يسبق التصرف وينبئ عنه لنضرب على ذلك أمثله الدوافع (مثال: التفكير فى أداء شئ ما بطريقة أفضل) أو أفكار التخطيط أو أفكار حل المشكلات.

(3) المرجع المعيارى:


والمرجع المعيارى معناه انه بإمكان الجدارة أن تتنبأ بالشخص الذى يجيد أو لا يجيد القيام بعمل ما .وذلك قياسا على معيار أو مواصفات معينة.
ويعتبر المرجع المعيارى أمرا فى غاية الأهمية فى تعريفنا للجدارة فالخاصية لا تعتبر جدارة إلا إذا أنبأت عن شئ له معنى فى العالم الحقيقى. فالخاصية أو الشهادة التى لا تؤدى إلى فارق فى الأداء ليست بجدارة ولا يجب استخدامها لتقييم الإفراد. والمعايير الأكثر إستخداما فى دراسات الجدارة هى:


1- الأداء المتفوق:
ويعرف إحصائيا بانحراف قياسى واحد فوق الأداء المتوسط وهو مساو تقريبا للمستوى الذى يحققه صاحب اعلى أداء ضمن عشرة أشخاص فى مجال عمل معين.


2- الأداء الفعال:
والمعنى الحقيقى له عادة هو «ادنى مستوى مقبول» من العمل أو الحد الأدنى الذى لو انخفض عنه الموظف لم يعتبر ذا جدارة لانجاز هذا العمل.

كاتب المقال: أحمد السيد كردى.