يقصد بالقيم و الأخلاقيات سلوك القادة و سلوك البشر و قناعتهم بشكل عام.
كل مدير يلازمه في وظيفته مفهومة الشخصي لما هو صحيح و ما هو خطأ. بينما من الوجه الآخر لمسئوليات المدير، فان أخلاقياته تمثل الخلاصة الكلية لخبراته، و تعليمه، و نشأته. إن كل قرار يتخذه المدير و كل تصرف يقوم به سوف ينعكس للأفضل أو للأسوأ على هذه المعايير و القيم. تعتبر هذه القيم الإطار الجوهري الذي يتم في إطاره تطبيق مبادئ الإدارة. و لكن حتى أولئك المديرين ذوي المفهوم التواق لما هو خطأ و ما هو صحيح يقومون بمخاطرة أداء الشيء الخطأ. يحدث هذا حين يكون هناك ضغوط في العمل، مثل ضغط لأجل الإنتاجية و ضغط لأجل الربحية، و هناك الإغراء الذي يأتي مع حصول المديرين على الاستقلال في العمل، و هكذا.


قام العالم رايموند بومهارت في عام 1961 بمسح لقراء دورية “Harvard Business Review” ، و توصل إلى النتائج التالية عن أخلاقيات الإدارة:


1- يعتبر ضغط الرؤساء في المنظمة العامل الرئيسي المؤثر في المدير التنفيذي كي يتخذ قرارات غير أخلاقية.
2- يميل المديرون إلى النظر إلى معاييرهم الأخلاقية كمعايير عالية، و لكن رأيهم يكون أقل قي التطبيقات الأخلاقية للمدير المعتدل. و تشيع الممارسات الغير أخلاقية لأن الأخلاقيات و الاقتصاديات ليست شيئا واحد.
3- يجب أن تأتي خطوات تحسين السلوك الأخلاقي من الإدارة العليا. إن سلوك رئيس الشخص هو العلاقة الإرشادية المبدئية، أما السياسة الرسمية للشركة فهي ذات تأثير ثانوي على مستوى القرارات الغير أخلاقية.


نعرف أن أصول الإدارة قد بدأت منذ آلاف السنين و لا سيما في مجال الأخلاقيات و السلوك. إن المتتبع لنصوص القران و السنة النبوية يلاحظ أنها تغطي الأخلاقيات و سلوك القادة و السلوك الوظيفي و سلوك البشر و قناعتهم بشكل عام.

يمكن أن تؤثر القيم و الأخلاقيات الإدارية على القرارات الإدارية على النحو التالي:


1- العمل على سحب المنتج الذي يضر بصحة المستهلك من السوق.
2- بذل الجهود التي تعمل على الحد من الإضرار بالبيئة.
3- توفير مدخل خاص و مزود بوسائل الراحة للمقعدين.
4- يجب أن ترفض الشركة تقديم الرشاوى من أجل كسب عقود دولية.
5- أن يعطى العمال الغير متفرغين حقوق مشابهة لتلك المعطاة للموظفين المتفرغين.
6- تقديم التبرعات إلى المنظمات الخيرية.


إن الشركات التي تقول "نعم" لبعض أو كل القيم السابقة يقال عنها شركة أخلاقية Ethical. كذلك الشركة الأخلاقية سواء أكان ذلك تجاه المجتمع العام أو المجتمع المحلي توصف بأنها شركة لديها مسئولية اجتماعية Ethically Responsible .






* الإسلام و القيم و الأخلاقيات الإدارية

لقد نفذ الإسلام إلى لب المشكلة الإدارية و تطرق إلى جوهر القيم و الأخلاقيات الإدارية قبل أكثر من 14 قرن . و سوف نختار موضوعين كي نتعرف على الضوابط الأخلاقية في الإدارة مع الاسترشاد من الشرع الحنيف:


أولا: سلوك القادة.
ثانيا: السلوك الوظيفي.




أولا: سلوك القادة


سوف نناقش هنا بعض الأخلاقيات التي حث عليها الإسلام و يجب أن يتحلى بها القائد:


1- كراهية الحرص على الولاية


ينظر الإسلام إلى القيادة على إنها تكليف و ليس تشريف، و لا يجوز أن تعطى لمن يطلبها. حيث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "يا عبد الرحمن بن سمرة: لا تسأل الإمارة فانك إن أعطيتها من مساءلة وكلت إليها، و إن أعطيتها عن غير مساءلة أعنت عليها" (صحيح مسلم ج11 باب كراهية الحرص على الولاية).


2- النمط القيادي السليم: اللين و عدم الفظاظة و المشورة


إن النمط القيادي السليم في الإدارة هو النمط الذي يعتمد على العلاقات الإنسانية، و هذا ما تنادي به الإدارة الحديثة. لقد حث الإسلام على العفو أولا بدلا من تطبيق العقوبة، و حث على استشارة التابعين و معاملتهم باللين. فالإسلام يحافظ على كرامة الإنسان.


قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : "فبما رحمة من الله لنت لهم، و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فأعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في المر، فادا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين" (آل عمران: 159).
إن التوكل على الله تعطي القادة و العاملون قوة معنوية، فهي تجعلهم يشعرون أنهم في معية الله تعالى، وهي تؤدي إلى الطمأنينة و هدوء الأعصاب و الثقة.


3- اختيار البطانة الصالحة


على القائد الفذ و المدير الناجح أن يحسن اختيار حاشيته و مساعديه، على اعتبار أنهم حلقة الوصل مع المرؤوسين و مع الجمهور. فإذا كانوا مخلصين نقلوا الصورة المشرقة عن المؤسسة، و يساعد وجودهم في إحقاق الحق و تحقيق الأهداف المرجوة و نشر الخير. إن البطانة السيئة يكون لها دور سلبي على التنمية الاقتصادية و المجتمعية، فهي تحسن القبيح و تقبح الحسن و تستعين بالأشخاص الغير مناسبين و هذا يؤدي إلى فساد الأعمال و خرابها. فقد روى الإمام البخاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "ما بعث الله نبي، و لا استخلف خليفة إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف و تحضه عليه، و بطانة تأمره بالشر و تحضه عليه فالمعصوم مع عصم الله.
و قال الله تعالى: "فأوفوا الكيل و الميزان و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلك خير لكم إن كنتم مؤمنين". (الأعراف: 85).


4- العدل و الاستقامة


يأمرنا الله تعالى على العدل بين الناس و تجنب الظلم.
قال الله تعالى: "و أمرت لأعدل بينكم الله ربنا و ربكم لنا أعمالنا و لكم و أعمالكم لا حجة بيننا و بينكم الله يجمع بيننا و إليه المصير". (سورة الشورى: 15).






ثانيا: السلوك الوظيفي




لقد تطرق القران و السنة النبوية في أكثر من موضع إلى أن الالتزام بالأخلاقيات و القيم السلوكية الحميدة تجعل المنظمة قوية متماسكة. و من أهم هذه القيم ما يلي:


الوفاء بالعدل


قال الله تعالى: "ياءيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود". (سورة المائدة: 1).
و قال تعالى أيضا: "و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا". (سورة الإسراء: 34).
إن المؤمن يجب أن يكون صادقا يلتزم بالمواعيد و العهود بدقة.


تحريم الرشوة


لقد حرم الإسلام الرشوة، لأن فيها تحقيق لمكاسب شخصية على حساب مصالح الدولة و المجتمع. روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: "لما أتاهم ابن رواحه "أي أتى بن خيبر ليحرص التمر" جمعوا له حليا من حلي نسائهم، فأهدوها إليه: فقال: يا معشر اليهود، و الله إنكم لأبغض خلق الله إلى، و ما ذاك بحاملي أن أحيف عليكم، و أما ما عرضتم على من هذه الرشوة فإنها سحت، و إنا لا نأكلها".




* صفات عامة سيئة أخرى حثنا الإسلام على تجنبها


1- عدم التباهي عن المنكر، و السكوت المتعمد عن بيان الحق.
2- تجنب النفاق و الازدواج و الذبذبة.
3- الابتعاد عن الكذب و ارتكاب المعاصي.
4- الابتعاد عن الظلم و الركون للظالمين.
5- حب الذات الذي يصل إلى النفعية و الأنانية و الانتهازية.
6- الحلف الكاذب بقصد الهروب من المسئولية، و الغيبة و النميمة و الحقد الذي يمنع الخير عن الآخرين.
7- ترك الصلاة و عدم إقامتها، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و البغي.

الكاتب: د. محمد بن علي شيبان العامري