المجتمعات تتباين في ثقافاتها، و هذا التباين ينعكس على سلوكها و قناعتها. إن الحاجة إلى معرفة كيفية التعامل مع الثقافات المختلفة تظهر كقضية ملحة في الشركات المتعددة الجنسية والعاملة في بيئات أجنبية. ففي دراسة مسحية للأمريكيين العاملين في الخارج تبين أن أهم المهارات المطلوب توافرها للعاملين في الخارج هي، مهارة العلاقات الإنسانية، فهم الثقافات الأخرى، و القدرة على التكيف مع بيئات إدارية متنوعة الثقافات و غير ذلك من المهارات كما هي موضحة في الجدول التالي (7-1) :




جدول (7-1) ترتيب الحاجات التدريبية للأمريكيين العاملين في الخارج


الحاجة التدريبية


الترتيب طبقا لإجابات 403 أمريكي
مهارة العلاقات الإنسانية


1


فهم الثقافة الأخرى


2


القدرة على التكيف


3


المهارة الفنية


4


تدريب الحساسية


5


الشعور السياسي


6


القدرة اللغوية


7


فهم الرسالة


8


فهم الثقافة الأمريكية


9



المصدر: جاري ديسلر، أساسيات الإدارة، المبادئ و التطبيقات الحديثة (ترجمة عبد القادر محمد عبد القادر) الرياض: دار المريخ للنشر، 1991 ، ص751.






* فهم الفروق الثقافية Understanding Cultural Differences

إن الإدارة و التعامل مع الاختلافات الثقافية تنتج بشكل رئيسي من:


1- الفهم بأن هناك اختلافات في الفروق الثقافية موجودة بين الناس.
2- معرفة ما هي هذه الفروق الثقافية.


و يمكن أن نسوق بإيجاز أمثلة حول الفروق الثقافية لبعض المجتمعات كالآتي:


أولا: أفريقيا السوداء




إن الثقة و الإخلاص عنصران مهمان و أساسيان للمنشأة الناجحة في أفريقيا السوداء. و من المهم جدا بالنسبة للأفارقة التعرف على زملاء العمل كأشخاص قبل التقدم إلى أنشطة العمل الفعلية، الصداقة غالبا ما تستمر بعد نهاية أنشطة العمل المحددة. إن النشاط الاجتماعي خارج المكتب يعتبر شائعا، و يتمتع المديرون باتجاهات مريحة نحو الحديث عن السياسة، و الرياضة، و أحيانا العمل بعد انتهاء الوظيفة نفسها، و هذا الأمر يختلف عن رجل الأعمال الأمريكي الذي في الغالب يندفع لأداء الوظيفة و إتمام الصفقة، و بعد ذلك ينتقل إلى القيام بأشياء أخرى.
و تعتمد العلاقة الشخصية في أفريقيا على الإخلاص، و يفترض الأفارقة أن كل شخص هو صديق حتى يثبت غير ذلك. و عندما يبتسم الأفريقي فان ذلك يعني انه يحبك، و العكس صحيح. انه من الضرورة قيام علاقة ودية قبل القيام بعمل في أفريقيا. فلا بد التحدث أولا على أمور عامة ليس لها علاقة بالعمل حتى يتم بناء الثقة و الصداقة و بعد ذلك فان العمل يمكن تنفيذه بين الأصدقاء.




ثانيا: فرنسا




يعتبر التركيب الطبقي هام جدا في فرنسا، حيث يوجد نظام طبقي واضح جدا، و هو يؤثر في كيفية تقدم الشخص في العمل إلى حد بعيد. الفرنسيون مولعون بان يكونوا واعين تماما للمنزلة الاجتماعية و تعتمد المنزلة إلى حد كبير على الأصول الاجتماعية للشخص. و في الوظيفة وفي العمل، من الصعب على الشخص الفرنسي أن يخلص نفسه من القوالب الاجتماعية. فإذا كان الأمريكي يحصل على أرقى المستويات الوظيفية عن طريق العمل الجاد، نجد من الصعب على الفرنسي أن يفعل ذلك.
و يختلف الفرنسي في أسلوب المحادثة بالمقارنة بالأمريكي، حيث يكثر الأمريكي استخدام الضمائر "أنا" و "ملكي"، أما الفرنسي فانه يعتبر ذلك مباهاة و ضعفا، و علامة على عدم النضج. و لذا يميل الفرنسي إلى تجنب الحديث عن نفسه و يوجه المناقشة نحو موضوعات أكثر عمومية.
أما من حيث اتخاذ القرارات في الشركات الفرنسية فهي تتم بشكل مركزي، و لذلك فهي تأخذ وقت أطول حتى يتم اتخاذ القرار و تنفيذه. أما الأمريكي فالأمر مغاير تماما.




ثالثا: الشرق الأوسط Middle East




يفضل العرب الكلمة المنطوقة و لا يميلون إلى الوصول إلى الهدف بسرعة، فهناك الكثير من الوقت الضائع الغير مستغل، و لا يوجد التزام دقيق بالمواعيد.
يحب العرب إظهار الإعجاب بفصاحتهم، فالعرب أساتذة الإطراء و يحبون المديح. إن أي جهد من جانب الأجنبي لاستخدام العربية سوف يتقبله العربي بحماس و يخلق ودا كثيرا.


هناك أمور أخرى يجب مراعاتها و أخذها في الاعتبار:


1- عدم السلام أو الإيماء أو الأكل باليد اليسرى اليد التي تستخدم في الحمام.
2- عدم جعل القدمان متقاطعان بحيث يكون نعل القدم موجها نحو شخص ما، لأن ذلك يعد من قبيل سوء الأدب.
3- يحب العرب التقارب اللصيق للأشخاص الذين يحادثونهم، و عادة تتم المحادثة الشخصية من على بعد نحو 40-50 سم فقط في المواجهة.
4- لا يفضل العربي إبداء الإعجاب بممتلكاته لأنه يخشى الحسد، و قد يشعر بالفخر الملزم له بإعطائك اياها.
5- لا يحب العرب الاستفسار عن زوجاتهم و بناتهم و أخواتهم.
6- العرب يحبون الأمانة و لكن يحبون القيام بمساومة صعبة عند الشراء.




رابعا: الشرق الأقصى – اليابان




يميل التوظف في اليابان إلى النهج الأبوي، و معظم الموظفين يذهبون للعمل لصالح أصحاب العمل حين يكونوا شبابا، و يمكثون مع المنظمة حتى يعتزلوا العمل. يعتبر الياباني حفظ المظهر و تحقيق التناسق مهم جدا، و كنتيجة لذلك، فإنه يفضل الاتصالات الغامضة و الغير مباشرة. لذلك يفضل اليابانيون استخدام الطرف الثالث كوسطاء للمساعدة في ترك كل طرف في غرفة مجاورة و هكذا تساعد في حفظ ماء الوجه إذا ما نشأت الحاجة لذلك. فالياباني لا يقبل أن تضعه في موقف الفشل أو العجز.
القرار الجماعي له قيمته في اليابان، فقد تجد نفسك مضطرا للانتظار وقتا طويلا من أجل القرارات الجماعية. فاليابانيون قبل اتخاذ أي موقف يستنفذون وقتا طويلا في تعريف السؤال و في تقرير ما إذا كانت هناك حاجة لاتخاذ القرار. و بمجرد أن يتم الاتفاق أو يتخذ القرار فان اليابانيون ينطلقون بسرعة عظيمة إلى مرحلة العمل.
يميل اليابانيون إلى استخدام المكافآت الجماعية بعيدا عن المكافآت و التمييز الفردي. و هناك تأكيد شديد على إشباع الحاجات الأمنية و كذا الحاجة الاجتماعية للانتماء.
و من أجل تطوير علاقة إيجابية مع رجل الأعمال الياباني يجب أن تكتمل بعلاقة اجتماعية. فقد يكون ذلك من خلال جولة في المدينة، و لكن ليس إلى المنزل و يمكن أن يكون الترويح بشيء من البذخ.
الكاتب: د. محمد بن علي شيبان العامري