معوقات التغيير :
إن قيادة التغيير ليست عملية سهلة أو بسيطة ، وإنما هي عملية متشابكة في عناصرها متداخلة في مكوناتها ن وتتطلب الإبداع والابتكار في ممارستها ، ويعتمد نجاحها بالدرجة الأولي علي العنصر الإنساني الذي يتمثل في جانبين رئيسين ، وهما :
حماس قادة التغيير من جهة والتزام المتأثرين بالتغيير بتنفيذه من جهة أخري .
إن عملية التغيير في المؤسسات، سواء تضمنت (الهندسة ) أي إعادة هندسة نظم العمل ، أو إعادة هيكلة بنية المؤسسة ، أو برنامجا طموحا ومستمرا لإدارة الجودة الشاملة ، أو تجديدا تربويا أو ثقافيا نهي عملة معقدة ونشطة ومركبة نوقد تواجه بمعوقات عدة ، كما قد لا تحقق النجاح المنشود منها ، بالرغم من الجهود الجادة التي يبذلها المديرون في هذا المجال ن فما هو السبب ؟
إن السبب الرئيس في فشل العديد من جهود التغيير في المؤسسات المختلفة هو الإفراط في ممارسة الإدارة وغياب الدور القيادي فلا يمارسون دور قائد التغيير بشكل فعال ، فهم يقومون بعمليات التخطيط ، والتنظيم ن وإدارة شؤون الأفراد ، والرقابة ، وحل المشكلات العمل اليومية ، أي ممارسة جميع المهمات التي تدخل في صلب العملية الإدارية التي تحقق الأهداف علي المدى القصير أما عندما يتعلق الأمر بقيادة برامج التغيير والتطوير فقد لا تسعفهم هذه المهارات الإدارية في تحقيق النجاح المأمول .
وسنتعرف فيما يلي مجموعة من الأخطاء التي تقع فيها بعض المؤسسات عندما تطبق التغيير داخلها ، فتؤدي إلي فشل هذه الجهود في تحقيق النتائج المستهدفة ، والتي تم استقاؤها من خلاصة الدراسات والتجارب والملاحظات الميدانية التي تناولت ( 100 ) مؤسسة من المؤسسات المختلفة ، ويمكن أن نلخص ابرز هذه الأخطاء علي النحو التالي : ( مؤتمن ، 2004 )
* الرضا المبالغ فيه عن الوضع الحالي للمؤسسة وحدوث نوع من التراخي في لداء العمل ، فالتغيير يتطلب إحساسا بضرورة المهمة والسرعة في إنجازها ، والمؤسسة الراضية عن ذاتها وعن إنجازاتها لا تبذل الجهود المناسبة ولا تحشد الطاقات الضرورية ، ولا تعد البرامج الملائمة لإحداث التغيير بنية والية وإجراءات .
* غياب التحالف القوي بين الإدارة والأفراد ، إذ نجاح التغيير إلي وجود تحالف قوي وفعال بين الناس الذين يملكون السلطة والقوة من خلال مواقعهم وخبراتهم وعلاقاتهم ن وبين الناس الذين ينفذون عملية التغيير ذاتها ومتطلباتها ن وذلك من اجل تحويل التغيير من مجرد أقوال ومقترحات إلي أفعال وممارسات عملية في واقع العمل .
* الافتقار لوجود الرؤية أو ضعف القدرة علي توصيلها ن فدون وجود الرؤية الواضحة الشاملة المتكاملة حول ماهية التغيير ومبرراته ونواتجه المتوقعة ,وكيفية تحقيق ذلك , تبقى جهود التغيير مقتصرة على وجود قائمة من المشروعات المتفرقة وغير المنسجمة والتي تتطلب وقتا وجهدا ومالا, وقد تسير في اتجاهات مضادة أو متعارضة, كما أن نجاح التغيير يتطلب أنايا راغبين في التطوير والتجديد وبذل جهود حثيثة في هذا المجال ,ولكنهم لن يفعلوا ذلك إذا لم يفهموا سبب التغيير ومغزاه,ودورهم في إنجاحه, وأثره على مصلحة المؤسسة وأهدافها, وعلى أهدافهم الخاصة.
* وجود مجموعة من العقبات الإدارية , فالتغيير الناجح والفعال يتطلب عملا تكامليا تنفذه مجموعة كبيرة من الأفراد . وقد تفشل العديد من المبادرات التطويرية والتجديدية بسبب العقبات التي يتم وضعها في طريق هؤلاء الناس , وهناك عقبتان رئيسيتان في هذا المجال هما:
البيروقراطية السائدة في المؤسسة ونظامها القائم , و وجود مراكز قوى داخل المؤسسة أو خارجها ذات نفوذ كبير , تعارض التغيير كونه يتعارض مع مصالحها وغاياتها الخاصة.
*عدم تحقيق نجاحات ونواتج ملموسة علي المدى القصير أو بشكل سريع ، فقد تفقد الجهود المبذولة لتغيير استراتيجيات العمل أو إعادة هيكلته قوة الدفع إذا لم تكن هناك مجموعة من الأهداف التي يتم إنجازها علي المدى القصير والتي يشاد بها ويستند إليها كأدلة عملية علي أفضلية التغيير وجدواه ، فدون وجود هذه الانتصارات في الأجل القصير، فقد يفقد الناس إيمانهم بضرورة التغيير وينضمون إلي صفوف المقاومة للتغيير .
* الفرح بالنصر الأولي الكبير وسرعة الإعلان عنه ، فبعد العمل الجاد والجهد المضني لتنفيذ احد برامج التغيير في المؤسسة ،ونتيجة للإعلان المبكر والسريع عن النصر والنجاح مع أول تحسن ملحوظ في الأداء، فقد يغري ذلك العاملين ويدفعهم للتراخي وضعف التركيز وتراجع الالتزام بالتغيير ، مما يؤدي بالمؤسسة إن تعود إلي سابق عهدها وممارساتها القديمة .
* عدم وصول التغيير إلي جذور ثقافة المؤسسة ، فإذا لم يتم تأصيل التغيير وترسيخه في جذور الثقافة المؤسسية وصبح جزءا منها , فان الجهود المبذولة لإحداث التغيير والتطوير لن تحقق النجاح المنشود وستنتهي في مهدها.
* مقاومة الناس للتغيير ومعارضته وإعاقة الجهود المبذولة لإحداث لأسباب عدة ,من أبرزها:
*الارتياح للمألوف والخوف من المجهول.
* الميل للمحافظة على أنماط السلوك والعادات والتقاليد المألوفة.
* عدم القدرة على إدراك نواحي الضعف والقصور في الوضع الحالي ,أو عدم القدرة على إدراك جوانب القوة أو مزايا الوضع الجديد الذي سينجم نتيجة لعملية التغيير.
* خوف العاملين من الخسارة المادية أو المعنوية , والخشية من فقدان السلطة أو المصالح المكتسبة المرتبطة بالوضع الحالي القائم .
* سوء فهم العاملين للآثار المرتقبة للتغيير , أو إحساسهم بأنه قد تم استغلالهم أو أنهم مجبرين على عملية التغيير
* الخوف من مخالفة معايير أو مستويات معينة من السلوك أو الأداء تفرضها قيم المجموعة, والخوف من مطالبتهم بتطوير علاقات عمل وأنماط سلوكية جديدة نتيجة لإحداث التغيير.
* اعتياد العاملين على تصريف شؤون العمل بطريقة معينة والأداء ضمن مستوى معين من الإنجاز, والخوف من ارتفاع مستوى الأداء الذي قد تتطلبه عملية التغيير.