– طبيعة قيادة التغيير في المؤسسة التربوية وأبرز ملامحها :
يحرص قادة التغيير بصفة عامة على صياغة رؤية مشتركة للمؤسسة، وتنمية الالتزام بتنفيذها وتعزيزه لدى جميع الفئات المعنية بالعملية التربوية داخل المؤسسة وخارجها بصفتهم شركاء مساهمين فيها
انطلاقاً من اعتبار التعليم قضية مجتمعية مشتركة. ويسعى قادة التغيير إلى تطبيق الاستراتيجيات المناسبة لتحقيق هذه الرؤية، وترسيخ القيم و الاتجاهات الجديدة والتجارب التطويرية داخل ثقافة المؤسسة التربوية .
ولقد تناول ( مؤتمن،2003) موضوع القيم الجديدة المرتبطة بالقيادة التربوية المعاصرة بصورة شمولية تكاملية، إذ اقترح مجموعة تتألف من تسع قيم أساسية ينتهجها ويطبقها القادة الناجحون الذين يتفهمون الحاجة الماسة إلى التنسيق بين الجوانب التنظيمية وتلك المعنية بالثقافة المؤسسية لتحقيق التغيير الناجح في المؤسسة التربوية، وسنحاول استعراض هذه القيم التي تسهم بفاعلية في تقديم فكرة ملخصة ومركزة حول قيادة التغيير في قطاع التربية والتعليم، وتوضيح طبيعتها وإبراز ملامحها، وذلك على النحو الآتي :
أ#- القيادة بالغايات والأهداف :
وتشمل جميع السلوكيات والممارسات القيادية التي تسعى إلى نقل وإيصال كل المعاني المهمة وذات القيمة والمرتبطة بأهداف تنظيم المؤسسة. إن توضيح الغايات يساعد الناس على إدراك المغزى والهدف من وراء عملهم وتقدير أهميته، ويسهم في تحفيزهم وإثارة دافعيتهم لمواصلة أدائهم بنجاح وتميز .
ب#- القيادة بالتمكين :
تتمثل بإتاحة الفرص والوسائل المناسبة أمام هيئة العاملين في المؤسسة للمساهمة في صناعة القرارات التربوية، فعندما يشعر الناس بأن لديهم القوة والقدرة لاتخاذ قرار ما بخصوص أمر يهمهم، وأنهم يحظون غالباً ما يؤدون هذه المهمة على النحو الأفضل، وعندما يستثمر قادة المؤسسات الكفايات التي يتمتع بها العاملون معهم بشكل مناسب، ويعدونهم ويؤهلونهم للمساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف التنظيم المدرسي، فإن العائد التربوي غالباً ما يكون عظيماً.
ج- القيادة كقوة دافعة للإنجاز:
تؤكد على دور القائد كداعم و محفز ومسهل للأداء والإنجاز، فقادة المؤسسات الذين يتسمون بالفعالية لا يحكمون مؤسساتهم من خلال إصدار الأوامر والتعليمات وباستخدام سلطة الثواب والعقاب، وإنما بالتركيز على ما يمكن أن يحققه العاملون معهم من نجاح فيدعمون جهودهم ويوفرون لهم المناخ المناسب للإنجاز والتميز، وهذا ما يعكس وجهة نظر إيجابية لاستخدام السلطة وتوظيفها في المسار الصحيح.
د- القيادة بنشر السلطة وتفويضها :
ترتبط بالتمكين، وتتضمن نشر الأدوار والمهام والصلاحيات القيادية بين العاملين في المؤسسة ، فمثلما يستطيع المدير أن يمارس دور المعلم، فإن المعلمين يمكن أن يتحملوا بدورهم مسؤوليات قيادية وفقاً لمجالات تخصصهم، مما ينعكس إيجاباً على تطوير العملية التربوية بمختلف أبعادها ومجالاتها.
هـ – القيادة بالرقابة النوعية :
تختلف الرقابة في المؤسسات التربوية عن الرقابة في الشركات مثلاً : فهي تتجاوز الاهتمام بالبرامج والضبط والقواعد والأوامر، لتغدو أكثر اهتماماً بمواقف المعلمين تجاه عملهم واتجاهاتهم نحوه، فالرقابة النوعية تعني بمعتقدات الناس وكيفية تطابقها وانسجامها مع أدوارهم ومهماتهم، وتسعى إلى تعرف مدى الرضا الذي يشعرون به أثناء إنجازهم لأهدافهم وتحقيقهم لغاياتهم .
و- القيادة بالتحويل والتطوير :
تلخص جهود قيادة التغيير الرامية إلى تحويل العاملين في المؤسسة الذي يتصفون بالتزامهم المحدود تجاه غايات المؤسسة وأهدافها وتغييرهم ليصبحوا مهنيين ملتزمين يشاركون في صياغة الرؤية العامة للمدرسة وفي تحديد أهدافها وألويتها، ويتسموا بالحماس والدافعية والمساهمة الفاعلة والتأثير الإيجابي على مخرجات التنظيم ونواتجه.
ز- القيادة بالبساطة والوضوح :
تتضمن الابتعاد عن تعقيد الأمور وتجنب المبالغة في الإجراءات والأنظمة والتعليمات وكمثال، فإن المنظمات صغيرة الحجم تعد الأفضل وأكثر ملائمة لتسهيل عمليات الاتصال المباشر، ولبناء وتدعيم علاقات عمل جيدة وقوية وذلك مقارنة بالمنظمات الكبيرة والضخمة التي تكون فيها العلاقات غير مباشرة، مما يضطرها إلى إيجاد تنظيمات صغيرة داخل المنظمة نفسها، أو تشكيل فرق عمل متعددة للحد من معوقات الاتصال وصعوبته في مثل هذه التنظيمات الكبيرة.
ح- القيادة بالالتزام بالقيم العليا للمؤسسة التربوية :
يتضمن هذا المفهوم التأكيد بشكل قوي على القيم المؤسسية، وينص ببساطة على مجموعة القيم العليا الجوهرية التي بنيت عليها المؤسسة التربوية والتي لا تقبل المساومة بشأنها، وبعد أن يتم إعلان هذه القيم وتوضيحها والتأكيد عليهم في أنحاء المؤسسة، تتاح هنالك مجالات عدة مناسبة وفرص متعددة لتطبيق هذه القيم من قبل المهنيين والمختصين في المؤسسة من خلال برامجهم التربوية المتنوعة، وإبراز طاقاتهم وتميزهم في هذا المجال، والمطلوب هو الالتزام بهذه القيم العليا، وإذا ما تم تبديلها أو إساءة التعبير عنها، فإن القائد يتدخل ويعمل على إحداث التغيير في الاتجاه الصحيح، إذ لا يسمح بأن تتعارض الرؤية العامة للمؤسسة مع الوظيفة الأساسية التي ينبغي أن تسعى إلى تحقيقها أو الغايات السامية التي يتوخى أن تنتجها لخدمة طلبتها ومجتمعها المحلي .
ط- القيادة بالتفكير المتعمق المركب :
تنظر للقيادة باعتبارها تتطلب تفكيراً متعمقاً ينعكس على الأداء، وتصف القادة الناجحين بأنهم يتميزون بأسلوب التفكير المركب الذي يؤكد على أنهم يعملون ضمن إطار متعدد الأبعاد، فعندما يستخدمون أسلوب حل المشكلات فهم يأخذون مختلف الظروف المحيطة بعين الاعتبار، وذلك بعكس القادة الذين لا يتميزون بالتفكير المركب، فهم يميلون إلى اتخاذ القرارات بسرعة كبيرة التفكير بنمط خطي ثابت ويتجاهلون نقاطاً عدة مهم ذات علاقة بالموضوع قيد البحث .