نناقش في هذه المقالة بعض الأخطاء الأخرى والتي تتكرر في العديد من المقابلات مثل:


التحدث في مواضيع خارجية: إن وقت المقابلة قصير، وإن تأثير المقابلة عظيم، ولذلك فإن عليك أن تستغل كل دقيقة لتقييم المرشح، فلا تضيِّع بعض الوقت في أحاديث لا علاقة لها بتقييم المرشح. فمثلا قد يأتيك مرشح كان ينتمي لنفس النادي الذي كنت تنتمي له عندما كنت صغيرا، فلا تضيع الوقت في سؤاله عن أحوال النادي والمدربين ونتائج الفريق، وقد يأتيك مرشح من نفس القسم والكلية التي تخرجت منها فلا تضيع الوقت في السؤال عن الأساتذة والمناهج وأحوال الجامعة، وقد تطلب مهندسا فيأتيك مهندس يبدو عليه الاهتمامات الدينية فلا تضيع الوقت في مناقشته في المذاهب الفقهية أو في طلب فتوى منه. وتجدر الإشارة إلى أن الخروج عن الموضوع مسموح به في حدود ضيقة خاصة في بداية ونهاية المقابلة عند الترحيب بالمرشح وعند توديعه وهذا لا يعد خروجا عن الموضوع وإنما هو مساعدة لخلق جو ودي في المقابلة.


الانسياق وراء المرشح في التحدث فيما يريده المرشح لا ما يريده المسئول: لكل مرشح نقاط قوة ونقاط ضعف، والمرشح الذكي يحاول استدراج المسئول لاستهلاك وقت المقابلة في الحديث عن نقاط القوة، فينبغي أن يحذر المسئول من ذلك، وأن يلتزم بالنقاط التي حددها هو قبل المقابلة. فمثلا قد يأتيك مرشح حديث التخرج فتطلب منه أن يُعرفك بنفسه فيذكر لك أنه تدرب أثناء دراسته في ألمانيا فتشدك هذه النقطة وولعك بالصناعة الألمانية فتضيع جزءا كبيرا من المقابلة في الحديث حول هذا الموضوع وبالتالي لا تتعرض لنقاط كثيرة كنت تريد التعرف عليها. وقد يذكر لك مرشحا موقفا عمليا نجح فيه نجاحا كبيرا وهذا قد يستدعي أن تفهم طبيعة الموقف ولكن بدون ان تستهلك ثلث أو نصف وقت المقابلة في الحديث حول نقطة واحدة أراد المرشح أن يتحدث عنها. التزم بالنقاط التي ستسأل عنها ولا تسترسل في الحوار في نقطة واحدة.




تأثير اللغة: بعض الهيئات تستخدم اللغة الإنجليزية أو الفرنسية في المقابلات الشخصية نظرا لاستخدام تلك اللغة في العمل، فيعتبر هذا اختبار للمرشح في التحدث بتلك اللغة. وهذا أمر مقبول إلى حد ما ولكن قد ينشأ عنه مشكلة عندما يكون مستوى المرشح في تلك اللغة أعلى بكثير من المسئول أو المسئولين، لأن المرشح في هذه الحالة سيظهر بمظهر متميز جدا في إجابته على أكثر الأسئلة نظرا لأنه يتحدث بطلاقة شديدة ويستخدم كلمات صعبة وتعبيرات متميزة. لذلك فإنني أرى أن يكون اختبار اللغة قاصرا على جزء من المقابلة فقط كأن يكون الجزء الأول باللغة الإنجليزية ثم ننتقل إلى اللغة العربية. والاستثناء هو أن تكون الوظيفة هي وظيفة مدرسة لغة إنجليزية أو مذيع برامج أجنبية في التليفزيون أو الإذاعة، أما فيما عدا ذلك من وظائف تستلزم اللغة الإنجليزية كوسيلة تخاطب أو مراسلات فإن تقييم اللغة لا ينبغي أن يطغى على كل شيء فقد يأتيك محاسب يتقن اللغة جدا ولكنه لا يتقن المحاسبة وفي نفس الوقت يأتيك محاسب يتقن المحاسبة ويتحدث الإنجليزية بطلاقة محدودة فالصحيح أن تختار الثاني ولكن المقابلة الكاملة باللغة الإنجليزية قد تقودك لعكس ذلك.


عدم الاستعداد للمقابلة: لابد للمسئول أن يستعد للمقابلة بقراءة أوراق المرشحين وتحديد المهارات المطلوبة للوظيفة والأسئلة التي سيطرحها، فإذا لم يستعد المسئول فإنه قد لا يطرح الأسئلة المناسبة وقد يسأل عن أمور واضحة في السيرة الذاتية أو طلب الالتحاق وهذا لا يؤدي لاختيار المرشح المناسب، بل ويعطي المرشح انطباعا سيئا عن المؤسسة نفسها وهو ما قد يؤثر على قراره في الالتحاق بالعمل.


الأسئلة غير المناسبة: حسن اختيار الأسئلة هو من لوازم المقابلة الناجحة لأن الأسئلة غير المناسبة تضيع وقت المقابلة وقد تؤدي لاختيار المرشح غير المناسب. على سبيل المثال فإن سؤال موظف حديث التخرج عن تفاصيل دقيقة في العمل لا يُتصور أن يعرفها إلا من مارس العمل عدة سنوات هو من الأمور غير المفيدة، وسؤال المرشح المتقدم لوظيفة مدير عن أمور درسها في الجامعة منذ عشرات السنين هو أمر غير مفيد. وهناك نوع آخر من الأسئلة وهو الأسئلة التي لا تنفع وربما تضر مثل الأسئلة الشخصية كأن تسأل المرشح عن عدد إخوته أو ترتيبه بين إخوته أو عن عمل أبيه أو انتماءاته الدينية أو السياسية أو الرياضية.


الأسئلة الموَجِهَة: لا تسأل الموظف هل تجيد برنامج كذا ولكن اسأله عن مهاراته في الحاسوب، لا تسأل المرشح: هل تخطط قبل تنفيذ أي عمل؟ أو هل تحب التخطيط؟ ولكن اسأله كيف تقوم بعمل كذا؟


الإساءة للمؤسسة: هذا خطأ واضح ولكنه يحدث أحيانا وهو أن يسيء المسئول عن المقابلة لمؤسسته. وهذا غير مقبول لأن المسئول هو شخص يتحمل أمانة اختيار أفضل المرشحين وليس تنفير المرشحين، فلا يليق بالمرة أن يشكو المسئول من حاله وتبرمه من مديره وخلاف ذلك. وفي نفس الوقت فليس مطلوبا بالمرة أن تصف له المؤسسة بغير ما فيها.


المبالغة أو الكذب: بعض المسئولين قد يحاول وصف الوظيفة والمؤسسة بشكل رائع خلافا للواقع وذلك بهدف تشجيع المرشح على الالتحاق بالوظفية، وهذا – علاوة على أنه عمل غير أخلاقي- فإنه يؤدي إلى شعور المرشح بالخديعة بعد التحاقه بالعمل وهو ما قد يؤدي إلى إحباطه أو بحثه عن عمل آخر. كن صادقا مع المرشح ولا تعده بأشياء غير حقيقية.


عدم المساواة بين المرشحين: وهذا أمر له أوجه كثيرة منها: لقاء مرشح في مكان ولقاء مرشح في مكان آخر يختلف عن الأول كأن يكون أحدهما مكيف الهواء والآخر غير مكيف أو أن يكون ترتيب الجلسة مختلفا، سؤال مرشح بأسلوب والآخر بأسلوب مختلف كأن تسأل الأول سؤالا موجها والآخر سؤالا غير موجه، التحدث إلى مرشح بود والتحدث مع الآخر بحدة، توجيه أسئلة سهلة لمرشح وأسئلة صعب لمرشح آخر، سؤال مرشح عن بعض المهارات وسؤال مرشح آخر عن مهارات أخرى.


أخطاء في الجدول الزمني: إعداد جدول زمني للمقابلات هو أمر مهم والخطأ فيه قد يتسبب في انتظار المرشح لفترة طويلة أو استمرار المسئول في المقابلات لمدة طويلة بدون فترة راحة وهو ما يتسبب في إرهاقه وبالتالي التأثير على تقييمه للمرشحين. من أخطاء الجدول الزمني كذلك أن يتم إخبار المرشحين قبل موعد المقابلة بوقت قليل وهو ما يتسبب في عدم حضور بعض المرشحين نظرا لانشغالهم.


عدم تسجيل ملاحظات: تسجيل الملاحظات يساعد المسئول على تذكر مميزات وعيوب المرشح بعد المقابلة لأن الذاكرة قد لا تسعفه، وعدم تسجيل الملاحظات يجعل جزءا كبيرا من المعلومات يضيع قبل اتخاذ قرار الاختيار.


عدم الاهتمام بملحقات المقابلة: مقابلة التوظيف ليست قاصرة على ما يجري أثناء المقابلة بل إن ملحقاتها لها أهمية كبيرة. تبدأ هذه الملحقات بالاتصال بالمرشح لتحديد موعد المقابلة وتنتهي بتوديع المرشح وبينهما عملية استقبال المرشح عند وصوله وتوجيهه إلى مكان المقابلة أو مكان الانتظار وكذلك الخدمات في مكان الانتظار. هناك أخطاء عديدة قد تقع في هذه الملحقات منها: إسناد مهمة الاتصال بالمرشحين أو استقبالهم لشخص غير مدّرَّب، عدم الاهتمام باستقبال المرشح عند وصوله، عدم توفير مكان مريح للانتظار، عدم توضيح أماكن قضاء الحاجة أو أماكن الصلاة وعدم تقديم مشروب للمرشح وذلك في حالة الانتظار الطويل، عدم الاهتمام بإعلام المرشح بعد ذلك بنتيجة المقابلة أو نتيجة عملية الاختيار خاصة في حالة عدم اختيار المرشح. كل هذه الأمور لها تأثير على سمعة المؤسسة ولها تأثير على نوعية المتقدمين لها مستقبلا.