مفهوم التنمية البشرية المُستدامة و يمكن أن نعرفها بالشكل التالي هي توسيع خيارات الناس و قدراتهم من خلال تكوين رأس المال الاجتماعي لتلبية حاجات الأجيال الحالية , دون الإضرار بحاجات الأجيال اللاحقة و هي تنمية لا تكتفي بتوليد النمو الاقتصادي فحسب , بل توزع عائداته بشكل عادل أيضاً , و تجدد البيئة و تحافظ عليها بدلاً من تدميرها و تهتم بالناس و تطوير قدراتهم و توسع خياراتهم و فرصهم و تؤهلهم للمشاركة بالقرارات التنموية .
لقد برز مفهوم التنمية البشرية المُستدامة بوصفه تركيبة مشكلة من ستراتيجية التنمية البشرية التي عبرت عنها تقارير التنمية البشرية التي يصدرها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP)* و مفهوم التنمية المُستدامة الذي تم تبنيه من قبل مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية المنعقد في ريو دي جانيرو 1992 أن خلاصة هذه التركيبة نشأ عنها مفهوم (SHD).
أن التنمية البشرية المُستدامة هي تنمية لا تولد نمواً اقتصادياً فحسب لكنها تهتم بتوزيع منافع النمو الاقتصادي توزيعاً عادلاً, و هي أيضاً تهتم بالبيئة و تحافظ عليها و تمكّن البشر بدلاً من تهميشهم , و تعطي اهتماماً كبيراً للبشر , و هي في الأساس تعطي الأهمية و الأولوية للفقراء وتقوم بتوسيع خياراتهم و فرصهم بما يسهل مشاركتهم في صنع القرارات التي لها التأثير في حياتهم و بذلك تكون هذه التنمية موالية للفقراء و للطبيعة و هي كذلك موالية لخلق فرص العمل و موالية للمرأة و الأطفال . لقد احتوى مفهوم التنمية البشرية المُستدامة على ثلاثة إسهامات متداخلة فهو يرصد سجل فشل للاستراتيجية الدولية للتنمية على صعيد تحقيق العدالة و التوازن في توزيع الدخول والثروات و انه يقدم أملاً بوجود بديل أكثر توازناً و شمولية لتجاوز سلبيات النظام الاقتصادي وانه يقدم برنامج عمل مستقبلي من خلال رؤيته الستراتيجية الشاملة . أما جوهر التنمية البشرية المُستدامة فيمثل التنظيم المجتمعي و المؤسساتي (رأس المال الاجتماعي) بمعنى أن المجتمع يشارك كله و ليس الفرد في تحديد مخرجات العملية التنموية التي تمثل نوعية الحياة و التي تتجاوز مفردات مستوى المعيشة . لتمثل الحريات هذه الأمور تعجز دوال الاختيار الفردية في تحقيقها لأنها خيارات مجتمعية وان تحققت النوعيات الملائمة فتصبح المدخلات البشرية في العملية التنموية إبداعاً ذاتياً و هو ما يجعل الإنموذج ديناميكياً من وجهه نظر رأس المال البشري و المادي و الطبيعي .