مقدمة:
مما لاشك فيه ان الانتخابات من اهم الاساليب الديمقراطية في اختيار ممثلي المواطن لتمثيلهم و التعبير عن اراءهم في مختلف المجالات ، ومن هذا المنطلق يمكن التمييز بين الانتخابات الخاصة مثل ( انتخاب الجمعيات الخصوصية ، انتخاب النقابات ، انتخاب الاحزاب السياسية ...) والتي تختص المحاكم الابتدائية بالبت في المنازعات الناشئة عنها ، وبين الانتخابات العامة التي ستكون موضوع الدراسة باعتبار ان اغلب المنازعات الناتجة عن هذه الانتخابات تدخل في اختصاص المحاكم الادارية ولكن ليس في كل الاحوال، فهناك بعض المنازعات التي تبت فيها المحاكم العادية رغم ارتباطها بانتخابات عامة ، ومن هنا يثور الاشكال حول كيفية تحديد كيفية تحديد اختصاصات المحاكم الادارية في مجال المنازعات الانتخابية .
وبعبارة اخرى ما هو المعيار المعتمد في تحديد اختصاص القضاء الاداري في المنازعات الناشئة بمناسبة اجراء عملية انتخابية ؟
هذا ما سنحاول مقاربته وفق التصميم التالي :
المبحث الاول: المعيار التشريعي في تحديد اختصاص المحاكم الادارية
المطلب الاول: الولاية العامة للمحاكم الادارية في المادة الانتخابية
المطلب الثاني: الاستثناء الوارد عن الولاية العامة للمحاكم الادارية في المادة الانتخابية
المبحث الثاني: المعيار القضائي في تحديد اختصاص المحاكم الادارية
المطلب الاول: معيار المرفق العام
المطلب الثاني: تداخل الاختصاص بين المحاكم الادارية و المحاكم الابتدائية
المبحث الاول : المعيار التشريعي في تحديد اختصاص المحاكم الادارية في المنازعات الضريبية
المطلب الاول: الولاية العامة للمحاكم الادارية في المادة الانتخابية
تعتبر المحاكم الادارية ذات الولاية العامة للبث في المنازعات الانتخابية وتستمد هاته الولاية العامة من مقتضيات المادة 8 من قانون احداث المحاكم الادارية الذي ينص على اختصاصها كأصل عام في جميع المنازعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات الا ما استثني بنصوص خاصة,وقد عرف الفصل 26 من نفس القانون الاخصاص النوعي للمحاكم الادارية في المادة الانتخابية وحدد مجال هذا الاختصاص على سبيل المثال في الطعون المتعلقة بتنظيم العمالات والأقاليم ومجالسها والمنازعات المتعلقة بانتخاب الغرف اافلاحية والصناعية التقليدية والغرف التجارية والصناعية والنزاعات المتعلقة بانتخاب ممثلي الموظفين في اللجان الادارية الثنائية المنصوص عليها بالنظام الاساسي للوظيفة العمومية,وتختص المحاكم الادارية بالنظر في هاته النزاعات في اطار القضاء الشامل الا انه من باب الاستثناء تنظر المحاكم الادارية في بعض القضايا المرتبطة بالمنازعات الانتخابية في اطار قضاء الالغاء خصوصا القرارات المنفصلة عن العملية الانتخابية القابلة للطعن بالإلغاء والقرارات المتعلقة المتعقلة بمعاينة الاستقالة والإقالة الصادرة عن السيد الوالي او العامل في مواجهة اعضاء المجالس الجماعية .
ويتوزع اختصاص المحاكم الادارية في المنازعات الانتخابية بين ماهو صريح منصوص عليه في المادة من قانون 90-41 وماهر ضمني بالنظر الى طبيعة العمليات الانتخابية .كما ان الجانب المسطري في هذه المنازعات يتوزع ما بين القضاء الشامل و قضاء الالغاء .
اولا :اختصاص المحاكم الادارية في المنازعات الانتخابية كقضاء شامل : تصنف الطعون الانتخابية ,ضمن القضاء الشامل وهذا ما اكدته المادة 8 من قانون احداث المحاكم الادارية وتمارس المحاكم الادارية اختصاصها بالبث في المنازعات الانتخابية كقضاء شامل عبر مجموعة من المراحل بدءا ب :
- الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية: فلقد نظمت المواد 14 25 33 36 37 من مدونة الانتخابات مسطرة وشروط الطعن الخاص بالقيد في اللوائح الانتخابية وتهم هذه الممنازعات بصفة اساسية رفض القيد في اللوائح الانتخابية
-الطعون المتعلقة بالترشيح :نظمت المادة 68 من مدونة الانتخابات الطعون المتعلقة بالترشيح هكذا فان يمكن للمرشح الذي رفض ترشيحه ان يطعن في قرار الرفض خلال يومين تبتدئ من تاريخ تبليغه بذلك .

-الطعون المتعلقة بإعلان النتائج الانتخابية :تقدم الطعون المتعلقة بإعلان النتائج الانتخابية داخل 8 ايام من يوم ايداع المحضر الذي يتضمن اعلان تلك النتائج وتسجل عريضة الطعن المطلوب من المحكمة البت فيها ,وتبت المحكمة داخل 40 يوم من ايداع الطعن ويستأنف الحكم لدى محكمة الاستئناف الادارية .
-البت في الطعون المتعلقة بانتخاب ممثلي الموظفين في اللجان الادارية الثنائية التمثيل . لقد تلقت المحاكم الادارية هذا الاختصاص من مقتضيات المادة 26 من قانون 90-41 التي بموجبها تبقى مختصة بالبث في النزاعات الناشئة عن انتخاب ممثلي الموظفين في اللجان الادارية الثنائية التمثيل ,سوء تلك المنصوص عليها في النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية او في الانظمة الاساسية الخاصة بموظفي الجماعات الحضرية والقروية والعملين في المؤسسات العامة.
- ثانيا اختصاص المحاكم الادارية في المنازعات الانتخابية كقضاء الغاء .
ان دعوى في التجاوز في استعمال السلطة هي الوسيلة القضائية التي تمكن القاضي من مراقبة عمل الادارة لإلغاء قراراتها المشوبة بعدم الشرعية .
وتهدف هذه الدعوى اذن الى الغاء القاضي للعمل الاداري غير المشروع ولا يستطيع ان يبدله بقرار مغاير.
في حين ان الطعن الانتخابي ينصب على العملية الانتخابية ,حيث تقوم الادارة باتخاذ اجراءات لإعلان ارادة الناخبين دون ان تتدخل او توحي او تعبر عن ارادتها .
وبالتالي لا يمكن اعتبار الطعن الانتخابي دعوى لإلغاء قرار اداري .
الا ان هناك حالات يمكن البت في المنازعات الانتخابية في اطار قضاء الالغاء وذاك اما في بعض القرارات الادارية المنفصلة عن العملية الانتخابية ويقصد بها الاعمال التحضيرية او اللاحقة والتي يمكن فصلها عن العملية الانتخابية ومن بين هذه الاعمال استدعاء الناخبين ’وتعليق النتائج وبالتالي يمكن الطعن في هذه الاعمال وهذا ما جاء في قرار المجلس الاعلى عدد 360 بتاريخ 21 نونبر 1980 .4

المطلب الثاني: الاستثناء الوارد عن الولاية العامة للمحاكم الادارية في المادة الانتخابية
بناء على ما سبق ذكره واستنادا الى المواد 36 و 37 و 68 و 69 و 71 و 168 و 213 من مدونة الانتخابات ، فان الاختصاص بالنظر في الطعون المتعلقة بالمنازعات الانتخابية هو للمحاكم الادارية ، وفق الاجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 41.90 .
الا انه في المقابل نجد ان المشرع المغربي اورد في المادة 26 من القانون المحدث للمحاكم الادارية مجموعة من الحالات المتعلقة بالمنازعات الانتخابية والتي تدخل في اختصاص المحاكم .
وبالرجوع الى المادة 26 من القانون المذكور نجدها حددت اختصاص المحاكم الادارية في المنازعات الانتخابية التالية :
 الطعون المتعلقة بانتخاب مجالس الجماعات الحضرية و القروية ؛
 الطعون المتعلقة بانتخاب مجالس العمالات و الاقاليم ؛
 الطعون المتعلقة بانتخاب اعضاء الغرف الفلاحية ؛
 الطعون المتعلقة بانتخاب اعضاء غرف الصناعة التقليدية ؛
 الطعون المتعلقة بانتخاب هيئات غرف التجارة و الصناعة ؛
 النزاعات الناشئة بمناسبة انتخاب ممثلي الموظفين في اللجان الادارية الثنائية التمثيل .
انطلاقا من هذه المادة نجد ان المشرع المغربي نص في ثناياها على اختصاص المحاكم الاداري بالنظر في هذه الحالات دون تحديد لطبيعة هذه المادة ،هل تم تعدادها كامثلة للمنازعات الانتخابية التي يمكن للقاضي الاداري النظر فيها ، ام انها جاءت على سبيل الحصر مقيد بالبت في هذه الطعون دون غيرها.
وهذا ما نستشفه من خلال مجموعة من الاحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم الادارية و المجلس الاعلى حيث نجد ان القضاء الاداري حدد اختصاصه في مجال المنازعات الانتخابية في الحالات الواردة في المادة 26 دون غيرها .
ومن بين هذه الاحكام القرار الصادر عن الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى في القضية المستانفة عن المحكمة الادارية بوجدة و التي قضى فيها بعدم الاختصاص النوعي استنادا الى ما يلي :"وحيث انه بالنسبة للطعون المرفوعة الى المحاكم الادارية ، فيما يتعلق بالانتخابات ، فقد حدد المشرع في الفصل 26 من قانون انشاء المحاكم الادارية نوعية الطعون الانتخابية التي اصبحت المحاكم الادارية تنظر فيها ... على سبيل الحصر وليس من بينها الطعن الحالي ، ... الشيء الذي يعني ان المحكمة العادية هي المؤهلة للنظر في الطعن المذكور ، مادام لا يندرج ضمن الطعون المخول النظر فيها على سبيل الحصر للمحاكم الادارية ، مما يجب معه الغاء الحكم المستانف " .
فمن خلال هذا الحكم وغيره ، نجد ان الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى استندت على المادة السالفة الذكر كاساس للدفع بعدم الاختصاص في الطعون الانتخابية الغير المدرجة في هذه المادة ، وبالتالي فهذه الحالات جاءت على سبيل الحصر، وهدا ما لا يتفق ومضمون المادة 8 التي جاءت عامة و شاملة لكل المنازعات التنظيمية و التشريعية المتعلقة بالانتخابات .
ان الاشكال الرائج حول عمومية او خصوصية المحاكم الادارية بالنظر في المنازعات الانتخابية ناتج عن سكوت المشرع عن تحديد طبيعة الحالات الواردة في المادة 26 ، هل هي على سبيل الحصر ، وبالتالي فهي ستحد من عمومية وشمولية المادة الثامنة .
ام انها جاءت على سبيل المثال، فيبقى للمحاكم الادارية الاختصاص في المنازعات الانتخابية خاصة تلك التي لم يحدد لها المشرع الجهة القضائية المختصة بنظرها وهذا ما سنحاول معالجته من خلال المبحث الثاني .

المبحث الثاني: المعيار القضائي في تحديد اختصاص المحاكم الادارية في المادة الانتخابية .
المطلب الاول: معيار المرفق العام
الى جانب الطعون الانتخابية التي حدد المشرع الجهات القضائية المخول اليها الفصل فيها، توجد انتخابات اخرى عامة، اكتفى المشرع بتنظيم كيفية اجرائها، من دون تحديد اجراءات الطعن فيها، وخاصة ما يتعلق بالجهة القضائية المختصة.
ولعل من بين اهم تلك الانتخابات، على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، نذكر انتخابات اعضاء المجلس الاعلى للقضاء، و انتخابات حكام الجماعات، و الانتخابات الجامعية...
الا ان الممارسة القضائية للمحاكم الادارية كرست نوعا من الولاية للقضاء الاداري في المادة الانتخابية، فقد اعتبرت ادارية الرباط بان جميع الطعون الانتخابية المتعلقة بمرافق عمومية تخضع للقضاء الاداري ما عدا في حالة وجود نص خاص يسند الاختصاص لجهة قضائية اخرى.
و من بين الاحكام القضائية التي كرست هذا المعيار، نجد قضية تتعلق بانتخابات جامعية، تقدم السيد عبد الرحيم البكريوي ضد رئيس جامعة محمد الخامس الرباط اكدال امام المحكمة الادارية بتاريخ 19/12/2003بطلب الغاء القرار المطعون فيه، القاضي باجراء انتخابات جزئية لملء المنصب الشاغر المتلق بالاساتدة المؤهلين لتمثيل كلية الحقوق بالرباط اكدال بمجلس جامعة محمد الخامس الرباط اكدال، فدفع المطلوب في الطعن بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الادارية، لان اختصاصها وارد على سبيل الحصر في المادة 26 من القانون رقم 90.41، ولان الولاية العامة تبقى للمحاكم الابتدائية، و استدل بقرار المجلس الاعلى عدد 1253 الذي تمسكت فيه الغرفة الادارية بالمعيار التشريعي الضيق
الا ان المحكمة الادارية قضت باختصاصها النوعي للبت في الطلب، بعلة ان التعداد الوارد في المادة 26 المذكورة انما هو على سبيل المثال فقط لما تضمنته المادة 8 من نفس القانون من منازعات تختص بالبت فيها المحاكم الادارية، معلنة بالمناسبة بان المحاكم الادارية "هي صاحبة الولاية العامة للبت في سائر المنازعات الادارية بطبيعتها عملا بمفهوم الموافقة لما ورد في المادة 8 المذكورة...و بالتالي، فما دامت المنازعات الانتخابية العامة المتعلقة بتنظيم مرفق عمومي هي منازعات ادارية بطبيعتها، فان الجهة القضائية الطبيعية المختصة بالبت فيها هي المحاكم الادارية، ما لم ينص المشرع على خلاف ذلك..." .
وبمناسبة طعن انتخابي يتعلق بانتخابات جامعية ايضا، تؤكد المحكمة الادارية بالرباط على تمسكها باختصاصها النوعي للبت في ألطلب استنادا الى تلك الانتخابات انما تهدف الى تنظيم مرفق عمومي ، و توالت الاحكام في نفس هذا الاتجاه.
وهي بصدد النظر في استئناف حكم المحكمة الادارية بالرباط ، القاضي بإيقاف تنفيذ القرار الاداري الصادر عن السيد رئيس جامعة محمد الخامس الرباط اكدال المشار اليه اعلاه، و بمناسبة جوابها على على ما اعابه الطرف المستأنف على الحكم المستانف من كونه خرق المادة 26 من القانون رقم 41.90 لما قضى بإيقاف التنفيذ و الحال ان المحكمة الادارية غير مختصة نوعيا.
ردت الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى على السبب المعتمد بانه "على خلاف ما يدفع به المستأنف، فان التعداد الوارد بالمادة 26... جاء على سبيل المثال لا الحصر، و يفسح المجال لطعون انتخابية اخرى غير منصوص عليها في المادة المذكورة، و منها الطعون المتعلقة بانتخاب ممثلي الكليات و الجامعات، ليشملها اختصاص المحاكم الادارية، باعتبارها صاحبة الولاية العامة في البت في المنازعات الانتخابية التي لم يرد فيها نص خاص بمنح الاختصاص بشأنها الى جهة قضائية اخرى. لذا يكون الدفع المثار مختل الاساس و يتعين رده ، و قضت بعد دلك بتاييد الحكم المستأنف."
وبهذا القرار تكون الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى قد و سعت من اختصاص المحاكم الادارية، ليس فقط في المنازعات الانتخابية، و انما الذي يفهم من قرارها ان الولايةالعامة للبت في سائر المنازعات الانتخابية، اصبحت للمحاكم الادارية، الا ما استثني منها بنص صريح.
ولعل ما قصدت اليه الغرفة الادارية بعبارة "المنازعات الانتخابية" ليست كل "الانتخابات" كيفما كانت، حتى ولو تعلقت بتلك التي لا علاقة لها بتنظيم مرفق عام، و انما الذي هي اليه تقصد ـ كما اتفقت على ذلك مختلف المحاكم الادارية ـ هو ضرورة الاخد بمعيار المرفق العام بدلا من المعيار التشريعي، و بدلا كذلك من معيار السلطة العامة أو المعيار العضوي، الذي اعتمده المشرع في القانون المحدث للمحاكم الادارية .
المطلب الثاني : تداخل الاختصاص بين المحاكم الإدارية و المحاكم الابتدائية
مبدئيا بإنشاء المحاكم الإدارية سنة 1993 فإن المشرع المغربي قد وضع مبدا مهما الا وهو ان المادة الادارية تدخل فقط في اختصاص الجهات القضائية الادارية فالمسألة لا تهم المحاكم المدنية الا ان حقيقة الامور بينت في ما بعد ان المشرع المغربي لم يلغي كل الاختصاصات في المادة الادارية التي كانت تبت فيها الحاكم المدنية قبل سنة 1993 فامحاكم المدنية مازالت تبت في المادة الادارية . ومنها على سبيل المثال : مادة الانتخابات .
وبالرجوع النصوص التي تنضم الانتخابات الجامعية لا تشير الى الجهة القضائية المختصة للنضر في النزاعات المتعلقة بها كالانتخابات المتعلقة بأساتذة التعليم العالي وإنتخاب ممثل الطلبة في مجلس الجامعة ومجلس المؤسسة وانتخاب ممثل الطلبة في لجن تسير الأحياء الجامعية .
الإ ان القضاء الاداري المغربي أعتبر منازعات الانتخابات الجامعية من اختصاص المحاكم الإدارية وليس من إختصاص المحاكم المدنية ، وذلك من خلال تأويله للمادة 26 من القانون المنشئ للمحاكم الادارية ،حيت اعتبر الاختصاصات التي حددتها جاءت على سبيل المثال فقط وان المادة الثامنة حسمت في تحديد اختصاص المحاكم الإدارية في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات .
وهذا ما تمسكت به المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 19 -12- 2003 في قضية السيد عبد الرحمان البكريوي ضد رئيس جامعة محمد الخامس الرباط .
وفي نفس السياق ذهبت الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى في قرار صادر عنها بتاريخ 24 -3 -2004 وبهذا القرار تكون الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى قد وسعت من اختصاص المحاكم الإدارية ليس فقط في مجال المنازعات الانتخابية وإنما ما يفهم من قرارها ان الولاية العامة للبت في سائر المنازعات الانتخابية اصبحت للمحاكم الادارية الإ ما استثني منها بنص صريح .
كم اعطى المشرع عملا بمقتضيات المادة 296 من مدونة الانتخابات للمحاكم الابتدائية حق النظر في الطعون المتعلقة باللوائح الانتخابية الى جانب المحاكم الإدارية .
سواء فيما يتعلق بالقيد في اللوائح الانتخابية العامة، أو القيد في اللوائح الانتخابية للغرف المهنية ( وهي : غرف الفلاحة ، غرف التجارة والصناعة والخدمات ,وغرفة الصناعة التقليدية ، وغرف الصيد البحري ) تعتبر قابلة للطعن فيها امام المحكمة الإدارية المختصة ، وكذلك بالنسبة للنزاعات المتعلقة بإيداع الترشيحات لعضوية المجالس الجماعية ، او مجالس العمالات والأقاليم , أو مختلف الغرف المهنية المذكورة .
إلا ان المحاكم الإدارية التي تختص في البت في المنازعات اعلاه ، تقتصر على العمالات و الاقاليم التي توجد داخل دائرتها الترابية محكمة الإدارية ام التي لا توجد داخل دائرتها الترابية محكمة إدارية فإن المحكمة المختصة بنظر تلك الطعون هي المحكمة الابتدائية وذلك بصفة انتقالية ، الى ان تعمم المحاكم الإدارية على مختلف العمالات و الاقاليم .
وقد أثارت احكام المادة 296 من مدونة الانتخابات إشكال قانوني يتمحور حول المسلك الذي ينبغي ان تتخذه المحكمة الإدارية إدا ما قدمت امامها طعون في اللوائح الانتخابية . ورأت بأن الطاعنين كان عليهم ان يقدموا طعونهم امام المحاكم الابتدائية التابعة لدائرة نفود منطقتهم والتي لا توجد بها محكمة إدارية ؟
فهل يجوز ان تصرح بعدم اختصاصها تلقائيا ؟
بالرجوع إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية ,نص الفصل السادس عشر على "...يمكن الحكم بعدم الاختصاص النوعي تلقائيا من لدن محكمة الدرجة الأولى ".
كما اعتبرت المادة الثامنة عشر من قانون 90-41 المحدت بموجبه للمحاكم الإدارية أن "القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي من قبيل النظام العام وللأطراف أن يدفعوا بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل اجراءات الدعوى وعلى الجهة القضائية المعروضة عليها القضية أن تثيره تلقائيا ."
من الواضح إذن أن المحكمة الإدارية لا يمكنها ان تصرح بعدم اختصاصها تلقائيا إلا إذا تعلق الأمر باختصاص نوعي وفي هدا السياق أكدت المحكمة الإدارية بالرباط أن المقتضيات الانتقالية المنصوص عليها في المادة 296 من مدونة الانتخابات وإن كانت تمنح الاختصاص للبت في الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية ، والترشيحات للمحاكم الابتدائية ،وجعلت هدا الاستثناء لا يطبق بالنسبة للعمالات والأقاليم حيت يوجد مقر محكمة إدارية ، فإن دلك يفيد بأن المحاكم الابتدائية اصبحت تبت في تلك الطعون بصفة استثنائية وكأنها محاكم إدارية لما توخاه المشرع من مراعاة مصلحة المواطنين من حيت تقريب القضاء منهم ,الشيء الذي يتعين معه القول بأن الأمر يتعلق بقواعد الاختصاص المكاني لا النوعي وقد سارت إدارية وجدة في هدا الاتجاه "...حيت أنه لتوزيع الاختصاص بين المحاكم الابتدائية والمحاكم الإدارية نكون أمام اختصاص محلي...وأن الأطراف وحدهم اللدين يحق لهم إتارة هدا الدفع ..."وتبعا لدلك لا يجوز للمحكمة الإدارية أن تدفع بعدم الاختصاص تلقائيا، مالم يثره الأطراف لأن الأمر يتعلق باختصاص مكاني لا اختصاص نوعي.
خاتمة :
ان اختصاص المحاكم الادارية في المادة الانتخابية لم يحدد بالشكل الذي سينهي تداخل الاختصاص بين كل من المحاكم العادية والمحاكم الادارية على الرغم من تحديد لمجال تدخل هذه الاخيرة في القانون رقم 41.90 ، لكن خذا التحديد لم يزد الامر الا تعقيدا ، ليبقى القاضي هو صاحب الكلمة الفيصل في هذا الصدد.



لائحة المراجع :
كتب ومقالات :
• محمد الاعرج و محمد فحرى: الطعون الانتخابية بين احكام التشريع و قرار القضاء المغربي الطبعة الاولى لسنة 2007
• ذ .عبد الله حداد "تطبيقات الدعوى الادارية في القانون المغربي" ،منشورات عكاظ، سنة 2002
• ذ. محمد قصري رئيس المحكمة الادارية بالرباط "المنازعات الانتخابية ورقابة القضاء الاداري" الطبعة الاولى 2009
• نجاة خلدون " اختصاص المحاكم الادارية في مجال الطعون الانتخابية" اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام السنة الجامعية 2002-2001
• بوعزاوي بوجمعة : حول موضوع : "مراقبة صحة الإنتخابات التشريعية في المغرب" اطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام ، السنة الجامعية 1999 -2000
• ذ.محمد المحجوبي "حدود اختصاص القاضي الاداري في المنازعات الانتخابية " ،المنازعات الانتخابية و الجبائية من خلال اجتهادات المجلس الاعلى ،2007
النصوص القانونية :
• الظهير الشريف 1.91.225 الصادر في 22 من ربيع الاول 1414 (10 سبتمبر 1993) ،بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم ادارية منشور بالجريدة الرسمية عدد 4858 .
• الظهير الشريف رقم 1.97.83 الصادر في 23 من ذي القعدة 1417 ،(2 ابريل 1997) بتنفيذ القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات الجريدة الرسمية 4478

من إعداد الطلبة:
الياس باحسي
ماجدة لصفر
فدوة حيمي
هشام العربوب