من الأهمية بمكان أن تقوم الحركة الإسلامية بتثقيف الشعوب حول واقع الهيمنة الاقتصادية، فعندما نرى الشركات متعددة الجنسيات والبنوك والمكاتب الخاصة بمنظمات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، فيجب أن نراها على حقيقتها كمؤسسات استعمارية، وهذا النوع من الوعي يجب أن يستشري بين الناس وأن يترسخ في أذهاننا ووجداننا.


مؤخرًا دار نقاش بيني وبين أحد الأخوة حيث قال لي، “المشكلة هي أننا لا نراهم بهذا الشكل، فنحن لا نفكر بهم كمؤسسات استعمارية ونحن نراهم يجلبون فرص العمل والاستثمار، ونظن أن هذا كله مفيد لمجتمعاتنا، فكيف ترد على من يقول لك هذا؟”


حسنا، هذا سؤال مثير للاهتمام، لأنه يتطلب دحض فرضية ليس لها صلة بالواقع، فهذا الاعتقاد لا يستند على أي أدلة تجريبية أو سابقة تاريخية، فبدلا من أن أثبت أنه غير صحيح، أنا أتحدى أي شخص يعتقد أن هذا الأمر حقيقي أن يثبت هو صحته، فهذا الأمر ليس إلا قبول غير مشروط لخطاب العولمة وإيقاع البيع الذي ترقص عليه النيوليبرالية… هذا في النهاية أشبه بالعمى الإرادي تجاه واقع معكوس تماًما وواضح جدًا وقابل للقياس ونعيش فيه جميعًا.


في دولة تلو الأخرى، أدى رفع القيود والخصخصة إلى تقليص حجم العمالة في القطاع العام والخدمة المدنية، أما تحرير التجارة فقد أدى إلى انهيار الشركات الخاصة المحلية التي لا يمكنها أن تتنافس مع الشركات متعددة الجنسيات، مما تسبب في ارتفاع البطالة في كل من المناطق الحضرية والريفية، وأحدث هذا فجوة بين الأغنياء والفقراء ظلت تزيد بشكل كبير نتيجة للعولمة، بينما انخفضت الأجور لكي تحافظ على أيدي عاملة قادرة على المنافسة مع الدول الأخرى وجاذبة للشركات الأجنبية… أما إيرادات الشركات متعددة الجنسيات فهي تتدفق خارج البلاد مثل سيفون يقوم بمص المال من الاقتصاد الخاص.


هم متواجدون فقط لإخضاع الاقتصاد واستعباد السكان، هكذا بمنتهى البساطة! وهذا النوع من الوعي لابد من غرسه بين أبناء شعوبنا بعمق وعلى أوسع نطاق ممكن.