تتعرّض للعديد من المؤامرات من الداخل والخارج، ومع ذلك اقتصادها يقوى، تتحمّل تكاليف إعاشة نحو ثلاثة ملايين من السوريين المهجّرين من أوطانهم بسبب جرائم نظام الأسد، أنفقت أكثر من 10 مليارات دولار على معسكرات اللاجئين، ولم تشكُ عجزا في الموازنة العامة، تخوض حربا ضد المنظمات الإرهابية، ومنها حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش، ولا تزال تجذب سياحاً من كل أرجاء الأرض يقدّر عددهم بالملايين سنوياً.
تعرضت لعقوبات اقتصادية قاسية من روسيا عقب إسقاط الطائرة الروسية، ومع ذلك وجدنا أن موسكو تطلب ودها حالياً وتقرر تطبيع العلاقات السياحية معها، واستكمال مشروع "السيل" لنقل الغاز الروسي لأوروبا.
تواجه ظروفا إقليمية متردية، منها تداعيات الحروب المشتعلة في دول الجوار (العراق وسورية)، وانخفاض أسعار النفط عالمياً، وتراجع القوة الشرائية لدى الأسواق الألمانية والعراقية، المستهلك الرئيسي لمنتجاتها.
تأثرت كذلك بانكماش الأسواق الأوروبية التي تحصد النسبة الأكبر من صادراتها، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي سادت بها عقب انتخابات 7 يونيو/ حزيران الماضي، وما أعقبها من تراجع عملتها أمام الدولار إلى أدنى مستوياتها.
ورغم ذلك، لا يزال اقتصادها ينمو بمعدلات تفوق الاقتصاديات الكبرى، سواء في منطقة اليورو أو الولايات المتحدة أو دول أميركا اللاتينية واليابان.
في فترة اندلاع الثورات العربية، راهنت على الأسواق العربية لتكون منفذا لاستثماراتها وسلعها ومنتجاتها، وموقعا رئيسيا لشركات البناء والتشييد العملاقة المملوكة لها.


ومع صعود الثورات المضادة وتنامي الاضطرابات في دول المنطقة، تراجع نشاطها في مصر وليبيا وتونس واليمن والعراق. لم تيأس، بحثت عن أسواق بديلة لمنتجاتها واستثماراتها، وذهب رئيسها عدة مرات إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، باحثا عن فرص استثمارية وصفقات تجارية، وزار رئيس وزرائها إيران والصين ودولا أخرى لإبرام اتفاقات استثمارية واقتصادية.
دخلت في شراكات اقتصادية وتجارية مع إيران، ألدّ أعدائها والمنافس القوي لها على منطقة الشرق الأوسط، فرضت سلعها المتميّزة نفسها على أسواق الجمهوريات السوفييتية السابقة ودول البلقان، واستطاعت أن تجتذب إعجاب المستهلك الغربي بمنتجاتها ذات الجودة العالية والأسعار المناسبة.
إنها تركيا التي أظهرت بيانات رسمية، أمس، حدوث قفزة في معدل نمو اقتصادها ليصل إلى 5.7% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي 2015، كما نما بنسبة 4% في عام 2015 كله مدعوما، ليتجاوز توقعات المؤسسات المالية التي توقعت ألا يتجاوز المعدل 3.9%.
تجربة تركيا الاقتصادية فريدة، فقد استطاعت خلال سنوات أن تصبح واحدة من أعلى البلدان جذباً للاستثمارات الخارجية، ومن أسرع البلدان نموا في المؤشرات الاقتصادية، والسبب تمتعها بحالة من الاستقرار السياسي الحقيقي على مدى الثلاثة عشر عاما الماضية، كما أن لدى حكومتها أهدافا واضحة، حكومة تعرف كيف تخطط لأن يكون اقتصادها ضمن أقوى اقتصاديات 20 دولة حول العالم، بل وضمن خامس أكبر اقتصاديات في العالم خلال سنوات قليلة.