قياس جودة الخدمات

تزداد الحاجة يوما" بعد يوم للخدمات التي تقدمها المؤسسات المالية ، وغير المالية ، فقد نذهب يوماً لأحد المصارف أو ألادارات الخدمية ، للحصول على خدمة معينة ونخرج بانطباع رائع عن تلك الخدمات التي يقدمها المصرف ، أو تلك الادارة ، وقد يحدث العكس تماماً. إن هذا الانطباع الذي نخرج به يعكس مدى ما توليه الادارة لمعايير الجودة . وفي هذا السياق .سنتحدث عن النظريات العلمية التي استخدمت لقياس جودة الخدمات المصرفية ، علماً بأن هذه النظريات قابلة للتطبيق في كل المجالات الخدمية ، والصناعية ، سواء التي يتعامل مع العميل بشكل مباشر،أو غير مباشر ، وسنشير إلى المعايير العلمية المستخدمة في تطبيق معايير الجودة ، سعياً إلى تغذية فكر المستهلك أو العميل والتي بلا شك ستنعكس على ثقافته و سلوكه كمستهلك أو منتج للخدمة . مما يضطر هذه الجهات إلى مواصلة سعيها نحو تطوير خدماتها وفق رغبات وإحتياجات بل وتوقعات العميل ، بقي أن نقول أن الجودة ليست مفهوماً عقلياً فحسب بل عاطفي أيضاً ، والاستعانة بها لتحسين الأداء يعني: *عملاء أكثر رضى * موظفون أكثر رضى * مبيعات وأرباح وحصة أكبر في السوق * استمرارية على المدى البعيد.
وإليكم في البداية المعايير العالمية لقياس الجودة فهي كما يلي :

1- القيادة 2- التخطيط الاستراتيجي 3- الزبائن والسوق4 - المعلومات والتحليل5- تنمية الموارد البشرية وإدارتها 6- ظمان جودة المنتجات والخدمات 7-نتائج الشركة .

ونظراً لإن القيادة هي المحرك الاساسي لجميع العناصر الاخرى ، فأنني سأتناولها بشي من الايجاز ..
إن القيادة هي المعيار الأهم في جميع النظريات التي تستهدف تطبيق الجودة ونحن بذلك نستند إلى حقيقة هامة ، ومفادها أن الجودة تبدأ بالقيادة .لذا توجب علينا أن نشير هنا إلى بعض الصفات التي يجب أن يتمتع بها القادة.

القيادة القوية إحدى مزايا المنشآت الناجحة ،التي يتمتع قادتها بأفكار عظيمة ورؤى واضحة لقيادة منشآتهم لتتبوأ مركزاً مرموقاً من خلال التوجيه وتطوير نظام قيادة فعال والمحافظة عليه مع عدم إغفال الجانب الإنساني للجودة حيث أن بلوغ الجودة لا يتم إلا بالمزج بين احترام العمل ومراعاة مشاعر المستخدمين ، إن القادة الجيدين هم الذين يملكون الإحساس بالمرح ويملكون روح الدعابة ، ويعرفون متى وكيف يستخدمونها كما أن مرءوسيك يعتبرونك قدوة لهم ولسلوكك وأخلاقك تأثير يفوق تأثير الإرشادات التي تقدمها أو النظام الذي تفرضه عليهم ، في ضوء ذلك يمكن القول بأن تحقيق النجاح والرضا يعتمد أساسا على تطوير السلوك ليصبح قائما" على المبادئ والأخلاق .

وعودا" على ذي بدأ ، نقول إن الحديث عن الجودة وكيفية تطبيقها أصبح مطلبا"لجميع الجهات سواء الخدمية أو الصناعية …الخ ،وهنا قد يتساءل بعض القراء هل الجودة مطلب يفرضه السلوك المتغير للعميل ؟ تأتي الإجابة في دراسة أجريت في الولايات المتحدة تقول:
لقد بات المستهلكون أكثر اهتماماً بالجودة . إذ تبين أن نسبة من يبحثون عن الجودة قد ارتفعت من 30-40 في عام 1979م إلى 80-90 في سنة 1988م ولهذا بات على رجال الأعمال أن يحسبوا لها حسابا" وأن يدخلوها في مقاييسهم .

ينظر الباحثون في جودة الخدمات المصرفية من وجهة نظر داخلية وأخري خارجية ، تقوم وجهة النظر الداخلية على أساس الالتزام بالمواصفات التي تكون الخدمة المصرفية صممت على أساسها، أما وجهة النظر الخارجية فتركز على جودة الخدمة المصرفية المدركة من قبل العميل . وتعبر وجهة النظر الداخلية عن موقف الإدارة ، فيما تعبر وجهة النظر الخارجية عن موقف العملاء واتجاهاتهم إزاء ما يقدم لهم من خدمات.

وبتطبيق مفهوم التسويق المصرفي الحديث ، نميل إلى تبني وجهة النظر الثانية التي ترى أن مفهوم جودة الخدمة المصرفية يكمن في إدراك العملاء ، ومن هنا نجد التباين بين ما يراه العملاء على أنه مصدر رضاهم وبين ما تراه إدارة المصرف على أنه مصدر ذلك الرضا .

إن الخدمات المصرفية - تقليدية كانت أم نمطيه - لا تختلف من مصرف إلى آخر من حيث الطبيعة الإجرائية (حت مواقع الانترنت تدخل ضمن هذا المفهوم ) وقد تلغي النمطية إمكانيات التميز في الخدمة الذي يعتبر من متطلبات التنافس ، من هذا المنطلق برز مفهوم جودة الخدمة كمجال من مجالات التمييز النسبي ، وظهرت في هذا السياق مفاهيم مثل خدمة العملاء ، سرعة إنجاز الخدمة ، الخصوصية ، السرية و الأسلوب الذي تؤدي به الخدمة…الخ كمجالات للتمييز في تقديم الخدمات المصرفية .

أدت هذه البحوث إلى تحديد خمسة مستويات لجودة الخدمة المصرفية ، وهي
(1) الجودة المتوقعة من قبل العملاء وتتمثل في الجودة التي يرى العملاء وجوب وجودها ,
(2) الجودة التي ترى إدارة المؤسسة الخدمية أنها مناسبة .
(3) الجودة القياسية المحددة بالمواصفات النوعية للخدمة .
(4) الجودة الفعلية التي تؤدى بها الخدمة .
(5) الجودة المروجة للعملاء .

وبتبني مفهوم التسويق الحديث الذي يقول إن المؤسسة الخدمية هي التي تكون موجهة بالعملاء ، فأننا ندعم مفهوم جودة الخدمة كما يدركها العملاء وذلك للأسباب التالية :
(1) قد لا يكون للمؤسسة الخدمية معرفة بالمعايير الهامة المحددة لاختيار العملاء أو نوايا الشراء لديهم أو حتى الأهمية النسبية التي يولونها لكل معيار من هذه المعايير ، فنتائج الدراسات تشير إلى أن المؤسسات المالية تولي موضوع الخصوصية والسرية اهتماماً قليلاً ، في الوقت الذي يوليهما العملاء اهتماماً كبيراً.

(2) ربما تخطيء المؤسسة الخدمية في تقديرها للكيفية التي يدرك بها العملاء أداء خدمات تتنافس فيها المؤسسة مع مؤسسات أخرى .

(3) قد لا تعترف المؤسسة الخدمية بحقيقة أن حاجات العملاء قد تتطور استجابة للتطور في الخدمات المقدمة لهم .

تقودنا هذه المناقشة إلى بعض الاستنتاجات التالية :

1- صعوبة تقييم جودة الخدمة المصرفية .
2- إن مفهوم جودة الخدمة المصرفية ذو أبعاد متعددة وبالتالي فهو مفهوم مركب ويخضع للتفاوت الادراكي .
3- إن تقييم العملاء لجودة الخدمة المصرفية لا يتم فقط على أساس معايير ترتبط بمضمون الخدمة نفسها بل يمتد إلى الأسلوب الذي تؤدي به الخدمة .

من هنا برزت بعض النظريات العلمية لقياس جودة الخدمات المصرفية والتي تعتمد مدخلين رئيسين هما:

1- المدخل الإتجاهي :

يرتكز هذا المدخل على أساس أن جودة الخدمة تمثل مفهوماً إتجاهيا"يتصل بالرضا ولكنه ليس مرادفا" له ، كما أنه يرتبط بادراك العميل للأداء الفعلي للخدمة المقدمة ، فبالرغم من أن الباحثين يعترفون ضمنيا" بأهمية إدراك العملاء لجودة الخدمة ، إلا أنهم يرون أن لكل من جودة الخدمة ورضا العميل مفهوماً يختلف عن الآخر . والتفسير الشائع لهذا الاختلاف يتمثل في أن جودة الخدمة كما يقيمها ويدركها العملاء هي شكل من أشكال الاتجاه الذي يعتمد علي عملية تقييم تراكمية بعيدة المدى ، أما الرضا فأنه يمثل حالة نفسية عابرة وسريعة الزوال . ويرى باحثون آخرون أن العملاء يشكلون اتجاهاتهم إزاء الخدمة على أساس خبراتهم السابقة، ولهذا فأن هذا الاتجاه يتكيف طبقا" لمستوى الرضا الذي حققه من خلال تعامله مع المؤسسة الخدمية .وقد أكدت نتائج عدد من الدراسات كفاءة استخدام الأداء الفعلي للخدمة المدركة من قبل العملاء كمقياس لجودة الخدمة .

1- مدخل نظرية الفجوة :

يقوم هذا المدخل على أساس أن الفرق بين توقعات العملاء بشأن الخدمة وبين إدراكا تهم الفعلية لها يحدد مستوى جودة الخدمة ، وعليه فأن مستوى جودة الخدمة يتحدد بالفرق بين الخدمة المتوقعة والخدمة المدركة ( الأداء الفعلي ) بمعنى آخر أن جودة الخدمة تعني مسايرة توقعات العملاء والارتقاء إليها بشكل مستمر . وقد أوضحت إحدى الدراسات الشاملة أن جودة الخدمة المدركة تتحرك على مدى يتراوح بين الجودة المثلى إلى الجودة المقبولة. وبناء عليه فأن جودة الخدمة تقاس على النحو التالي :

1- إذا كانت الجودة المتوقعة أكبر من الخدمة المدركة ( الأداء الفعلي )فأن جودة الخدمة تكون أقل من مرضية .

2- إذا كانت الجودة المتوقعة مساوية لجودة الخدمة المدركة فأنها تكون مرضية .
3- إذا كانت الجودة المتوقعة أقل من الجودة المدركة ، فأن جودة الخدمة تكون أكثر
من مرضية وتتجه نحو الجودة المثالية على المدى المحدد.

وختاماً فأنني أهيب بالعاملين في هذا المجال أو غيره من المجالات الخدمية التجارية وغير التجارية أن يقوموا بتفعيل دور العميل من خلال الاستقصاء عن رأيه في نوعية الخدمات المقدمة واقتراحاته بشأن تطويرها وصولاً إلى المستوى الذي يلبي حاجات ورغبات العملاء والمؤسسة المالية على السواء ،

المراجع الأجنبية :
1- Quality Action 2- Baldrige Award Criteria 3- Bolton And Drew.
4- Cronin And Taylor 5- Payne 6- Parasuramann Zeithaml And Berry.7- Lewis And Booms.
المراجع العربية :
1- أصول التسويق المصرفي الحديث
2- إستراتيجيات التسويق في المصارف والمؤسسات المالية