الاسلام الحضاري علاج لأمة عقيمة
January 13, 2005 االاسلام الحضاري علاج لأمة عقيمة مترجم

ضمن الجهود لانتاج مجتمع مدني، فان الحاجة لتنمية العقيدة على مستوى الأسرة يجب أن يكون لها اعتبار عند كل طبقات المجتمع. فان المجتمع المدني يمثل وحدة يمكن أن نجد فيها مصدر الايمان بالله سبحانه وحب النبي (صلى الله عليه وسلم).

فان مفهوم الاسلام الحضاري الذي تقدمه الحكومة اليوم سيكون أكثر نجاحا اذا تم بناء مجتمع متحضّر أولا. فتنمية العقيدة ومجتمع متحضر عاملان مهمان قادران على استعادة رفعة الحضارة الاسلامية في وقتها الحالي بعد مدة طويلة من الانحطاط وشبه الانقراض.

ومن خلال المجتمع المدني فان القيم الاسلامية الصحيحة ستكون ظاهرة بوضوح لأن الشخص الذي ينتمي لمجتمع مدني سيمتنع عن ارتكاب الجريمة وجميع انواع التخريب لأنهم يؤمنون بأن كل جريمة أو سوء يرتكب سيعاقب عليه من الله سبحانه، وأنهم سيلقى بهم في نار جهنم في الآخرى. وهذا الايمان ينتج اسلوب حياة مليء بالسلام والازدهار.

فان الاسلام الحضاري سيتحرك بفعالية أكبر في حياة مجتمع يتمتع بالسلام والازدهار. وان ادماج الاسلام الحضاري في المجتمع يمثل وسيلة تسبب استيعاب حضارة للاسلام ذاته.

فان الاسلام دين منزل من الله سبحانه للنبي محمد (ص) معززا بتابعيه باستخدام اساليب وطرق شتى لنشر الايمان. وبتمحيص انتشار الاسلام ، نجد ان بعض التابعين يفضلون نشر الاسلام من خلال التصوّف، والتبليغ وطرق أخرى. ومع ذلك، فان الدعوة والتربية هي الطرق الأكثر تفضيلا بين المجتمعات المسلمة اليوم.

وقد تغيرت الخريطة السياسية للقوى الغربية، خاصة امريكا، بحدّة تجاه العالم الاسلامي بعد 11 أيلول 2001. فوجّهت كل انواع الاتهامات ضد العالم المسلم من قبل الغرب، مما أدّى الى خلق الرهبة في ما يخص الاسلام بين شعوب الأديان الأخرى. فاتّهم الاسلام بتأييد الارهاب والتطرّف والأصولية، واتهامات سلبية أخرى كثيرة. وبسبب كل هذه الاتهامات فان المسلمين في كل انحاء العالم فزعوا في حالة من الاحباط.

ان للكاتب الرأي المخلص أن مفهوم الاسلام الحضاري يمكن أن يغيّر نظرة الدول الغربية للاسلام والعالم المسلم اذا ما طبّق بنجاح بجميع أنحاء العالم المسلم. وان التأكيد على تحصيل العلم الذي يشمل العلوم والتكنولوجيا وكذلك تحصيل المستوى العالي من الرشد الفكري مؤكد عليه في الاسلام الحضاري، وهذا مطبّق دون تجاهل العوامل الأكثر جوهرية كالايمان والتقوى تجاه الله سبحانه والمواظبة على إطاعة جميع أوامره والامتناع عن ما هو منهي عنه.

ومن خلال استعادة جميع الظواهر الموجودة في الحضارة المتطورة بتطبيق الاسلام الحضاري، فانه من غير المستحيل انتاج قوى خارقة تتكون من الدول المسلمة. واذا ما تحقق ذلك بنجاح، فان العالم الاسلامي سيسيطر على اقتصاد العالم. وهو الأمر ذاته بالنسبة للنواحي العسكرية، ويمكننا النجاح في تقليص القوى التي يمتلكها اليهود في العالم اليوم.

ومع ذلك فان الحقيقة التي لا يمكن انكارها هي أن العالم الغربي طالما استفاد من الميّزات المتأصلة في الاسلام الحضاري، والذي سبب استفاقة الغرب من عهدهم المظلم لدرجة أنهم أصبحوا الآن قوى عظمى ونجحوا في السيطرة على العالم من خلال نفوذهم العظيم.

ان القمع والقسوة والتعذيب الذي يلحق بالمسلمين ناتج عن فشل المجتمع والدولة المسلمة في رفع ذاتها لتصبح بمستوى العالم الغربي من حيث الميول والعلم والتطور المادي والاجتماعي. فان فشل الدولة المسلمة هو بالضبط السبب في انحطاط الحضارة الاسلامية، والذي يسبب الآن وقوع المجتمع والعالم الاسلامي في دائرة فاسدة من الحزن والذعر.

ولتحرير المجتمع والدولة المسلمة من هذه الدائرة الفاسدة يجب اتخاذ خطوات جذرية. ولا يمكن للتغيير ان يتم الا اذا طبّقنا مفهوم الاسلام الحضاري بدقة لفائدة الأمة جمعاء في هذه الألفيّة. فالاسلام الحضاري مفهوم كامل متكامل، ويمكنه استعادة مجد الحضارة الاسلامية إذ أن فكرة الحضارة النامية تنتمي حقيقة للمجتمع وللعالم المسلم.

وبالنسبة للمحيط الماليزي، فان الاسلام الحضاري تسبب في جدل مطوّل من حيث السياسة الاجتماعية وهذا أصبح تحدٍ يجب تخطيه في الجهود لتطبيق برنامجها. فان مصطلح "حضاري" بالنسبة لأحد الأحزاب السياسية في ماليزيا يعتبر بدعة لأنهم يعتقدون أن مصطلح "حضاري" يجب أن لا يرتبط بالاسلام وهذا مناقض لتعاليم الاسلام التي أتى النبي محمد (ص).

وبغض النظر عن أي جدال ناتج، فعلينا أن ندرك أن مفهوم الاسلام الحضاري يمكن أن ينعش أساسات حضارة فنيت منذ زمن، وأنه يمكن توسيعه مع التطور في هذه الدولة دون الإضطرار إلى انكار قيمة الوجود الديني في الاسلام، وهو الخاصيّة المركزية في تأسيس الاسلام الحضاري.

ان المسلمين اليوم متشوقون لانبعاث دولة اسلامية متفوقة من حيث الاقتصاد والقوة العسكرية وسياسيا كذلك. ومع ولادة دولة اسلامية قادرة على منافسة القوى العظمى في الغرب، فان الرغبة في مشاهدة مصير الاسلام وكرامته، والذي طالما هزئ به الغرب ونال من مكانته، ستسترجع مرّة أخرى. فان احساس العقم والفراغ سينتهي اذا استطعنا التقيّد بتعاليم الاسلام الصحيحة مثل تلك التي مارسها نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم.

والاسلام الحضاري هو المضاد الأكثر فعالية للعقم الذي تعاني منه الأمّة في هذا الزمن. لذلك، نأمل أن يعود تألّق الحضارات السابقة يوما ما ليلمع في جميع أنحاء العالم، مثل مجد الاسلام في زمن الخلفاء الراشدين والخلافة الأموية والعباسيّة، وبالتالي انبعاث صلاح الدين أيوبي ثانٍ في هذا القرن ليحمل ويرفع علم الاسلام المجيد.