الإصلاح الإداري مهمة وطنية جليلة ومقدسة لا تحتمل التأجيل في سورية الجديدة
عبد الرحمن تيشوري / عضو مجلس الخبراء العام في وزارة التنمية الادارية

الحديث عن الإدارة وشؤونها، هام وخطير هام: لأن الإدارة الكفؤة هي التي تساعد على حسن استثمار ما نملك من موارد بشرية وثقافية وطبيعية ومالية وفنية وتقنية. . وخطير: لأن ضعف الإدارة يؤدي إلى نتائج سلبية مهما كان حجم الموارد.. وهو حديث متشعب.. ولكن (أي باحث سوري) لا يتاح له الوقت الكافي لإبداء كل ما لديه. لذا، فقد اخترنا الأسلوب المختصر للعرض.. تاركين للقارئ استخلاص الآراء والاستنتاجات التي يراها، سواء بما تحرضه أفكارنا لديه من استنتاجات بالتداعي أو بالمفهوم المخالف كما يقول الحقوقيون، أو بتدقيق الواقع والظروف المختلفة التي يعايشها.. وأن يسعى بعد ذلك لتغيير الواقع و الظروف نحو الأفضل.. مهما كان موقعه ومستواه في سلم الهرم الإداري للمجتمع أو للمؤسسة التي يعمل فيها، فالإدارة اختصاص الجميع، وتطويرها مهمة الجميع أيضاً.. نشكر موقع الفينيكس وسيريان دايز وسيريان تلغراف والحوار المتمدن لنشرهذه المادة.. وأن المحاضرة القيمة، التي شملت جوانب مختلفة من المسألة الإدارية، وحرضت لدينا عدداً من الأفكار ندفعها ، ثم نسعى لعرض الأسباب التي تجعل المهمة لا تحتمل التأجيل.. 1) كنا نرجح مصطلح التنمية الإدارية، لأن المسألة ليست ظرفية مؤقتة، وإنما هي مستمرة، كما أنها شاملة، لكل مجالات الإدارة ووظائفها.. في حين يوحي الإصلاح بأن هنالك خللاً ما، في مرحلة ما، في جانب أو عدة جوانب، يجب تلافيها وحسب.. كأن نقرر: تحديث الأدوات الإدارية، أو التطهير الإداري ضد الفساد، أو القيام بتجربة الإدارة بالأهداف، أو عقد دورات تدريبية للعاملين في المستويات العليا.. بينما يجب أن يكون التطوير مستمراً لمواجهة التحديات والمستجدات، الموضوعية والظرفية، المحلية والدولية، التي لا تتوقف ولا يمكن أن توقف، ويجب أن نكون على استعداد دائم لها والتكيف معها.. ولأن التنمية الإدارية من جهة ثانية، تتداخل أيضاً مع سائر مجالات التنمية الشاملة، ويجب أن ترافقها، بل وأن تسبقها في الزمن، (كان عنوان محاضرتي بتاريخ 13/4/2005 في ندوة الثلاثاء الاقتصادية الثانية للتنمية الإدارية.. أولاً) لتؤمن لها إدارة كفؤة، تستطيع معها تحقيق أهدافها واستثمار مشاريعها وتدبير أنشطتها كافة، على أحسن وجه.. فهي شرط أساسي لقيام التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما ذهب د. أبو سكة.. بل هي (أم التمنيات الأخرى)، كما قلنا في محاضرة بعنوان: التنمية الإدارية وسيلة أساسية لبناء الدولة العصرية، في المركز الثقافي في طرطوس 2011 و2012 و2013 و2014 و2015 و2016 2) على أننا ننوه بالشق الثاني الإيجابي من عنوان المحاضرة، إذ هي فعلاً مهمة لا تحتمل التأجيل ويدعو الملتقى للتساؤل: لماذا لا تحتمل التنمية الإدارية الانتظار؟.. وسنحاول الإجابة عليه لاحقاً.. 3) نرى إضافة محور رابع، إلى المحاور الثلاثة للتطوير التي أوردها المحاضر (الأطر البشرية والتنظيمات البنيوية أدوات العمل) وهو القوانين والأنظمة والبلاغات وتعليمات العمل، العامة في المجتمع، أو الخاصة بالمؤسسة، التي تحكم النشاط الإداري وغيره.. فهي ذات تأثير كبير، إيجابي أو سلبي .. 4) إن التنمية هي فعلاً أ‘مال إرادية، تشتق من الفعل المتعدي نمى.. وليس من الفعل أنمى، لأن الاسم المشتق من هذا الفعل هو إنماء.. 5) أورد د.عيد تعريفاً بالإدارة، وما قيل عنها لدى بعض مفكريها.. ونحن نوجز مفهوم دور الإدارة في أربعة أركان: استخدام الإمكانات المتنوعة المتاحة لها لتحقيق أهدافها وواجباتها على أحسن وجه.. 6) في طبيعة الإدارة كما ذكر المحاضر جانبان: العلم والفن، ونحن نرى ضرورة تلازمها للنجاح في النشاط الإداري وغيره، بحيث تتوازن التصرفات وتتكامل بتوفر النظرية والتطبيق لدى الإداريين.. كما نعتبر الفن في الإدارة أكبر أثراً وأخطر منه في غيرها من الاختصاصات الأخرى.. 7) إن علم الإدارة ونظرياتها وأدواتها، متطورة ومتجددة باستمرار، حسب الظروف والمتغيرات البشرية والموضوعية، المكانية والزمانية.. المحلية والخارجية.. فلا مجال للتقليد الحرفي والاستنساخ والانسياق مع النظريات والآراء و(الموضة) التي تظهر من حين لآخر.. وإذ يجب أن نتمعن فيما يجري في العالم، علينا التمعن أيضاً في واقعنا، واعتماد ما يلازمنا، على مقاسنا، فالإدارة مهنة محلية. 8) تحت عنوان: إعادة الهيكلة آخر موضة في الإدارة بعد نظرية الإدارة بالأهداف.. تساءل د. أبو سكة عن إمكانية تطبيقها على كل المؤسسات والقطاعات، ونفضل البدء بالإدارة العليا، مع مراعاة الفقرة(7).