في مكالمة هاتفية جماعية على مستوى عالمي، يرغب كل شخص في إيصال وجهة نظره إلى الآخرين. فكيف يمكنك مقاطعة الآخرين أثناء الحديث دون أن تكون فظا؟
في كثير من الأوقات، يمكن أن تُعد المكالمات الهاتفية الجماعية غير عملية، فهناك شخص ما قد يفشل في كتم صوت تدفق المياه بجانبه إذا كان في المرحاض، وهناك أشخاص متأخرين عن الموعد وينضمون في منتصف المكالمة، ويطرحون أسئلة أجيب عنها سابقا.
وهناك أيضا أشخاص انقطع اتصالهم، فيتردد صوت الصفير الذي لا مفر منه وهم يعاودون الاتصال.
لكن لعل الجزء الأصعب في أي مكالمة جماعية هو كيفية النجاح في إيصال وجهة نظرك. فليس هناك لغة جسد تساعدك في إعطاء إشارة للتعبير عن رغبتك في التحدث في لحظة ما، ولا أي من مزايا التحدث وجها لوجه مع الآخرين.
ومع العدد الكبير من الأصوات التي تسعى لأن تقتنص الفرصة للتحدث، تصبح مقاطعة الآخرين هي القاعدة. فكيف يمكنك مقاطعة من يتحدث دون أن تكون فظا؟
التعبير عن رأيك
يقول سيلفين باريت، وهو كندي فرنسي يعمل في إدارة الأصول في فرانكفورت في ألمانيا، إنه يختار أسلوبه حسب الثقافة السائدة، ويضيف أنه لا مفر من المقاطعة في المكالمات الهاتفية، ويؤكد: "عليك فقط أن تقاطع لتتحدث".
ومع ذلك، فقد طور باريت مهاراته في ذلك الأمر على مر السنين. فعلى سبيل المثال، يجد باريت أن مقاطعة الفرنسيين أسهل مقارنة بالألمان، لأن لدى الفرنسيين "قدر معين من الفوضى أثناء المكالمة على أي حال"، حسب قوله.
ويضيف: "مع الفرنسيين، يتحدث الجميع في نفس الوقت. ومن الطبيعي بالنسبة لنا أن نقاطع بعضنا البعض. أما بالنسبة للألمان، فعليك انتظار الفعل في نهاية الجملة. وتعد مقاطعة ألماني يتحدث أمراغاية في الفظاظة، وخاصة لدى التحدث باللغة الألمانية. وفي نهاية المطاف، ما يهم هو أن تكون مهذبا".


يمكنك جس النبض أولا لإيجاد الطريقة المناسبة للمقاطعة أثناء الحديث، وخاصة إذا كنت تتحدث مع أناس من ثقافات مختلفة
ويقول ريتشي فريمان، مؤلف كتاب "الرد على الجميع... طرق أخرى لشحن حياتك المهنية"، إن عليك أولا أن تضمن أن لديك سببا وجيها للمقاطعة. وقد يشمل ذلك دفع الناس لاتخاذ قرار ما، أو تلخيص الخطوات المقبلة، أو تأجيل بعض موضوعات النقاش إلى المكالمات المستقبلية.
ويكون ذلك من خلال جس النبض لإيجاد الطريقة المناسبة للمقاطعة أثناء الحديث، وخاصة إذا كان ذلك مع أناس من ثقافات مختلفة، ومستويات مختلفة في السلم الوظيفي.
ويمكنك الاستماع أولا لطريقة المقاطعة التي يتبعها الناس الذين ينتمون إلى ثقافة مختلفة. كما يمكنك أن تطلب نصيحة الناس الذين لديهم خبرة في تلك الثقافة بشكل خاص.
لا تسبب إحراجا
بمجرد مقاطعتك للحديث، يكون المنبر لك، لذا لا تكن ضعيفا، بحسب قول فريمان. ويضيف: "من الأفضل أن تكون متأكدا من أنك ستأتي بشيء جوهري، وليس لكي تقول مثلا 'نعم، أتفق مع فلان'. فإذا كانت المقاطعة مفيدة، سيصل هدفها للآخرين على نحو أفضل".
لكن ليس من السهل أن تجعل مقاطعتك مفيدة، وخاصة إذا كنت لا تكترث لما يقوله شخص آخر على الهاتف تظن أنه يفكر بصوت عال، أو يكرر نقطة ما، أو يتيح للجميع فرصة للتعرف على منصبه القيادي، أو ذكائه الخارق.
ويقول فريمان: "أكره أن يقول شخص ما 'دعونا ننهي هذا الموضوع'، فهذا يقلل من مكانة الشخص المتحدث". فإذا كنت تريد أن تلمح إلى أن مساهمة شخص ما لم تكن قيمة، فإن صورتك ستبدو سيئة في الغالب أمام الجميع.


يقول فريمان إنه يمكنك أن تقاطع شخصا ما من خلال قولك: "كانت تلك نقطة جيدة حقا، ويمكننا أن نتحدث فيها في المرة القادمة لأن الوقت داهمنا".
ولتفادي ذلك، يمكنك أن تقاطع بلطف، وتنتقل إلى شكر المتحدث على المشاركة، وتتجنب الحديث عن الفكرة التي طرحها إذا كنت ترى أنها لن تحقق تقدما كبيرا في النقاش.
وبعدها، كما يقول فريمان، يمكنك أن تغير مجرى النقاش بسرعة لكي لا تتيح الفرصة لشخص مستهتر للعودة إلى نقطة كانت قد حُسمت بالفعل، كأن تقول: "كانت تلك نقطة جيدة حقا، ويمكننا أن نتحدث فيها في المرة القادمة لأن الوقت داهمنا، أو ما إلى ذلك".
كن واضحا ومختصرا
قادت كاترينا بارتا، خبيرة التصميم الإبداعي لبرنامج "مساحات للمبدعين" الذي تديره شركة "بي إيه إس إف" الألمانية العملاقة في فروعها المنتشرة في العالم، مشروعا العام الماضي تضمن التخطيط لجولة تشمل ست محطات رئيسية حول العالم.
وتقول بارتا إنها أمضت وقتا كبيرا خلال المشروع في الحديث في مكالمات هاتفية تضم العديد من موظفي الشركة في أنحاء مختلفة من العالم.
وتقول إن مقاطعة الآخرين كانت جزءا أساسيا في المكالمات الرئيسية التي اشتركت فيها، وإن ما جعل الأمر أسهل بالنسبة لها هو أن فريق العمل معها استغل الوقت مبكرا لتحديد الأدوار والمسؤوليات قبل إجراء المكالمات.
وعندما كانت المكالمات ذات طابع استكشافي في بداية المشروع، اتخذت بارتا نهجا أكثر انفتاحا. ولكن عندما اقتربت المواعيد النهائية للمشروع، كانت أكثر استعدادا لمقاطعة الآخرين حتى تسير الأمور بوتيرة أسرع.
وتوضح بارتا قائلة إنها في كثير من الأحيان كانت تقاطع المتحدثين إذا شعرت أنها استمعت إلى ما يكفي من المناقشات لصالح أو ضد نقطة معينة ينبغي البت فيها.


مقاطعة الآخرين أثناء مكالمة هاتفية أكثر صعوبة من مقاطعتهم خلال الحديث وجها لوجه
وتقول: "أحيانا تحتاج فعلا للتدخل والمقاطعة. وتلك هي الطريقة الوحيدة لتنظيم المكالمة والعودة إلى جدول الأعمال".
وقالت بارتا إنه الأمر كان أكثر صعوبة بالنسبة لها أن تقاطع أحدا أثناء مكالمة هاتفية بالمقارنة مع المحادثة وجها لوجه، لأنها لا تستطيع رفع يدها مثلا، أو استخدام إشارات لغة الجسد.
وتضيف: "في المكالمات الهاتفية، عليك أن تكون أكثر انتهازية مقارنة بالاجتماعات وجها لوجه".
ويقول فريمان إن أفضل وقت لتكون حازما هو في تلك اللحظات عندما يتحدث الجميع في وقت واحد، أو يضحكون، أو عندما يكون هناك صمت مفاجئ، فلا يعيبك أن تحاول قول شيء عندما يسود الصمت.
ويضيف فريمان أنه لا يجب أن تكون كل مقاطعة على نفس الشاكلة، فلا ينبغي أن تقول "عذرا، ولكن.." مرات كثيرة، فهذا أمر يمكن أن يكون مرهقا، أو يجعلك تبدو غير واثق من نفسك. لذا، عليك أن تبحث عن عبارات أخرى.
وبإمكانك دائما أن تحاول تخفيف حدة المقاطعة من خلال التنويه إلى أنك تود المقاطعة، وليكن ذلك بطريقة ودية إذا خرج الناس عن إطار الموضوع أو أطالوا الحديث.
وتقول بارتا:"يمكنني التنويه إلى المقاطعة إذا شعرت أن النقطة المطروحة يمكن مناقشتها في وقت لاحق، وعندها أقاطع المتحدث وأقول: 'تلك القضية المهمة آتية في وقت لاحق، فهل يمكننا مناقشتها في المرة القادمة؟"
وتضيف بارتا: "من خلال ذلك التنويه، يشعر الناس أنهم أكثر اطمئنانا في المحادثة".