أزمة المواصلات في القاهرة يمكن أن تُحل قبل أن انتهى من قهوتى
(ملك الاتوبسيات ابو رجيله).


عبد اللطيف ابو رجيله رجل الاعمال المصرى الذى ارتبط اسمه بالعصر الدهبي لأوتوبيسات النقل العام فى القاهره
كان أبو رجيلة يعتبر نفسه تلميذاً في مدرسة طلعت حرب وكان يؤمن بأن النجاح، كهدف، ينبغي أن يسبق جمع الثروة، لدى أي رجل أعمال، وأن المال يجب أن يجري في مشروعات طول الوقت، ولا يتكدس في البنوك لحظة واحدة
رحله الملايين تبدأ ٣٤ جينه


اشترى أبو رجيلة آلة كاتبة ومكتباً وطوابع بريد، وعيّن موظفاً ليعاونه بمرتبٍ لا يزيد عن خمسة جنيهات في الشهر، وانطلق في مشروعه الجديد
رحله الملايين من صعود الى الهبوط حتى اصبحت على الحديده


كانت ثروة أبو رجيلة كلها في موانيء إيطاليا ممثلة في كميات كبيرة من البضائع، وضاع كل شيء في غارات الحرب العالمية الثانية التي طالت بالدمار الأغلب الأعم من الأراضي الإيطالية. أصبح وفق تعبيره الساخر "على الحديدة"، لكنه لم يعرف اليأس، وعاود الصعود إلى القمة.


عاش أبو رجيلة في إيطاليا سنواتٍ طويلة قبل ثورة يوليو 1952،عاد إلى مصر للمرة الأولى عام 1949 قبيل نهاية عام 1949، بعد انقطاع تجاوز 12 عاماً. اشترى قطعة أرضٍ في وسط القاهرة، تبلغ مساحتها ستة آلاف متر تحيط بها شوارع سليمان ومعروف وشمبليون وعبد الحميد سعيد، كما اشترى مزرعةً تبلغ مساحتها 400 فدان حدائق في منطقة عين شمس، لكنه عاد إلى إيطاليا من جديد في نهاية عام 1952
بدايه العصر الذهبى


بعد شهورٍ قليلة من ثورة يوليو استدعاه عبد اللطيف البغدادي، وزير الشؤون البلدية عام 1954، وطلب منه أن يتولى أتوبيس القاهرة، فوصل المرفق على يديه إلى مستوى غير مسبوق من النمو، والنظام، والنظافة، والكفاءة في الأداء، بعد عامين من بدء العمل، كان لدى خطوط القاهرة أكثر من 400 سيارة أتوبيس تقدم خدمات راقية وبكفاءة، وفق مواعيد منضبطة- ولم يكن الزمن الفاصل بين كل سيارتين في الخطوط المزدحمة يتجاوز ثلاث دقائق- ينفذها سائقون ومحصلون ومُدرَبون.


وكان هناك تفتيشٌ صارم يحول دون الاستهانة بالراكب والإساءة إليه وإهدار وقته، وجراجات حديثة لإيواء السيارات وصيانتها في ورشات متطورة
بنى أبو رجيلة أكبر جراجين في مدينة القاهرة، أولهما عند مدخل القبة على مساحة 13 فداناً، وثانيهما بالقرب من نفق الجيزة، فضلاً عن جراج ثالثٍ كان مِلكاً لشركة أمنيبوس العمومية بشارع إسطبلات الطرق في حي بولاق، اشتراه أبو رجيلة لينضم إلى شركته العملاقة وكان أبو رجيلة يتخفى ويركب الأتوبيس مرة كل شهر، ليرى كيف يتعامل موظفو شركته مع الركاب، واحتد ذات مرةٍ على سائق تجاوز محطة من المحطات المقرر له أن يقف فيها
ولهذا الرجل مواقف وطنيه


-عندما طلبت منه وزارة الحربية تمويل صفقات الأسلحة التي كان الحظر مفروضاً عليها بعد الحرب، بادر بالاستجابة. وعندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي عام 1956، بادر إلى وضع حافلات شركته تحت تصرف القوات المسلحة وتكفل بمسؤولية تموينها ودفع أجور سائقيها .


-كتب إقراراً قدمه إلى الحكومة المصرية، جاء فيه: "بما أنني سبق أن تقدمت إلى السلطات المختصة في إيطاليا بطلب تحويل إيراداتي إلى مصر ولكن هذه السلطات رفضت هذا الطلب بحجة أنني لم أقم باستيراد باقي المبالغ المطلوبة لي من وزارة الحربية والناشئة عن العقود التي أبرمتها معها بشأن استيراد أسلحة من إيطاليا والتي كنت مُموِلاً فيها "وبما أنني قد أعدت السعي للموافقة على إجراء هذا التحويل في صورة بضائع أقوم بتصديرها إلى مصر وقد قمت فعلاً باستيراد ماكينات لأعمال الطرق في حدود مبلغ خمسة وثلاثين ألف جنيه في عام 1955.


وما زلت أسعى لإتمام هذا التحويل في صورة بضائع على نطاق أوسع وقدمت بذلك طلباً إلى السلطات الإيطالية والمصرية لاستيراد بضائع في حدود مئة ألف جنيه بدون مقابل "وبما أنني سبق أن أثبتُ في إقرارات الضريبة على الإيراد العام إيراداتي في الخارج "وإظهاراً لتعاوني الكامل فإني أقرر بموجب هذا أنني على استعداد لتحويل جميع إيراداتي في إيطاليا إلى مصر. وإذا لم ينجح مسعاي في ذلك فإني سأطلب من السلطات المصرية معاونتي لدى السلطات الإيطالية للحصول على هذا التحويل.


ولكن أن كل ذلك لم يشفع له في شيء، حين عصفت به قرارات التأميم، في مطلع الستينيات، فانتقل للإقامة في روما عاد إلى مصر في منتصف السبعينيات، وعاش بقية عمره حزيناً على إهدار تجربته .