على الرغم من الخسائر التي سجلها رجل الأعمال النيجيري “أليكو دانجوت” ــ 59 عاماً ــ العام الماضي فإنه لا يزال أغنى رجل في “أفريقيا” بثروة تقدر بـ 17.7 مليار دولار، وهو رجل عصامي اقتحم عالم الأعمال بعد إنهاء دراسته في الأزهر الشريف بالاستثمار في الخامات كالسكر والأسمنت والطحين.


ورصد موقع “فوول ” أهم الدروس المستفادة من قصة كفاح الملياردير الأفريقي الذي تعادل ثروته حوالي 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي النيجيري.

وبالمقارنة فإن أغنى رجل في التاريخ الأمريكي وهو رجل الصناعة “جون روكفيلر” لم تتجاوز نسبة ثروته 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في عام 1937، وحتى يتمكن أحد رجال الأعمال الأمريكيين من بلوغ نسبة الـ 2.9% التي حققها “دانجوت” فيجب أن تصل ثروته لـ 500 مليار دولار.


1- الاستثمار فيما يعرف المرء


استوعب “دانجوت” أقدم دروس المال والأعمال وهو تركيز الاستثمارات على المجالات التي يعرفها المرء، فقد وٌلد في عام 1957 لأسرة ثرية مسلمة تعمل بالتجارة، وكان جده أحد أغنى التجار في ولاية “كانو” شمال نيجيريا حيث كان يبيع بعض السلع.


قرر “دانجوت” عدم الاعتماد على أسرته وتكوين نشاطه الخاص لكنه كان قريباً من نفس مجال استثمارات العائلة، وفور إنهاء دراسته بجامعة الأزهر في “مصر” اقترض من عمه 3000 دولار، وكان حينها في الواحد والعشرين من عمره، واستخدم الأموال في استيراد الأرز والسكر والأسمنت من تجار الجملة في الخارج ثم بيعها محلياً بعائد مجز.


ولأنه يفهم معطيات وتحديات هذا السوق بفضل تربية جده فقد حقق نجاحاً باهراً وسريعاً، وبحلول عام 1990 أصبحت مجموعة “دانجوت” أحد أكبر الشركات التجارية في نيجيريا.


2ـ شركة تصنع قيمة


ظل نشاط الشركة قاصراً على الاستيراد والتجارة لمدة 20 عاماً، وكانت تحقق نجاحاً كبيراً طوال تلك الفترة، لكن مع نهاية التسعينيات شهدت السياسة التصنيعية في نيجيريا تحولاً درامياً مع تعهد الرئيس “أولوسيجون أوباسانجو” (حكم البلاد من عام 1999 وحتى 2007) بحماية الصناعة المحلية.


وفي تلك الفترة كانت البلاد تعتمد على الاستيراد لتوفير السلع الأساسية، وكان هناك فجوة كبيرة بين نشاط قطاع التصنيع والاحتياجات المتنامية للسكان الذين تزداد أعدادهم بسرعة وكثافة.





فاستغل “دانجوت” تلك الفرصة بالتحول من التجارة إلى التصنيع، فأنشأ مصانع لإنتاج الطحين والمعكرونة والسكر، ولم يواجه مشكلة في التسويق لمنتجاته إذ كان يحظى بالفعل بشبكة توزيع ضخمة كونها على مدار سنوات نشاطه التجاري، وتسيطر شركته حالياً على سوق السكر النيجيري وتعد المرود الرئيسي لشركات المشروبات والحلويات بالدولة الإفريقية.


3- قوة العلامة التجارية


يعد الجانب التسويقي من أهم عوامل نجاح أي نشاط، وتعتبر العلامة التجارية من أهم مكونات العملية التسويقية، وفي هذا الإطار يقول “دانجوت” “حتى تنجح في قطاع الأعمال فإنك تحتاج لبناء علامة تجارية ولا تفسدها أبداً”.


ومن أفضل الوسائل لبناء علامة قوية هو تقديم منتجات بأفضل جودة وأقل الأسعار، وهي سر نجاح أي علامة سواء في إفريقيا أو في أي مكان آخر في العالم، واختار “دانجوت” علامة تجارية باسمه والتي أصبحت من أبرز العلامات التجارية وأكثرها تقديراً واحتراماً في القارة الإفريقية.


4- التركيز على مواضع الاستثمار


يحتاج بناء علامة قوية والحفاظ عليها إلى استثمارات طائلة، وبرع “دانجوت” في زيادة رأسمال مجموعته من خلال مجموعة من صفقات الاستحواذ الناجحة والتي مكنته من تقديم منتجاته بأسعار أقل من منافسيه، ويحاول العديد من رؤساء الشركات دخول هذا المجال لكن القليل فقط من ينجحون فيه على غرار المستثمر الأمريكي المعروف “وارين بافيت” ــ ثالث أغنى رجل في العالم ــ و”جيف بيزوس” ــ مؤسس “أمازون” للتسويق الإلكتروني.




في عام 2000 استحوذت مجموعة “دانجوت” على شركة أسمنت تابعة للحكومة النيجيرية، وفي 2003 توسعت في حجم نشاطها بشراء أكبر مصانع الأسمنت في الصحراء الإفريقية مقابل نحو 800 مليون دولار، ولتوفير قيمة الصفقة اقترض “دانجوت” 479 مليون دولار وأضاف إليها 319 مليون دولار من أمواله الخاصة، والآن تقدر قيمة شركة “دانجوت للأسمنت” بـ 14 مليار دولار مما يجعلها أكبر الشركات المتداولة بالبورصة النيجيرية، حيث تمثل 25% من إجمالي رأس المال السوقي للبورصة.


وتعد سياسة إعادة الاستثمار في شركات “دانجوت” سياسة أصيلة ومستمرة للمجموعة، وقامت شركة “دانجوت” للسكر بصفقات توسعية مشابهة حتى أصبحت ثاني أكبر مصنع لتكرير السكر في العالم، وتوسعت شبكتها التوزيعية من 600 شاحنة في نهاية التسعينيات إلى أكثر من 1500 شاحنة حالياً.


5- تنويع الاستثمارات


تتركز أنشطة مجموعة “دانجوت” على قطاعات السكر والأسمنت والطحين، لكنها تحرص على تنويع استثماراتها والدخول في مجالات أخرى مثل العقارات والاتصالات والصلب والنفط والغاز، وبفضل هذا التنوع قفزت قيمة العائدات السنوية للمجموعة لـ 3 مليارات دولار، وساعدت في خلق عديد من فرص العمل على مستوى القارة السمراء.