كشف الدكتور حسن عبدالعزيز رئيس الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء عن افلاس 1989 شركة مقاولات خلال عام 2016 بسبب قانون القيمة المضافة وقرارات الحكومة برفع اسعار المواد البترولية وتعويم الجنيه.
وحذر «عبدالعزيز» فى حوار مع «الوفد» من تصاعد موجات الافلاس فى العام الجارى داخل القطاع ما لم يتم اقرار قانون لتعويض شركات المقاولات. وقال إنه تم اعداد قانون بذلك ستتم مناقشته فى مجلس النواب خلال أيام.
وأكد «عبدالعزيز» أن الحكومة دعت لإعداد مشروع قانون للعقد المتوازن بما يضمن التعويض للمقاول فى حال زيادة الاسعار أو إخلال الطرف الاخر بالتزاماته التعاقدية كما يتيح تخفيض التكلفة فى حال انخفاض الأسعار، مشيرا إلى أن الصيغة التعاقدية المعمول بها حالياً بأنها عقود إذعان كلها ضد المقاول معتبراً أن البيئة القانونية لعمل شركات التشييد متخلفة وهو امر لا يمكن تقبله.
ورأى «عبدالعزيز» أن شركات المقاولات المصرية هى الأولى بتنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة لأنها قادرة ومؤهلة لهذا الأمر، إضافة الى أنها تضمن التكلفة الأقل معتبراً أن انسحاب الشركة الصينية من تنفيذ الحى السكنى يؤكد أحقية الشركات المصرية فى تنفيذ مشاريع العاصمة الادارية الجديدة.
واعتبر «عبدالعزيز» أن قناة السويس الجديدة ومشروعات القوات المسلحة وشبكة الطرق القومية هى التى ساعدت شركات المقاولات فى ظل الظروف الصعبة التى كانت تواجهها، معتبراً أنه لولا هذه المشاريع لغرقت معظم شركات المقاولات.
وذكر «عبدالعزيز» أن قطاع المقاولات يترقب استقرار العراق وليبيا تحديداً لأن هذين السوقين تحديداً يفضلان الشركات المصرية عن سواها.
وأشار «عبدالعزيز» الى أنه تم توقيع بروتوكول مع اتحاد المقاولين المغربى لإعداد كونسورتيوم يضم شركات مصرية ومغربية لاقتحام أسواق القارة الأفريقية التى وصفها بأنها واعدة ومغرية ومضمونة، لأن مصدر تمويلها هو جهات التمويل الدولية التى تنفذ مشروعات تنموية وحضارية هناك..وفيما يلى نص الحوار
< كيف يُمكن قراءة الوضع الحالى لقطاع التشييد والبناء وما هى تداعيات تعويم الجنيه على قطاع التشييد؟
<< الوضع بلا شك صعب للغاية. ويُمكن القول إن قرار تعويم الجنيه وما صاحبه من ارتفاع كبير فى أسعار الدولار وما نتج عنه بعد ذلك من آثار تضخمية كبيرة أدى إلى مشكلات عديدة. لقد تكبدت شركات المقاولات والتشييد خسائر فادحة، وكثير من الشركات توقفت تماما عن العمل، والمؤسف فى الأمر أن بعض المقاولين غيروا أنشطتهم لأن هذا النشاط صار غير مربح ، والدليل أن أرباح أى كافيتريا الآن تزيد علي أرباح أى شركة من شركات المقاولات.
< وماذا فعلتم لمواجهة تلك الخسائر؟
<< فى ظل هذه الظروف طالبنا بسن قانون مؤقت لتعويض المقاول الذى واجه ظروفا قاهرة فى العام الماضى بدءاً من التعويم وارتفاع التكلفة وقانون القيمة المضافة على أن يكون التعويض على فروق الأسعار فقط لأن ما تحملناه يفوق طاقاتنا وعدم إقرار التعويض فى مجلس النواب قريبا سيؤدى الى دخول شركات المقاولات فى موجة إفلاس كبيرة قد تقضى على القطاع تماما.
< كم شركة أفلست أو خرجت من السوق فى عام 2016؟
<< تحديداً 1989 شركة أفلست أو خرجت من السوق أو غيرت النشاط فلدى قائمة طويلة جدا من هذه الشركات لدرجة أننا فى الاتحاد وضعناها فى كتيب يضم 64 صفحة.
هذه الشركات أغلقت أبوابها ويمكن أن يزداد هذا العدد الى أضعاف إن لم تتخذ إجراءات معالجة سريعة لمواجهة هذا الأمر.
< إلى أى مدى يُعد قطاع المقاولات المصرى قادراً على تنفيذ مشاريع العاصمة الادارية الجديدة خصوصاً بعد انسحاب الشركة الصينية من تنفيذ الحى السكنى؟
<< نحن قادرون على تنفيذ كل مشاريع العاصمة الإدارية ليس هذا فحسب بل نحن الأقدر لتنفيذ كل المشاريع المطروحة فى مصر، لأننا قطاع المقاولات الوحيد فى المنطقة العربية والأفريقية الذى يقوم بتنفيذ كل ما يطرح من مشاريع فى بلده فلا تنقصنا الخبرة ولا الكفاءة ولا حتى المعدات.
ويمكن القول إن مشروع قناة السويس كان الاستثناء الوحيد لأن مدة التنفيذ التى طلبتها القيادة السياسية كانت مضغوطة للغاية، وهو الأمر الذى يتطلب دخول شركات أجنبية نفذت نحو 70 % من عملية التكريك.
وفى مشروع العاصمة الإدارية ومن البداية فقد نبهنا الي أن الشركة الصينية ستنسحب لأنها كانت تأمل فى الحصول على التمويل من السوق المحلى قبل أن نتفاجأ أن أسعار الشركة الصينية منفوخة للغاية بتكلفة 1650 دولارا للمتر قبل أن تخفضها الى 1200 دولار بضغط من الحكومة رغم أن تكلفة الشركات المصرية تبلغ نحو 900 دولار للمتر المسطح.
< ما هى تأثيرات قانون القيمة المضافة على المقاولين؟
<< القيمة المضافة رفعت العبء على شركات التشييد من 2.9 الى 5% وهو ما أدى إلى تآكل أرباح شركات المقاولات بشكل مباشر إضافة الى تأثيرات مالية أخرى تبدو بشكل غير مباشر تتمثل فى تكلفة القيمة المضافة على صناعة المدخلات كالخرسانة المسلحة، وهو ما يعنى أن قطاع المقاولات تأثر مرتين بالقيمة المضافة واحدة بشكل مباشر وأخرى بشكل غير مباشر بتحمله تكلفة القيمة المضافة على صناعة الحديد والاسمنت وغيرها باعتبارها مدخلات تحملت ما عليها من القيمة المضافة.
< وماذا عن تأثيرات ارتفاع اسعار المواد البترولية؟
<< بالنسبة لارتفاع أسعار المواد البترولية فقد رفع تكلفة المشاريع على شركات المقاولات بنسبة تبلغ نحو 15 % سواء على مستوى تكلفة النقل أو تشغيل المعدات. واعتقد أن رفع سعر المواد البترولية كانت له تأثيرات صعبة للغاية على صناعة التشييد بشكل عام، لأن هذه المواد تدخل فى عملية نقل المواد الانشائية أو تشغيل الآلات وهو ما يعنى أنه أدى الى رفع التكاليف التشغيلية بصورة مركبة.
< هل تعتقد أن القوانين التى تعمل فى ظلها شركات المقاولات تراعى الحقوق وقادرة على استيعاب المتغيرات الجديدة؟
<< بيئتنا التشريعية مازالت متخلفة وتعطل بل تقتل شركات المقاولات والتشييد، ومازالت العقود التى نوقعها لتنفيذ المشاريع هى بمثابة عقود إذعان تراعى الطرف الآخر على حسابنا ولذلك طالبنا بإقرار قانون للعقد المتوازن على غرار ما يحدث فى كل دول العالم بحيث يتم ضمان التعويض ضد إخلال الطرف الآخر أو فى حال حدوث قوة قاهرة.
< ما هى قيمة التعويضات المنتظرة فى حال إقرار مثل هذا القانون؟
<< أى حديث عن الأرقام المتوقعة غير صحيح كما أن أى حديث عن نسبة تعويض ثابتة يبدو أمراً غير دقيق أيضاً، لأن التعويض سيكون مرنا للغاية حيث سيتم التحديد بنسبة تأثر المقاول من فروق الأسعار وبدء هذا التأثر على اعتبار أن القانون سيغطى فترة طويلة نسبيا تبدأ من مارس 2016 وهى الفترة التى بدأ فيها تخفيض قيمة الجنيه حتى الوصول الى قرار التعويم فى نوفمبر 2016 وما لحقه من تبعات مالية كبيرة على شركات التشييد والبناء.
< هل هناك توجهات لديكم لحماية المقاول من هذه المتغيرات كارتفاع الاسعار أو اتخاذ قرارات على غرار تعويم الجنيه؟
<< نجحنا فى اقناع الحكومة بتشكيل لجنة تضم وزراء الاسكان والمالية والشئون القانونية اضافة الى رئيس اتحاد المقاولين لإعداد قانون مرن يراعى مثل هذه التغيرات يسمى «العقد المتوازن» يحق الحقوق من خلال تعويض المقاول متى زادت الاسعار او اخل الطرف الآخر بالتزاماته تجاه المقاول، كما أنه يحفظ حصة المقاول متى انخفضت الأسعار مثلا، وأعتقد أن مشروع القانون سيصل مجلس النواب خلال ثلاثة أشهر من الآن حيث ننظر لهذا العقد بأنه ملاذنا لمواجهة أي ظروف قاهرة ويجب أن تعى الحكومة أننا تحملنا فوق طاقتنا ولا نستطيع تحمل أية أعباء جديدة.
< كان لديكم مشكلة مع التأمينات فيما يخص التأمين على العمالة غير المنتظمة ما هى آخر تطورات هذا الأمر؟
<< قانون العمل الحالى مجحف بحقنا وغير عادل كما أنه يؤدى لتطفيش المستثمر المصرى قبل الأجنبى لأن مادة التأمين على العمال الموسمية ليست عادلة، وقد طعنا على هذه المادة لدى المحكمة الدستورية لإسقاطها دستوريا وأعتقد أنه سيتم حسم الأمر قريباً.
< هل البنوك تدعمكم وتقدم لكم ما تحتاجون من تمويل تسهيلات بنكية؟
<< للأسف لا، ففى الوقت الراهن نجد البنوك تتهرب منا ولا ترغب فى تمويلنا لأننا نواجه ظروفا صعبة، وهو عكس ما كان يحدث فى السابق حيث كانت البنوك تتسابق علي تقديم الائتمان للاستفادة من رواج المشروعات وانتعاش قطاع المقاولات.
< إلى أى مدى ساهمت مشروعات القوات المسلحة فى إنعاش قطاع المقاولات علي مستوى البنية التحتية؟
<< مشاريع القوات المسلحة هى التى ألقت لنا بطوق النجاة لشركات المقاولات، فمشاريع الشبكة القومية للطرق اضافة لمشروع قناة السويس الجديدة هى التى ساهمت فى تشغيلنا خلال الظروف الصعبة التى مررنا بها. وأريد أن أؤكد أن كافة الشركات المدنية استفادت بشكل مباشر من تلك المشروعات.
< هل تم طى ملف مديونيات قطاع التشييد على الحكومة؟
<< ملف المديونية على الحكومة أقفل فى عهد المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء السابق حيث تم سداد الدفعة الأخيرة بقيمة 2.4 مليار جنيه، لكن مازال لدينا فى رقبة الحكومة ومجلس النواب تعويضات نطالب بها.
< هل أثرت أحداث المنطقة غير المستقرة على أعمالكم؟
<< ننتظر بفارغ الصبر استقرار الأوضاع فى العراق وليبيا لأن هذين السوقين تحديداً يفضلان الشركات المصرية عن غيرها لكن السودان يبدو سوقا صعبا بعض الشىء.
< وماذا عن أسواق القارة الإفريقية؟
<< السوق الإفريقى سواق واعد بالنسبة لشركات المقاولات المصرية ولدينا فرص حقيقية للتعاقد على تنفيذ مشاريع طرق وحضارية فى كثير من الأسواق الإفريقية. وهناك تحالفات تضم شركات مصرية للتنافس على تنفيذ مشاريع طرق فى موريتانيا وبنين بالتحالف مع أطراف لشركات محلية هناك.
< وهل هناك خطوات أخرى لاقتحام السوق الإفريقية؟
<< عقدنا بروتوكول تعاون مع اتحاد المقاولين المغربى لصياغة كونسورتيوم مصرى مغربى لدخول السوق الأفريقى وسيعقد اجتماع لمزيد من التنسيق فى شهر مايو المقبل.
< وكيف نُقيّم الدور الذى يلعبه قطاع التشييد والبناء فى التنمية الاقتصادية؟
<< نحن قاطرة الاقتصاد المصرى وأى تباطؤ يواجهنا يعنى أن عدد العاطلين سيرتفع وستعلو نسب البطالة وهو ما قد ينعكس بشكل مباشر على مستوى الجريمة فى المجتمع.
اتحاد المقاولين فى سطور
برزت فكرة تأسيس الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء فى أواخر السبعينيات من القرن الماضى، عندما شارك المهندس محمد محمود على حسن احتفالا فى لندن بدعوة من شركة دوجلاس للمقاولات بمناسبة مرور 75 عاماً على إنشاء اتحاد المقاولون المدنيون فى المملكة المتحدة.
وفى ظل عدم وجود كيان يرعى صناعة المقاولات ويحميها من الدخلاء والممارسات الضارة كان من الضرورى تشكيل لجنة تحضيرية من الخبراء والمتخصصين «قانونية - فنية - إدارية» بمهمة بحث ودراسة النظم المختلفة المتبعة بالدول العريقة التى سبقتنا فى إنشاء الاتحادات أو المنظمات التى ترعى مصالح المقاولين، وتعمل على الارتقاء بمهنة وصناعة التشييد والبناء وذلك لاستخلاص أهم القواعد التى تتناسب مع مهنة وصناعة المقاولات المصرية لوضع أسس الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء.
وفى عام 1982 تكونت الهيئة التأسيسية المنوط بها إعداد وتجهيز مقترح بمشروع قانون لإنشاء الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، حيث تقدم المهندس محمد محمود على حسن، والمهندس محمد حسن درة، والمهندس طلعت مصطفى أعضاء مجلس الشعب فى حينه ممثلين عن الهيئة التأسيسية بالاقتراح بمشروع القانون لمجلس الشعب حيث تم عرضه ومناقشته من خلال العديد من الاجتماعات بلجنة الإسكان بمجلس الشعب حتى أعلن الدكتور عاطف صدقى رئيس مجلس الوزراء موافقة الحكومة على الاقتراح المقدم بمشروع قانون إنشاء الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء فى الجلسة رقم (89) لسنة 1992.
كما تمت الموافقة النهائية عليه بمجلس الشعب بالجلسة رقم (105) لسنة 1992 بإنشاء الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء ونشر بالجريدة الرسمية بالعدد (31) فى 30 يوليو 1992... وبدأت المسيرة.