هل شاهدت يومًا برنامجًا يستضيف ضيفين من الاقتصاديين؟ من المؤكد أنك لاحظت الإختلاف الشديد في وجهات النظر بينهما. السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو:
لماذا يختلف الاقتصاديون؟ يمكنني أن أجيبك إجابة بسيطة؛ لأن الاقتصاد عبارة عن مدارس مختلفة، لكل منها وجهة نظر فيما يخص القضايا


الاقتصادية، مما يجعل اتفاق العلماء الذين ينتمون إلى مدارس مختلفة أمرا بالغ الصعوبة.


في ثاني مقال من سلسلتنا هذه نقترح عليكم كتابًا يُعد من الأفضل في مجاله حيث يتميز بالبساطة والدقة إضافة إلى حجمه الصغير الذي يجعله يسيرا في الفهم بالنسبة للذين بدأوا للتو قراءاتهم في كتب الاقتصاد، فإذا كنت قد أكملت قراءة الكتاب الأول في هذه السلسلة و تتساءل عن الخطوة القادمة، فنحن نشجعك على قراءة هذا الكتاب الرائع.


دليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر الاقتصادي
المؤلف: د.حـازم البـبــلاوي


السيرة الذاتية للمؤلف


اقتصادي ومفكر وكاتب مصري.


حصل على بكالريوس الحقوق مع مرتبة الشرف من جامعة القاهرة عام 1957، ودبلومات للدراسات العليا في الاقتصاد السياسي والقانون العام من جامعة القاهرة، ودبلوم الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية من جامعة جرينوبل في فرنسا، ثم على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة باريس في ديسمبر 1964، درس كذلك في جامعة كامبريدج بإنجلترا في العام الدراسي 1962- 1963 .


كما عمل أستاذًا في الاقتصاد عام 1976 بحامعة الإسكندرية، و قام بالتدريس في العديد من الجامعات الأخرى؛ كالجامعة الأمريكية في القاهرة، وجامعة السوربون، ولوس انجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، أعير للعمل بجامعة الكويت ثم مستشارًا لوزير المالية في الكويت، ومستشارًا لصندوق النقد العربي، ثم وزيرًا للمالية، بعد ثورة يناير عُين رئيسًا للوزراء في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور.
نال العديد من الجوائز والأوسمة، منها جائزة الاقتصاد لمؤسسة التقدم العلمي في الكويت على مستوى الوطن العربي في 1983.
نشر عددًا من المؤلفات باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية، وكتب في مجال النقود والتجارة الدولية والنظرية الاقتصادية.


نبذة مختصرة عن الكتاب:


المقدمة: ويتحدث فيها عن نشأة علم الاقتصاد وأهميته، وفهم تاريخ الفكر الاقتصادي وتطوره .


الفصل الأول: الفكر الاقتصادي في الحضارات القديمة وفي العصور الوسطى:


يتناول فيه الفكر الاقتصادي في الحضارات القديمة وكيف أنه ظل مختلطًا بالفكر الديني والفلسفي والأخلاقي حتى بداية العصر الحديث, ويستعرض حضارات اليونان وروما وإسهاماتهم في بدايات الفكر الاقتصادي، وأبرز المفكرين كأفلاطون وأرسطو وما قدموه، ثم ينتقل إلى العصور الوسطى مبرزًا أفكار “توماس الاكوينى – Thomas Aquinas” وكيف أنها ارتبطت بشكل أساسي بالعدل والأخلاق المسيحية، ويختم الفصل بإسهامات المسلمين في الفكر الاقتصادي كابن خلدون.


الفصل الثاني: الفكر الاقتصادي السابق على التقليديين.


يستعرض فيه بدايات الاهتمام بالفكر الاقتصادي بالتزامن مع نشأة الدولة الحديثة وظهور مدرسة التجاريين (تمثلت أفكار هذه المدرسة في البحث عن وسائل تعزيز قوة الدولة من خلال زيادة ثروتها من الذهب؛ مثل: استغلال المناجم في المستعمرات، ووضع قيودًا على التجارة الخارجية لمنع تسربه للخارج)، تناول أيضًا ظهور بذور التفكير العلمي والبحث عن قوانين الطبيعة وأهم المفكرين الذين استخدموا فكرة القانون الطبيعي بشكل أو بآخر، مثل: وليم بيتي – William Petty، ثم ناقش أفكار “الطبيعيون الفرنسيون – الفيزيوقراط ” وما توصلوا إليه من قوانين ونظريات كالناتج الصافي والجدول الاقتصادي، بالإضافة إلى تقييم أفكار التجاريين والطبيعيين .


الفصل الثالث: المدرسة التقليدية


ويستعرض فيه ما قدمته إنجلترا ومدرستها التقليدية ومفكريها وما توصلوا إليه من نظرية اقتصادية متجانسة؛ حيث تميز فكر هذه المدرسة بمحاولة تحليل المبادئ التي تحكم النظام الرأسمالي بشكل علمي ودقيق، كما اهتموا بكيفية خلق الثروة في الاتجاه نحو الحرية الاقتصادية. واستعرض أفكار أهم روادها مثل آدم سميث وريكاردو ومالتس جون ستيوارت ميل. .


الفصل الرابع: معارضة النظام الرأسمالي.


يتناول فيه الأفكار التي بدأت تظهر وتشكك في الرأسمالية التقليدية ومن مهدوا لنشأة الفكر الماركسي كـ سان سيمون – Saint-Simon” والتعاونيون وأفكار المشاركة وروبرت أوين – Robert Owen ودعوته لإلغاء الربح وشارل فورييه – Charles Fourier ومدينته الفاضلة “الفلانستير”، وأطلق كارل ماركس – Karl Marx على هذه المجموعة اسم ” الاشتراكيين الخياليين “؛ حيث إنهم كانوا ينادون بالتغيير عن طريق إقناع أصحاب الأراضي الشاسعة بالتخلي عنها برضاهم لتكون ملكية جماعية ولم ينادوا باستخدام القوة، ثم يستعرض الماركسية ابتداءً بكارل ماركس والفلسفة الماركسية وأفكارها الاقتصادية ونظرية القيمة وتركز رأس المال والفقر العام والأزمات الاقتصادية.


الفصل الخامس: التحليل الحدي والنظرية التقليدية الجديدة (نيوكلاسيك).


يستعرض فيه النظرية التقليدية الجديدة والنظرة الموضوعية (تأخذ في اعتبارها العوامل البيئية وظروف الإنتاج والعوامل الاجتماعية التي تتجاوز حدود الفرد) والنظرة الشخصية (تركز على الاعتبارات الشخصية والسمات المميزة للفرد) وفكرة التحليل الحدي وما يمثله من ثورة في الفكر الاقتصادي، ثم يعرض مساهمات المدرسة النمساوية في الاقتصاد بقيادة كارل منجر – Carl Menger، ثم المدرسة الرياضية وما أدخلت على الفكر الاقتصادي من شرح للعلاقات الاقتصادية بزعامة كورنو – Augustin Cournot وإدخاله فكرة منحنى الطلب، وليون فالراس ومشاركته في اكتشاف المنفعة الحدية وتوصله إلى نظام التوازن الشامل الذي استخدمه باريتو من بعده، ثم المدرسة السويدية بزعامة فيكسل – John.G.Wicksellالتي اهتمت بالمشاكل النقدية، ويختم بالمدرسة النيوكلاسيكية بقيادة ألفريد مارشال – Alfred Marshall وإعادة لصياغة الأفكار الاقتصادية وإدخال فكرة المرونة.


الفصل السادس: كينز والاقتصاد الكينزي.


يتناول فيه السيرة الذاتية لجون ماينارد كينز – John Maynard Keynes ونظريته الاقتصادية في كتابه الشهير “النظرية العامة للتوظف وسعر الفائدة والنقود” الصادر عام 1936, وتناول سمات التحليل الكينزي وانتقاد قانون “ساي” للعرض والطلب (أحد أهم قوانين المدرسة التقليدية والذي يركز على فكرة التوازن التلقائي؛ بمعنى أن العرض الإجمالي يخلق الطلب المساوي له، فإنتاج السلع والخدمات المختلفة يؤدي لدخول نقدية تُنفق على شراء السلع والخدمات) والعديد من الأفكار الأخرى الواردة في كتابه، ومناداته بضرورة تدخل الدولة لإعادة التوزان للسوق وحل مشكلة البطالة والأسعار، وهي أهم المشكلات التي واجهتها الدول الصناعية إبان فترة الكساد العظيم.


الفصل السابع : الاتجاهات المعاصرة للفكر الاقتصادي.


تعدُد وتداخل الاتجاهات للفكر المعاصر يصعب حصرها، ويبدأ الكاتب الفصل بـ(النقديون) في مقدمتهم ميلتون فريدمان – Milton Friedman وإحيائه للنظرية النقدية وللأفكار المتعلقة بالحرية الاقتصادية ومعارضة التدخل المبالغ فيه من طرف الحكومات في النشاط الاقتصادي، ثم المدرسة المؤسسية التي بدأت من ألمانيا وازدهرت في أمريكا وحصول اتباعها على جائزة نوبل ويستعرض الكاتب سيرة “ثوريستين فيبلن وجون كينيث جالبرايث – John Kenneth Galbraith “، ويختم الفصل والكتاب بالليبرالية الجديدة (النيوليبرالية) مستعرضًا جذورها التاريخية وبعض روادها بدءًا بـ فريدريش فون هايك – Friedrich Hayek وسعيه لنشر الفكر الليبرالي مقابل الشمولية، ويختم الكتاب بنظرية الاختيار العام واعتبارات المصلحة الخاصة والعامة.


و بهذا نكون قد أكملنا هذا التقييم البسيط، و نضرب معكم موعدًا في المقال الثالث والكتاب القادم من هذه السلسلة.
و لا تنسوا أن تستمتعوا بالتعلم

بقلم: شيماء سليمان