يلعب سلوك الفرد دورا هاما في التأثير على أداء وسلوك المنظمة ( المؤسسة) ككل، فسلوك الفرد يعتبر الحجر الأساسي الذي يبنى عليه سلوك المؤسسة، فالتصرفات والأنشطة التي يقوم بها الفرد في المؤسسة، وانتظامه في العمل، واتصاله بالآخرين.
ولقد عرف السلوك بأكثر من تعريف، ويقصد به بوجه عام أنه عبارة عن الاستجابات الحركية والغددية، أي الاستجابات الصادرة عن عضلات الكائن الحي، أو عن الغدد الموجودة في جسمه. ، فحسب هذا التعريف فالسلوك الإنساني يعبر عن مختلف حركات الإنسان الظاهرية، وكذا مختلف الأنشطة الباطنية مثل التفكير والإدراك وغيرها.
وكما أن المفاهيم والمعلومات المكتسبة خلال حياة الفرد تؤثر إيجابيا أو سلبيا، فيما اكتسبه الفرد وما يوجد فيه غريزيا أو فطريا.
وكان " برنارد " من أوائل الكتاب الذين أظهروا أهمية وقابلية الفرد للتغيير في مكان العمل فهو يقول مثلا، إن أحد العناصر الرئيسية للتنظيم هي رغبة الأفراد للإسهام بجهودهم الفردية في النظام التعاوني، ويضيف أن الفرد هو دائما العمل الاستراتيجي الأساسي في التنظيم بصرف النظر عن تاريخه والتزاماته، يجب أن يحث على التعاون، وألا لن يكون هناك تعاون مستمر.


كما أن سلوك الفرد يرتبط بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية:
- العوامل الداخلية، أو القوى الداخلية للسلوك:
هي تلك التي تتمثل في العوامل الشخصية، إذ تؤثر العوامل البيولوجية على خصائص شخصية الفرد من خلال مؤثرين:
بدءا من تأثير العامل الو راثي على خصائص الفرد، أما المؤثر الداخلي الثاني فيتمثل في تأثير بعض العوامل الجسمانية الفسيولوجية بدءا من عامل الذكاء، وتأثير المشاعر بدورها على الشخصية.
- العوامل الخارجية:
وهذا النوع من العوامل يشمل مجموعتين، إحداهما تمثل العلاقات المباشرة التي يوجد داخلها الفرد في الأسرة، أو المؤسسة، وعلاقاته مع مستويات الإدارة في المؤسسة.
أما النوع الثاني فيتمثل في العوامل الثقافية على كل من شخصية الفرد، والديناميكية والتفاعل الاجتماعي بالقيم.
وهكذا مكونات السلوك الداخلية والخارجية تعمل في مجموعها على توجيه نشاطات وحركات الأفراد والجماعات داخل المؤسسة، وتعتمد على هذه المكونات في معرفة ومتابعة سلوكهم وتستعمل في العمل تقديرها مسبقا.
وعليه يتبن أن السلوك يتحدد تبعا لذلك بعاملين أساسيين الأول ينبع من داخل الفرد وهو ما يعرف بالدافع Motive، والثاني موجود خارج الفرد ويتمثل بالعوامل المحيطة به والمؤثرة في سلوكه والتي تعرف بالحوافزIncentives وتمثل مثيرات للسلوك الذي تترتب على ممارسة نتائج، والشكل التالي يظهر بأن الحوافز تمثل مثيرات تدفع باتجاه سلوك معين يقود إلى نتيجة معينة:


ويتأثر السلوك الإنساني بالحاجات التي يروم الفرد إشباعها، فهي محور أساسي لتوجيه سلوكه الذاتي، وتتفاوت الحاجات في درجة تأثيرها في السلوك الذاتي للفرد من خلال أهميتها النسبية، فخلال فترات التغيير الجوهرية تظهر الانفعالات العميقة وحالات القلق، كما يمكن دافع الفرد لقيامه بالبحث عن عمل في مجموعة من الحاجات والرغبات المستمرة والتي يعبر عنها بسلوكياته ( والمتمثلة في البحث عن العمل ) محاولة لإشباعها، ويمكن اختصار هذه الرغبات في سلم الحاجيات أو هرم ماسلو الآتي:





- الحاجات الفسيولوجية و حاجات الأمان، فإن الأولى تعمل على الحفاظ على الفرد، والمحافظة على نوعه، أما الثانية في اقتصاديات السوق الشديدة التعقيد اليوم، تعني كلمة "مظيفة " الإعاشة وبالتالي فإن توقع فقدان العمل بما قد يلازمه من فقدان المسكن والتأمين الصحي، قد يفجر الخوف في قلوب معظمنا.
- أما الصف الثاني فيتمثل في حاجات الاندماج والانتماء الاجتماعي، فقد حلت التكنولوجيا محل الجغرافيا كقوة أساسية في حياتنا، تبقى المؤسسة واحدة من الفرص الحقيقية القليلة لإشباع هذه الحاجة من خلال تحقيق وتقدير الذات، والأداء وتعلم الأفراد البالغين، والسببية والارتباط بين الجهد المبذول والناتج(المخرجات).
وقد قام ماسلو بدراسة حاجات معينة وحاول تفسير السلوك عن طريق إتباع هذه الحاجات. والإنسان بطبيعته إذا قام بإشباع حاجات سوف تظهر لديه رغبات أخرى وهذا ما مثله هرم ماسلو، وإن عملية الإشباع تبدأ من القاعدة وكلما أشبعنا حاجة نبحث عن إشباع المستوى الأعلى، وبالتالي بعد الحصول على الحاجات القاعدية والأمن فسوف يبحث الفرد عن الانتماء الاجتماعي وهذا سيحققه بنفسه وبمساعدة الآخرين له سواء داخل المؤسسة بخلق علاقات عمل جيدة مع الأفراد الآخرين أو في العائلة وبين الأصدقاء.
وتعتبر هذه الحاجات الثلاثة السفلى من هرم ماسلو محققة تماما لأنها كانت تأخذ بعين الاعتبار عند قيام مديري أو مسيري الموارد البشرية في المنظمات سابقا بوضع منظومة الحوافز فبالإضافة إلى أجر العامل فكانت تستخدم مجموعة من الحوافز لتشجيعه على تقديم الأكثر والأحسن.
وقد قام ماسلو بدراسة حاجات معينة وحاول تفسير السلوك عن طريق إتباع هذه الحاجات، وقامت نظريته على مبدأ تدرج الحاجات، وأسند في هذه النظرية على أن هناك مجموعة من الحاجات التي يبتعد بها الفرد، وتعمل كمحرك ودافع للسلوك. ولذا يعتبر سلم " ماسلو " للحاجات من أهم تقسمات الحاجات المستعملة بكثرة لدى المتخصصين في الإدارة، إلا أنه لقد تلقى عدة انتقادات.
الدوافع:
وقد حظي موضوع الدوافع باهتمام العديد من المختصين، في شتى حقول المعرفة الإنسانية، لما تتسم به الدوافع من أهمية أساسية في توجيه السلوك الإنساني لتحقيق نجاح المؤسسة.
ولذا تعرف الدافعية بأنها العملية التي تتسم بالتعقد، والدافع يمثل قوة داخلية لدى الفرد يعمل على توجيه السلوك في اتجاه معين وبقوة معينة .
فمهما اختلفت التعريفات للدوافع لدى المتخصصين، فهم يتفقون على دوره الأساسي في إثارة سلوك معين، وكل إنسان له عدد من الحاجات، وهذه الأخيرة تتنافس فيما بينها، والحاجة أو الدافع الأقوى هو الذي يحدد السلوك.
وهناك تعريف آخر للدافعية العاملين بأنها، رغبة الفرد في إظهار المجهود اللازم لتحقيق الأهداف التنظيمية، بحيث يمكن ذلك الجهد من إشباع احتياجات هذا الفرد، ويتضمن هذا التعريف ثلاثة مكونات هي: الجهد، الأهداف التنظيمية، الحاجات الفردية، وذلك على النحو التالي الذي يبينه الشكل:




تعتبر الدافعية محصلة تفاعل مجموعة عوامل ذاتية، أي تتعلق بالفرد ذاته وعوامل خارجية، والتي تحدد اتجاه السلوك لمدى زمني معين.
وإذا سارت الأمور على النحو المأمول فإننا في موقع أفضل لتنمية الدافعية لدى العاملين، ويمكن تقسيمها بشكل عام إلى الدوافع الأولية والثانوية.
الدوافع الأولية: على الرغم من عدم اتفاق شامل بين علماء النفس على تقسيم موحد للدوافع، إلا أنهم لم يختلفوا من حيث وجود دوافع مكتسبة تفرزها طبيعة التفاعلات النفسية والتي سميت بـ " الدوافع الفيزيولوجية أو الفطرية أو الأولية"، وأما الدوافع الثانوية فهي من الدوافع المؤثرة في دراسة سلوك الإنسان في المجتمع الحديث، ولكي يكون الدافع ثانويا لابد أن يكون مكتسب من خلال التفاعلات البيئية التي أفرزتها في توجيه سلوك الأفراد.
ومما لا شك فيه أن الدوافع بأنواعها المختلفة تحدد شلوك الأفراد نحو أداء عمل معين، وقد أشار "هلكارد وانكسون" في هذا الخصوص إلى معنوية الاستدلال على الدوافع الإنسانية من خلال ملاحظة سلوك الفرد وذلك لعدة أسباب منها :
1- يختلف التعبير عن الدوافع المتشابهة عن أداء سلوك مختلف الأفراد
2- قد تعبر الدوافع المختلفة عن أداء سلوك مختلف الأفراد.
3- قد تعبر الدوافع المختلفة عن أداء سلوك متشابهة للأفراد.
4- يمكن للدوافع أن تتخذ أشكالا متصلة لتحديد السلوك الإنساني.
5- يمكن أن يعبر السلوك الواحد عن مجموعة من الدوافع المختلفة.
ولذلك يمكن القول بأن الدوافع غالبا ما تنطوي على العديد من الجوانب التي تتسم بالتعقيد الكبير في دراسة أبعادها وتحديد الجوانب المتعلقة بها، إذ لا يمكن إيجاد العلاقة البسيطة والمباشرة التي يمكن التنبؤ بها، بشكل دقيق بين الدوافع والسلوك، ولكن تبقى الدوافع تلعب دورها الكبير في صياغة معالم السلوك الإنساني في المؤسسة، ودورا أساسيا في تمكين الفرد من تحقيق أهدافه و إشباع حاجاته المتتابعة والمتنوعة.