كيف يتناسب تقييم الأداء منطقيًا ضمن الهدف الإستراتيجي والتشغيلي العام للمنظمة؟

إن واحدة من أكثر أدوات الإدارة التي يُساء ويُهمل إستخدامها هي تقييم الأداء. فإذا كان علينا أن نسأل أي مدير منظمة أو رئيسها التنفيذي عمَّا إذا كانوا يعتقدون أن تقييم الأداء هو أمر مهم، فإن الجواب سيكون واضح "نعم".
ومع ذلك فإن هذه الإستجابة العقلية لا تنعكس في الواقع. فهناك تباين وإختلاف كبير في نوعية وجودة التقييمات- عندما يتم القيام بها تقريبًا. وهناك عدد من الأسباب وراء ذلك، ولكن ما يبرز وينبثق من جميع الأبحاث المُتعلقة بتقييم الأداء هو أنه لا يتمتع أي من المُقييمين ولا المُقيمين بتعهدها والإلتزام بها .
فليس هناك حل سهل أو كرة من الفضة لإزالة القلق والتوتر أو عدم الراحة التي يواجهها جميع المشاركين في عملية التقييم تمامًا. ولكن من الممكن الحد بشكل كبير من المخاوف من خلال الاستفادة من الإطار والنظام القائم على الأدلة، والهدف، وإحترام كرامة الأفراد، والتي إتفق عليها جميع الأطراف ولا تقدم أي مفاجآت.
وأھم نقطة یجب أخذھا في الإعتبار ھي أن الغرض من تقییم الأداء ھو تحسین الأداء في المستقبل. فمن الضروري استعراض وإعادة النظر في الماضي ولكن لا يمكن تغييره. ومع ذلك، فإن المستقبل يُمكن أن يتأثر إيجابيًا بتحديد والتعرف على الحواجز أو العوائق التي تحول دون الأداء عند المستوى المطلوب. وحتى عندما يكون المستوى العام الحالي للإنجاز مُرضيًا، يُمكن في كثير من الأحيان تحسين الجوانب الفردية المختلفة للأداء.
ويعتبرأساس أي تقييم للأداء هو فحص الرؤية والإستراتيجية والثقافة. وإذا لم يتم تعريف وتحديد هذه العوامل بوضوح، وفهمها، فإن تقييم أداء الرئيس التنفيذي يضعف بصورة جوهرية ومن المُرجح أن ينخفض إلى استعراض ومراجعة سنوية لما تم إنجازه، مع تركيز ضئيل أو معدوم على المستقبل.
ويعد قياس ما تم تحقيقه خلال الفترة قيد الإستعراض والمراجعة هو أمر حيوي. فالأهداف الإستراتيجية للمنظمة منصوص عليها وموضحة في خطة الأعمال التي ينبغي أن تندرج من خلالها الأهداف الفردية للرئيس التنفيذي. وتعتبر مؤشرات الأداء الرئيسية أو الأهداف – هى اللغة المستخدمة في التعبير عمَّا ينبغي أن يكون مشتركًأ على المستوى التنظيمي والفردي. وبهذه الشروط المتفق عليها، ينبغي أن يكون لدى كل من مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي فهم واضح لما يجب تحقيقه.
فالكثير من البيانات التي يتم إستخدامها لقياس الأداء تنتج معلومات قديمة وغير صالحة بالفعل. والمعلومات القيمة حقًا والتي يُمكن أن تستبق المشاكل الرئيسية تكمن في المؤشرات الرئيسية التي تبين كيفية تحقيق الأهداف - أو لا، حسب الحالة.
وهنا تبرز مفاهيم الثقافة والقيم والسلوكيات المرتبطة بالنجاح، ويجب أن تكون ذات أهمية وفائدة للمديرين كنتائج مالية. فعلى سبيل المثال، إذا انخفض رضا العملاء وازداد عدد الشكاوى في المنظمة التي تستخدم مركز الإتصال لخدمة العملاء : فربما قد يكون السبب هوأن التكنولوجيا قد إمتدت فوق طاقتها أو تجاوزتها؛ أو عدم كفاية تدريب الموظفين وإمدادهم بالدعم؛ أو أن معنويات الموظفين قد تآكلت بمرور الوقت.
القيادة
يُمكن معالجة نظم أو مشاكل التدريب بسرعة نسبيًا - وليس ذلك الأمر بالنسبة للمعنويات. فإذا لم يفهم الموظفون الرؤية أو التوجه الإستراتيجي أو سبب وجودهم وكيف يساهمون في تحقيقه؛ إذا لم يشعروا بالدعم والتقدير؛ إذا كانوا يعانون من نقص الإتصال والتواصل ؛ إذا لم يروا أن الإدارة تفي بوعودها و تعمل على إحياء القيم، فإنهم سيعانون من نقص جوهري في القيادة وهذا أمر مهم أن يعرفه المديرين. فعملية تحديد هذا الأمر أكثر صعوبة بكثير، وتستغرق وقتًا أطول ، ثم معالجة النظم والإحتياجات التدريبية.
إن التأثيرات السلبية على أي عمل من هذه المؤشرات "اللينة" يصعب الكشف عنها لمجالس الإدارة، وعادة عندما تصبح على دراية بها، من خلال التغييرات في النتائج التي تم قياسها، فإنها لم تعد قضايا أو مسائل، ولكن مشكلات.
وتركز نظم تقييم الأداء التقليدية على ما تم تحقق - نهج "الإدارة حسب الأهداف"، وقياس الأداء مع البيانات البيانات الرقمية الثابتة. ولكن البيانات الرقمية الثابتة تعتبر أدوات وأشياء بسيطة. ففهم المؤشرات اللينة مثل، الإحتفاظ بالموظف، و الصحة التنظيمية، و رضاء العملاء، و جودة ونوعية القيادة تطغى بمزيد من البصيرة والقوة.
وينبغي أن يشمل تقييم الرئيس التنفيذي على العناصر الصلبة واللينة (the hard and soft elements). ويتيح ذلك للمديرين مراجعة ما تم إنجازه ولا يمكن تغييره، فضلًا عن إتاحة الفرصة لإستباق المشكلات حيث تكون العناصر اللينة مؤشرات مبكرة، مما يمكن المديرين والرئيس التنفيذي من اتخاذ إجراءات تصحيحية.
وهناك بعض المتطلبات الأساسية لإجراء تقييم فعَّال. يجب أن يكون مجلس الإدارة عصري وحديث ومتصل بالوصف الوظيفي، يجب أن يكون هناك اتفاقية أداء قائمة على الرئيس التنفيذي الذي يُحدد بوضوح ما الذي سيتم قياسه وكيف سيتم تقييمه.
ويجب أن يتفق مجلس الإدارة مع الرئيس التنفيذي على استخدام ردود الفعل 360 درجة، على تقييم رضا العملاء وعلى رضا الموظفين معًا جنبا إلى جنب مع الإجراءات و التدابير مثل النمو وأهداف الربح و الحصة السوقية وما إلى ذلك، والتي تنحاز بشكل واضح مع التطلعات الإستراتيجية للمنظمة.
ويسمح الإتفاق على إطار ونهج المديرين والرئيس التنفيذي بفهم ما يجري قياسه، وكيف ولماذا. ويتيح القيام بذلك على نحو فعَّال للطرفين المشاركة في مناقشة الأداء بموضوعية والحفاظ على كرامة كل طرف والاحترام بينهما. كما يمكنه التخفيف من القلق والتوتر المتعلق بعملية التقييم إذا لم يتم إزالتها تمامًا.
وقد حدد جان فرانسوا مانزوني، الأستاذ المساعد في كلية إدارة الأعمال العالمية في إنسياد (INSEAD)، ثلاث ظواهر سلوكية هامة يجب أن تكون على علم بها. الأول هو ما يسميه الإطار الثنائي، الذي يتعلق بالنهج اللاوعي في كثير من الأحيان في محاولة للسيطرة على الوضع والفوز، وهو ما يعني أن الطرف الآخر يجب أن يخسر.
الثاني هو تأثير الإجماع الكاذب: لدينا ميل إلى إفتراض أن الأشخاص المنطقيين الآخرين سوف يروا الوضع كما نراه. فإذا كُنَّا أشخاص منطقيين ومختصين، لماذا ينبغي للآخرين رؤية الأشياء بشكل مختلف؟
ويطلق على الثالث خطأ الإسناد، وهنا نربط المسألة قيد المناقشة مباشرًة برغبة وقدرات المدير التنفيذي ونقلل أو نتجاهل تأثير الظروف التي يعمل في ظلها.
وللتغلب على هذه العوائق المحتملة أمام إجراء مناقشة تقييم الأداء الفعَّالة، يحدد البحث ثلاثة شروط بسيطة تعزز بدرجة كبيرة قبول ردود الفعل:
• الشخص الذي يقدم التغذية المرتدة موثوق به وله "نوايا حسنة".
• ينظر إلى عملية تطوير التغذية المرتدة على أنها عادلة؛ قام مجلس الإدارة بجمع كافة المعلومات ذات الصلة، وسمح للمدير التنفيذي بتوضيح وشرح وجهة نظره، واعتبار آراء الرئيس التنفيذي، وتطبيق معايير متسقة عند تقديم النقد.
• وأخيرًا، فإن عملية التواصل نزيهة وعادلة والرئيس التنفيذي لديه شعور أنه قد تم الإستماع إليه مع بعض الرعاية والإهتمام، على الرغم من الخلافات.
ومن حيث الجوهر، هناك القليل في عملية تقييم الأداء المهني المُفاجئ. ولم يتغير الأساس المنطقي لقياس الأداء أو تقييمه بمرور الوقت، ومن غير المرجح أن يحدث ذلك. فالأمر يتعلق بتحسين الأداء في المستقبل.
وينبغي أن ينبع تقييم الأداء مباشرة من القصد الاستراتيجي وتخطيط الأعمال. وينبغي أن يقيس ما تم تحقيقه، وكيف تم ذلك، كما يجب الإتفاق على البيانات اللازمة لهذه العملية.
ويمكن أن يساهم اعتماد هذا النهج كُلًا من مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي على مناقشة الأداء بطريقة بناءة ومرتكزة على التحسين.

كَتَب: كريس جيلكريست
كريس جيلكريست، هو شريك مع شركة استشارية لرأس المال البشري، شيفيلد.