في العام 1933أنشأت شركة تويودا لأشغال النسيج (لم يكن اسم الشركة قد تحول إلى "تويوتا" بعد) قطاعاً جديداً مخصصاً لإنتاج السيارات، وذلك تحت إشراف (كيشيرو تويودا)، ابن مؤسس الشركة. فقد سافر السيد (كيشيرو) إلى أوروبا والولايات المتحدة خلال العام 1929ليستطلع تقنيات إنتاج السيارات الشائعة هناك، وسرعان ما بدأ في العام 1930يدرس إمكانية إنشاء قطاع جديد بشركة النسيج التي ورثها عن والده يكون متخصصاً في إنتاج السيارات، فزيارته للغرب جعلته يوقن - بحسب ما ورد في مذكراته الخاصة التي تم نشرها لاحقاً - بأن صناعة السيارات ستكون المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي خلال الربع الثاني من القرن العشرين، وبالتالي ستكون واحدة من أربح الصناعات فيه.
وقد شجعت الحكومة اليابانية شركة تويودا على إنتاج السيارات لأن الحكومة كانت ترى أن اليابان بحاجة إلى تدشين صناعة سيارات محلية لمواجهة الكساد العظيم (الذي اجتاح الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا والعالم خلال الفترة من 1929إلى 1933) الذي كان يحول دون استيراد اليابان لما تحتاجه من سيارات ركوب وشاحنات لازمة لإنعاش الأحوال الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، فضلاً عن أن الحكومة كانت بحاجة إلى إمدادات مستمرة من السيارات وقطع غيارها لخدمة الجيش الياباني في حربه ضد الصين التي كانت دائرة آنذاك. وبفضل حماس (كيشيرو) ودعم الحكومة اليابانية، أنتج قطاع السيارات بشركة تويودا في العام 1934محركه الأول الذي تمت تسميته ب "النموذج A"، والذي تم استخدامه في إنتاج النسخة الأولى من السيارة A1 في مايو 1935وكذلك في إنتاج النسخة الأولى من الشاحنة G1 في أغسطس 1935.وكانت النماذج الأولى لسيارات تويودا شديدة الشبه بالسيارات التي كانت تنتجها شركتا دودج وشيفروليه الأمريكيتان آنذاك، لدرجة أن بعض قطع الغيار المستخدمة في تصنيع نماذج تويودا الأولى كانت قابلة للاستخدام في سيارات دودج وشيفروليه بكفاءة تامة وكأنها كانت معدة خصيصاً لأجلها.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن شركة تويوتا مشهورة اليوم بوصفها متخصصة في صناعة السيارات بالمقام الأول وربما الحصري في مخيلات البعض، إلا أنها كانت قد بدأت أصلاً كشركة للمنسوجات، وهي حتى اليوم مازالت تنتج ماكينات نسج (ولكنها اليوم بالطبع ماكينات تعمل بالحاسب الآلي وبشكل أوتوماتيكي تماماً) وماكينات حياكة تُباع في مختلف بلدان العالم.
وقد تأسست شركة تويوتا للسيارات كشركة مستقلة ومنفصلة عن مجموعة تويودا في العام 1937.ورغم أن لقب مؤسس الشركة كان "تويودا"، إلا أن الشركة رأت إطلاق الاسم التجاري "تويوتا" على شركة السيارات الجديدة المزمع إنشاؤها، وذلك بهدف فصل شخصية واسم المؤسس عن صورة الشركة تأكيداً على مبدأ التخصص والاحترافية في العمل، وكذلك بهدف جعل اسم الشركة أسهل في النطق على مستوى العالم، ولمنح الشركة بداية جديدة مختلفة على سبيل الفأل الحسن (فكلمة "تويودا" في اللغة اليابانية تتألف من ثمانية أحرف، على العكس من كلمة "تويودا" التي تتألف باليابانية من سبعة أحرف، ومعروف عن اليابانيين تفاؤلهم بالرقم ثمانية).
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945، باشرت الشركة إنتاج سيارات الركوب التجارية من جديد، وكان النموذج SA، الذي طُرح تجارياً في العام 1947، هو باكورة إنتاج الشركة في فترة ما بعد الحرب. وبحسب السيد (تايوشي)، رائد وخبير إدارة الجودة في تويوتا وعلى مستوى العالم وصاحب الفضل الأول في توصل تويوتا خلال السبعينيات إلى فكرة نظام "التوصيل في المواعيد" Just - in - Time أو "المخزون الصفري" Zero Stock، فإن المبادئ العامة للإنتاج والجودة التي استقرت عليها وأخذت بها تويوتا منذ بدايتها نشأت عن برنامج تعليمي حصل عليه بعض خبراء الشركة في أكاديمية العلوم العسكرية التابعة للجيش الأمريكي في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وفي العام 1950تم تأسيس شركة جديدة مستقلة مخصصة لبيع وتسويق السيارات التي تنتجها الشركة، وقد ظلت تلك الشركة باقية حتى العام 1982حين تم استبدالها بشركة لإدارة أنشطة تويوتا غير الإنتاجية ككل. وخلال العام 1951أصبحت السيارة تويوتا كراون هي أول سيارة يابانية يتم تصديرها إلى الولايات المتحدة. وخلال حقبة الستينيات بدأت تويوتا تختبر تقنيات بحوث وتطوير جديدة أسهمت في ابتكار نظام "المخزون الصفري" وفي تحسين فكرة ناقل السرعات شبه الآلي. وخلال الستينيات أيضاً أنشأت الشركة تواجداً دائماً لها في تايلاند، وتجاوز حجم إنتاجها الإجمالي منذ تأسيسها حاجز العشرة ملايين سيارة، وأنشأت جائزة للجودة والتفوق تحمل اسم عالم الإدارة الأمريكي البارز (إدوارد ديمينج)، وعقدت شراكات مع شركتي دايهاتسو وهينو اليابانيتين. وفي العام 1963تم إنتاج أول سيارة تويوتا بالكامل خارج اليابان، وكان ذلك في بورت ملبورن بأستراليا. وبنهاية عقد الستينيات، كانت تويوتا قد خلقت لنفسها تواجداً عالمياً مميزاً بوصول العدد الإجمالي للسيارات التي صدرتها إلى الخارج منذ تأسيسها إلى أكثر من مليون سيارة.
وبعد أزمة النفط التي ضربت الاقتصادات الغربية أثناء وبعد حرب أكتوبر 1973بين مصر وإسرائيل، وبسبب الحظر النفطي الذي فرضته الدول العربية وبخاصة دول الخليج العربي على دول غربية بعينها مؤيدة لإسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة، بدأ المستهلكون الأمريكيون وللمرة الأولى يفضلون السيارات صغيرة الحجم على السيارات الضخمة الفارهة التي لطالما ولعوا بها، وذلك نظراً للوفر في استخدام البنزين الذي تتميز به السيارات الصغيرة. وبينما ضرب ذلك التحول في نمط الطلب الأمريكي على السيارت شركات السيارات الأمريكية الرائدة (مثل فورد وشيفروليه وكرايسلر) في مقتل نظراً لأن الشركات الأمريكية لم تكن قد جربت من قبل أبداً إنتاج سيارت صغيرة واقتصادية، فإنه - أي ذلك التحول - كان كفيلاً بمنح تويوتا وغيرها من الشركات اليابانية - وبخاصة نيسان وهوندا - فرصة لا تُعوض للهيمنة على السوق الأمريكية، وبالطبع لم يُضع اليابانيون تلك الفرصة نظراً لأنهم كانوا دائماً يفضلون السيارات الصغيرة ويجيدون إنتاجها.
على أن تويوتا بدأت خلال التسعينيات في التحول بشكل نسبي من التركيز المطلق على إنتاج السيارات الصغيرة إلى الانفتاح أيضاً على إنتاج السيارات الكبيرة والفارهة التي تُعد أعلى ربحية سواء عند بيعها أو لدى صيانتها وخدمتها، ومن ثم فقد أطلقت الشركة الفئة الجديدة ليكزس التي تميزت منذ تدشينها بالفخامة والرحابة أكثر من غالبية نماذج تويوتا الأخرى، كما أطلقت الشركة ولأول مرة النموذج T100 (الذي أصبح اسمه بعد ذلك هو تويوتا توندرا) وهو عبارة عن شاحنة خاصة متوسطة الحجم موجهة للأسر الكبيرة العدد، كما أطلقت الشركة نسخة رياضية من الفئة كامري هي السيارة كامري سولارا. وبالمثل، وجرياً على عادة الشركة في التجريب والابتكار منذ مطلع التسعينيات، فقد أطلقت الشركة في العام 1997سيارتها المهجنة الأولى التي تحمل الاسم تويوتا بريوس والتي أصبحت الآن الأكثر مبيعاً حول العالم بين السيارت المهجنة (أي التي تعمل بالوقود وبالكهرباء معاً). وخلال التسعينيات أيضاً أصبحت الفئة تويوتا كورولا هي السيارة الأكثر مبيعاً على مستوى العالم على الإطلاق، حيث بيعت منها حتى نهاية التسعينيات أكثر من 30مليون نسخة.
لقد تحولت تويوتا على مر الأيام من شركة نسيج ومعدات حياكة صغيرة الحجم ومغمورة بالكامل، إلى شركة سيارات عملاقة متعددة الجنسيات. فبحلول الربع الأول من العام 2007كانت الشركة قد أصبحت هي أكبر شركة سيارات على مستوى العالم من حيث قيمة المبيعات، مزيحة بذلك شركة جنرال موتورز الأمريكية عن ذلك المركز بعد أن احتلته لعقود كاملة. وكذلك فإن تويوتا ثُعد من أعلى شركات السيارات ربحاً على مستوى العالم، حيث صافي ربحها عن العام 2006إلى 11بليون دولار. وتملك تويوتا اليوم حصص أغلبية من أسهم شركات سيارات يابانية متعددة مثل دايهاتسو وهينو وفوجي للصناعات الثقيلة (المنتجة للسيارة سوبارو). وفي نوفمبر من العام 2006استحوذت الشركة أيضاً على نحو 6% من أسهم شركة إيسوزو.
ووفقاً لقائمة مجلة فورتشن الأمريكية لأكبر 500شركة على مستوى العالم عن العام 2006، فإن تويوتا تحتل المركز الثامن. ورغم أن الاقتصاد الأمريكي يعاني الركود النسبي منذ العام 2001، إلا أن حصة تويوتا من السوق الأمريكية لم تعرف سوى النمو منذ ذلك الحين، على أساس أن الشركات الأمريكية والأوروبية العاملة في السوق الأمريكية لم تفلح في مواجهة الآثار السلبية المترتبة على ذلك الكساد بمثل ما فعلت تويوتا، بل ويمكننا القول أيضاً إن قدرة تويوتا على التصدي لمظاهر الركود في الاقتصاد الأمريكي خلال العقد الحالي فاقت قدرة منافسيها اليابانيين التقليديين مثل نيسان وميتسوبيشي.
إن تأمل قصة نجاح وصعود تويوتا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الرؤى والأحلام البسيطة يمكن أن تتحول بمرور الزمن إلى نجاحات عملاقة بكل معاني الكلمة إذا ما توافرت في أصحاب تلك الرؤى والأحلام صفات وملكات إيجابية معينة أبرزها الطموح، وسعة الأفق، والرغبة في التعلم المستمر، والاهتمام بالجودة والإتقان وجعلهما غاية في حد ذاتهما وليسا مجرد وسيلة لتعظيم الأرباح.