كومبارس السينما المصرية في أدوار البطولة
إذا كنت أحد الذين قادهم حظهم العاثر لمشاهدة الفيلم المصري "الدرملي فقري تملي" مثلي، أول ما عليك أن تفعله هو الإلحاح على دماغك لتتذكر ما إذا كنت في يوم من الأيام قد أغضبت أحد والديك فرفع يديه إلى السماء ودعا الله بأن يمر عليك وقت يجعلك تشتهي الموت ولا تناله، فإذا كنت لم تفعل عليك أن تحاول تذكر ما إذا كنت في يوم من الأيام قد مررت بقرب شحاذ صاحب عاهة وسألك شيئا من مال الله، فلم تكتف بمنعه عنه بل وسخرت من عاهته، فما كان منه إلاّ أن استخدم سلاحه الوحيد ورفع يديه إلى السماء داعيا الله بأن يأتي يوم تسود فيه الدنيا في وجهك، فإن كنت لم تفعل فإن عليك تذكر ما إذا كنت قد قطعت صلتك بأرحامك أو أكلت مال يتيم أو ارتكبت كبيرة من الكبائر؛ لأنه بدون واحدة من تلك الأسباب لا يمكن أن يكون الحظ العاثر أو عمى البصيرة وحدهما سببا لاختيارك مشاهدة فيلم "الدرملي فقري تملي" من بين عشرة أفلام تعرض بقربه في مجمع الصالات السينمائية؛ حيث شاهدت الفيلم الذي أعتبره بدون مبالغة وخارج أية رغبة في السخرية أسوأ فيلم شاهدته في حياتي ليس في السينما المصرية أو العربية فقط، بل وفي تاريخ السينما العالمية، وإلى الدرجة التي تستحق فيها أفلام محمد سعد ومحمد هنيدي الهابطة جوائز الأوسكار فيما لو قورنت به.

لا أريد أن أناقش منطقية أحداث الفيلم أو بنية قصته الدرامية أو أسلوب إخراجه أو مستوى تمثيله، لأني عندها سأبدو كمن يحاول إمساك الهواء، ولكني أود مناقشة الأسئلة التي لازمتني خلال زمن مشاهدتي للفيلم عن الأسباب التي دعت مجموعةً من كومبارس السينما المصرية (أكثرهم أهميةً لم يحصل خلال حياته كلها وفي أفضل الفرص الفنية التي حصل عليها على أكثر من ثلاثة جمل وصفعة على وجهه)، لصناعة فيلم فقير ليس فنيا بل وإنتاجيا أيضا، حتى ليظن مشاهده أن هؤلاء الكومبارس غامروا بتحويشة أعمارهم لإنتاج الفيلم، وبسبب هذه الميزانية الضئيلة حالوا توفير ثمن السيناريو والحوار فارتجلوه أمام الكاميرا مباشرة، وضبطا لنفقات وأجور الفنيين استبدلوا مدير التصوير والإضاءة بكهربائي، ومهندس الصوت بـ(دي جي) أعراس شعبية، ومنسق الملابس بترزي، ومؤلف الموسيقى التصويرية بشريط كاسيت، أما الأسطى الذي تولى مسؤولية إخراج الفيلم فأنا على ثقة ومن خلال مشاهدتي لأسلوبه الإخراجي فأظن أنه أقرب إلى عالم المناطق الصناعية منه إلى استديوهات السينما، والبذخ الوحيد الذي ظهر في "الدرملي فقري تملي" كان في الحركات المجانية لأبطاله من الكومبارس الذين جهدوا لإبراز مواهبهم في التمثيل غير الموجودة أصلا.

وبدون أدنى شك فإن أفلام هنيدي وسعد وغيرهما من نجوم ظاهرة الكوميديا الشبابية في مصر الذين انتقلوا بضربة حظ من ممثلي أدوار ثانية إلى نجوم صف أول، وتحولوا من ممثلين يطالبون بعدد كلمات أكثر لحواراتهم ولقطات أقرب لوجوههم إلى نجوم شباك يتنافسون في رفع أسعارهم، ومليونيرات يهتمون بتضخيم أرصدتهم، كانت المثال الذي دفع بكومبارس فيلم "الدرملي فقري تملي" لصرف تحويشة أعمارهم في هذا العمل، الذي يجب على الراغبين في حضوره اصطحاب أكثر من حبة دواء من تلك التي توضع تحت اللسان لتوسيع الشرايين والحماية من الجلطات القلبية، لاستخدامها خلال مشاهدتهم للفيلم.

أخيرا إذا كانت هناك من فائدة يمكن أن تحصل عليها السينما المصرية من فيلم "الدرملي فقري تملي" فهي دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية باعتباره أسوأ فيلم في العالم.