المستشار القانوني في المنازعات الإدارية
دكتور/ محمد علي سيد

يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات الإدارية. ويعتبر معيار النشاط الإداري أول المعايير المميزة لاختصاص القضاء الإداري، ووفقًا له فإن القاضي الإداري هو القاضي الطبيعي للمنازعات التي تتعلق بالنشاط الإداري، فهو قاضي الإدارة أو قاضي الأشخاص العامة. وبموجب هذا المعيار، يختص القضاء الإداري بالمنازعات التي تكون الإدارة طرفًا فيها. ولكن هذا المعيار عارضته المحاكم العادية ومحكمة التنازع وتم التخلي عنه.

وخلال القرن التاسع عشر، ظهر معيار أعمال السلطة العامة. ويفرق هذا المعيار بين نوعين من الأعمال التي تقوم بها الإدارة؛ هما: أعمال السلطة العامة، وأعمال الإدارة العادية. ويقتصر اختصاص القضاء الإداري فقط على المنازعات المتعلقة بالأعمال التي تقوم بها الإدارة بصفتها سلطة عامة. وقد وجهت لهذا المعيار عدة انتقادات، فمن الصعب التمييز بين النوعين من الأعمال، كما أن الإدارة قد تقوم بالنوعين من الأعمال في نشاط واحد، ومن شأن الأخذ به التضييق في اختصاص القضاء الإداري.

وبعد منتصف القرن التاسع عشر، ظهر بعد ذلك معيار "المرفق العام"، ويعتبر أهم معيار لتمييز اختصاص القضاء الإداري وتحديد نطاق تطبيق قواعد القانون الإداري كلها، بل وقد اعتبره البعض أساس القانون العام كله. وقد ظهر هذا المعيار في بعض أحكام محكمة التنازع الفرنسية، ثم تأكد وتواترت عليه أحكامها وأحكام مجلس الدولة المصري بعد ذلك. وبموجب هذا المعيار، يختص القضاء الإداري بكل المنازعات التي تتعلق بالمرافق العامة، سواء كانت تخص تنظيمها أو سير العمل فيها، وسواء كانت الإدارة تتصرف فيها كإدارة عادية أو كسلطة عامة.

وبعد ذلك ظهر معيار "امتيازات السلطة العامة"، وبموجبه فإن استخدام أساليب القانون العام وامتيازاته أي السلطة العامة يمثل العنصر الأساسي للنظام الإداري، وهو الذي يميزه عن غيره من الأنظمة الخاصة التي تقوم أساسًا على مبدأ المساواة، ولكن هذه السلطة ليست مطلقة، فكما تتضمن امتيازات فإنها تتضمن أيضًا التزامات على الإدارة لصالح الأفراد وحرياتهم. وحتى يمكن القول بأن نزاعا معينا يدخل في اختصاص القضاء الإداري، لا يكفي أن يكون التصرف موضوع النزاع صادرًا من الإدارة بل يتعين أن يكون قد استعملت فيه أساليب القانون العامة وامتيازاته. وقد اتبع كثير من الفقهاء وأحكام القضاء في فرنسا هذا المعيار.

وأخيرا، ظهر المعيار المختلط "معيار المرفق العام والسلطة العامة"، وبموجبه فإن النشاط الإداري يستخدم، بصفة عامة، أساليب القانون العام، أو بمعنى آخر السلطة العامة، وهذه السلطة ليست مقصودة لذاتها بل لتحقيق هدف معين هو المصلحة العامة أو النفع العام وبمعنى آخر ضمان سير عمل المرافق العامة. وبتطبيق هذا المعيار، يختص القضاء الإداري بالمنازعات التي تستخدم فيها الإدارة وسائل السلطة العامة وتتعلق بمرفق عام.

ولمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع وغيره من الموضوعات ذات الصلة بصياغة العقود، يمكنكم الاطلاع على البرنامج التدريبي لمعهد صبره للتدريب القانوني من خلال الرابط التالي: [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]