عندما طلبت المعلّمة من تلاميذها أن يكتبوا عمّا يريدون أن يصبحوا في المستقبل .. تصوّرت كلّ الاجابات المحتملة من طيّار وعالم وطبيب ولاعب واطفائيّ .. ولكن لم تتوقّع أبدا أنّ أحدهم يريد أن يصبح هاتفا جوّالا!!! نعم هكذا عبّر أحد الأطفال 'اريد أن أصبح هاتفا لكي أكون بين يدي أبي طول الوقت، وحتّى اكون أوّل ما تتفقّده أمي حين تستيقظ كل صباح ...' بما شعر هذا الطفل يا ترى حتّى عبّر بهذه الطريقة؟ بالاهمال طبعا .. بنقص في التّواصل وحرمان من العاطفة والاهتمام.
كثيرا ما يُعرب الآباء عن قلقهم حول سلامة النموّ العقلي والوجداني لأطفالهم بوجود الهاتف الذكيّ بين أيديهم .. ولكن قلّما ينتبهون أنّهم هم أساس المشكل وأنّ إدمان الكبار للهواتف الذكية هو ما يهدّد فعلا النمو العقلي والوجداني للطفل. نتحدّث عن الاستعمال المفرط وليس العادي والمنظّم. يوضح علماء النفس والباحثون في التربية يوما بعد يوم أهمية التواصل الحواري والعاطفي بين الوالدين والطفل، حيث أنّ 'اللغة هي أفضل عامل مؤثر على النجاح والتفوق الدراسي للطفل، وأهم مفتاح لتقوية القدرات اللغوية والاتصالية، والقدرة على إقامة حوار متوازن وسلس بين الصغار والكبار' وفي حرمان الطفل من أوقات الحوار ووصلات التخاطب ومنح ذلك الوقت الثمين للعالم الافتراضي تهديد لتطوّر القدرات الذهنية والعاطفية لديه ..
ملاحظة: يقنع بعض الأولياء أنفسهم بأنّ جُلّ الوقت المقضّى في العوالم الافتراضية هو أساسا للبحث عن سبل تحسين تربية الطفل وتثقيف النّفس من أجل أبوّة وأمومة أفضل! خطأ! للأسف يجرف التيّار الجميع و تتوقّف المهمّة عند تجميع المعلومات افتراضيًا وتصبح اصعب خطوة هي إطفاء الهاتف والعودة إلى إتمام العمل في عالم الواقع حيث ينتظر الاطفال بلهفتهم للتواصل وشوقهم للإشباع العاطفيّ.