القادة هم الأشخاص الذين يفعلون الشيء الصحيح، أمّا المديرين هم الأشخاص الذين يفعلون الأشياء بشكل صحيح. - البروفيسور ايرين بينيس
يمكن لكلمة "قيادة" أن تعيد إلى الأذهان مجموعة متنوعة من الصور. فمثلا:

  • القائد السياسي، يتابع القضايا الشخصية بشغف.
  • المستكشف، يقطع طريقًا عبر الغابة ليتبعه باقي أعضاء مجموعته.
  • التنفيذي، يقوم بتطوير إستراتيجية شركته للتغلب على المنافس.

يساعد القادة أنفسهم والآخرين على فعل الأشياء الصحيحة. فهم يحددون الاتجاه ويبنون رؤية ملهمة ويخلقون شيئًا جديدًا. إن القيادة تدور حول تحديد المكان الذي يجب أن تذهب إليه "للفوز" كفريق أو منظمة؛ وهي ديناميكية ومثيرة وملهمة.
ومع ذلك، بينما يحدد القادة الاتجاه، يجب عليهم أيضًا استخدام المهارات الإدارية لتوجيه أفرادهم إلى الوجهة الصحيحة، بطريقة سلسة وفعالة.
في هذا المقال، سوف نركز على عملية القيادة. على وجه الخصوص، و سنناقش نموذج "القيادة التحويلية"، الذي اقترحه أولاً جيمس ماكجريجور بيرنز، ثم قام برنارد باس بتطويره. يسلط هذا النموذج الضوء على التفكير وإحداث التغيير، بدلاً من عمليات الإدارة المصممة للحفاظ على الأداء الحالي وتحسينه بشكل ثابت.
ملحوظة:
القيادة تعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين حول العالم، وأشياء مختلفة في مواقف مختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن يتعلق الأمر بالقيادة المجتمعية والقيادة الدينية والقيادة السياسية وقيادة المجموعات الانتخابية.
ويركز هذا المقال على النموذج الغربي للقيادة الفردية، ويناقش القيادة في مكان العمل بدلاً من مجالات أخرى.
فالقيادة هي فن جعل شخص آخر يفعل ما تريد القيام به لأنه يريد أن يفعل ذلك. - دوايت آيزنهاور
تعريف القيادة:
وفقًا لفكرة القيادة التحويلية، فإن القائد الفعّال هو الشخص الذي يقوم بما يلي:
1. خلق رؤية ملهمة للمستقبل.
2. تحفيز و إلهام الناس على المشاركة في هذه الرؤية.
3. إدراة تحقيق الرؤية.
4. القيام بتدريب وبناء فريق، بحيث يكون أكثر فعالية في تحقيق الرؤية.
تجمع القيادة المهارات اللازمة للقيام بهذه الأشياء. و سوف ننظر إلى كل عنصر بمزيد من التفصيل.

  1. خلق رؤية ملهمة للمستقبل (Creating an Inspiring Vision of the Future)

في الأعمال التجارية، تعتبر الرؤية هي تصور حقيقي وواقعي و جذاب للمكان الذي تريد أن تكون فيه في المستقبل. توفر الرؤية التوجيه، و تحدد الأولويات، و توفر علامة، بحيث يمكنك معرفة أنك حققت ما تريد تحقيقه.
لإنشاء رؤية، يركز القادة على نقاط القوة في المنظمة من خلال استخدام أدوات مثل القوات التنافسية الخمسة لبورتر، و تحليل البيئة الخارجية و المحيطة، و تحليل عرض البيع الفريد، و تحليل الكفاءة الأساسية، و تحليل نقاط القوة و الضعف و الفرص و التهديدات لتحليل و ضعهم الحالي. إنهم يفكرون في كيفية تطور صناعتهم، وكيف من المحتمل أن يتصرف منافسوهم. كما يبحثون في كيفية تمكنهم من الابتكار بنجاح، وصياغة أعمالهم واستراتيجياتهم لتحقيق النجاح في الأسواق المستقبلية. ويختبرون رؤيتهم مع أبحاث السوق المناسبة، و من خلال تقييم المخاطر الرئيسية باستخدام تقنيات مثل تحليل السيناريو.
لذلك، فإن القيادة استباقية - حل المشكلات، والتطلع إلى المستقبل، وعدم الرضا عن الأشياء كما هي.
و بمجرد أن يطوروا رؤيتهم، يجب على القادة أن يجعلوها مقنعة و مؤثرة. فالرؤية المقنعة و المؤثرة هى تلك التي يستطيع الناس رؤيتها و فهمها و تقبلها. و يقدم القادة الفعّالين صورة غنية لما سيبدو عليه المستقبل عندما تتحقق رؤيتهم. و يروون قصصًا ملهمة، ويشرحون رؤيتهم بطرق يمكن للجميع أن يتصلوا بها.
هنا، تجمع القيادة بين الجانب التحليلي لخلق الرؤية وشغف القيم المشتركة، مما يخلق شيئًا ذا معنى حقًا للأشخاص الذين يتم قيادتهم.

  1. تحفيز و إلهام الأشخاص (Motivating and Inspiring People)

توفر الرؤية المُقنعة و المؤثرة الأساس للقيادة. لكن قدرة القادة على تحفيز وإلهام الناس هي التي تساعدهم على تحقيق هذه الرؤية.
على سبيل المثال، عند بدء مشروع جديد، من المحتمل أن يكون لديك الكثير من الحماس لذلك، لذا من السهل في الغالب كسب الدعم له في البداية. ومع ذلك، قد يكون من الصعب العثور على طرق لإبقاء رؤيتك ملهمة بعد تلاشي الحماس الأولي، خاصًة إذا كان الفريق أو المؤسسة بحاجة إلى إجراء تغييرات كبيرة في الطريقة التي تؤدي بها الأشياء. يدرك القادة ذلك، ويعملون جاهدين طوال المشروع لربط رؤيتهم باحتياجات الأشخاص الفردية وأهدافهم وتطلعاتهم.
و واحدة من الطرق الرئيسية للقيام بذلك هي من خلال نظرية التوقع. حيث يربط القادة الفعّالين بين توقعين مختلفين:
1. توقع أن العمل الشاق يؤدي إلى نتائج جيدة.
2. توقع أن تؤدي النتائج الجيدة إلى مكافآت أو حوافز ممتعة.
و هذا يحفز الناس على العمل بجد لتحقيق النجاح، لأنهم يتوقعون الاستمتاع بالمكافآت - سواء الجوهرية أو الخارجية - نتيجة لذلك.
وتشمل الأساليب الأخرى إعادة النظر في الرؤية من حيث الفوائد التي ستجلبها لعملاء الفريق، والاستفادة من الفرص المتكررة لإيصال الرؤية بطريقة جذابة و ممتعة.
ما هو مفيد بشكل خاص هنا هو عندما يكون لدى القادة سلطة خبيرة. يعجب الناس ويؤمنون بهؤلاء القادة لأنهم خبراء في ما يفعلونه. لديهم مصداقية، وقد حصلوا على الحق في مطالبة الناس بالاستماع إليهم ومتابعتها. وهذا يجعل من الأسهل بكثير على هؤلاء القادة تحفيز وإلهام الأشخاص الذين يقودونهم.
يمكن للقادة أيضًا تحفيز الأفراد والتأثير عليهم من خلال كارزميتهم الطبيعية وجاذبيتهم، ومن خلال مصادر أخرى للسلطة، مثل القدرة على دفع العلاوات أو إسناد المهام إلى الأشخاص. ومع ذلك، لا يعتمد القادة الجيدون على هذه الأنواع من القوة لتحفيز الآخرين وإلهامهم.

  1. إدارة تقديم و تسليم الرؤية (Managing Delivery of the Vision)

هذا هو مجال القيادة الذي يتعلق بالإدارة.
يجب على القادة التأكد من أن العمل اللازم لتقديم الرؤية يتم إدارته بشكل صحيح - إما من تلقاء أنفسهم، أو بواسطة مدير مخصص أو فريق من المديرين الذين يفوضهم القائد بهذه المسئولية - وعليهم التأكد من أن رؤيتهم قد نجحت في تحقيقها.
للقيام بذلك، يحتاج أعضاء الفريق إلى أهداف أداء مرتبطة بالرؤية العامة للفريق. تشرح مقالتنا حول إدارة الأداء ومؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) إحدى الطرق للقيام بذلك، ويشرح قسم إدارة المشاريع لدينا طريقة أخرى. وبالنسبة للإدارة اليومية لتقديم الرؤية، يساعد نهج الإدارة بالتجول (MBWA) على ضمان حدوث ما يجب أن يحدث بالفعل.
يحتاج القادة أيضًا إلى التأكد من أنهم يديرون التغيير بفعالية. يساعد ذلك في ضمان تنفيذ التغييرات اللازمة لتحقيق الرؤية بسلاسة ودقة، بدعم و مساندة المتضررين.

  1. تدريب و بناء فريق لتحقيق الرؤية (Coaching and Building a Team to Achieve the Vision)

يعد تطوير الأفراد والفرق من الأنشطة المهمة التي يقوم بها القادة التحويليون. لتطوير فريق، يجب على القادة أولاً فهم ديناميات الفريق. تصف العديد من النماذج الراسخة والشعبية هذا، مثل نهج أدوار الفريق لبيلبين، ونظرية بروس توكمان للتشكيل، والعصف، والموائمة، و مرحلة التنفيذ والأداء.
و سوف يضمن القائد بعد ذلك أن يتمتع أعضاء الفريق بالمهارات والقدرات اللازمة للقيام بعملهم وتحقيق الرؤية. يفعلون ذلك عن طريق إعطاء وتلقي الملاحظات بانتظام، وتدريب الأشخاص لتحسين الأداء الفردي والجماعي.
تتضمن القيادة أيضًا البحث عن إمكانات القيادة في الآخرين. من خلال تطوير المهارات القيادية داخل فريقك، فإنك تخلق بيئة يمكنك من خلالها مواصلة النجاح على المدى الطويل. وهذا مقياس حقيقي للقيادة العظيمة.
ملحوظة:
غالبًا ما تستخدم الكلمات "القائد" و "القيادة" بشكل غير صحيح لوصف الأشخاص الذين يديرون بالفعل. فقد يكون هؤلاء الأفراد يتمتعون بمهارات عالية وجيدين في وظائفهم و ذوي قيمه لمؤسساتهم - ولكن هذا يجعلهم مجرد مدراء ممتازين وليسوا قادة.
لذا، احرص على استخدامك للمصطلحات، ولا تفترض أن الأشخاص الذين لديهم "قائد" في ألقاب وظيفتهم، و الأشخاص الذين يصفون أنفسهم بأنهم "قادة"، أو حتى المجموعات التي تسمى "فرق القيادة" يقومون بالفعل بإحداث تغيير تحويلي.
يتمثل الخطر الخاص في هذه المواقف في أن الأفراد أو المنظمات التي يديرها هذا الفرد أو المجموعة يعتقدون أنهم يتم قيادتهم؛ لكنهم ليسوا كذلك. في الواقع قد لا تكون هناك قيادة على الإطلاق، مع عدم وجود رؤية أو إلهام أحد. هذا يمكن أن يسبب مشاكل خطيرة على المدى الطويل.
النقاط الرئيسية
يمكن أن يكون من الصعب تحديد القيادة وهذا يعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين.
في نموذج القيادة التحويلية، يحدد القادة الاتجاه ويساعدون أنفسهم والآخرين على فعل الشيء الصحيح للمضي قدمًا. للقيام بذلك ، يقومون بإنشاء رؤية ملهمة ، ثم تحفيز وإلهام الآخرين للوصول إلى تلك الرؤية. كما أنهم يديرون تسليم الرؤية ، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ، ويقومون ببناء وتدريب فرقهم لجعلها أقوى من أي وقت مضى.