التزام صاحب العمل بوضع لائحة لتنظيم العمل

1-يلتزم رب العمل أن يضع لائحة لتنظيم العمل
مدى وجوب وضــــــع اللائحة:-
ألزمت المادة 58 صاحب العمل الذي يستخدم عشرة عمال فأكثر بوضع اللائحة، ومن ثم فإن صاحب العمل الذي يستخدم عددا من العمال أقل من عشرة يكون وضع اللائحة اختياريا له، فصاحب العمل له سلطة إدارة المنشأة ومن ثم يجوز له في جميع الحالات وضع لائحة تنظيم العمل في المنشأة.
(ب) إجراءات وضع اللائحــة:-
بينت المادة 58 إجراءات إعداد اللائحة ونفاذها، فبعد إعداد صاحب العمل للائحة عليه أن يرسلها إلى الجهة الإدارية المختصة للتصديق عليها، وعلى الجهة الإدارية قبل التصديق عليها أن تأخذ رأى المنظمة النقابية التي يتبعها عمال المنشأة. وإذا لم تقم الجهة الإدارية بالتصديق عليها أو الاعتراض على اللائحة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديمها اعتبرت نافذة .
وما يجب التنبيه إليه :-لا يشترط النص موافقة المنظمة النقابية على اللائحة ، وإنما مجرد أخذ رأيها ولا تلتزم الجهة الإدارية بالأخذ بملاحظات المنظمة النقابية. وبعبارة أخرى فإن أخذ رأى المنظمة النقابية أمر وجوبي يؤدى إغفاله إلى بطلان إجراءات إصدار اللائحة، أما رأى المنظمة فليس ملزما للجهة الإدارية ، وللجهة الإدارية سلطة الاعتراض على اللائحة في حالة اشتمالها على أحكام تخالف القانون أو اللوائح أو في حالة وجود نقص في اللائحة .
ويجب على صاحب العمل أن يضع اللائحة في مكان ظاهر في المنشأة وذلك لتحقيق العلانية وحتى لا يلتزم العامل بأحكامها وهو لا يعلم بهذه الأحكام. والراجح أن عدم وضع اللائحة في مكان ظاهر في المنشأة لا يمنع من نفاذها مادامت معلومة للعامل وليس فيها ما يخالف القواعد العامة الآمرة أو النظام العام .
(جـ) مضمون اللائحـــة:-
لم يحدد المشرع ما يجب أن تتضمنه اللائحة من مسائل ولكنه أشار في المادة 59 أنها توضح بها قواعد تنظيم العمل، ومن ثم يتضمن لائحة تنظيم العمل المسائل المتعلقة بتنظيم العمل وتحديد المسائل التفصيلية المتعلقة بتنفيذ الالتزامات الناشئة عن عقد العمل كتحديد مواعيد بدء وانتهاء العمل وفترات الراحة ومواعيد دفع الأجور والإجراءات الواجب إتباعها للحصول على إجازة مرضية أو عارضة وتنظيم علاقة العمال برؤسائهم والاحتياطات الواجب مراعاتها لمنع الحوادث.
وسلطة صاحب العمل في تحديد مضمون اللائحة ليست مطلقة بل مقيدة بعدم تضمين اللائحة ما يخالف الأحكام الآمرة في قانون العمل إلا إذا كانت المخالفة أصلح للعمال، إذا كانت القاعدة الآمرة من القواعد الحمائية، كما يجب ألا تتضمن اللائحة تعديلا لعقد العمل دون موافقة العامل، وفى حالة التعارض بين العقد واللائحة يؤخذ بالقاعدة الأفضل للعامل
(د) الأساس القانوني للائحة:---
اختلف الفقهاء حول الطبيعة القانونية للائحة تنظيم العمل، فذهب البعض
الأساس التعاقدي:---
ظهرت هذه النظرية في القرن التاسع عشر الميلادي حيث كان المذهب الفردي سائداً ومضمونها أن اللائحة تفرض على العامل لأنه يوافق على شروطها كما يوافق على عقد العمل، وبعبارة أخرى تستمد اللائحة قوتها الملزمة من اتفاق الأطراف على مضمونها، كما أنه يمكن أن تنشأ لائحة جديدة في أثناء سريان علاقة العمل، وفى هذه الحالة فإن عدم فسخ العامل لعقد العمل يعد موافقة ضمنية على اللائحة.وإذا كان العامل لا يناقش أحكام اللائحة فإن هذا لا ينفى قبوله لها، فهذا هو شأن القبول في عقود الإذعان والتي تعد لائحة العمل واحداً منها .
ولقد وجهت إلى نظرية الطبيعة التعاقدية انتقادات عديدة،
فمن ناحية، ::---
لا تتفق النظرية السابقة مع الواقع، وذلك لأن العمال حين يلتحقون بالعمل لا تتاح لهم فرصة الإطلاع على اللائحة، وحتى إذا أتيحت لهم الفرصة فإنه، في الغالب ، لا يطلعون عليها فعلا، ولذلك فالقول بقبولهم الالتزام باللائحة ضمنا يقوم على إرادة مفترضة ، وليست إرادة حقيقية.
ومن ناحية أخرى،:---
فإنه يترتب على القبول بالطبيعة التعاقدية للائحة أن العامل لا يلتزم بأي تعديل فيها بعد التحاقه بالعمل إلا إذا وافق عليه صراحة أو ضمنا وهذا ما لم يقل به أحد، فمن المسلم به أن العامل يلتزم بأحكام اللائحة سواء أكانت موجودة وقت إبرامه لعقد العمل أو وضعت بعد ذلك، وأنه يلتزم بكل تعديل يدخله عليها رب العمل.
الأساس اللائحي :--
يرى أصحاب هذه النظرية أن اللائحة الداخلية تعد قانوناً بالمعنى المادي، أي قاعدة عامة ودائمة داخل المنشأة ، فكل جماعة يجب أن يكن لها قانونها الخاص وكل تنظيم يكون قانونه بصورة اختيارية.
ورب العمل هو المشرع الطبيعي للمجتمع المهني ووظيفته التنسيق بين العناصر التي تشكل المشروع لضمان الصالح العام للجماعة، والعامل يخضع للقانون الذي يضعه رب العمل بإرادته بدخوله في المنشأة وانضمامه للنظام .
وفى تفسير السلطة اللائحة لرب العمل في إصدار هذه اللائحة،
يرى بعض أنصار هذه النظرية
أن هذه السلطة ليست مستمدة من سلطة الدولة عن طريق التفويض ، ولكنها أصلية مستقلة عن سلطة الدولة ولها أساس مشابه لأساس سلطة هذه الأخيرة في إصدار القوانين وهو ضرورة وجود نظام قانوني خاص بالمشروع مثله في ذلك أي جماعة أخرى أو أي تنظيم آخر، ومن ثم يعطى حق وضع هذا النظام لرب العمل في المشروع وسلطته في ذلك هي نتيجة ملازمة لمسئوليته عن هذا المشروع .
ويرى البعض الآخر ،
أنه ما دام القانون قد خول لرب العمل سلطة إصدار لائحة تتوافر لقواعدها خصائص القاعدة القانونية فإنه يكون قد فوضه فى إصدار مثل هذه القواعد.
وفى رأينا مع الفقه الراجح :-
ولأن لائحة تنظيم العمل بالرغم من صفة العمومية لأحكامها لا يمكن اعتبارها قانون المنشأة وذلك لأن رب العمل يتقيد بألا يخالف بنود عقود العمل الفردية التي تربط بينه وبين عماله عند تحديده لمضمون هذه اللائحة، ومن ثم لا يعقل أن ينشأ قانون يكون في مرتبة العقد أو أقل منه.
رابطة التبعية كأساس لسلطة رب العمل في وضع اللائحة:--
تجد لائحة تنظيم العمل تبريرها في حالة التبعية التي يوضع فيها العامل بعد إبرامه لعقد العمل، فهو يلتزم بمجرد إبرامه لهذا العقد باحترام أوامر رب العمل المتعلقة بتنفيذ العمل وتنظيمه، وهذه الأوامر والتعليمات يمكن أن تصدر من رب العمل بطريقة عامة، أي في صورة لائحة تنظيم العمل، كما يمكن أن تصدر في صورة منشورات دورية أو مذكرات الخدمة، كما يمكن أن تكون هذه الأوامر فردية وتوجه إلى عامل معين أو إلى بعض العمال دون الآخر، كما يمكن أن تكون هذه الأوامر والتعليمات شفوية ما دام لا يوجد فيها ما يخالف أحكام القانون الآمرة أو يخل بالقوة الملزمة للعقد أو يعرض العمال للخطر.
وعلى ذلك فإن أساس القوة الملزمة للائحة تنظيم العمل يكمن في سلطة رب العمل في إشرافه على العمل والعمال الذين يقومون به، فتلك السلطة تجعل من رب العمل آمراً وموجهاً ومن العمال تابعين وخاضعين ومصدر هذه السلطة هو عقد العمل.
منقول للافادة