ما الفئات التي لا يسري عليها “قانون العمل العماني”؟ ولماذا تم استثناؤها؟



إن الحاكم للعلاقة التعاقدية التي تربط العامل برب العمل هو قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (35/2003)، وقد جاء
هذا القانون بمجموعة من القواعد التي في معظمها عبارة عن قواعد آمرة ملزمة لرب العمل، إذ هو قانون يحكم علاقة إلى حد ما نستطيع تسميتها بالعلاقة التحكمية، ففيها يكون صاحب العمل هو الطرف الأقوى فيه هذه العلاقة ويكون الطرف الأضعف هو العامل، ولكن ليس كل علاقة عمل تكون خاضعة لقانون العمل وأحكامه. وفي زاويتنا القانونية لهذا الأسبوع عبر “أثير| سوف نتحدث عن الفئات التي لا تسري عليها أحكام قانون العمل العماني، والقوانين التي تحكم العلاقة بينها، إذ من المعلوم أن قانون العمل هو قانون خاص انبثق من أصل القوانين لينظم علاقة خاصة ويضع لها إطارا محددا، فالمتعاطون مع القانون يعلمون يقيناً أن القانون المدني هو أبو القوانين، إذ هو الأصل الحاكم لكافة العقود، وعلاقة العمل أصلها عقد العمل الذي بإبرامه صحيحاً تنشأ علاقة العمل.والمعلوم أن القوانين حين تصدر فإن مراسيم إصدارها تحدد نطاق سريانها سواء من حيث الزمان الذي تدخل فيه حيّز النفاذ، وكذلك الفئة المستهدفة من القانون والمخاطبة بأحكامه، فحدود سريان قانون العمل العماني بالنسبة للفئات المخاطبة به تناولتها المادة (2) من قانون العمل، والتي نصت على: “لا تسري أحكام هذا القانون على:

1- أفراد القوات المسلحة وهيئات الأمن العام والعاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الوحدات الحكومية.
2- أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم.
3- المستخدمين داخل المنزل أو خارجها كالسائق والمربية والطباخ ومن في حكمهم، ويصدر الوزير قراراً بقواعد وشروط العمل الخاصة بهذه الفئات.



“والبيّن من نص المادة أعلاه أن المشرع سلك طريق تحديد الفئات المستثناة من تطبيق هذا القانون، وبذلك يكون كل علاقة عمل تخضع لأحكام هذا القانون إلا ما كانت في إطار البنود الواردة في المادة أعلاه، وهذه البنود ذات شمولية اشتملت على فئات عديدة منها ما يفرضه العقل والمنطق، وأخرى لخصوصيتها.

1- أفراد القوات المسلحة وهيئات الأمن العام والعاملين بوحدات الجهاز الاداري للدولة وغيرها من الوحدات الحكومية: إن استثناء هذه الفئات أمر يفرضه العقل والمنطق بألا تخضع العلاقة التي تربط المتعاقدين فيها لقانون العمل وذلك لأن الدولة طرف فيها، فهي بذلك تكون خاضعة لأحكام القانون العام المنظمة للعلاقة الوظيفية بين الموظفين والدولة، فأفراد القوات المسلحة والأمن العام يخضعون للقوانين والنظم العسكرية، والتي هي تعد من أعمال السيادة في الدولة لاتصالها بمرفق الأمن وحفظه، ولهذا السبب فقد أوجد المشرع نظاما قضائيا خاصا للفصل في منازعاتهم وهو القضاء العسكري، أما فيما يتعلق بتعاملات أفراد القوات المسلحة الخاصة فحالهم كحال باقي الأفراد بالدولة يخضعون لقانون المعاملات المدنية أو التجارية – بحسب الأحوال – وبالتالي تكون سلطة الفصل في منازعاتهم للقضاء العادي.أما العاملون بوحدات الجهاز الاداري للدولة وغيرها من الوحدات الحكومية فيخضعون في تنظيم علاقتهم الوظيفية مع الدولة لقانون الخدمة المدنية أو القوانين الخاصة بوحداتهم الإدارية، والمنازعات التي تتم في هذا الإطار يكون للقضاء الإداري وفق الاختصاصات المحددة في قانون محكمة القضاء الإداري سلطة الفصل فيها، وفي تعاملاتهم المدنية يخضعون للقضاء العادي.



2- أفراد أسرة صاحب العمل الذي يعولهم :-هذه الفئة جاء استثناؤها من تطبيق قانون العمل عليها تغليباً للخصوصية الأسرية بشأنها، فأفراد أسرة صاحب العمل لا تطبق عليهم قواعد قانون العمل بحكم العلاقة التي تربط رب العمل بهذا العامل وهي علاقة أسرية أوصارها ووشائجها لا يمكن أن تقيد بعقد عمل، فهي لا يمكن أن تنفك عن أصحابها حتى في إطار علاقة العمل، وبذلك استثناهم المشرع منرتطبيق قانون العمل عليهم، ولكن ليس كل أفراد أسرة صاحب العمل مستثنون من هذا القانون، فالفئة المستثناة فقط هي الفئة التي يكون صاحب العمل يعولهم، أي بكون هو الملزم برعايتهم والإنفاق عليهم، ومن وجهة نظرنا فإن تعاملاتهم تكون خاضعة لأحكام وقواعد قانون المعاملات المدنية، وأيضاً قانون الأحوال الشخصية، وإذا ما حدث خلاف بين أحد أفراد الأسرة ورب الأسرة فإن القضاء المدني هو المختص في الفصل بين ذلك الخلاف.

3- المستخدمون داخل المنزل أو خارجها كالسائق والمربية والطباخ ومن في حكمهم :إن هذه الفئة (المستخدمون بالمنازل) التي ذكر المشرع مثالاً لها ولم يحصرها في فئة معينة كمثل السائق والمربية وعامل المنزل والطباخ، تم استثناؤهم من تطبيق قانون العمل عليهم لخصوصية العلاقة الوظيفية التي ستربطهم مع رب العمل، فطبيعة عملهم تجعلهم يطلعون على أسرار المنزل وخصوصيته بما استوجب الأمر معه إخراجهم من تطبيق قانون العمل، وأعطى القانون وزير القوى العاملة سلطة إصدار القانون المنظم للعلاقة الوظيفية التي تربط أصحاب العمل بمستخدميهم.وبما أن المادة (2/3) من قانون العمل تطرقت إلى هذه الفئة و أوضحت أن وزير القوى العاملة يصدر فيها قرارا بقواعد وشروط العمل الخاصة، فقد أصدر الوزير القرار الوزاري رقم (189/2004) بشأن قواعد وشروط العمل الخاصة بالمستخدمين بالمنازل، وجاءت المادة (1) من القرار بتعريف المستخدم والمستقدم بما نصه “يعد مستخدماً بالمنزل كل شخص يؤدي عملاً داخل المنزل أو خارجه ويمكنه بحسب طبيعة عمله الاطلاع على أسرار من استقدمه، ويعد مستقدما كل شخص يستقدم هذا المستخدم للعمل لديه تحت إدارته وإشرافه”.وتناول القرار الوزاري رقم (189/2004) حقوق وواجبات هذه الفئة والتي من بينها أن يكون العقد باللغة العربية ولم يمنع أن يحرر بلغة أخرى ولكن يجب أن يكون العقد باللغة العربية وهذه النسخة تكون هي المعتبرة في الإثبات عند النزاع، وأيضاً من حقوق هذه الفئة على صاحب العمل أن يقوم بتوفير مستلزمات السلامة وتسليم أجورهم خلال (7) أيام من انتهاء الشهر، ومن واجباتهم خدمة المستقدم والمحافظة على أسراره والأشياء المسلمة إليه واحترام الدين الاسلامي.وينتهي عقد الاستخدام بوفاة المُستخدم أو المستفيد، ويجوز للمستقدم إنها عقد الاستخدام بشرط أن يقوم بإعلان المُستخدم قبل شهر من التاريخ المحدد لإنها العقد أو دفع أجره عن مدة الإعلان، وأيضاً يجوز للمُستخدم إنها عقده بشرط أن يقوم بإعلان المستقدم، وذلك قبل شهر من التاريخ المحدد لإنها العقد، وكذلك إذا ثبت وقوع اعتداء عليه من قبل المستقدم أو من أحد أفراد أسرته.ونظم القرار الوزاري مدة سقوط حق المستخدم في المطالبة بأي حق من الحقوق الناشئة عن العقد، وذلك بمضي سنة من تاريخ انتهاء العقد أو إنهاء عقد الاستخدام، ومدة التقادم المسقط هذه تتماثل مع المدة المقررة لسقوط المطالبة بالحقوق العمالية التي تسقط أيضاً بمضي سنة من تاريخ استحقاقها.أما فيما يتعلق بنظر المنازعات التي تنشأ عند عقد الاستخدام، فبموجب هذا القرار يكون للدائرة المختصة بتسوية منازعات العمال (بوزارة القوى العاملة) التي يتعين عليها اتخاذ الإجراءات اللازمة للتسوية خلال أسبوعين، فإن لم تتم التسوية تحيل الدائرة النزاع بموجب مذكرة للمحكمة المختصة ليفصل فيها لدى الدائرة العمالية المختصبة بحسب التنظيم الداخلي لكل محكمة، وهذا الإجراء أيضاً هو إجراء مماثل للفصل في المنازعات العمالية التي تنشأ عن تطبيق قانون العمل، وهذا التقارب يبيّن لنا أن استثناء هذه الفئة جاء فرضه حكم طبيعة المهام التي يقوم بها المستخدمون في المنازل، والأسرار التي يطلعون عليها وتعاملهم القريب جداً مع حياة صاحب العمل، فتقرير أحكام خاصة لهم أمر لابد منه.

منقول للافادة ..،