خصائص عقد العمل في العراق

إن لعقد العمل خصائص ثلاث:
1- أنهُ عقد رضائي أي أنهُ لا يحتاج إلى شكلية معينة يفرغُ فيها بل يكفي لإنعقاده توافق الإرادتان وتلاقي الإيجاب بالقبول والكتابة لا تعتبر فيه شرطاَ الأنعقاد وإنما وسيلة للأثبات ، فيجوز أثباته بكافة طرق الأثبات و لا يمكن أبطال العقد كونه غير مكتوب ، إذ نصت المادة / 30 من القانون : (يجب ان يكون عقد العمل مكتوبا, ويحدد فيه نوع العمل ومقدار الاجر, وفي حالة عدم كتابة العقد, فللعامل ان يثبت العقد والحقوق الناشئة عنه بجميع طرق الاثبات. )
2- أنهُ عقد ملزم للجانبين إذ أنهُ يرتب التزامات متقابلة على طرفي العقد بخلاف العقود الملزمة لجانب واحد وكل التزام من طرف ما يقابله التزام بالطرف الآخر ، فالتزام العامل بإداء العمل يقابلهُ التزام صاحب العمل بدفع الأجرة وهكذا .
3- أنهُ من عقود المدة المحددة أو المستمرة فهو يحتاج إلى فترة زمنية لأجل تنفيذه وهو بخلاف العقود فورية التنفيذ التي لا تحتاج إلى فترة زمنية بل تنتج آثارها بمجرد الأنعقاد ويترتب على أعتبار العقد من عقود المدة ، ما يلي :

5
آ – في حالة قوة قاهرة أو طارئة لا ينفسخ العقد و لا ينتهي بل يؤدي ذلك إلى وقفة مؤقتة ويعاد العمل به بعد أنقضاء القوة القاهرة .
ب – إذا بطل عقد العمل فإن البطلان لاينسحب بآثارهِ على الماضي.
عناصر عقد العمل : أن لعقد العمل ثلاث عناصر :
1- العمل : عرفهُ قانون العمل بإنهُ : ( كلما يبذل من جهد أنساني فكريا أو تقنيا أو جسمانيا سواءا كان بشكل دائم أو مؤقت أو موسمي) وتفسير العمل المؤقت والموسمي يراد بهما وكما نصت الفقرة الثانية من م 32 : (يكون العقد الذي ينصب على عمل من طبيعة مؤقتة او موسمية عقدا محدود المدة, ويراد بالعمل المؤقت العمل الذي تقتضي طبيعة تنفيذه وانجازه مدة محدودة, ويراد بالعمل الموسمي العمل الذي يقتضي تنفيذه وانجازه في مواسم معينة من السنة.) ومثال العمل المؤقت كأعمال البناء ومثال العمل الموسمي كالزراعة ، هناك أنواع وتقسيمات للعمل فقد يقسم العمل إلى مادي وقانوني ، فالعمل المادي هو الذي تكون آثاره ملموسة كالقيام بالبناء والعمل القانوني الذي لهُ أثر ملموس عند العمل ، مثل ؛ بيع العامل لبضاعة صاحب العمل ، هناك تقسيم آخر يقسم العمل لعمل يدوي وآخر فكري ( عقلي) ، العمل اليدوي يحتاج لمجهود جسماني والعمل الفكري قوامه المجهود العقلي والفكري .
2- الأجرة : عرفهُ قانون العمل بأنهُ كل ما يتقضاه العامل من أموال من صاحب العمل أياَ كانت طريقة أحتسابه ويستحقهُ من تاريخ مباشرته العمل ويجب أن يكون الأجر ماليا ، والمعروف أن عقد العمل يعتبر من عقود المعاوضة أو المقابلة وفيه الأجرة تعتبر مقابلا لعنصر العمل لأنها تقابل العمل وتعتبر سببا له ويمكن أن يحصل العامل على أموال من مصادر أخرى مرتبطة بالعمل وهي لا تعتبر كقاعدة عامة من قبيل الأجرة الإذ إذا أنفق على ذلك ، كالمنحة والحلوان ( مكافأة الحرامية) ، ويحدد الأجر على أساس العمل المؤدى ، هنا يبرز التساؤل : ماذا لو لم يحدد الأجر في العقد أو سكت عنهُ ؟ الجواب: قانون العمل أوجب في كل عقد عمل أن يحدد مقدار الأجر ونوع العمل ، وكما نصت المادة /30 من القانون : (يجب ان يكون عقد العمل مكتوبا, ويحدد فيه نوع العمل ومقدار الاجر, وفي حالة عدم كتابة العقد, فللعامل ان يثبت العقد والحقوق الناشئة عنه بجميع طرق الاثبات.) أما إذا لم يحدد الأجر صراحة في العقد ، فيكون أمام حالة من حالات ( أجر المثل) ، لكن يبرز السؤال : هل أن جميع أنواع العمل مأجورة وهل أن الأعمال التوابع مأجورة بصورة مستقلة أم تعد جزءا من الأعمال الأصلية ؟أن العمل يعد مأجورا رغم السكوت عن الأجر عنهُ في العقد بشرطين :
1- أن تكون الأعراف والتقاليد تقضي بكون هذهِ الأعمال التابعة تعد جزءا من العمل الأصلي .
2- أن تكون بحسب العرف وبنفس أختصاص العمل الأصلي .
وكما أن الأجزاء الأخرى للأجر كالمكافأة ، تعتبر جزءا من العقد بالشروط التالية :
1- أن يكون القانون أو عقد العمل أو النظام الداخلي للمشروع قد نص على دفعها .
2- إذا أستقرّض التعامل والتقاليد الفنية على دفعها للعامل في مشروع معين لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات بصورة عامة ثابته .
6
3- التبعية : وهي نوعان : تبعية اقتصادية وتبعية قانونية
التبعية الاقتصادية : مفادها احتياج العامل على ما يتقضاه من صاحب العمل من أموال واعتماده عليها اقتصاديا في معيشته اليومية وبذا يجب توافر شرطان للتبعية الاقتصادية :
آ- أن يخصص العامل كامل وقته لغرض تأدية العمل المتفق عليه .
ب- أن يعتمد العامل على الأجر الذي يتقاضاه في معيشته .
أن التبعية الاقتصادية عموما تبنى أساسها على فكرة الاحتياج الاقتصادي للعامل لما يتقضاه من رب العمل ، لكن الفقه والقضاء لم يؤخذ بمعيار التبعية الاقتصادية للأسباب التالية :
1-تعتمد على الحاجة الاقتصادية وهذهِ فكرة غير واضحة المعالم ولا يمكن الاعتماد عليها كمعيار سليم لأنها تختلف من شخص لآخر بل أنها لدى نفس الشخص قد تختلف من زمان لآخر ، فيكون وضعه الاقتصادي جيد في أوقات وغير جيد في أوقات أخرى .
2- أن التبعية الاقتصادية والاحتياج والاعتماد ماليا على الآخرين موجود لدى كل من يمارس عملا حتى إن لم يكن عاملا ، فالطبيب يعتمد على ما يتقضاه من زبائنه والمقاول كذلك ، فهم لا يعتبرون عمالا ولا يخضعون إلى إشراف وتوجيه زبائنهم .
3- يمكن أن يكون العامل معتمدا على مصادر أخرى غير الأجرة التي يتقاضاها وليس على تلك الأجرة وهذا خلاف أساس التبعية الاقتصادية .
التبعية القانونية : وتعني خضوع العامل لصاحب العمل من ناحية الإشراف فيما يخص عمله أي يخضع لتوجيهات وإدارة صاحب العمل ولهذهِ التبعية وجهين :
الوجه الفني : بقصد به أن يخضع لتوجيهات صاحب العمل فيما يخص الأمور الفنية للعمل بشرط أن يكون رب العمل عارفا أو خبيرا في مجال اختصاصه ، فإذا لم يكن كذلك يعطي أوامر خاطئة والعامل يطيع أوامره ، الأمر الذي قد يعرضهُ وغيره من العمال لخطر محتمل .
الوجه الإداري: هو سلطة صاحب العمل في تحديد ظروف العمل وكيفية التنفيذ ، مثل ؛ بدء العمل ، تحديد ساعات العمل ، تحديد وقت الاستراحة .... ألخ ، أن لهذهِ التبعية شروط ، هي كالآتي :
1- أن يكون العامل شخصا طبيعيا لا معنويا .
2- يجب على العامل أن ينفذ العمل بنفسه ولا يستطيع أن يستخدم عمالا آخرين إلاّ إذا أتفق على ذلك دون أن يربطهم بصاحب العمل مباشرة.
3- أن يلتزم العامل بأداء العمل لمصلحة ربّ العمل فينبغي فيه المشاركة بينهما .
4- أن يخصص نفسه ووقته لخدمة ربّ العمل .
7
تميز عقد العمل عن غيره من العقود : قد يختلط عقد العمل مع غيره من العقود في وجود أوجه تشابه بينهما ، كالآتي:
1- تميزه عن عقد المقاولة : ( عقد المقاولة عرّفهُ المدني ؛بأنه عقد يتعهد به أحد الطرفين ، بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به الطرف الآخر) وأهمية التميز بينهما ينطلق من كون عقد المقاولة ، بأنه تطبق بشأنه احكام القانون المدني فتطبق بشأنه احكام قانون العمل ، أن معيار التميز بينهما ، تتمثل بعنصر التبعية القانونية في عقد العمل والذي هو غير موجود في عقد المقاولة ، إذ نصت المادة 900 الفقرة الثانية : ( يتميز عقد العمل عن عقد المقاولة بأن الأول دون الثاني حتما ، كربّ العمل في إدارة جهود العامل وتوجيهها أثناء قيامه ُ بالعمل أو على الأقل بالاشراف عليه ) من هذا يتبين أن عقد المقاولة يكون المقاول فيه مستقلا من ناحية تنفيذه للعمل ويمارس عمله على نحو غير مرتبط بربّ العمل ولا يجوز للأخير أن يتدخل في عمله المقاول ما دام أن تنفيذه للعمل يكون بموجب العقد ، فالمقاول هو الذي هو الذي يختار كيفية التنفيذ ووسائله ومهماته كالعمال والأدوات ومادام عمله مطابقا للعقد ، لا يجوز لصاحب العمل أن يملي عليه ما يجب عملهُ في هذا الإطار ، ولا يلتزم المقاول بإطاعة هذهِ الأوامر.
2- تميزه عن عقد العمل ( الشركة) : القانون ، عرّفَ عقد الشركة بأنهُ : ( عقد يلتزم به شخصين أو أكثر يتعهد به بأن يقدم حصة من المال أو عمل للمساهمة في مشروع اقتصادي وأقتسام ما قد ينتج عن ذلك من ربح أو خسارة) ، جوهر عقد الشركة يقوم على أساس المشاركة بين الشركاء في الربح والخسارة، كما أن العلاقة بين الشركاء تقوم على أساس المساواة وقد يختلط الأمر في حالة كون أن أحد الشركاء يقدم حصته من عمل ، فهل يعتبر هذا الشريك عامل؟ وكذلك يختلط الأمر في حالة كون أن العامل يستلم أجره من خلال نسبة مئوية من الأرباح ، فهل يعتبر في هذهِ الحالة شريك؟ أن معيار التميز بينهما يتمثل في عنصر التبعية القانونية فالشريك ( كما هو معروف في عقد الشركة) يتميز بنوع من الاستقلال والمساواة في مواجهة بقية الشركاء ، وكذلك في الحالة الثانية فأن الشريك ( كما مبين في التعريف) يتقاسم الربح والخسارة ، أما العامل فلا يشترك في الخسارة وفي حالة خسارة المشروع يعتبر أجرة العامل دينا في ذمة ربّ العمل ، وقد يكون التساؤل حول مقدار الأجرة بالضبط وذلك يتم تقدير أجر العامل بناءا على ( أجر المثل) الذي يتم تقديره من قبل الخبراء على أساس معدل ما يتقاضاه خلال الفترة او الموسم .
3- تميزه عن عقد الوكالة : القانون الذي عرّف الوكالة بأنها ( عقد يقيم به شخص غيره مقام نفسه في تصرف جائز ومعلوم) ويتضح من التعريف أنف الذكر ، أن الوكالة تنصرف إلى الأعمال الذهنية والقانونية في الغالب الأعم ، أما عقد العمل فينصرف أيضا في الغالب الأعم للأعمال البدنية أو الجسمانية وقد يثور الخلط أو التشابه بينهما في حالة كون العامل يبيع بضاعة لمصلحة صاحب العمل ، ففي هذهِ الحالة يتم النظر لمعيار التبعية القانونية ، فإذا كان العامل خاضعا لإدارة وتوجيه صاحب العمل ، أعتبر عقد عمل أما إذا لم يكن كذلك فيعتبر عقد وكالة ، لأن الوكيل في الغالب الأعم يمارس أعمالا لا يحق لموكلهِ أن يمارسها أو لا يعرف الأصول الفنية لها.

8
القيود المفروضة على علاقات العمل :
1- القيود المفروضة على تشغيل الأجانب : عقد العمل يعتبر من الناحية الاقتصادية مصدر لمعيشة العامل ويجب على الدولة أن تقوم بتوفير فرصة العمل لكل مواطن قادر عليه، نص المادة 2 : (يضمن هذا القانون حق العمل لكل مواطن قادر عليه بشروط وفرص متكافئة بين المواطنين جميعا دون تمييز بسبب الجنس او العرق او اللغة او الدين, ويترتب على ذلك اتاحة الفرصة لكل مواطن في التدريب على النشاط المهني في الحدود التي ترسمها الدولة لحجم ونوع العمل في كل قطاع مهني.) وبالتالي بقع على الدولة أن تقوم بضمان عدم مزاحمة الأجنبي وفرصة العمل هذهِ تقدر بحسب ظروف موضوعية ، ويعرّف الأجنبي ( هو كل من لايحمل الجنسية العراقية أو جنسية أحد الدول العربية ويرغب بالعمل في العراق في القطاع الخاص أو المختلط او التعاوني ) وقد أستثنى القانون العراقي العامل العربي من أعتباره عاملا أجنبيا وأعتبره مواطن عراقي لأغراض هذا القانون لإعتبارات قومية دون أن يأخذ بالمعاملة بالمثل .
طلب الإجازة : لكي يمارس الأجنبي عمله في العراق يحتاج إلى أذن أو موافقة أو أجازة من الجهات المختصة في العراق ويكون عن طريق تقديم طلب تحريري مكتوب من العامل الأجنبي إلى أحدى الممثليات العراقية في دولته يبين فيها رغبته في العمل بالعراق على أن يذكر أسمه وجنسيته وكافة البيانات والمعلومات الشخصية الخاصة به مع ذكر الاختصاص وإرفاق الشهادات والمستمسكات التي تبين مدى كفاءته بالأظافة إلى ذلك بيان يؤكد عدم محكوميته بأي جناية أو جنحة في دولته ويمنح الأجازة بالشروط التالية:
1- أن يكون دخوله وأقامته للعراق بصورة مشروعه .
2- أن يحمل المؤهلات الفنية المطلوبة.
3- أن يكون هناك حاجة لاستخدامه.
4- أن يحصل على موافقة النقابات المهنية التي تختص بعمله .
5- أن يحصل على موافقات أمنية من الجهات الأمنية .
6- أن لا يكون مرتكبا لجريمة خارج العراق ويكون حسن السيرة والسلوك .
مدة الأجازة: مدة الأجازة تكون لمدة سنة قابلة للتجديد على أن يقدم طلب التجديد قبل شهرين من انتهاء المدة ويجوز ألفاء الأجازة حتى ولو لم يتم أكمال السنة في الحالات التالية :
الحالة الأولى: إذا قدمَ الأجنبي معلومات غير صحيحة .
الحالة الثانية: إذا أصبح وجود الأجنبي في العراق مضراَ بمصلحة العراق.
الحالة الثالثة: إذا ثبت أن استخدام الأجنبي قد تم بعد الاستغناء عن العامل العراقي بنفس كفاءته الفنية والمهنية .
9

الأستثناءات على منح الأجازة للأجنبي :
هناك بعض الفئات من العمال يتم منحهم الأجازة أستثناءا من الشروط السابقة وهم كالآتي :
الفئة الأولى : العاملون لدى الهيئات الدبلوماسية وكذلك المنظمات الدولية الموجودة في العراق والمعتمدة قانونا.
الفئة الثانية : العمال الذين يعملون مع الشركات الأمنية المتعاقدة مع العراق إذا نص على ذلك في العقد أو بعد الحصول على موافقة الوزير المختص وكذلك العمال الأجانب المتعاقدين مع الحكومة بصورة مباشرة .
الفئة الثالثة : العمال الذين تنص الأتفاقيات والمعاهدات الدولية على استثنائهم من الشروط والتي يوقع عليها العراق .

منقول ..،