عناصر عقد العمل الامارات دبي ابوظبي



ان عقد العمل هو تصرف يمثل الارادة الحرة لكل من طرفي العقد ، و يشترط فيه ما يشترط في العقود من محل وتراضي وسبب واهلية صالحة لإبرامه ، وذلك مع تضمين القيود القانونية التي حرص المشرع على وجوب مراعاتها في العقد ، فعقد العمل ليس متروكا لحرية ارادة طرفيه ، بل هو متابع قانونيا بقيود واجبة المراعاة نظرا لحرص المشرع على حقوق العامل وعدم تعرضه للاستغلال ، ولقد عرفت المادة الاولى من قانون العمل الاماراتي رقم 8 لعام 1980 عقد العمل كما يلي :

هو كل اتفاق محدد المدة او غير محدد المدة، يبرم بين صاحب العمل والعامل، يتعهد فيه الاخير بان يعمل في خدمة صاحب العمل وتحت ادارته او اشرافه مقابل اجر يتعهد به صاحب العمل.
ان كلمة ” اتفاق ” الواردة في نص المادة ، تفيد عدم شكلية عقد العمل ، فيصح العقد سواء ورد كتابة او شفاها ، والكتابة هنا للإثبات وليست شرطا في انعقاد العقد .
اما قانون المعاملات المدنية ، فقد عرف عقد العمل في مادته رقم 897 كما يلي :
1- عقد العمل عقد يلتزم أحد طرفيه بأن يقوم بعمل لمصلحة الآخر تحت إشرافه أو إدارته لقاء أجر يتعهد به الطرف الآخر.

يتبين من تعرف القانون لعقد العمل انه يتميز بعناصر اربعة هي :

اولا – عنصر العمل :
عرفت المادة الأولى من قانون تنظيم علاقات العمل الاماراتي العمل كما يلي :
العمل: هو كل ما يبذل من جهد انساني- فكري او فني او جسماني- لقاء اجر سواء كان ذلك بشكل دائم او مؤقت.
وهذا الجهد الانساني الذي يبذله العامل هو محل عقد العمل ، وعلى العامل اداؤه على الوجه المتفق عليه وما تقضي به طبيعة العمل وما جرى به العرف على انه من توابع العمل ، وبذلك قضت المادة 906 من قانون المعاملات المدنية التي نصت :

يلتزم العامل بكل ما جرى العرف على انه من توابع العمل ولو لم يشترط في العقد

ومعيار قياس تنفيذ العامل لأدائه ما التزم به هو ان يبذل في سبيل ذلك عناية الشخص المعتاد وهو ما اوجبته المادة 905 من قانون المعاملات المدنية التي قالت :
يجب على العامل: 1- أن يؤدي العمل بنفسه ويبذل في تأديته عناية الشخص العادي.
ويتم تعيين العمل في العقد ولو بنوعه ، وقد يتعين بالعرف ، ويلزم من تعيينه التزام صاحب العمل بالامتناع عن الزام العامل بأداء عمل مغاير لما التزم به من عمل ، من حيث انه الزام له بما لم يلتزم به ، والا جاز للعامل الامتناع عن الخضوع لأوامر صاحب العمل بأداء عمل مغاير ، الا اذا اقتضت ذلك ظروف استثنائية لحماية المنشاة او العاملين فيها ، كما في حال نشوب حريق او مواجهة خطر فيضان ، فعندئذ يجوز لصاحب العمل تكليف العامل او العمال بمواجهة تلك الظروف تكليفا مقيدا بوقوع تلك الظروف الاستثنائية.

ثانيا – عنصر التبعية :
مقتضى عنصر التبعية خضوع العامل في أدائه لعمله لإشراف صاحب العمل او ادارته وتعرف بالتبعية القانونية ، وقد برز هذا العنصر في تعريف عقد العمل في المادة 897 الانفة الذكر :
عقد العمل عقد يلتزم أحد طرفيه بأن يقوم بعمل لمصلحة الآخر تحت إشرافه أو إدارته لقاء أجر يتعهد به الطرف الآخر.
والتبعية التي هي العنصر الثاني من عناصر عقد العمل تعني وقوع العامل تحت ادارة او اشراف صاحب العمل ، ويتم ذلك عادة في المنشاة بلوائح وتعليمات يصدرها صاحب العمل تكون موجهة الى العمال ، ذلك ان لصاحب العمل الحق في ادارة العمل التابع له ، فتعين ان لصاحب العمل توجيه الاوامر والنواهي ورقابة سير العمل ، وتعيين الجزاءات التي تكفل حسن سير العمل ، وبما لا يخالف قواعد قانون تنظيم علاقات العمل بطبيعة الحال ، من حيث انها قواعد امرة لا تجوز مخالفتها باتفاق او شرط او لائحة .
وتعد هذه التبعية تبعية قانونية لقيامها على الاشراف والتوجيه وهي على صورتين احداهما فنية والاخرى تنظيمية “ادارية ” .
تكون التبعية تنظيمية في حال المام صاحب العمل بمعرفة كافية بدقائق العمل وطرق ادائه ، سواء كانت تلك المعرفة حاصلة له بشخصه بحكم تخصصه او يتوصل اليها بغيره ، كاستعانته باهل خبرة وفنيين يقومون بهذه الرقابة والمتابعة بتفويض منه ، خاصة في المنشاة التي يكثر فيها العمال ويصعب متابعتهم من قبل شخص صاحب العمل بشكل مباشر ، وهذه التبعية تبرز جليا في العمل المهني والحرفي .
اما التبعية التنظيمية ، فهي تتمثل في سلطة صاحب العمل على العامل من خلال تنظيمه ممارسة العمل ونطاقه وضوابطه ، كما في تنظيم ساعات العمل وفترات الراحة والاجازات وطريقة اداء الاجور واصدار لوائح العمل وطريقة توقيع الجزاءات على مخالفات العمال ، ويكفي لقيام رابطة التبعية توافر التبعية الادارية والتنظيمية ولا يستلزم ضرورة توافر التبعية الفنية ، ذلك ان اشتراط التبعية الفنية يؤدي الى تضييق نطاق عقد العمل ، حيث لن توجد الا اذا كان العامل لدى رب العمل في مهنته او حرفته ، في حين ان التبعية الادارية تربط العامل برب العامل برابط من التبعية لا يمكن انكاره ، فلو ان صاحب العمل يتدخل في كل دقائق عمل العامل لكان من السهل عليه الاستغناء عنه ، بل ان كثرة العمال تحول عمليا دون توافر التبعية الفنية الا اذا تابع الاشراف بواسطة غيره .
والقاضي يستخلص من مجموع الظروف مدى توافر التبعية ، فيعتبر عاملا من يعمل خارج المنشاة اذا كان يتبع في بيعه البضاعة خط سير محدد من قبل صاحب العمل ، اما بائع الصحف الذي لا يتبع خطا معينا في سيره ويمارس عمله بحرية في قطاع معين لا يعتبر عاملا ، كما ان عدم الالتزام بالتواجد في اوقات العمل لا ينفي التبعية اذا ما كان العامل يلتزم بان يتواجد عند استدعائه من قبل صاحب العمل ، فلاعب الكرة يعتبر عاملا لدى النادي اذا كان يلتزم بالتوجه الى النادي عند اي استدعاء ويخضع لإشراف النادي ورقابته .

ثالثا – عنصر الاجر:
يراد بالأجر المقابل المالي الذي يتقاضاه العامل في مقابل قيامه بعمله الذي التزم به ، ولا يؤثر في مفهوم الاجر الاختلاف في تسميته كما في اطلاق لفظ المرتب او الاتعاب عليه ، كما انه لا يؤثر عليه وقوعه يوميا او اسبوعيا او شهريا او مقابل عمل على مقدار الانجاز ، واذا لم يحدد مقدار الاجر في عقد العمل ثبت اجر المثل ، ومن صور تطبيق هذا المبدأ ما قضت به المادة 914 من قانون المعاملات المدنية :
اذا طلب صاحب العمل من آخر القيام بعمل على أن يكرمه لزمه أجر مثله سواء أكان ممن يعمل بأجر أم لا.
فمقتضى النص ان عقد العمل انعقد ولو لم يتم الاتفاق على مقدار الاجر لأمكن تعيينه باجر المثل ، ويثبت الاجر للعامل بأحد امرين ، احدهما اداء العمل والثاني ان يعد العامل نفسه لأداء العمل ويتفرغ له وان لم يسند اليه عمل لتنفيذه ، اعتبارا بانه نفذ التزامه من خلال حبس وقته لصالح صاحب العمل ، وبذلك قضت المادة 912/1 من قانون المعاملات المدنية :
على صاحب العمل أن يؤدي للعامل اجره المتفق عليه متى أدى عمله أو أعد نفسه وتفرغ له وان لم يسند إليه عمل.

رابعا – عنصر المدة :
يشتمل عقد العمل على مدة زمنية يقتضيها تنفيذ العمل ضرورة ، فكان لذلك من عقود المدة ، ومن ابرز مظاهر عقد المدة عموما ان الفسخ فيه لا يكون باثر رجعي لتعذر الرجوع بالزمن الى وقت العقد .
وباعتبار عنصر المدة يكون عقد العمل محدد المدة او غير محدد المدة ، كما جاء في المادة 38 من قانون تنظيم علاقات العمل الاماراتي التي قالت :
يكون عقد العمل لمدة غير محددة او لمدة محددة فاذا حددت مدته وجب الا تجاوز اربع سنوات والعقد المحدد المدة هو العقد الذي يرتبط العمل فيه باجل محدد لا يزيد على اربع سنوات او بإنجاز عمل معين ، في الحالة الاولى ينتهي العقد بانتهاء مدته سواء كانت يوما او شهرا او سنة على الا تزيد المدة فيه على اربع سنوات والا كان غير محدد المدة ، والحالة الثانية ينتهي العقد بانتهاء العمل الذي التزم العامل بأدائه ، ويجوز الاتفاق على تجديد العقد محدد المدة لمدة مماثلة او اقل او اكثر ولأكثر من مرة ، على ان تضاف المدة الجديدة الى المدة السابقة في احتساب حقوق العامل مراعاة لمصلحته
كما جاء ايضا في المادة 38 حيث قالت :
يكون عقد العمل لمدة غير محددة او لمدة محددة فاذا حددت مدته وجب الا تجاوز اربع سنوات ويجوز باتفاق الطرفين تجديد هذا العقد لمدة اخرى مماثلة او لمدة اقل مرة واحدة او اكثر. وفي حالة تجديد العقد تعتبر المدة او المدد الجديدة امتداد للمدة الاصلية وتضاف اليها في احتساب مدة الخدمة الاجمالية للعامل.
اما العقد غير محدد المدة فقد حددته المادة 39:
يعتبر عقد العمل غير محدد المدة منذ بدء تكوينه في اي من الحالات الآتية:
1- اذا كان غير مكتوب.
2- اذا كان مبرما لمدة غير محددة.
3- اذا كان مكتوبا ومبرما لمدة محددة، واستمر الطرفان في تنفيذه بعد انقضاء مدته دون اتفاق كتابي بينهما.
4- اذا كان مبرما لأداء عمل معين غير محددة المدة او قابل بطبيعته لان يتجدد واستمر العقد بعد انتهاء العمل المتفق عليه
مقتضى الحالة الاولى حمل عدم كتابة العقد على اطلاق المدة فيه ، فكان بهذا الاعتبار غير محدد المدة مراعاة لحكم الاطلاق ، وفي الحالة الثانية تتجلى ارادة المتعاقدين في جعل العقد غير محدد المدة رغم كونه مكتوبا ، وتمثل الحالة الثالثة حالة استمرار العامل وصاحب العمل في تنفيذ العقد المحدد المدة بعد انقضاء مدته ، وهي حالة اخرى لاعتباره غير محدد المدة وقد كان الطرفان يملكان تجديد العقد والنص على مدة العمل فيه الا ان سكوتهما حمل على ان العقد تم تمديده لمدة غير محددة وقد اكدت ذلك المادة 40 حيث قالت :
اذا استمر الطرفان في تنفيذ العقد بعد انقضاء مدته الاصلية او انتهاء العمل المتفق عليه دون اتفاق صريح اعتبر العقد الاصلي ممتدا ضمنيا بالشروط ذاتها الواردة فيه فيما عدا شرط المدة.

واذا وقع الاختلاف في كون العقد محدد المدة او غير محدد المدة كان للمحكمة سلطة تقديرية في تعيين صفة المدة في العقد مع مراعاة قاعدة ان الشك يفسر لمصلحة العامل .



منقول ...