تعريفه: يعني عموما شيئا ما تم كسره (سلوكيا، أخلاقيا،اجتماعيا، ماليا،إداريا)، يرتبط بفعل لا أخلاقي وغير قانوني ويتطور عبر التاريخ لينتشر عبر العالم، وأهم تعريفاته: أ/ لغة: التعفن أي فسد أو تلف وللتحقير عند نعت المرء به، ابن منظور: "نقيض الصلاح"،قاموس أكسفورد الانجليزي: جعل الانسان يتحول من سلوك عقلاني إلى سلوك غير عقلاني كالعنف والتحرش.
ب/ قانونا: 1/من منظور الحكم الجيد: "أحد الأعراض التي ترمز إلى وقوع خطأ في إدارة الدولة"، أي استخدم المؤسسات المصممة لإدارة العلاقات بين المواطن والدولة كوسيلة للإثراء الشخصي وتقديم المنافع إلى الفاسدين. 2/ من منظور برلماني: "إساءة استخدام المنصب ع، لتحقيق مكاسب شخصية أو مصلحة شخص أو جماعة ما بسبب الولاء لهم أو لكسب ولائهم". 3/ المشرع ج: م2 من ق و من الفساد ومكافحته: "كل الجرائم المنصوص عليها في الباب 4 من هذا ق" كالاتفاقية الأممية لم يعرفه وانصرف إلى صوره ومظاهره.
ج/الإداري: "سوء استغلال السلطة ع لتحقيق مكاسب خاصة"، اي قدر من الانحراف المتعمد في تنفيذ العمل الإداري، فإذا كان يتجاوز فيه ق دون قصد سيئ كالإهمال أو اللامبالاة فإنه لا يرقى إلى الفساد مع معاقبةق عليه، وإذا لم يعالج قد يؤدي إلى الفساد.
د/ دوليا: الأمم المتحدة: سوء استعمال السلطة ع للحصول على مكاسب شخصية ويضير بالمصلحة ع، صنفت أفعالا وممارسات أنها فاسدة. البنك الدولي: يعد الأكثر رواجا من الناحية العملية خاصة بالنسبة للعاملين في حقول التنمية: "استغلال أو إساءة استعمال الوظيفة ع من أجل مصلحة شخصية"، منظمة الشفافية الدولية: "سوء استخدام السلطة ع لأجل تحقيق مكاسب خاصة". الاتفاقية الافريقية لمنع الفساد ومكافحته: صادقت عليها في 2003، لم تعرف الفساد بل أشارت إلى صوره ومظاهره وأنشطته في م4. ق الجنائي الأوروبي للمكافحة: فعل الإغراء أو عرض أو إعطاء أو قبول مباشرة أو غير مباشرة عمولة غير مشروعة، أو امتياز أو الوعد به، والذي يؤثر على الممارسة العادية للمهمة أو السلوك العادي للمستفيد من العمولة غير المشروعة أو الامتياز أو الوعد بذلك الامتياز". صندوق النقد الدولي: "سوء استخدام السلطة ع للحصول على مكسب خاص، يتحقق حينما يتقبل الموظف الرسمي الرشوة أو يطلبها أو يستجديها أو يبتزها".
ف 2: أنواعه: مصطلح عام له تفرعات وتقسيمات ويتضمن محاور عديدة، منها:
أولا: الفساد طبقا للمجال الذي ينتشر فيه:
أ/ العقائدي: التحريف والدس، والتشكيك في أوامر الدين والعقيدة، وهو أعظم فساد يصيب الانسان.
ب/ السياسي: الأوسع "إساءة استخدام السلطة ع لأهداف غ مشروعة، عادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية، تسهل النشاطات الإجرامية كالاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال، ولا يقتصر عليها ولا يدعم أو يحمي بالضرورة الجرائم الأخرى"، وتختلف ماهيته من بلد لأخر ومن سلطة قضائية لأخرى، كإجراءات التمويل السياسي، وبعض الممارسات السياسية مباحة في بعض البلدان، التي توجد فيها جماعات مصالح قوية. والفساد الذي يرتكبه السياسيون في البلاد أخطر وأهم أنواع الفساد لارتباطه بكبار المسؤولين في الدولة. هتنغتون: "وسيلة لقياس مدى غياب المؤسسات السياسية الفاعلة" عرفه من خلال وجود المؤسسات السياسية أو عدمها أي ربط بين التنمية السياسية والفساد، كونهما متلازمان بدرجات متفاوتة، فالحياة السياسيةهي صراع على النفوذ والمصالح والموارد وإدارة للشأن ع، وتتلخص أهم صوره في:1/ فساد القمة: من أخطر الأنواع لارتباطه بقمة الهرم السياسي، لانتفاع من يتولاها بالخروج عن ق بالمكاسب الشخصية.2/ فساد الأحزاب وقضايا التمويل وشراء الأصوات وتزوير الانتخابات: تتزامن مع تمويل الحملات السياسية، غير مرتبط بالضرورة بالفساد البيروقراطي بل موجودة في كثير من الأنظمة الديمقراطية، اذ لا يمكن فصل المال عن السياسة (قبول السياسيين لدفعاتمالية،في امريكا كلفة الحملات الانتخابية تشجعصفقات التبادل المنفعي، في فرنسا وايطاليا التبرعات غير ق للحملات وإغراء ورشوة الناخبينبها).
ج/ الاقتصادي: يرتكب ضد أموال الدولة بآليتين رئيسيتين: دفع الرشوة والعمولة(البرطيل، البقشيش) المباشرة للموظفين والمسؤولين في الحكومة لتسهيل وتسريع عقد صفقات رجال الأعمال والشركات الأجنبية.وضع اليد على المال ع والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأقارب في الجهاز الوظيفي في القطاعين ع وخ، أهم مكوناته في: 1/ تخصيص الأراضيفي شكل "العطايا" لتستخدم في المضاربات العقارية وتكوين الثروات، 2/ إعادة تدوير أموال المعونات الأجنبية للجيوب الخاصة (أكثر من 30% منها لا تدخل خزينة الدولة)، 3/ قروض المجاملة التي تمنحها المصارف دون ضمانات جدية لكبار رجال الأعمال، 4/ عمولات عقود البنيةالتحتية وصفقات السلاح، 5/ العمولات والإتاوات بحكم المنصب أو الاتجار بالوظيفة.
خلاصة: قد يكون الفساد فرديا أو مؤسسيا أو منتظما، وقد يكون مؤقتا أو في مؤسسة معينة أو قطاع معين، أخطره الفساد المنتظم حين يصبح ظاهرة يعاني منها المجتمعوحديث ع وخ يتواجد في عباراته الشعبية وداخل شروحهله في نتائجه وأسبابه.
ثانيا: تصنيف الفساد المتصل بالتنمية الاقتصادية: حق التبادل غير المشروط (الفساد الموسع) نتيجة للحرية الاقتصادية، يؤدي إلى زيادة ثروة المجتمع ككل، التبادل الحر المقيد بشروط (الفساد المحدود) يؤدي إلى نقل الثروة من أصحابها إلى أفراد آخرين بدلا من توزيعها على أفراد المجتمع.
أ/ الاجتماعي: خلل في القيم الاجتماعية كقلة الولاء للوظيفة وعدم احترام الرؤساء، وعدم تنفيذ الأوامر،يسري بين مج من الأفراد ثم ينتشر في غالبيةالمجتمع.
ب/ الأخلاقي: أكد الإسلام على الأخلاق "وإنك لعلى خلق عظيم"، "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا..."، فحسن الخلق يرجع إلى الاعتدال وقوة العقل والحكمة في مقابل الغضب والشهوة، ولقابلية النفس للإصلاح والترويض (التنشئة)، والتنشئة الاجتماعية الصحيحة تأتي من التوجيه الصحيح والتعليم، طالما أن الإنسان في داخله قابل للتعلم.
ج/ الثقافي: الإضرار بالوسائل والمقدرات الثقافية لتحقيق مصلحة خاصة، كتبني أفكار أو الدعوة إليها لأهداف شخصية، وخروج جماعة على ثوابتها ع، مما يفكك هويتها وموروثاتها، ومن صوره: المناداة بإحلال بعض القيم الأجنبية محل القيم الإسلامية، خاصة في المعاملات التجارية والمؤسسات المصرفية ووسائل الإعلام ومناهج التعليم (أخطر الأنواع، لأنه يصعب الإجماع على إدانته أو سن تشريعات تجرمه، لحصانتهبـ"حرية الرأي وحرية الإبداع").
د/ الإداري: من أهم أنواع الفساد عبر التاريخ، وهو آفة سلوكية تمس جميع المجتمعات وإن تباينت في تحليل مفهومه ومكوناته، ديفيدسون في مؤلفه الجريمة والتنمية:"البعض يؤكد على أن الفساد الإداري في بلدان الجنوب يختلف بنوعه وأسبابه عما هو عليه في بلدان الشمال، للتفاوت الاقتصادي واختلاف نظم القيم والأخلاق".يشمل مخالفات يرتكبها الموظف منها: عدم القدرة على التحكم في ضوابط العمل، تغليب المصلحة الشخصية، الامتناع عن أداء ما يسند إليه، مخالفة الأنظمة والتعليمات بما يتنافى مع الأمانة، إذ تتطلب الوظيفة الحياد والصرامة، وعدم الإحساس بالمسؤولية نتيجة لغياب القواعد والمعايير التي تمكن الفرد من التمييز بين الصح والخطأ، وغياب قيم وأخلاقيات الفضيلة، والتصرف الصحيح الذي يحتاجه الإداري والمعبر عن المبادئ حتى يتفادى هجوم المواطنين والإعلام الناقد، روبرت تلمان رأى أن دوافع الفساد إ هي وجود بيئة فاسدة، تساند فيه السياسة ع للحكومة اذا كانت نظاما بيروقراطيا يتسم بسوء التنظيم، وبيروقراطية القيادات إ المتمثلة في تعدد القادة إ وتضارب اختصاصاتهم، وتضخم الجهاز الوظيفي، ونقص المهارات السلوكية، وإشغال المناصب العليا بعناصر غير كفؤة بالمحاباة والمحسوبية، فأحدثت انعكاسا خطرا حال دون تولية الأصلح.
ه/ الفساد القضائي:يواجه القضاء أزمة ثقة، كما يظهر في قياس الفساد العالمي لمنظمة الشفافية من خلال جدول نسبة الأفراد الذين تعاملوا مع القضاء سنة 2006 ودفعوا رشاوى.
1/ تعريفه: منظمة الشفافية الدولية: "يمثل تأثير سلبي على نزاهة عملية التقاضي من أي جهة داخل نظام المحاكم، كاستبعاد أدلة لتبرئة متهم مذنب أو التلاعب في مواعيد القضايا، او تلخيص أو تشويه إجراءات التقاضي أو الشهادة قبل إصدار الحكم اذا انعدمت محاضر الجلسات، أو فقدان ملف أو مستند، أو عبثت الشرطة بالأدلة، أو عدم تطبيق النيابة ع معايير موحدة على الأدلة التي تأتي من الشرطة، أوقطع أمام أي سبيل للإنصاف القانونيفي البلدان التي تحتكر فيها النيابة توجيه الاتهام أمام المحاكم.
2/ نطاقه: القضاء كان ولا يزال سلطة تقوم على إكمال سلطة المشرع وإبرازها وتطبيقها، وكان في إحدى فترات التاريخ يمارس جزءا من س التشريعية، (القاضي الروماني بريتوركان وصل به الأمر والسلطة إلى وضع التشريعات والأنظمة).
3/ اسبابه: 1/ عدم تعيين القضاة على أساس الجدارة، 2/ ضعف المرتبات وظروف العمل وانعدام التدريب، 3/ عمليات نقل وعزل القضاة غير العادلة بتهمة الفسادلتسييسها، 4/ إجراء المحاكمة المبهمة.
4/ تداعياته: يقوض العدالة، ويحرم الضحايا والمتهمين الحق الانساني في المحاكمة العادلة والنزيهة، ويضعف قدرة المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب والجرائم الدولية، ويقلل التجارة والنمو الاقتصادي، النظم القضائية الفاسدة تقوض الثقة في الحكم.
ثالثا: الفساد حسب درجة التنظيم: أ/ الفساد المنظم (المنتظم أو النظامي): ينتشر في مختلف المنظمات، من خلال إجراءات وترتيبات مسبقة معينة ومحددة، يعرف منها مقدار الرشوة وآلية دفعها، وكيفية إنهاء المعاملة، مع ضمان عدم توقفها، يحدث حين يدير العمل برمته شبكة مترابطة للفساد يستفيد ويعتمد كل عنصر منها على الآخر، (مدير الدائرة ومدراء المشاريع والمدير المالي والتجاري). ب/ الفساد غ المنظم (العشوائي): يحدث من قبل صغار الموظفين، يعبر غالبا عن سلوك شخصي، كالاختلاس المحدودة أو الرشوة الخفيفة، أو سرقة أدوات مكتبية، وهو أكثر خطورة من سابقهلتتعدد خطوات دفع الرشوة بدون تنسيق مسبق، ولا يمكن ضمان إنهاء المعاملة فيها وهذا يعرقل سير الأعمال مما يجعل اثره مضاعفا.