التسيب لغة هو كون الشي يسير أويأتى سلوك على غير هذى وبدون ضوابط أو محددات تحكم تصرفه أوحركته ، ونحن نستخدم هذه الكلمة كثيراً فى حياتنا العملية،بل أننا قد نستخدمها يومياً ، مثل أن تطلب من الطفل أن يترك أخاه الأصغر يلعب حراً أو نأمره بترك أخيه (سيب خوك) وقد تطلق على الشخص الذى ليس له أسرة معروفة أو أهل محددين بحيث نشير أليه بالسائب ( سائب ) أو ( هامل ) وقد أطلق العرب فى الجاهلية مصطلح سائب على الناقة التى تلد عدد كبير من الحيران بحيث يتركونها حرة فلا يحلبونها أو ينحرونها بل تترك حرة فى الصحراء حتى تنفق ، وقد ورد فى القرآن الإشارة إلى هذه العادة باعتبارها عادة جاهلية لا أساس لها من الصحة فقالي تعالى { ما جعل الله من بحيرة ولاسآئبة ولاوصيلة ولأحامِ ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون } المائدة (105) .
أما لو أضفنا إلى كلمة ( تسيب ) كلمة أخرى هي كلمة ( إداري ) فأنها تكون بصدد تعريف اصطلاحي لمفهوم التسيب يختلف قطعاً عن فكرتنا عن هذا المفهوم المستمد من المعنى اللغوي وأن كان لا يبتعد عنه كثيراً ، فالتسيب الإداري يمكن تحديده " بأنه الحالة التى يتم فيها الأداء الإداري بدون احترام لأي ضوابط أو لوائح أو قوانين منظمة وموضوعة لكي يكون الأداء على الوجه الأكمل ".
ومنها نستخلص بأن المصلحة المتسيبة إداريا هي تلك المصلحة التى :
ــ لا يوجد لها تنظيم أدارى محدد .
ــ عدم التدرج في الواجبات والمسؤليات.
ــ لا سجلات وملفات منظمة.
ــ ليس لها نظام محدد لمنح الحوافز وفرض العقوبات.
ـ لا أساليب ثابتة للاختيار والتعيين والترقية المستيب بأنه ذلك الموظف الذي لا يحترم مواقيت الحضور والانصراف ويخرج من عمله متى شاء .
ــ لا تتقيد باللوائح والقوانين المنظمة للعمل .

مفهـوم التسيب الإداري


إن التخلف فى كثير من دول العالم هو تخلف أداري قبل كل شيء سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.
فالإدارة الجديدة تترك أن طباعات قوية فى أعمال الدولة ومدى نجاحها والتقدم الذي تحرزه فى مختلف الأنشطة التى تمارسها ويمكن ملاحظة ذلك بالنظر إلي الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا فالتطور الحاصل فيها يرجع إلي التقدم الإداري .
فالإدارة فى هذه الدول تتميز بالدقة والمرونة التي تصاحب مختلف الأعمال والمعاملات التي تقدم الى الموظفين فيها ، وبالتالي فمن الضروري التركيز على هذه الناحية ألا وهى الناحية الإدارية فى الدول من أجل الوصول ألي المستوى المطلوب الذي يأوله كل مواطن فأي إهمال فى الإدارة يؤدى ألي التسيب الإداري .
التسيب الإداري أرتبط فى الإدارة بمسألة الغياب و التأخير عن العمل ويشمل التسيب الإداري العديد من الممارسات السلبية للموظف أثناء تأدية مهامه الرسمية مثل الهروب من أداء الأعمال والمعاملات المختلفة وكذلك عدم المسؤولية والوساطة فى إنجاز الأعمال واستغلال المركز الوظيفي والإهمال الواضح فى العلاقات العامة بالإضافة ألي انعدام الحوافز المادية والمعنوية التي تجعل الموظفين يقبلون على أعمالهم بجدية .
ويمكن تعريف التسيب الإداري بأنه ( إهمال الموظف للواجبات المنوطة به والمنصوص عليها فى القوانين واللوائح والقرارات التى تنظم الوظيفة العامة بشكل يؤدى إلى مردود سلبي على الإنتاجية وسير العمل ) .
وقد ساهم فى ظاهرة التسيب الإداري وارتفاع معدلاتها ترك الأفراد لأماكن العمل أثناء ساعات الدوام الرسمي بسبب اضطرارهم للخروج ألي الأسواق ومراكز التوزيع لتلبية حاجاتهم الضرورية التى تلزم المواطن بالحصول عليها.
وكذلك عدم بقاء الأفراد ذوى المراكز فى مناصبهم لفترة تمكنهم من إثبات جد وتهم وخبراتهم بحيث تسمح لهم بإنجاز الأعمال المناط بها إليهم وكذلك عدم وضع الفرد المناسب فى المكان المناسب .


مظاهـر التسيب الإداري


من أهم مظاهر التسيب الإداري هي:
أولاً/ الغياب :
يمثل الغياب أهم مظهر من مظاهر التسيب وقد يتخذ أكثر من صورة ويتم لأكثر من سبب وما أكثر الأسباب التي تؤدى ألي غياب الموظف ومن صورة مثلاً:ـ عدم حضور الموظف أصلاً لمقر عمله أو حضوره لغرض التوقيع في سجل الحضور والانصراف ثم الخروج وعدم العودة إلا في اليوم الموالي ، وقد يخرج من مكتبه إلى مكتب آخر في نفس المصلحة ، وهناك العديد من الوظائف التي تتطلب وفق طبيعتها مغادرة المكتب ألي مكتب آخر وإلى مصلحة أخرى ذات علاقة بإنجاز العمل .
وفى جميع المواقف التي سبق الإشارة إليها نجد أن العمل المطلوب لا ينجز ويؤدى الغياب ألي تراكم الأعمال شيئاً فشيئاً ويترتب على ذلك العلاقة السيئة بين المواطن والمصلحة حيث يشعر المواطن بأن أحداً لا يهتم بتقديم الخدمة المناسبة له وتدب الكراهية بينه وبين الموظف ويبحث بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة على الطريقة التي تؤدى ألي حصوله على الخدمة المطلوبة حتى ولو أدى إلى دفع الرشوة أو اللجوء ألي المعارف والأصدقاء وأخيراً الأجهزة المسئولة ذات العلاقة .
ومن جهة أخرى يؤدى الغياب ألي مزيد من الغياب في حلقة مفرغة دائرية لانهاية لها ذلك أن المواطن الذي يتردد على مكتب ولا يجد الموظف المختص به قد يكون هو الآخر موظف هناك من يتردد على مكتبه في غيابه ، وهكذا فإن كل موظف غائب يكون سبب في غياب موظف آخر في حلقة لانهاية لها .
أما أسباب الغياب فهي عديدة متنوعة لعل أهمها عدم توفر وسائل المواصلات في الزمان والمكان المحددين أو حدوث توعك صحي للموظف أو أحد أفراد أسرته أو الغياب المفاجئ لأسباب تتعلق بحالات وفاة أحد الأصدقاء أو الأقارب ،أو الحاجة للتردد على المؤسسات الرسمية كالمصالح الشعبية الرسمية والأسواق وفروع المنشآت الإنتاجية والمستشفيات والمدارس .. وغيرها من المؤسسات التي يرتبط دوامها بالدوام الرسمي للدولة ويضطر الموظف ألي مغادرة مكتبه إذا كانت له حاجة للتردد عليها .
كان الغياب بأوجهه المتعددة موضع اهتمام مستمر من قبل الجهات المسئولة بالجماهيرية " حيث صدرت العديد من المناشير عن اللجنة الشعبية العامة للرقابة الإدارية تجتهد في التقليل من هذه المشكلة ،كذلك عن طريق حملات الرقابة التي يقوم بها أعضاء الرقابة باستمرار على المصالح الإدارية المختلفة وتسجيل أسماء الموظفين المتغيبين واتخاذ إجراءات جزائية بشأنهم مثل الإنذار والخصم .
ورغم كل المحاولات التي بذلت لعلاجه إلا أنها لم تأتى بنتيجة ، فالظاهرة مازالت متشعبة في هذا المجتمع.

ثانياً / تضخم العمالة بالجهاز الإداري :
يعتبر تزايد أعداد العاملين بقطاع الخدمات ومنها الإدارة العامة ظاهرة عالمية حيث يلاحظ أن الدوائر الرسمية تستقطب المزيد من الكفاءات البشرية سنة بعد أخرى وينتج ذلك من التغيير الكبير في دور الدولة في المجتمع وأتساع نطاق تدخلها وزيادة الخدمات المطلوبة منها كماً وكيفاً ولجميع فئات المجتمع بدون استثناء والجماهيرية كأي دولة أخرى معاصرة توجب على الإدارة العامة فيها أن تتحمل عبئ التنمية والتسيير على جميع المستويات وفى كل قطاعات المجتمع ، وقد ترتب على ذلك تضخم الجهاز الإداري شيئاً فشيئاً رغم كل المحاولات للحد من هذا التضخم بكل الوسائل الممكنة والمتاحة .

ثالثاً/ إهمال برامج التدريب :ـ
إن الحديث عن التدريب لابد وأن يتضمن الإشارة ألي إهماله يشكل سبباً للتسيب الإداري وهو أيضاً نتيجة من نتائج التسيب ،فهو سبب من أسباب التسيب لأن الموظف غير المدرب والمؤهل لا يستطيع أن يقوم بواجبات وظيفية كما ينبغي وبالتالي يصبح عامل من عوامل التسيب الإداري إما أنه نتيجة من نتائج التسيب ذلك أن هبوط مستوى الأداء الإداري ينصرف أيضاً على برامج التدريب التي يتم تنظيمها وتنفيذها بدون تخطيط ودراسة وتفقد أي أهمية لها في الرفع من مستوى الأداء


أسباب التسيب الإداري


والصعـوبات التي تتعـرض إليهـا الشـركـة
أولاً / مشاكل إدارية :ــ
هناك مشاكل إدارية تعترض تطبيق الإدارة وتنحصر أهم هذه المشاكل فى الأمور الآتية:
1 ) عدم وجود أسلوب أدارى يتم من خلاله ممارسة الإدارة بشكل منظم فى مختلف المواقع .
2 ) عدم وجود قواعد إدارية تكفل حسن سير العمل بنظام واضطر أد وتطبيق الإدارة بأسلوب أفضل.
3 ) انعدام الرقابة والمتابعة لسير العمل أثناء ممارسة الإدارة بقصد التأكد من الأداء الحسن.
4 ) انعدام المكافآت التشجيعية والمعنوية لممارسة الإدارة .
5 ) عدم وجود برنامج عمل منظم لممارسة الإدارة من قبل الجميع بشكل تعاوني.
6 ) عدم توافر بعض الإمكانيات المادية الضرورية لممارسة الإدارة وفى غياب هذه العوامل ينتشر التسيب في كثير من جوانب أعمال الإدارة ، الأمر الذي يقلل من كفاءة الأداء كما يؤدى ألي عدم تطور الإدارة ألي الأفضل .


ثانياً / مشاكل تنظيمية:ــ
التنظيم وسيلة من وسائل تنفيذ الخطط ولابد لقيام الإدارة وضع خطة سواء كانت على مستوى المؤسسة أو على مستوى البلدية وذلك لتحقيق الهدف المطلوب سواء كان هدفاً عاماَ أو هدفاَ إستراتيجياَ، ويتناول التخطيط وضع البرامج التفصيلية لتحقيق هذه الأهداف.
أما المشاكل التنظيمية فهي تلك المتعلقة بتحديد الاختصاصات وتوزيع المسئوليات والمهام تنفيذاَ للأهداف المرسومة فمنها.
1 ) عدم وجود خطة منظمة يمكن من خلالها تنفيذ العديد من البرامج الهادفة للإدارة.
2 ) التعارض أحياناَ بين ممارسة الإدارة والعمل الأساسي للموظف أو المنتج مما يؤثر أحياناَ على كفاءة الأداء بسبب عدم التنسيق .


ثالثاَ / مشاكل اجتماعية:ــ
إن اغلب الأفراد بالمواقع المختلفة يميلون ألي وجود مسئول لتنظيم
وتسيير العمل ويتم الاعتماد عليه في كافة الأمور وهذا نتيجة رواسب كانت قائمة في ظل الأنظمة التقليدية .
فالإتكالية والتكاسل والاعتماد على الغير من الأمور التي لا يمكن التخلص منها بسهولة ،وهذا يحتاج ألي فترة زمنية مصاحبة للتوجيه والإرشاد المستمر ويترتب على هذه المشاكل الأمور الآتية :
1 ) السيطرة المفروضة من قبل شخص معين على جهاز أداري .
2 ) استمرارية أشكال التحكم والسيطرة من بيروقراطية ورئاسية .
3 ) الاعتماد على الغير والاتكالية في كافة الأمور .
4 ) انتشار ظواهر اجتماعية خطيرة تتمثل فى الأتي:ــ
ــ الوساطة والمحسوبية والرشوة والفساد الإداري والتسلط من قبل فرد
أو فئة محدودة .


رابعاً / مشاكل قانونية :ــ
تبين أن هناك مشاكل قانونية تعترض تطبيق الإدارة بشكل عام يتمثل فى الأتي:ــ
1 ) عدم وجود تنظيم قانوني في شكل قواعد عامة لممارسة الإدارة .
2 ) عدم التنسيق بين الإدارة وقوانين الخدمة العامة تبين أيضاً من أن هناك الكثير من قواعد قانون الخدمة المنظم للوظيفة العامة التي لا تنسجم والإدارة ويمكن توضيح ذلك فيما يلي :ــ
ــ من حيث الترتيب الحالي للوظائف .
ــ تقارير الكفاية وعدم وجود حوافز .
ــ الجزاء التأديبي .


خامساً / مشاكل فنية :ــ
هناك بعض المشاكل الفنية المترتبة فيما يلي:
1 ) عدم التدريب للرفع من الكادر الوظيفي .
2 ) قلة الآلة (الميكنة الإدارية)
وباختصار يمكن تلخيص هذه الأسباب فيما يلي(1) :
1 ) غياب الرقابة الذاتية .
2 ) ضعف التدريب والتأهيل .
3 ) عدم مراعاة التخصص فى التعيين بمراعاة القدرة والكفاءة والالتزام .
4 ) عدم تناسب المرتب مع مستوى المعيشة وعدم ربطه بمستوى الأسعار العالمية .
5 ) ضعف الرقابة الشعبية وانعدامها في بعض الأحيان .
6 ) عدم وجود خطط سنوية للإصلاح الإداري داخل كل وحدة إدارية .
7 ) قصور التنسيق من أجل تكامل الجهود أثناء مراحل العمل الإداري لترتيب الجهد الجماعي ومنع التنافر والابتعاد عن الحساسية .
8 ) عدم تبسيط الإجراءات الإدارية .
9 ) ظاهرة إساءة استعمال السلطة ضد الموظفين .
10 ) كثرة المنازعات بين العاملين في بعض الوحدات الإدارية .
11 ) سوء توزيع العمالة وعدم الاستخدام الأمثل لها مما سبب في تزايد العمالة بدون مبرر لها.