تصنيف القرارات :
يختلف القرار الذي يتخذه متخذ القرار باختلاف المركز الإداري الذي يشغله و مدى الصلاحيات التي يتمتع بها و البيئة التي يعمل ضمنها، و تتعدد المعايير التي يمكن اتخاذها أساسا للتصنيف كما في أنواع القرارات المنظور إليها من زوايا مختلفة [1] :
1. وفقا للوظائف الأساسية في إدارة الأعمال :
و هذا التصنيف قائم على أساس الوظائف الأساسية للمؤسسة و هي :

  1. قرارات تتعلق بالوظائف الإدارية : متخذ القرار في هذا النوع يتخذ قرارات تتعلق بتحديد الأهداف المطلوب تحقيقها و السياسات العامة و الفرعية و الإجراءات التي تتبع في التنفيذ، و كذلك القرارات المتعلقة بتصميم الهيكل التنظيمي و إسناد المناصب الإدارية فيه و توجيه العاملين و إرشادهم و تحديد المعايير الرقابية.
  2. قرارات تتعلق بالإنتاج : يتضمن هذا النوع قرارات عديدة في هذا المجال كقرارات تحديد موقع المصنع و حجمه و حجم الإنتاج و سياساته ( إنتاج مستمر أو بناءا على الطلب أو إنتاج سلع محدودة أو متنوعة)، و قرارات ترتيب المصنع ( التصميم الداخلي للمصنع) و أنواع الآلات.كذلك تتضمن هذه القرارات مصادر الحصول على عناصر الإنتاج و الرقابة على الإنتاج و جودته.
  3. قرارات متعلقة بالتسويق : و تشمل هذه القرارات تلك المتعلقة بتحديد نوعية السلعة و مواصفاتها، و تحديد الأسواق التي سيتم البيع فيها و قنوات التوزيع التي توصلها إلى السوق. كما تتضمن القرارات المتعلقة بتعبئة المنتجات و تغليفها و تسعيرها و القيام ببرامج الإعلان و الدعاية و بحوث التسويق المستخدمة و تقديم خدمات البيع.
  4. قرارات متعلقة بالتمويل : القرارات التي تتخذ في هذا المجال تحدد حجم رأس المال اللازم و رأس المال العامل و السيولة النقدية، و طرق التمويل (قروضا مصرفية أو شخصية أو إعادة استثمار الأرباح). كما تتضمن تحديد نسبة الأرباح المطلوب تحقيقها و كيفية توزيعها و الإجراءات المحاسبية الخاصة بذلك.
  5. قرارات متعلقة بشؤون العاملين ( بشرية) : تتخذ في هذا المجال قرارات تتعلق بتحديد مصادر الحصول على الأفراد، و طرق اختيارهم و تعيينهم و برامج تدريبهم، و أسس تحليل الوظائف و توصيفها و تقويمها،و سياسات دفع الأجور و التعويضات و المكافآت.

كما تتضمن تحديد أساليب الترقية و التقاعد و الفصل من العمل، و معالجة التأخير و الغياب و شكاوي العاملين و علاقة المؤسسة بالإتحادات و النقابات العمالية و المؤسسات المختلفة المرتبطة بالعاملين [2].

2. وفقا لأهميتها :
حسب هذا المعيار نميز ثلاث أنواع من القرارات كما قدمها Ansoff و هي :
أ. قرارات إستراتيجية : و هي تلك القرارات التي تخص علاقة المؤسسة مع محيطها [3]، فهذا النوع إذا يتأثر بمحيط المؤسسة الخارجي و علاقاتها المتبادلة. فالقرارات الإستراتيجية تعني بتحديد برنامج العمل المستقبلي للمؤسسة، إعداد الخطط المستقبلية و السياسات كقرارات تحديد مجال النشاط الإنتاجي أو الخدمي الذي ستمارسه المؤسسة أو اختيار الأسواق و المنتجات من أجل ضمان تكيف المؤسسة مع المحيط.
هذا النوع من القرارات يؤخذ عند قمة الهيكل التنظيمي بواسطة الإدارة العليا في المنظمات، و هي عادة تغطي مدة زمنية أطول من النوعين الآخرين.
ب. قرارات تكتيكية : (إدارية) و هي قرارات تتعلق بإعادة الهيكل التنظيمي و حدود السلطات و المسؤوليات و العلاقات بين الوظائف، فهذا النوع من القرارات ينصب على تسيير الموارد : اكتساب (اقتناء)، تنظيم و تطوير الموارد المادية، البشرية، المالية و التكنولوجية [4] ، لأن التنظيم الإداري الجيد هو الذي يضمن تدفق الموارد الإنتاجية لتنفيذ العمليات الإنتاجية المختلفة.
تؤخذ هذه القرارات عند مستوى إداري ( الإدارة الوسطى) أقل مما تؤخذ فيه القرارات الإستراتيجية.
ج. قرارات تنفيذية : (تشغيلية) هي تلك القرارات اللازمة للتعامل مع المشاكل المتصلة بتنفيذ خطط المنظمة [5]، فهي قرارات روتينية بسيطة تعني بتسيير الأعمال اليومية التشغيلية و الأنشطة الروتينية البسيطة للمنظمة،و مثل هذه القرارات تتطلب قدرا ضئيلا من الإبداع و الاستقلالية، كون معظمها إجراءات نمطية معينة.و تتعلق هذه القرارات بتحديد وسائل الاستخدام الأمثل لعناصر الإنتاج و تحديد أفضل أساليب الإنتاج التي تعمل على زيادة الأرباح أو تخفيض التكاليف أو ضبط توقيت الموظفين، و جدولة إجازاتهم، و تنظيم حركة التوزيع و النقل و التسعير و غيرها. و تُصنع هذه القرارات في المستويات التنظيمية الدنيا.

3. وفقا لإمكانية برمجتها :
لقد ميز الأستاذ H. Simon بين نوعين أساسيين هما :
أ. القرارات المبرمجة : هي " قرارات متكررة و إجرائية إلى حد أنه يمكن إخراج إجراء محدد من معاملتها، بحيث أنها لا يجب أن تعامل كأنها جديدة في كل مرة تحدث" [6]، فإجراءات اتخاذ القرار هنا محددة بشكل واضح مسبقا. و أشار H. Simon إلى أن القرارات المبرمجة تشبه القرارات التشغيلية أو الروتينية، حيث تقوم بإتباع برنامج محدد ثم تصبح بعد فترة ذات طبيعة روتينية متكررة تعالج مشاكل متكررة.
بعبارة أخرى ، " القرارات المبرمجة هي القرارات التي لا يتطلب اتخاذها المرور بمرحلتي التعريف بالمشكلة و تصميم الحل، بل اتخاذ القرار فورا وفق معايير مبرمجة سلفا" [7].
و من أهم أمثلة هذه القرارات :
قرار منح إجازة للموظف، أو قرار بالموافقة على خروج الموظف قبل موعد انتهاء الدوام الرسمي، أو إعادة الطلب عند مستوى معين للمخزون، أو مطالبة الزبائن المدينين عند مستوى معين من المديونية و فترة محددة من التأخير … .
فهذه القرارات إذا لا تحتاج إلى جهد و إبداع فكري، و من الأفضل أن تقوم المستويات التنفيذية باتخاذ مثل هذه القرارات و عدم تركيزها بيد المستويات الإدارية العليا لضمان السرعة في أداء العمل و عدم تعطيله.
ب. القرارات غير المبرمجة : فهي " جديدة و غير مرتبة و ليست متتابعة في العادة، و لا توجد طريقة واضحة لمعالجة المشكلة لأنها لم يسبق لها أن تظهر من قبل أو بسبب أن طبيعتها و تكوينها الدقيق يكون محيرا أو معقدا أو بسبب أنها مهمة لدرجة أنها في حاجة إلى وضع حل خاص مفصل لها" [8]، فهي قرارات جديدة و إستثنائية و لا تتكرر بصفة دورية منتطمة، و بالتالي لا يمكن برمجتها أو جدولتها، فهي حالات جديدة و ليست متشابهة.
لذلك فإن مثل هذه القرارات يصعب اتخاذها بشكل فوري، لأنها تتطلب جهدا فكريا و وقتا كافيا لجمع المعلومات و تقديم البدائل و مناقشتها و البحث في احتمالات نتائجها، فهذه القرارات تحتاج إلى الإبداع و الابتكار في إيجاد الحلول المناسبة، فقد سماها جور دون Gordon بالقرارات الإبداعية و أطلق على القرارات المبرمجة القرارات التكيفية [9].
و من الأمثلة على هذا النوع من القرارات :
قرار بإنشاء فرع جديد، أو قرار بتوسيع الطاقة الإنتاجية للمؤسسة، قرار بطرح منتوج جديد للسوق، أو قرار التوسع في سوق البيع إلى الأسواق الخارجية أو قرار التحول في سياسات الإنتاج من إنتاج مستمر مثلا إلى إنتاج حسب الطلب، ….
و بديهي أن يكون لمستويات الإدارة العليا في المنشأة دورا أكبر في الإعداد و الإشراف على إتخاذ القرارات غير المبرمجة نظرا لطبيعتها (معقدة و إرتباط مستقبل المؤسسة و نجاحها بهذه القرارات).

و لقد تطرق الباحث ج. ل. لوموانيي J.L .le Moigne إلى نوعين من القرارات ضمن القرارات غير المبرمجة بحيث عرف كل منها على النحو الآتي [10] :

  • القرارات غير المبرمجة المهيكلة : و هي القرارات التي يمكن إتخاذها بالإعتماد على عدد من طرق الحل (الوسائل المساعدة على إتخاذ القرار) كالنماذج الإحصائية و بحوث العمليات، على سبيل المثال إختيار مورد معين أو تحديد قواعد البيع.


  • القرارات غير المبرمجة غير المهيكلة : و هي القرارات التي تكون فيها المعايير التي يجب أخذها في الحسبان جد كثيرة و مهمة، و أسلوب معالجة المشكلة يطغى عليه عدم التأكد، هذا ما ينقص من عزيمة المقرر في استنباط الحل اللائق لهذه المشكلة، و في هذه الحالة يترك للمقرر حيزا كبيرا للحدس و اللارشادة في اتخاذ هذا النوع من القرارات، على سبيل المثال: اختيار مسؤول ما أو اقتحام الأسواق الأجنبية.

4.وفقا لظروف صناعتها :
تتضمن البيئة التي يتخذ فيها القرار عددا من المتغيرات و المؤثرات الإنسانية و الطبيعية التي تؤثر في نوع القرارات المتخذة، و يمكن تقسيم القرارات بحسب تأثير البيئة المحيطة إلى :

  1. القرارات تحت ظروف التأكد : هذه القرارات تتخذ في حالة التأكد التام من الظروف و المتغيرات التي تؤثر في القرار الواجب إتخاذه، و عليه فإن متخذ القرار يعي تماما نتائج القرار و آثاره مسبقا قبل إتخاذه.
  2. القرارات تحت ظروف المخاطرة : و هي القرارات التي تتخذ في ظروف و حالات محتملة الوقوع،و بالتالي فإن على متخذ القرار أن يُقدر الظروف و المتغيرات محتملة الحدوث في المستقبل و كذلك درجة احتمال حدوثها [11]، بمعنى آخر هي قرارات تتخذ في ظل ظروف معروفة من المحتمل حدوثها، و درجة احتمال الحدوث هذه معروفة نسبيا أيضا.
  3. القرارات تحت ظروف عدم التأكد : و هي القرارات التي غالبا ما تقوم بها الإدارة العليا عندما ترسم أهداف المشروع العامة و سياسته و تكون الإدارة في ظروف لا تعلم فيها مسبقا إمكان حدوث أي من المتغيرات أو الظروف المتوقع وجودها بعد إتخاذ القرار، و ذلك بسبب عدم توافر المعلومات و البيانات الكافية و بالتالي صعوبة التنبؤ بها [12]، فهي إذا قرارات تتخذ في ظل ظروف من الممكن حدوثها، و لكن لا تعرف درجة إحتمال حدوثها.

و في ظل هذه الظروف فإن متخذ القرار بإمكانه الإستعانة بمجموعة من الوسائل تساعده على إتخاذ القرار، تتنوع و تختلف بإختلاف الظروف. " ففي ظل التأكد بإمكان متخذ القرار استعمال : البرمجة الخطية، شبكة عمل Pert …، أما في ظل عدم التأكد بإمكانه استعمال عدة طرق للمقارنة مثل : " أقصى/ أدنى، Max/ Min" ، أي أقصى قيمة في مجموعة أدنى القيم، " أقصى/ أقصى، Max/ Max"، أي أقصى قيمة في مجموعة أقصى القيم، " أدنى/ أقصى، Max / Min"، أي أدنى قيمة في مجموعة أقصى القيم. و أخيرا و في ظل المخاطرة فمتخذ القرار يمكنه الاستعانة بمختلف طرق حساب الاحتمالات كالأمل الرياضي" [13].

5. وفقا للنمط القيادي لمتخذها :
يمكن تصنيف القرارات من حيث القائمين بإتخاذها إلى :

  1. قرارات انفرادية : القرار الإنفرادي هو الذي ينفرد متخذ القرار بصنعه دون مشاركة في هذا الشأن من جانب من يعنيه أمر القرار، و بالتالي فإن عملية تحديد المشكلة و تحليلها و إختيار البديل المناسب لحلها تعتبر عمليات متأثرة كليا بالخيارات السابقة و الأحكام الشخصية للفرد متخذ القرار.

2. قرارات جماعية : أما القرار الجماعي فهو الذي يكون ثمرة جهد و مشاركة جماعية، و حسب درجة تأثير أفراد الجماعة على إتخاذ القرار النهائي، يمكن التفريق بين ثلاثة أنواع من مشاركاتهم :

  • أفراد الجماعة ينصحون المقرر و هو الذي يتخذ القرار.
  • أفراد الجماعة لا بد أن يُجمعوا بالموافقة على القرار النهائي، و متخذ القرار يدير النقاش و ينميه، و تدعى أيضا القرارات الجماعية بالإتفاق.
  • أغلبية الجماعة توافق على القرار النهائي، و الفرق بين هذا النوع و الذي يسبقه هو أنه هنا لا يلزم إجماع كل أفراد الجماعة، بل يلزم أن تكون هناك أغلبية على القرار، و هذا ما يسمى بالقرارات الجماعية بالأغلبية.


من خلال هذين النوعين من القرارات ( الإنفرادية و الجماعية) يمكننا أن نستشف نوعين من الأنماط القيادية، " فالقرار الإنفرادي يعكس الأسلوب البيروقراطي التسلطي في الإدارة، بينما يمثل الثاني الأسلوب الديمقراطي لها" [14].



[1] : سيد الهواري. مرجع سبق ذكره. ص : 10.


[2] : ناديا أيوب. مرجع سبق ذكره. ص : 47.

[3] : M. Darbelet. Economie d'entreprise. Ed: Foucher. Paris. 1992. P : 20.

[4] : M. Darbelet. OP-CIT. P : 20.

[5] : علي الشريف، م. فريد الصحن. مرجع سبق ذكره. ص : 14.

[6] : رايموند مكليود. نظام المعلومات الإدارية. تعريب و مراجعة : م/ سرور علي سرور، عاصم أحمد الحماحمي. جزء 2. دار المريخ للنشر. الرياض. 1990. ص : 701.

[7] : سليم إبراهيم الحسنية .نظم المعلومات الإدارية (نما).ط1.مؤسسة الوراق للنشر و التوزيع . عمان. الأردن .1998. ص:239 .

[8] : رايموند مكليود. مرجع سبق ذكره. ص: 702.

[9] : ناديا أيوب. مرجع سبق ذكره. ص : 45.

[10] : J. L. le Moigne. Les systèmes de décision dans les organisations. Presses Universitaires de France. Paris. 1974. P : 71.

[11] : حسين حريم. مرجع سبق ذكره. ص : 144.

[12] : ناديا أيوب. مرجع سبق ذكره. ص : 46.

[13] : Gllies Bressy, Christiant Konkuyt. Economie d'entreprise. Ed : Sirey. Paris . 1990. P : 50.

[14] : خليل محمد حسن الشماع و الآخرون. مبادئ إدارة الأعمال. مؤسسة دار الكتب للطباعة و النشر. بغداد. بدون سنة نشر . ص : 107.