الطريق إلي مجتمع المعرفة‏..‏ وتكنولوجيا العصر


بقلم : د‏.‏ حسين رمزي كاظم


في عالم يمضي بخطي سريعة في اتجاه المدنية والتحضر‏,‏ وفي عصر أصبحت أبرز ملامحه وعلاماته ثورة العلم والتكنولوجيا‏,‏ وتقدم نظم ووسائل الاتصالات اصبحت اقدار الشعوب‏,‏ ومكانتها‏,‏ وموقعها علي الخريطة العالمية يتوقف علي قدر جهودها ومقدار اهتمامها بمجال العلم والمعارف‏.‏



ولقد كانت مصر‏..‏ دائما واعية لكل مايحيط بها من متغيرات‏,‏ ومدركة لطبيعة التحديات وأبعادها ومخاطرها‏..‏ فأخذت العدة وواصلت الاستعداد لمواجهة متطلبات الدولة العصرية الحديثة بخطي محسوبة بدقة لاتغفل ظروف الواقع المجتمعي‏,‏ ولا تجنح نحو الاتكال والتكاسل بعد أن أصبحنا نعيش عصر السماوات المفتوحة والقنوات الفضائية والثقافية‏,‏ ومن خلال تبني مشروعات رائدة ومتميزة تجاوزت نجاحاتها النطاق الداخلي لتحظي باهتمام العالم الخارجي‏.‏



وكان من أهم روافد الابداع والفكر والثقافة الذي قدم زادا معرفيا فيما يعد علامة فارقة في مسيرتها الحضارية‏..‏ مشروع احياء مكتبة الإسكندرية‏,‏ هذا الصرح العلمي الثقافي الذي يعيد امجاد التاريخ المصري القديم والحضارة المصرية العريقة الضاربة في جذور الماضي البعيد حيث يؤدي رسالته كمنارة للعلم والمعرفة‏,‏ ونافذة علي العالم الخارجي‏,‏ وبوتقة ثقافية لحوار الحضارات وتكامل الثقافات‏,‏ وللتعبير علي روح التسامح والحوار الفكري بين شتي الاتجاهات والثقافات نبذا للتعصب واعتناقا لروح الأخوة بين بني البشر‏.‏




كما كان اهتمام الرئيس محمد حسني مبارك بقضية التحديث ودفع مسيرة مصر نحو مجتمع المعلومات كبيرا وعظيما حيث وجه بضرورة الاسراع في تنفيذ برنامج متكامل لتحقيق النهضة التكنولوجية‏,‏ والعديد من مشروعات التنمية الثقافية والمعرفية كالاهتمام بقضية تعليم الفتيات‏,‏ ومحو الأمية‏,‏ والاستيعاب الكامل للأطفال في المدارس‏,‏ والتوسع في التعليم الالكتروني‏,‏ وكذلك اتاحة الفرصة لاقامة مشروعات خاصة للعمل في مجال الاتصالات باستخدام الحاسبات الآلية والتي يعمل بها شباب الخريجين‏.‏



وقد جاء تشكيل الحكومة الجديدة التي استهدفت ضمن برامجها التحول إلي الحكومة الالكترونية‏,‏ مواكبا لجهود أجهزة الدولة للعمل علي تنمية المعارف العصرية‏,‏ ومواكبة عصر التقدم العلمي‏,‏ ومسايرة الاتجاهات الحديثة لتكنولوجيا العصر‏,‏ فها هي القرية الذكية التي انشئت حديثا وشرفت بافتتاح السيد الرئيس مبارك‏,‏ لتضم بين ربوعها شبكات المعلومات المتقدمة‏,‏ وتتيح لرجال الأعمال استخدام تكنولوجيا العصر المتطور في مجال الاتصالات بما تحتويه من أجهزة حسابات آلية تعمل باقصي درجات الكفاءة لصياغة برامج الكترونية للتعامل في شتي المجالات‏.‏




ولقد ساهم مشروع حاسب لكل بيت في اتاحة الفرصة وبشروط ميسرة جدا لاقتناء أجهزة الكمبيوتر علي مستوي الأسرة المصرية وأصبح جهاز الكمبيرتر في المنازل شيئا ضروريا‏,‏ وانعكس ذلك علي تعميم استخدامه من جانب ابناء الوطن وهم في سن مبكرة في مرحلة الطفولة‏.‏



وغني عن البيان ما تقوم به وزارة التربية والتعليم بادخال الكمبيوتر في العملية التعليمية كأحد المناهج والمقررات الدراسية التي يتم تدريسها بالمدارس بمراحل التعليم الاساسي الأولي‏,‏ ثم ادراج هذا المقرر ضمن المحتوي العلمي للمقررات التعليمية في شتي مراحل الدراسة‏.‏




كما أن هناك العديد من الكليات والمعاهد العليا المتخصصة في علوم الحاسب الآلي لتخريج كوادر من أبناء الوطن القادرين علي التعامل مع الحسابات الآلية وفهم واستيعاب برامج تشغيلها‏,‏ وكيفية الاستفادة من الشبكة الدولية للمعلومات الانترنت في جمع وتسجيل جميع البيانات والمعلومات اللازمة لجميع المجالات‏,‏ فضلا عن تكثيف الاهتمام ببرامج التدريب علي الحاسب الآلي في شتي مراكز التدريب بالجامعات والمعاهد ومراكز الشباب والنوادي والجمعيات الأهلية مما ساعد علي نشر ثقافة الحاسب الآلي وبرامجه وتطبيقاته ومكن من مسايرة المتغيرات التكنولوجية المعاصرة في عالم اليوم‏.‏



ولعلنا جميعا ندرك أن تلك الجهود والمجالات المتعددة والمشروعات والبرامج المنفذة في ميادين التثقيف والتعليم والتدريب والتوجه نحو الاهتمام بالتفوق العلمي والتكنولوجي واستخدام الاساليب التقنية الحديثة العصرية المتطورة في إدارة منظمات الأعمال‏..‏ لهي دلالة قوية علي أن مصر عرفت طريقها نحو مجتمع المعرفة وعصر التكنولوجيا الفائقة والمتقدمة‏,‏ ويبقي علي المواطن المصري خاصة من شباب الخريجين ان يحاول جاهدا الاستفادة من هذا المناخ لتنمية معارفه وقدراته لكي يكون قادرا علي التعامل في سوق العمل مع متطلبات القرن الحادي والعشرين‏.‏

الأهرام – 6 من نوفمبر-2004م