التطوير المرتقب لإدارة العملية التعليمية

بقلم: د. حسين رمزى كاظم



تعيش جميع دول العالم عصرا تسود فيه المنافسة الفائقة في تطويرالعملية التعليمية‏,‏ ولقد بات واضحا أن قضية التعليم في مصر احتلت جانبا كبيرا من اهتمام الدولة خلال السنوات الماضية‏,‏
ولقد ظهر هذا الإهتمام جليا فيما آلت حجم ميزانية التعليم ا لتي تشير الإحصاءات الرسمية أنها وصلت في الموازنة العامة للدولة للعام‏2010/2009‏ إلي‏41,683(‏ واحدوأربعون مليار وستمائة وثلاثة وثمانون مليون جنيه‏),‏ وأن عدد المدارس الحكومية بجميع مراحل التعليم وصلت في العام الدراسي‏2009/2008‏ إلي‏33,459(‏ ثلاثة وثلاثون ألفا وربعمائة وتسعة وخمسون‏)‏ مدرسة‏,‏ كما وصل عدد الجامعات في العامالدراسي‏2008/2007‏ إلي‏18‏ جامعة حكومية‏,‏ وعدد‏11‏ جامعة خاصة‏.‏

ومع تعدد مكونات العملية التعليمية علي مستوي التعليم قبل الجامعي والتعليم العالي الجامعي‏,‏ تتنوع المشكلات المتصلة بقضايا التعليم لتشمل العديد من الأشكال‏.‏ فمنها ما يتعلق بالأبنية التعليمية‏,‏ التجهيزات‏,‏ المناهج الدراسية‏,‏ طرق التدريس‏,‏ أساليب التقويم التربوي‏,‏ المستوي العلمي لتحصيل الطلاب‏,‏ المعلمين والدروس الخصوصية‏,‏ الامتحانات والتصحيح‏,‏ أعمال السنة‏,‏ النجاح والرسوب والنسب والمعدلات‏,‏ إلخ‏...‏ هذه التحديات التي تواجه إصلاح التعليم‏.‏

ولقد واجهت أجهزة التعليم في مصر تلك التحديات خلال السنوات الماضية‏,‏ ونجحت في ايجاد حلول للعديد من تلك المشكلات‏...‏إلا أنه مازال هناك الكثير من الجهود الجادة التي يجب أن تبذل لإحداث التطوير الشامل خلال المرحلة المقبلة‏,‏ وذلك من أجل إعداد نوعية متميزة من التعليم تسهم في تكوين جيل جديد من الشباب مزود بالمعارف والمهارات التي تتناسب مع متطلبات القرن الحادي والعشرين‏.‏

وإنطلاقا من النظر إلي التعليم علي أنه خدمة مؤداة إلي المواطن‏,‏ فإن تطوير مستوي أداء هذه الخدمة يقتضي التطبيق السليم لإدارة العملية التعليمية‏,‏ بعناصرها الأساسية من التخطيط الجيد ورسم السياسات والبرامج‏,‏ والتنظيم المتكامل‏,‏ والتنفيذ الفعال لجميع الأنشطةالتعليمية‏,‏ ومن ثم فإن هناك مجموعة من المقومات التي يرتكز عليها نجاح إدارةالعملية التعليمية ومن أهمها ما يلي‏:‏

تحديد الأهداف العامة ومجالات الأعمال التفصيلية الملقاة علي عاتق شاغلي الوظائف القيادية بنوعياتها وتدرجاتهاالمختلفة‏(‏ مديري مديريات التربية والتعليم‏,‏ مديري الإدارات التعليمية بجميع المحافظات‏)‏ مع أهمية الاختيار الجيد لتلك القيادات‏,‏ والتأكد من توافر الكفاءة والقدرات الإدارية والقيادية التي تؤهلهم لشغل تلك الوظائف‏.‏

ـ أهمية تفعيل دورعنصر الرقابة والمتابعة وتقويم أداء العملية التعليمية‏,‏ باعتبار أن الرقابة علي الأداء التنفيذي تضمن التأكد من مدي الالتزام بتنفيذ الخطط الموضوعية‏,‏ وتتبع مراحل سير التنفيذ‏.,‏ واكتشاف الأخطاء والانحرافات‏,‏ واتخاذ القرارات لمواجهتها وإيجاد حلول لها‏.‏

ـ تأكيد أهمية تطبيق مفهوم لامركزية الإدارة‏,‏ ذلك لأن المركزية تمثل قيدا علي حرية الإدارة الناجحة‏,‏ مما يتطلب تطبيق هذا المفهوم في جميع مديريات التربية والتعليم بالمحافظات‏,‏ مما يؤدي إلي تيسير أداء الخدمة التعليمية في كل محافظة دون الرجوع إلي السلطة المركزية في الوزارة في كل موضوع أوإجراء في مجالات العمل المختلفة‏.‏

ـ تأكيد أهمية الارتقاء بمفهوم إدارة الجودةالشاملة في العملية التعليمية‏,‏ بهدف زيادة قدرة الإدارة التعليمية علي تقديم خدمات تعليمية ذات جودة عالية تأخذ بالتطور التكنولوجي والمعرفي في جميع المجالات‏.

ـ أهمية اتجاه جميع الأنشطة التعليمية نحو التفوق والتميز في إدارةالعملية التعليمية‏,‏ ذلك لأنهما هما النجاح الحقيقي للإدارة في تحقيق الأهداف المحددة لها‏.‏

ولعلنا نشير إلي أن تطوير التعليم سواء قبل الجامعي أو الجامعي هو عملية مستمرة تتكامل مراحلها المختلفة‏,‏ وأن إصلاح التعليم هي جهود مستمرة ومتكاملة لن تظهر نتائجها في يوم وليلة‏,‏ ولكنها قد تستغرق أعواما‏,‏ كما أن قضية تطوير التعليم لم تعد هي قضية أجهزة التعليم فقط‏,‏ إنما هي قضية المجتمع كله‏. ‏ومن ثم فإن الدراسات المتعمقة التي تقوم بها الأجهزة المعنية في إ طار من المشاركة والحوار الهادف مع جميع المنظمات الشعبية والحزبية‏,‏ باعتبار أن التعليم مسئولية مجتمعية‏...‏كل ذلك من شأنه أن يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة في التطوير المرتقب لإدارة العملية التعليمية‏.‏

الأهرام – الثلاثاء – 2من فبراير- 2010م- السنة 135