إن التفاؤل روح تسري في الروح؛ فتجعل الفرد قادراً على مواجهة الحياة وتوظيفها، وتحسين الأداء، ومواجهة الصعاب.
والناس يتفاوتون في ملكاتهم وقدراتهم، ولكن الجميع قادرون على صناعة التفاؤل.
والجبرية المطلقة انتحار، واعتقاد المرء أنه ريشة في مهب الريح، أو رهن للطبائع والأمزجة التي رُكّب عليها أو ورثها عن والديه، أو تلقاها في بيئته الأولى، وأنه ليس أمامه إلا الامتثال- إهدار لكرامته الإنسانية، فلا بد من قرار بالتفاؤل؛ فالتفاؤل قرار ينبثق من داخل النفس هذا أولاً.
ثانياً: فالمظهر والشكل الموحي بالثقة في المشي والحركة والالتفات والقيام والقعود والنظر والكلام والمشاركة مهم؛ فلا تتوهم أن الناس ينظرون إليك بازدراء، واثق الخطوة يمشي ملكاً.
وحتى تلك العيوب أو الأخطاء في مظهرك وشكلك وحركتك، عليك ألاّ تقف عندها طويلاً، ولا تعرْها اهتماماً زائداً.
ثالثاً: تدرّب على الابتسامة، وكن جاهزاً لتضحك باعتدال، فتبسّمك في وجه أخيك صدقة، والبسمة تصنع في قلبك وحياتك الكثير، خصوصاً إذا كانت ابتسامة حقيقية يتواطأ فيها القلب مع حركة الوجه والشفتين، وليست ابتسامة ميكانيكية.
إن النكت الطريفة في حياة الناس حقيقة قائمة، يصنعونها أو يروونها، فالوقورون والمشاهير والعلماء والساسة، ومن يحافظون على مهابتهم أمام الناس يتبادلون الطرائف والظرف والنكت في مجالسهم الخاصة، وأحاديثهم، وبيوتهم، وليالي سهرهم، وسمرهم، وأحياناً النكت الثقيلة وربما البذيئة. وقد كان الشافعي -رضي الله عنه- يقول: ليس من المروءة الوقار في البستان.
ولا شك أن لكل شيء قدراً؛ فليس المقصود أن يتحول الإنسان إلى كائن ضاحك، لا هم له إلا الضحك، ولا بد من وضع الأمر في نصابه، ولكن ينبغي أيضاً أن نتذكر أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي جُبل على الضحك؛ فهي إحدى خصائصه وعليه أَلّا يهدرها.
وكثيرون يهربون من عناء العمل الشاقّ والمهمات الصعبة والتكاليف الثقيلة إلى لحظات أو أوقات يتخلصون فيها من الجد الصارم إلى قدر من المتعة المباحة التي تُنشّط خلايا الجسم وتجدّد قواه.
رابعاً: أنضج قلبك بالطيب، وأنت بإذن الله على ذلك قادر، انوِ النية الطيبة، ولا تحسد الناجحين. (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ)[سورة النساء:54]، حتى لو كان الذين سبقوك في المضمار زملاءك؛ فنجاحهم بفضل الله، ثم بفضل جهدهم وكدهم وسعيهم، وعليك أن تعمل مثل عملهم (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ)[سورة النساء:32].
افرح للناجحين، واهتف لهم، واكتب لهم، وأثنِ عليهم، وابتسم لنجاحهم؛ تكن شريكاً لهم.
ولا تجعل نجاحك على حساب الآخرين، تسلقاً على أكتافهم، أو زراية بهم، أو تتبّعاً لعوراتهم وعثراتهم.
لا تجعل الناس مادة للسخرية أو الابتزاز.
وإذا كان ثمة طموح لديك بمزيد ثراء ومال أو شهرة أو منصب أو مجد دنيوي؛ فَعِدْ ربك خيراً، وعداً صادقاً لا يخلف؛ أن يكون للضعفاء والفقراء والمحاويج والبسطاء حق فيما أتاك الله.
وكما قال ربك عز وجل: ( إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا)[سورة الأنفال:70].
فاجعل في قلبك خيراً، وأبشر بنجاح المشاريع التي تخطط لها وتسعى إليها، وتدأب من ورائها.