يحتل قطاع الضمان الاجتماعي مكانة متميزة ضمن السياسة الاجتماعية لتونس باعتباره رافدا للتنمية وآلية للمحافظة على الموارد البشرية ولتكريس قيم التضامن والتآزر بين مختلف الفئات والأجيال وتحسين مستوى عيش الأفراد والأسر ودعم أواصر الاستقرار والتماسك الاجتماعي.

وعرف هذا القطاع منذ التغيير دفعا قويا تجسم من خلال القرارات والإجراءات التي تم اتخاذها في عدة مناسبات والتي تهدف إلى تحقيق شمولية التغطية الاجتماعية لكافة الفئات الناشطة والشرائح الاجتماعية وتحسين المنافع المسداة وتقريبها للمضمونين مع السعي إلى المحافظة على التوازنات المالية لصناديق الضمان الاجتماعي حرصا على ديمومتها وقدراتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه الأجيال الحاضرة والقادمة.

ومكنت هذه السياسة من الارتقاء بمنظومة الضمان الاجتماعي وتحقيق نتائج هامة حيث ارتفعتالنسبة الفعلية للتغطية الاجتماعية من 54,6% سنة 1987 إلى 91,6% سنة 2007 وتوسعت مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل كافة الفئات النشيطة من خلال إرساء أنظمة تغطية اجتماعية جديدة وآخرها النظام الموجه لفئة محدودي الدخل والنظام الخاص بالفنانين والمبدعين والمثقفين.

وفي إطار العناية المتواصلة بمجال التغطية الاجتماعية رسم سيادة رئيس الجمهورية في برنامجه الرئاسي "لتونس الغد 2004-2009" هدفا يتمثل في الوصول بنسبة التغطية الاجتماعية الفعلية إلى 95% مع موفى سنة 2009.

وتحقيقا لشمولية التغطية الاجتماعية لمختلف الأصناف المهنية ضبط المخطط الحادي عشر للتنمية هدفا يتمثل في الوصول بالتغطية الفعلية إلى ما يقل عن 97% في أفق 2011.

وقصد توفير تغطية اجتماعية لكافة الفئات الاجتماعية والمهنية، تم إحداث العديد من أنظمة الضمان الاجتماعي في القطاع الخاص بالإضافة إلى نظام الأعوان العموميين (وظيفة عمومية، منشآت عمومية...). وقد شملت هذه الأنظمة المحدثة الفئات التالية:

- الأجراء غير الفلاحيين
- الأجراء الفلاحيون
- الصيادون البحريون
- العملة غير الأجراء في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي
- عملة المنازل وصغار البحارة وصغار الفلاحيين
- الفنانون والمبدعون والمثقفون
- الطلبة وحاملو الشهادات العليا
- العمال المفصولون عن العمل لأسباب اقتصادية أو فنية


وتكريسا للمقاربة التونسية في مجال التغطية الاجتماعية والتي تعتبر الضمان الاجتماعي حقا من الحقوق الأساسية للإنسان، تم تركيز العديد من الآليات لتوفير التغطية الاجتماعية للجالية التونسية المتواجدة بالخارج على غرار الاتفاقيات الثنائية للضمان الاجتماعي والتي تم إمضاؤها مع 13 دولة ( 9 دول أوروبية و 4 دول عربية).

وتتمثل المنافع التي توفرها أنظمة الضمان الاجتماعي، والمسداة من قبل صناديق الضمان الاجتماعي في ما يلي:

- المنافع العائلية
- المنح النقدية عند المرض أو الوضع أو الوفاة
- التغطية الصحية
- جراية الشيخوخة والعجز والباقين بعد وفاة المنخرط
- رأس المال عند الوفاة
- جبر الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية

من ناحية أخرى ارتفع حجم المنافع التي تقدمها صناديق الضمان الاجتماعي لفاِئدة المضمونين الاجتماعيين وأفراد عائلاتهم من 286 م د سنة 1987 إلى 2726,3 م د سنة 2006 أي ما يعادل 34,6% من التحويلات الاجتماعية و6,6%من الناتج المحلي الخام.

كما يوفر كل من الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خدمات تكميلية تتمثل في إسداء قروض اجتماعية (شخصية ولإقتناء سيارات وسكن) وقروض جامعية.

وفي إطار معاضدة المجهود الوطني للتنمية يعمل قطاع الضمان الاجتماعي على توفير خدمات تهدف خاصة إلى المساهمة في تحقيق الأهداف الوطنية في مجال دفع التشغيل والاستثمار والإحاطة الاجتماعية.

وتتعلق هذه التدخلات أساسا بـ:

- إعفاء بعض المؤسسات من دفع جزء أو كل مساهمات الأعراف في النظام القانوني للضمان الاجتماعي في القطاع الخاص والتي تتكفل بها الدولة سواء في إطار التنمية الجهوية وتشغيل أصحاب الشهادات والمعوقين وإعادة الإدماج.
- التخفيض في نسب خطايا التأخير الموظفة بعنوان المساهمات الاجتماعية مع التمييز بين المؤسسات التي تقوم بتقديم التصاريح بالأجور دون التمكن من دفع مساهماتها والمؤسسات التي لا تقوم بتقديم التصاريح بالأجور.

ولتيسير إجراءات خلاص الاشتراكات التي تتم حاليا كل ثلاثة أشهر تم إعطاء المؤسسات إمكانية خلاص الاشتراكات شهريا.

- طرح بصفة استثنائية خطايا التأخير المرتبطة بالديون المثقلة بعنوان المساهمات في الضمان الاجتماعي بالنسبة للمؤسسات وغير الأجراء الذين تولوا خلاص أصل دينهم دفعة واحدة أو أقساط شهرية وفقا لرزنامة دفع حسب صيغ تم تحديدها في الغرض.
- الإحاطة بالعمال المفصولين عن العمل لأسباب اقتصادية أو فنية أو بسبب الغلق الفجئي للمؤسسات دون احترام الإجراءات القانونية وذلك بالتكفل بمنح المغادرة والمستحقات القانونية وبصرف إعانات اجتماعية لفائدة العملة المفصولين عن العمل إضافة إلى تمكينهم من مواصلة الانتفاع بالمنافع العائلية وبمنحة الأجر الوحيد.

وفي إطار الإرتقاء بالخدمات المقدمة للمضمونين الاجتماعيين تعمل هياكل الضمان الاجتماعي على تقريب الخدمات من منظوريها وذلك بتعميم المكاتب الجهوية والمحلية على كامل ولايات الجمهورية وبصفة خاصة بالمناطق ذات الكثافة السكانية.

وفي نفس السياق تم على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في إطار تجارب نموذجية إحداث فرق متنقلة لتقريب الخدمات من المضمونين وذلك ببعض الولايات ذات الطابع الفلاحي أو البحري.

كما تم إرساء منظومة التصريح بالأجور ودفع المساهمات عن بعد التي دخلت حيز الاستغلال منذ شهر أكتوبر 2005 بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومن شأن هذه المنظومة أن تغني المؤجرين من التحول إلى المكاتب الجهوية والمحلية للتصريح بالأجور ودفع المساهمات.

وفي إطار السعي إلى تحسين الخدمات و تقليص آجال إسدائها شرعت صناديق الضمان الاجتماعي في تدعيم لامركزية التصرف في الأنظمة التي تديرها.

وفي إطار تجسيم البرامج المتعلقة بالإدارة الاتصالية وتماشيا مع خيارات بلادنا في تطوير أساليب التعامل مع المواطن والمؤسسة وإرساء إدارة عصرية تواكب نسق التطور واستعمال تقنيات الاتصال الحديثة، قامت صناديق الضمان الاجتماعي بإحداث مواقع واب.

ويضم قطاع الضمان الاجتماعي الهياكل التالية:

- الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعي الذي يتولى تأمين التغطية الاجتماعية لأعوان الوظيفة العمومية والقطاع العمومي بصفة عامة.

- الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يسهر على توفير التغطية الاجتماعية لأعوان القطاع الخاص (من الأجراء وغير الأجراء العاملين في مختلف قطاعات النشاط).

- الصندوق الوطني للتأمين على المرض الذي يدير مختلف أنظمة التغطية الصحية للمضمونين الاجتماعيين للقطاعين العمومي والخاص ويتولى كذلك إسناد منح المرض والأمومة وإدارة نظام جبر الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.

وقد شرع الصندوق في التطبيق المرحلي للنظام الجديد للتأمين على المرض المحدث بمقتضى القانون عدد 71 لسنة 2004 المؤرخ في 2 أوت 2004 بداية من غرة جويلية 2007 من خلال التكفل بعلاج الأمراض الثقيلة والمكلفة (القصور الكلوي, جراحة القلب والشرايين, زرع الأعضاء, ضغط الدم, السكري...) ومتابعة الحمل والولادة في المؤسسات الصحية العمومية والخاصة.

كما تم بداية من 1 جويلية 2008 التكفل بالأمراض العادية في القطاع الخاص وبذلك يتم الانتهاء من إرساء كل مكونات النظام الجديد للتأمين على المرض.

- مركز البحوث والدراسات في مجال الضمان الاجتماعي الذي يقوم بإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بأنظمة الضمان الاجتماعي.